قيم الإسلام وآدابه

الإنصاف في الإسلام

الإنصاف في الإسلام

 الإنصاف من قيم ومبادئ الإسلام العظيمة التي تجعل المجتمع  المسلم قوي ومتماسك ومتعاون، فالإنصاف قيمة إسلامية إنسانية تشمل بآثارها ونتائجها الجيدة الجميع تأثيرًا عليهم وتأثرًا بها، دون النظر لأي اعتبارات أخرى، وهو أدب من آدابِ المؤمن، الذي يرفع من قدره بينَ الناس على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، وهو ثقافة إيمانية حضارية تنشر التسامح والأمانة الأخلاقية والماديّة في المجتمع.

كما أن من حرم نفسه من الإنصاف، فقد ظلم نفسه، وظلم أقرب الناس إليه قبل كل شيء، وخسر من نفسه كثيرًا، قَالَ تَعَالَى:( وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) (البقرة (57).

 فالإنسانُ غير المنصفِ: يخسر محبة الناس – ثواب الإنصاف

مفهوم الإنصاف

الإنصافُ يعني:

 أن ترد وتعطي لغيرك حقَّهُ  كما تحب أن تأخذ حقك منه من غير النظر إلى حاله من ضعف أو قوّة أو جهل أو علم  أو إيمان وعدم إيمان .

وأفضل معاني الإنصاف وأجملها وأعلاها أن تُنصف الآخرين من نفسك، بأن تجاهد نفسك وتتغلب عليها فتحفظ حقوق الآخرين سواء مادية أو معنوية؛ كأداء الأمانة والحقوق المعنوية، كأن تعترف بفضلهم وكرم أخلاقهم وعلمهم ما داموا كذلك، فعكس الإنصاف الجحود والتنكّرُ للآخرين، أو الكيل بمكيالين.

والإنصاف من أخلاق المؤمن الذي يمنعه من مجاراة غيره إذا لم ينصفوا، ويحفظوا الحقوق، قال صلى الله عليه وسلم: « أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخـنْ مَنْ خَانَكَ» (الترمذي)، بهذا تسمو الأخلاق ويترفعُ المسلم عن الجحود والظلم واحتقار الآخرين، وهل هذا إلّا الكبرُ الذي بمثقال ذرّةٍ منه، يُحرَمُ صاحبه من دخول الجنّة؟ وهو الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: « لا يدخل الجنَّةَ مَنْ كانَ في قلبه مثقال ذرّةٍ من كبر » ، ثُمَّ قال : « الكِبرُ بَطرُ الحقُّ ( ردُّه) وغَمْطُ النّاسِ (احتقارهم)». (رواه مسلم)

اقرأ أيضاً  العفة في الإسلام

مجالات الانصاف

1- أن ينصف الإنسان ( نفسه من نفسه) بأن يمنع نفسه من ظلم الآخرين أو أخذ حقهم, فيحافظ على سمعته الطيبة في المجتمع، فيعترف بخطئه، ويرد  نفسه إلى الصواب فبهذا ينال احترام الناس وثقتهم، وواجب عليه أن يبعد نفسه عن الهلاك؛ بالمعاصي والآثام، ولا يحملها ما لا تطيق، ولا يوقعها في أي شيء يضرها.

2-  إنصافُ الأرحام والأهل فيتحمّل مسؤوليته نحوهم بأن يؤدي حقوقهم، وأن  يحفظ كرامتهم ويحرص على سعادتهم، فلا يجلب لهم الذل أو العار أو يجعلهم حديث الناسِ.

3- الإنصافُ في العمل: من حيثُ وحسن الأداء والإنجاز والإتقان بما يحقق جَوْدَةِ العمل، وكذلك إنصاف الموظفين بتقدير وشكرهم على إنجازاتهم، وحفظ حقوقهم ومراعاة ظروفهم وتقديرها دون التأثيرعلى العمل والإنتاج.

4- إنصاف المجتمع بالمحافظة على تماسكه واستقراره وأمنه، والحفاظ على مكتسبات الوطن ومقدراته، وأن يجنّبَهُ الضّرر أو الخطر، فلا يأخذ ما ليس له بحق وإنْ كانَ ذلك بمقدوره، وأن يجعل المصلحة العامة في المقام الأول.

مكانة الإنصاف في الإسلام

عن عمار بن ياسر، قال: ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان، إنصاف من نفسه، والإنفاق من اقتدار

( أي فقر )، وبذل السلام للعالم. فلا يكتمل الإيمان إلا بالإنصاف.

آثار الإنصاف

1- انتشارُ الثَّقَةِ بينَ الناسِ فيثقوا ببعضهم بعضا في تعاملاتهم وعلاقتهم الاجتماعية، بعيدا عن الغش والخداع والغدر.

2- حفظ الحقوق وصيانتها حيثُ يأمنُ النَّاسُ على حياتهم وكرامتهم وأموالهم.

3- سمو النفس والشعور بالرضا: من خلال القدرة على العطاء والتسامح وروح المبادرة.

4- تعزيز استقرار المجتمع وتلاحمه

5- تحمّل المسؤولية وأداء المسؤولية المجتمعية تجاه جميع أفراد المجتمع.

مخاطر غياب الإنصاف

1- انعدام الثقة بين الناس.

2- النزاع والشقاق.

3- ضياع الحقوق.

اقرأ أيضاً  مراقبة الله تعالى

4- تخلف المجتمع وتراجعه.

– الإنصاف في جميع الأحوال:

1. في الرّضا والغضب.

2. في الفرح والحزن.

3. في الفقر والغنى.

أثر الإنصافِ على البيئة:

العيش بأمان في ظل مناخ مناسب.

تحقيق الاستدامة في البيئة.

صور من الإنصاف

1- سُرق درع الصحابي رفاعة رضي الله عنه، فخاف السارق أن ينكشف أمره، فألقاه في دار جارٍ له يهودي، ثم جاء أهل السارق إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه عن مكان الدرع وقالوا: إن صاحب الدار هو من سرقها، وكادت أن تثبت التهمة على اليهودي، فنزل ثلاث عشرة آية في كتاب الله تدافع عن اليهودي، وتعلن براءته، منها:

قوله تعالى: ( وَمَن يَكسبْ خَطِيئَةً أَو إثماً ثم يرمِ بِهِ بَرَيئَا فَقَدِ احْتَمَلَ بهتَانَا وإثماً مبيناً ) النساء

2- جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه راتبا من بيت المال لرجل غير مسلم كبير في السن، وجده يتسول من الناس، فجعل له ولأمثالـه مـا يكفيهم، ويسد حاجتهم.

مظاهر الإنصاف

1- العدل حتى مع الأعداء:

يقول تعالى: ( وَلَا يَجْرمَنَّكُمْ شَنئانُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ). (المائدة )

2- حب الخير للآخرين كما تحبه لنفسك:

قوله صلى الله عليه وسلم: ( ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه )، رواه البخاري).

ما يعين على الإنصاف

أمور كثيرة تعينُ على الإنصاف، منها:

1- التحقق وتحري الصدق، فلا يتهم الآخرين دون دليل، أو يلطَّخَ سمعتهم.

2- ذكر حسناتِ الناس والاعتراف بفضلهم، فلا يليق بالمسلم أن يكـون كــار السوء الذي إن رأى خيرًا ستره، وإن رأى شرًا أظهره.

3- البعد عن التعصب والتزمت، لأنه يحمِلُ الإنسانَ على إنكار الحق والتشكيك بالآخرين.

 4- الحوار البناء والنافع والبعد عن الجدال العقيم الذي يؤدّي إلى البغضاء والقطيعة والخصام بلا مبرر.

اقرأ أيضاً  التناصح في الإسلام

5- قبول الاعتذار عن الخطأ  والتماس العذر للآخرين، وهذه من صفات أهل الفضل والتسامح.

6- قوة الإيمان.

7- تزكية النفس.

8- تذكر الموت.

الأسباب التي تمنعُ الشَّخصَ من الاعتذار

1- التكبر والغرور.

2- نتائج عدم قبول الاعتذار.

3- الحقد والكراهية.

أهم معوّقاتِ الإنصافِ

1- الكبر والغرور.

2- التعصب والتزمت.

3- عدم قبول الأعذار.

4- نسيان الحسنات وعدم الاعتراف بالفضل لأهله، التسرع وعدم التحقق.

زر الذهاب إلى الأعلى