فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة

فتح مكة

يقول تعالى: ( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ( فالنبي صلى الله عليه وسلم رأى في المدينة رؤيا أخبر بها الصحابة، أنهم سيدخلون مكة ويطوفون بالبيت، فلما وقعت الأحداث يوم الحديبية، ورجعوا ولم يستطيعوا دخول مكة، تردَّد في ذلك الكلام منهم، حتى الصحابة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ألم تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ فقال: ( أخبرتكم أنه العام) قالوا: لا، قال: ( فإنكم ستأتونه وتطوفون به) قال الله تعالى:

 (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ) فلا بد من وقوعها وصدقها, ولا يضر في ذلك تأخر تأويلها.

ـ فبشارة من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم  بدخول المسجد الحرام آمنين.

– رؤى الأنبياء صدق وحق لأنها وحي وعدم التسليم بالرؤى لأنها ظنية الوقوع.

المعالم الدينية والتاريخية في مكة:

– روى ابنِ عباس رضيَ اللهُ عنهُما قالَ: قالَ النبي صلى الله عليه وسلم لمكة (وهو مهاجر): ( مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ, وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ, وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ) ( الترمذي).

وكان  النبي صلى الله عليه وسلم مُتَعَلِقا بمكة كثيراً لأنها أحب الأماكن إلى الله تعالى

ـ ولقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على حب الأوطان والحنين إلى الأوطان وقت المغادر وهي قيمة وطنية عززها النبي صلى الله عليه وسلم.

.

صُلح الحديبية تمهيداً لفتح مكة:

صلح الحديبية تم في شهر ذي القعدة من العام السادس للهجرة بين المسلمين وبين قريش, في مكانٍ اسمُهُ الحديبية, على مشارف مكةَ, لما قَصَدَها المسلمونَ, لأداء العمرة ومنعهم مشركو مكة.

أهم بنود صلح الحديبية:

1 – عَقْدُ هُدْنَةٍ عن القتال بين الطرفين، مُدَّتُها عشر سنوات.

2 عدم دخول المسلمين إلى مكة على أن يعودوا إليها في العام القادم لأداء العمرة.

3- أعطى الصلح الحرية للقبائل بالانضمام إلى أي طرف، إما إلى المسلمين وإما إلى قريش.

4- نَصَّ على رَدَّ مَنْ جاءَ للرسول صلى الله عليه وسلم مِنْ قريش مُسْلِمًا، وقبولِ مَنِ انضمَّ من جماعة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قريش. وقد ساعد صُلْحُ الحديبية في نشر الإسلام بين القبائل وتقوية شوكة المسلمين، والتقليل من الحروب والقتال.

مجالات الصلح في القرآن الكريم والنتائج الإيجابية المترتبة عليها:

التوكل والأخذُ بالأسباب

خرج النبي صلى الله عليه وسلم لفتح مكة في شهر رمضانَ منَ السنة الثامنة للهجرة، فصام وصام معه المسلمون، وفي الطريق أفطر وأفطر معه المسلمون حتى دخل مكة، وأثناءَ سَيْرِه راعى صلى الله عليه وسلم السِّرِّيَّةَ التامةَ، فكتمَ وِجْهَةَ الجيش الله في التحرك عن الجميع، وعندما خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم دعا ربَّهُ: ( اللَّهُمَّ خُذِ العُيونَ وَالْأَخْبَارَ عَنْ قُرَيْشٍ حَتَّى نَبْغَتُهَا في بلادها)، فلم تعلم قريش شيئًا عن المسلمين وهدفِهِمْ.

– أسباب النجاح في المهمات:

1- التخطيط الجيد.

2- التوكل .

3- الصلاة. 

4- الدعاء.

5- الأخذ بالأسباب.

 6- السرية والتكتم والتورية.

العفو والتسامح:

قالَ ابنُ إِسحاق: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَى بَابِ الكَعْبَةِ, فَقالَ: (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ’ مَا تَرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ فِيكُمْ؟ قالوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخِ كَرِيمٍ, قَالَ: اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ) (ابْنِ هِشَامِ).

وفي ذلك تَجَلَّى الكمال في العفو والتسامح والرحمة مع المخالفين، وكانَ منْ آثارِ سياسة العفو النبوي أن اطمأنَّ الناسُ، ودخلوا في دينِ اللهِ أفواجًا، وازداد الدينُ قوةً ومتانةً، وقد أشار الله تعالى ذلك بقوله: ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابَاً ) ( سورة النصر).

القيم الحضارية من أقواله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة:

قيمٌ إيجابية والنتائج الإيجابية المترتبة عليها:

إنزالُ الناس منازلَهُمْ:

منْ محاسن الأخلاقِ إنزالُ الناسِ منازلَهُمْ، ومعاملتهم بحسب مقاماتهم، فعن عائشةَ، أَنَّها قالتْ: أَمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ تُنْزِلَ الناس منازلَهُمْ. (رواه أبو داود)، وهذا المعنى تجلّى في فتح مكة عندما أتى أبو بكر بأبيه أبي قحافة يقوده، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (هلا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى آتِيَهُ؟) ( رواه أحمد).

 وعندما رَفَعَ مِنْ مقام أبي سفيان زعيم قريش، فقد قالَ: مَنْ دخل دار أبي سفيان فهوَ آمِنٌ) ( رواه مسلم).