السيرة والأعلام

أنا خيركم لأهلي

أنا خيركم لأهلي

عنْ عبدِ اللهِ بن بريدة، أن أباه، حدثهُ قالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَأَقْبَلَ حَسَنُ وَحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ، يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ ، فَأَخَذَهُمَا فَوَضَعَهُمَا فِي حِجْرِهِ، فَقَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ: «إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ، رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ ثُمَّ أَخَذَ فِي خُطْبَتِهِ [ابن ماجه].

ـ فعطفه وشفقته بحفيديه صلى الله عليه وسلم جعله يقطع خطبتَهُ وينزل.

علاقته صلى الله عليه وسلم بزوجاته:

كان المثل الأعلى في التعامل مع زوجاته، فقد حقق لهنَّ السعادة، وذلك لأنه عرف كيف يتعامل مع المرأةِ مراعيا نفسيتها الرقيقة ويحفُها بدفء العاطفة، ويعينها على العمل لدينها ودنياها. وهو الذي يقولُ: ( أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا) [رواه الترمذي)، سئلت السيدة عائشة : كيف : كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا خلا في بيته، فقالتْ: كَانَ أَلْينَ النَّاسِ وَأَكْرَمَ النَّاسِ، كَانَ رَجُلًا مِنْ رِجَالِكُمْ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ ضَحاكًا بَسَّامًا [مسند إسحاق]. وسئلتْ: هل كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ قَالَتْ: «نَعَمْ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ» [رواه أحمد]

ـ أسباب نجاح النبي صلى الله عليه وسلم في تكوين أسرة سعيدة:

1- مراعاة نفسية الزوجة .                     

2- مساعدة الزوجة على شؤون الأسرة.

3- إدخال البهجة والسرور على العائلة.

رعايته صلى الله عليه وسلم لأبنائه:

إِنَّ المتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يرى الأبوة في أسمى معانيها، وهو الذي ذكرَهُ ربُّهُ بذلك فقالَ: ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا هُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ) [الرعد: 38]، وقد قام له بواجب الأبوة تجاه أبنائه على أكمل وجه، من رعاية واهتمامٍ ونُصح وتوجيه، فقد كان يتفقد أحوالَهُمْ ويهتم بمصالحهم، إنه القدوة الحسنةُ لكل أب في تعامله مع أبنائه.

اقرأ أيضاً  غزوة حنين في السنة الثامنة للهجرة

قالت عائشة : «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلَّا وَكَلَامًا، بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهَا، كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَبْلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إِلَيْهِ، فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا» [أبو داودَ].

العلاقة المثالية بين الأب وأبنائِهِ مبينًا أثرها على الأسرة والمجتمع.

واجبات الأب واجبات الابن أثرها على الأسرة والمجتمع
النفقة – التربية التعليم الإحاطة العاطفية المتابعة الطاعة  –  الاحترام المساعدة البر والإحسان الأمن والسعادة والنجاح في الحياة وترابط المجتمع

 

حبُّه صلى الله عليه وسلم لأبنائه:

كان النبي صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بأبنائِهِ، يُقبلُهُمْ ويحملُهُمْ بين يديهِ، يفرح بهم عند ولادتهم، ويختار لهم أحسنَ الأسماء، ويحزن على فراقهم الحزن الشديد، ففي حديث أنس بن مالك أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دخل على ابنِهِ إبراهيم وهو يجود بنفسِهِ – أي يُحْتَضَرُ – فجعلتْ عينا رسول الله لا تذرفان، فقال عبد الرحمن بن عوف : وأنتَ يا رسول الله؟ فقالَ: “يَا ابْنَ عَوْفٍ، إِنَّهَا رَحْمَةٌ”، ثم أتبعها بأخرى، فقال له وهوَ يودِّعُ ابْنَهُ إِبْرَاهِيمَ: ( إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا تَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ) [البخاري).

فالرحمة من كمال القلوب، وكلَّما كانت علاقةُ الأبِ بأفراد أسرته قائمةً على الرحمة والمحبة والحنان، وكلَّما ارتفع منسوب السعادة فيها، عاش أفرادها في سعادة وهناء.

بكاء الرسول صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم كان رحمة به وشفقة عليه، فحب الأولاد فطرة إنسانية ، وفيه دليل على مكانة ولده إبراهيم عنده صلى الله عليه وسلم

تعليمه صلى الله عليه وسلم لأحفاده:

اقرأ أيضاً  حجة الوداع ووفاة النبي

كان يحرص على تعليم أحفاده وتربيتهم وتنشئتهم على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور، وقد روي عنه أنهُ قالَ:

( أَكْرِمُوا أَوْلَادَكُمْ وَأَحْسِنُوا أَدبَهُمْ (ابن ماجه)، فقد كان يرشد أحفاده إلى الخيرِ ويحثهم عليهِ وهم صغار لينشؤوا عليه، فعن الحسن بن علي صلى الله عليه وسلم قال: عَلَّمَنِي جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الوتر: ( اللَّهُمَّ عَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ, وَاهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَقِنِي شَرِّ مَا قَضَيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ سُبْحَانَكَ رَبَّنَا تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ ) (ابن ماجه).

ـ أثر الأجداد على تربية أحفادهم:

– في الأخلاق:  السمو بأخلاق الأبناء وتأصيل القيم السامية في المجتمع.

– في العلاقات الاجتماعية:  التماسك والترابط والتواصل الفعال.

– في التراث والعادات: المحافظة على العادات الحسنة والتقاليد المفيدة.

– في التعليم:  تعميم الثقافة ونشر المعرفة.

– ففي الحديثين التاليين ملامح أخرى لعلاقته بأحفاده:

عن أبي هريرة قال: قَبْلَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الحَسَنَ بن علي وعِنْدَهُ الأقرع بن حابس التميمي جالِسًا: فقال: إنَّ لي من الولد عشرة ما قَبْلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إليه رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قال:

( مَنْ لا يَرحم لا – يُرْحَم) [رواه البخاري]. تقبيل الأطفال والأحفاد والحنو عليهم.

وعن أبي قتادة الأنصاري قالَ: ( رَأَيْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَؤُمُ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتُ النَّبِيِّ لا عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا) ( مسلم).  كان يسعدهم ويمرح معهم

أسرة سعيدة مجتمع سعيد:

اعتنى الإسلام بالأسرة واهتم بها اهتماما بالغاً، ووضع الأسس السليمة التي تقوم عليها الأسرة السعيدة، من تفاهم وتعاون وتكافل، لأنها نواةُ المجتمع، فكلما كانت الأسرة متماسكة الأركان مترابطة، وعاش الأبناء في وئام وسعادة وهناء، نتحدثُ وقتها عن المجتمع السعيد.

اقرأ أيضاً  الإمام الشافعي رحمه الله

أثر الترابط الأسري على المجتمع:

1- وحدة المجتمع وتماسكه.                   

2- إشاعة روح المحبة والتسامح.                         

3- توفير عوامل التقدم والازدهار. 

زر الذهاب إلى الأعلى