الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

أدلة وحدانية الله تعالى سورة يس 69- 83

أدلة وحدانية الله تعالى 

قال عز وجل في كتابه العزيز: ” وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَة من ماء فمنهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ، وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعَ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْ وَقَدِيرٌ “[سورة النور: 45].

فالله خلق حيوانات غير عاقلة منها تأكل اللحم ومنها تأكل العشب، خلقها من مصدر واحد، وبأشكال مختلفة، فوجب علينا أن نعبده ونشكره على نعمه العظيمة الكثيرة التي لا تحصى ونحافظ على النعم ونرعاها.

قَالَ تعالى: “وَمَا عَلَّمْناهُ الشَّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرَ أَن مُّبِينٌ * لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَفِرِينَ * أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَمَّا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ* وَذَللْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ* وَلَهُمْ فِيهَا مَنافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ* وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ ءالِهَة لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ * لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَمْ جُندٌ محْضَرُونَ * فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ”

أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَا خَلَقْناهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ* وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِ الْعِظَمَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمُ * الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ* أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَدِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّقُ الْعَلِيمُ* إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ* فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ” .

معاني المفردات الواردة في الآيات 69- 83 سورة يس:

وَمَا يَنْبَغِي لَهُ:                   لا يليقُ ولا يصح أَنْ يَكُونَ شَاعرًا.

اقرأ أيضاً  أصحاب الكهف

مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا:               خلقناها بلا معين.

أَنْعَاماً الأنعام:                  الإِبل والبقر والضَّأنُ والمَعْرُ.

وَذَلَّلْنَاهَا:                        جَعَلْنَاهَا مُسَخَّرَةٌ لِخِدْمَتِهِمْ.

وَهُمْ لَمْ جُندٌ مخضَرُونَ:     المكذِّبُونَ جُنْدٌ لآلهتهم في الدنيا.

خَصِيم:                         شديد الخصومة.

رميم:                            بالية.

أَنشَأَهَا:                         خَلَقَها وَرَكَّبها.

الخلق:                         كثيرُ الخَلْقِ.

مَلَكُوتُ:                       مِنَ الْمُلْكِ وَالسيطرة.

دلالات الآياتِ:

تضمنت الآيات الكريمة مجموعة من الموضوعات، منها:

أولا: تحدثت الآيات عن: إثبات صدق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم:

رَدَّ اللهُ تعالى على المكذبينَ بهِ، وعلى ادعائِهِمْ بأَنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم شاعر، وأنَّ القرآن الكريمَ شِعْرُ، فأكد بأنَّ اللَّهَ تعالى لَمْ يُعَلِّمْ رَسولَهُ  الشعر، ولا يصح ولا يليق بمنْ يَحمل الرّسالَةَ أَنْ يكونَ شاعرًا؛ لأَنَّ الشعرَ عبارة عن خواطر وانفعالات بشرية تتغير من حال إلى آخر، أمّا كلام الله  فهوَ وحي منَ اللهِ تعالى، عامر بالموعظة والحكمة، من تأمله وتدبره بقلب حي، وبصيرة واعية، نال خير الدنيا والآخر.

ـ الفرق بين  القرآن الكريمِ والشَّعْرِ:

القرآن الكريم:

1- مصدره من الله تعالى.

2-لا يتبدل ولا يتقلب مع الأهواء.

3- هداية تتنزل من السماء.

الشعر:

1- خواطر وانفعالات بشرية.

2- يتبدل ويتقلب حسب الأهواء.

3- أشواق تصعد من الأرض.

ثانيًا: تحدثت الآيات عن: بعض دلائل وحدانيته تعالى:

يُذَكِّرُ اللَّهُ تعالى الناس في هذهِ الآيات الكريمة ببعض نِعَمِهِ التي أنعمها عليهمْ، وَمَنْها نعمةُ الأنعام التي لم تكن منْ صُنْعِهِمْ، وإنَّما خلقها الله تعالى لَهُمْ، وَجعلَها مُسَخَّرَةً وَمُيَسَّرَةً لهم، فمَلكوها، وتصرفوا بها، وانتفعوا منها.

قالَ ربنا الكريم في كتابه: ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ، وَذَلَّلْنَهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ، وَلهُمْ فِيهَا مَنافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ )

في قول ربنا تعالى  منافع إشارة إلى فوائد أخرى لهذه الأنعام وعدد أكبر قدر منها:

الحليب  – السفر – الصوف – الجلود – الحراثة، فهذا أدلة وحدانية الله تعالى.

ـ يقول تعالى: (أَفَلَا يَشْكُرُونَ ) فيها دلالة أنَّ الإنسان المؤمن من واجبه شكر الله تعالى على نعمه لكن المكذبين قابلوا نعم الله بالجحود والنكران والتكذيب.

اقرأ أيضاً  لا ضرر ولا ضرار

– ونشكر الله تعالى على نعمة الحيوان، من خلال إخراج فريضة الزكاة الأنعام والتصدق على الفقراء بلحومها وحسن معاملتها.

ثالثًاُ: تحدثت الآيات عن : موقف المنكرين المكذبين من أدلة قدرة الله ووحدانية: فالمكذبون لم يتعظوا من دلائل وحدانيته تعالى، ولم يشكروه على نِعَمِهِ، ولكنهم عَصَوْهُ، وَجَعَلُوا مَعَ الله آلِهَةً أخرى صنعوها بأيديهم، فهي عاجزة عن دفع ضر أو جلب نفع لهم، ودفع الضر عنهم، ومع هذا تفرغوا لخدمتها وعبادتها فأيُّ عقل هذا؟؟!!!

قال عز وجل: ( وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ ءالِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ، لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ

وَهُمْ لَمْ جُندُ مخضَرُونَ، فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ )

ـ فالمعاندين المكذبينَ بِنعم اللهِ عز وجل التي منحها لهم، لم يؤمنوا به سبحانه  ولم يشكروه على نعمه بل عبدوا آلهة لا تضر ولا تنفع.

ـ أسباب جُحودِ نِعم الله تعالى:

1- اتباع الشيطان الرجيم.

 2- التكذيب بالله تعالى.

 3- التكبر والتعالي.

ـ  يقول تعالى: ( فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُونَ وَمَا يُعْلِنُونَ) فيها دلالة على علم الله تعالى الشامل بما يفعله المكذبون في السر والعلن  المواساة والتخفيف عن الرسول صلى الله عليه وسلم .

رابعاً: تحدثت الآيات عن: الأدلة العقلية في الرد على مُنكري البعث بعد الموت:

أشارت الآيات الكريمة:  إلى بعض أدلة قدرةِ اللهِ تعالى للرد على مَنْ جَحدَ وأنكر  بنعمِ اللهِ تعالى، وَأَخذَ يخاصم ويشاحن ويجادلُ مُنْكِرًا قدرته على بعث الناس يوم القيامة، وهي:

مرور خلق الإنسانِ عبر سلسلة طويلةٍ منَ التركيب والتكوين: بدءًا من ماء مهين إلى أن يولد جنينًا، فيزودَهُ اللهُ تعالى بالحواس الخمس، فالله تعالى الذي خلق الإنسانَ تعالى من العدمِ قادر على إحياء الناس وبَعْتِهِمْ مِنَ القبورِ يوم القيامةِ.

قال تعالى: [ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلَقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيم] [قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أنشأها أَول مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمُ].

ــ  قول تعالى: [ قَالَ مَن يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ] هذا الاستفهام فيه إنكار واستبعاد البعث بعد الموت.

خلَقَ اللَّهُ تعالى النارَ مِنَ الشجر الأخضر، كي يستخدمها الإنسانُ في حاجاتِهِ وَمصالحِهِ، رغمَ أَنَّ الشجرَ الْأَحْضِرَ به نسبة عالية من الماء؛ فالذي خلق النار من نقيضها قادر على إخراج الناس من قبورِهِمْ.

اقرأ أيضاً  الاقتداء في الخير

خَلَقَ السماواتِ السبع على سَعَتِها وارتفاعِها، وبسط الأرضَ، وبَثَّ جبالها وبحارَها وَأنهارَها، فَمَنْ قَدَرَ على ذلك لا يُعْجِزُهُ بَعْثُ النَّاسِ بَعدَ مَوتِهِمْ.

– فوائد التأمل في مخلوقات الله تعالى:

1- التوصل إلى الحق والإيمان بالله تعالى.

2- تقوية الوازع الديني وقوة اليقين بالله تعالى.

3- يؤدي إلى تقوى الله تعالى.

وصف الله تعالى ذاته العلية بالقدرة التامة والإرادة له سبحانه فقال تعالى: [ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شيْئًا أَن يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ].

– فالقرآن الكريم كتاب هداية، فالقرآن الكريمُ مُنَزَّهُ عَنْ أَنْ يكونَ شَعرًا، لأن القرآن الكريم من عند الله تعالى لا يتبدل ولا يتحرف ولا يتغير وهو كتاب هداية بينما الشعر كلام بشر يتبدل حسب الأهواء والرغبات:

يقول تعالى:[ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ].

– القلبُ الحيُّ هم القلب الذي ينتفعُ بالذَّكرِ والقرآنِ:

يقول تعالى: ( لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ)

– وجب على الإنسانِ شكرُ اللهِ تعالى بتوحيدِهِ وعبادتِهِ:

يقول تعالى: ( وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ):

– إنَّ الله تعالى قادر على إحياء الموتى وبعثهم بعد الموت،  يقول تعالى: ﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمُ.

– نعماً أنعم الله بها على الإنسانِ وفوائدها:

1- الأنعام: أكل لحومها وشرب حليبها ووسيلة للتنقل وصناعة اللباس والأحذية  ومصدر للتجارة والرزق الطيب

وجب شكر الله تعالى أداء حق زكاتها الصدقة على الفقراء من لحومها عدم الإسراف في استهلاكها أو تعذيبها.

2- الماء: الشرب وري المزروعات وتنظيف الملابس والأواني والمنزل والاستحمام والوضوء، وجب شكره بعدم الإسراف في إستهلاكه واستخدام الطرق الحديثة عند استخدامه لري المزروعات.

3- الأشجار: الطعام والظل والخشب والزينة واستخدامه في الوقود والبناء وصناعة الأثاث وشكرها يكون بسقيها والاعتناء بها وعدم قطعها إلا للضرورة وأداء زكاة الزروع والثمار والتصدق على الفقراء من ثمارها.

زر الذهاب إلى الأعلى