الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

الاقتداء في الخير

الاقتداء في الخير

تقليد الآخرين دون إعمال للعقل ليس من الإسلام، فديننا يأمرنا بالتفكر وإعمال العقل قبل فعل الأمور، فلا ينقاد أحد وراء أحد إلا عن فهم ووعي حتى يكون مسلما متزناًـ مستقل الشخصية قراره نابع من نفسه بعد إعماله للعقل.

عن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَكُونُوا إِمْعَةً، تَقُولُونَ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنًا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطنُّوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ  النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا». (رواه الترمذي)

معاني مفردات حديث لا تكن إمَّعة:

إمَّعَةً:  الَّذي يتصرف تصرفًا غير صحيح مقلدًا فِيهِ الآخرينَ.

 وَطنُوا أَنْفُسَكُمْ: حكموا عقولَكُمْ وَاختاروا الصواب.

 دلالات الحديث:

تضمَّنَ الحديث الشريف وصايا للرسول الكريم يمكنُ أنْ نُجْمِلَها فيما يلي:

من دلالات الحديث ( المؤمِنُ مستقلُ الشَّخصيَّةِ):

لقد شرف ربنا سبحانه وتعالى: الإنسان بحمل الأمانة وأنعم عليه بجملةٍ منَ النَّعم، أعظمُها العقلُ الَّذي يستنير بهِ، ليفكر فيما يراه من أفعال أو ما يسمعُهُ منْ أقوال، وخاطبه في القرآن الكريم بلغة العقلاء بقوله تعالى: ” لَقَوْمِ يَعْقِلُونَ ، يَا اُولِي الْأَلْبَابِ ، أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ، أَفَلَا يَنظُرُونَ …”، وهذا ما يجعل العبد محكمًا عقله مستقلا بكيانه وشخصيته ورأيهِ مُمَيَّزا بينَ الحق والباطل، والخطأ والصوابِ، وَلا يكون تبعا للآخرين، فنهاه عن التقليد الأعمى قائلًا: «إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنًا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا».

اقرأ أيضاً  من بشائر المصلين

والتقليد المذموم هو اتباع بغير دليل عقلي أو حسي، وهذا الذي ذمه الله تعالى ونبيه الكريمُ ، قَالَ تعالى:

﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءاذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أَوَلَئكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئكَ هُمُ الْغافلُونَ(179)( الأعراف).

مقارنة بين التقليد والاتباع:

– تقليد الشر: هو اتباع للغير فيما يَضر ولا ينفع دون تفكير كتشبه النساء بالرجال أو العكس وتقليد الكفار وهذا ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.

اتباع الخير: هو تقليد الغير فيما فيه خير أو فيما يعود عليهم بالنفع والخير كالمواظبة على السنن والعمل التطوعي.

من دلالات الحديث ( اتِّباعُ الحق ونبذ الباطل):

يوصينا الرسول الكريم في الحديث الشريف بأنْ نُعْمِلَ عقولنا لنحكم بها على تصرفات الآخرينَ قبل أن نتقبلها أو نرفضها، فإن كانت أعمال خيرٍ وَبر قبلناها واقتدينا بها، وَإِنْ كَانتْ أعمالَ شَرٌّ وظلم رفضناها وتجنبناها، قال : إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا». فالمسلم الذي يعمل بهذهِ الوصية ينال الخير في الدارين، فيعلو مَقامُهُ وَ يحترمه الناسُ في الدنيا؛ لأنه يقوم بعمل الخير ويحسن إلى الناس، وفي

الآخرة ينال الجزاء العظيم منَ اللَّهِ تعالى؛ لأَنَّهُ أَحسَنَ عندما أساءَ النَّاسُ وَظلموا.

أموراً حتَّنا الإسلامُ على اتِّباعها، وأخرى نهانا عن فعلها:

1- حثنا الإسلام وأمرنا بضبط النفس للحد من النزاعات والخلافات:

قال عليه الصلاة والسلام: “ليس الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ, إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ”. (رواه الشيخان).

2- حثنا الإسلام وأمرنا بالإحسان لغير المسلمين، استمرار الحياة واحتياجاتها:

قال تعالى: ( لَا يَنهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِياَرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(8) (الممتحنة).

اقرأ أيضاً  المنهج النبوي في الرعاية الصحية

3- نهانا الإسلام وحذرنا من الحسد والمزايدة والبغضاء، دوام تآلف وتماسك أفراد المجتمع مع بعضهم:

قال عليه الصلاة والسلام: “لا تَحَاسَدُوا. وَلَا تَنَاجَشُوا, وَلَا تَبَاغَضُوا, وَلَا تَدَابَرُوا, وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ…”. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)

آثار تقليد الأخرين في فعل خير:

1- ثقته الكبيرة بنفسه.

2- انتشار الفضيلة والأخلاق الحميدة بينهم.

3- صلاح المجتمع وتماسكه.

آثار تقليد الناس في فعل شرّ:

1- خسران الثقة بنفسه.                     

2- انتشار الرذيلة والفساد بينهم.

3- فساد المجتمع وتفككه.

يقول تعالى عنْ قوم صالح: “وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ” [فُصِّلَتْ: 25]

إنَّ أسباب ضلالِ قومِ صالح، الغرور والتكبر والعناد، ومهمةُ قرناء السوء في إضلال وغواية أهل الصلاح وإضلالهم عن الحق.

وقوله تعالى: ( وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) فيه دلالة على وجوب عذابهم وهلاكم.

زر الذهاب إلى الأعلى