قيم الإسلام وآدابه

التواضع

التواضع

كان سيدنا  عمر بن الخطاب  لا يجد شيئًا في نفسِهِ إذا ما قام بخدمة أحدٍ من النّاسِ وَمساعدتهمْ وتقديم العون لهم، وَكَانَ يهم إلى الخدمَةِ والمساعدة كلّما وجد وقتا لذلك، ومن ذلك تسابق  عمر مع أبي بكر في خدمة العجوز العمياء، فكانَ يعد لها الطعام، وينظف لها المنزل.

فعمر بن الخطاب رضي الله عنه تسابق مع أبي بكرٍ رضي الله عنه وهو خليفة المسلم في ذلك الوقت في خدمة مرأة عجوز بالرغم من مكانتهما العالية‘ طاعة الله تعالى وابتغاء الأجر والثواب.

مفهوم التواضع:

حث الإسلامُ المسلمينَ بالتّواضع في كل أحوالهمْ، وَمعَ جميع النّاسِ، المسلم منهم وغير المسلم. فالتواضع خلقٌ يُناقضُ الكِبَرَ:

عدم التكبر أو التعالي على الناس، أو التفاخر بالعلم أو الجاه، وخدمتهم والتعامل معهم باحترام والتعاون معهم رغمَ علو المكانة الاجتماعية أو العلمية والثقافية .

مظاهر التواضع:

القصد والاعتدال  في المشي – وخفض الصوت عند الحديث – ومخاطبةُ النَّاسِ دون استعلاء – وإفشاء السلام -ومجالسةِ الفقراء -وتلبية دعوات الولائم- والتبسم في وجوه الآخرين وعدم التفاخر بالقدراتِ الشَّخصية أو المالية. قال تعالى: ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَمَا)(الفرقان).

قال تعالى: ( وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ، وَيَسْتَكْبِرُ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا(172). (النساء) قال تعالى: ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ) (الأنفال) ذكرت الآيتين تحقيق التواضع:

فتحقيق التَّواضع لله سبحانه وتعالى يكون بعبادته واتباع أمره وعدم معصيته.

اقرأ أيضاً  العدل في الإسلام

التواضع للرسول صلى الله عليه وسلم يكون بطاعته والالتزام بسنته والعمل بها.

تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم:

كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ذا شرف ومكانةٍ عاليةٍ، وَكانَ محط اهتمام صحابَتِهِ ، وبالرغم من ذلكَ كَانَ صلى الله عليه وسلم أكثر النّاسِ تواضعًا في تعاملِهِ معَ النّاسِ، فلم يكن متميز  عنِ النّاسِ في طعامٍ أو شراب أو لباس أو مجلس، بلْ كان يجلس على الأرضِ، ويأكلُ التَّمرَ وَخبزَ الشَّعيرِ، وَيُجالس الفقراء والمساكين.

قال أبو سعيد الخدري: (جلستُ في جماعة من ضعفاء المهاجرين, وإنَّ بعضَهُمْ لَيسترُ بعضًا مِنَ العُري, فجلسَ الرّسول الله وسطنا يعدل بنفسه فينا)( أبو داود).

 وكان عليه السلام إذا يسلم على الصِّبيانِ كلما مر عليهم، فعن أنس قال أنَّ النبي مرَّ على صبيانٍ فسلم عليهم, وقال: “كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يفعله”. (رواه الشيخان)

وكانَ يُشارك أصحابه في كثيرٍ من الأعمالِ، فقد شاركهم في بناء المسجد النبوي، وَمِنْ تَواضُعِهِ أَنَّهُ كانَ يُشارك في خدمة أهلِهِ في البيتِ فقدْ سُئِلَتْ السيدة عائشة رضي الله عنها  : ما كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يصنع في بيتِهِ ؟ قَالَتْ: “كانَ” يكونُ في مِهْنَةِ أهلِهِ، فإذا حضرَتِ الصَّلاةُ، خرج إلى الصَّلاةِ”. (رواه البخاري)

صور التواضع التي ظهرت جلية واضحة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم:

1-تواضعه في طعامه.

 2-تواضعه في لباسه.

 3- تواضعه في كلامه.

– أتواضع مع:

والدي:    بأن أطيعه ولا أعصيه.

معلمي:    بأن أحترمه واستجيب لنصائحه.

عامل النظافة:   بحُسن معاملته وعدم إيذائه.

أخي الصغير: بأن أعطف عليه وأساعده.

جاري: بأن أبتعد عن إيذائه وأعرف حقوقه.

زملائي في المدرسة: بعدم التفاخر ولا أتكبر عليهم ولا أسبهم.

اقرأ أيضاً  المجالس وآدابها

نماذج من تواضع السابقين:

كانَ لِتواضُع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أثر عظيم في تكوين شخصيّة صحابتِهِ وَمَنْ خَلْفِهِم مِنَ الصَّالِحِينَ، فقد حرصوا على القيام بما كان يقومُ بِهِ الله من الأعمالِ اليسيرةِ النّافعةِ مهما عَظُمَتْ مكانة الواحد منهم، فضربوا بذلك أروع الأمثلة في التّواضع ومنها أنَّ أبا بكر كان يحلب للحيّ أَغنَامَهُمْ قبلَ الخِلافةِ، فلمّا بويع، قالت جاريةٌ منَ الحيّ : الآنَ لا يحلب لنا، فقال: بلى لأحلبنّها، وإني لأرجو ألا يغيرني ما دخلتُ فيهِ.

فوائد التواضع:

1- دخول الجنّة، قالَ تعالى: “تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ “. (القصص )

2- كما أنه السبيل إلى الرّفعة والمنزلة العالية عند الله تعالى، قالَ صلى الله عليه وسلم : «ما تواضع أحد  للَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ». صحيح مسلم

3- يطهِّرُ النّفس البشرية من الحقد والحسد، ويؤلف بين قلوبِ النّاسِ، فالمتواضع يحبُّهُ النَّاسُ، ويألفونَهُ، ويطمئنون إليه، وبالتالي يتحقق التماسك بين أفراد المجتمع.

قالَ صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ اللهَ أوحى إليَّ أنْ تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحدٍ، ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ ). (رواه مسلم)

4- التواضع هو تقدير النفس بالإيمان بالذات دون تعظيمها.

5- التواضع هو الصفة الأساسية لشخص محترم ومتواضع.

6-التواضع هو الاعتراف بأن الآخرين لديهم شيء لتقديمه.

7- التواضع هو الإدراك بأن ليس لدينا الإجابة على كل شيء.

8- التواضع يعني الاستماع للآراء الأخرى والتعلم منها.

9- التواضع يجعل الشخص متزناً. ومرنا.

10- التواضع يعني عدم الانتفاع من النجاح بشكل غير لائق.

11- التواضع هو القدرة على تحمل النقد والتعلم منه.

12- التواضع يعزز الصداقة ويخلق الوئام في العلاقات الإنسانية.

اقرأ أيضاً  الإسلام والتواصل الاجتماعي

13-التواضع هو الطريق إلى النجاح الحقيقي والسعادة الدائمة.

ونحنُ في دولة الإمارات العربية المتحدة نُعدُّ مِنْ أسعد شعوب العالم، لأننا نعيش في ظل قيادة حكيمة تتمثل خلُقَ التَّواضع في  كل مجالات الحياة، ومع جميع النّاسِ.

نتائج التواضع على الفرد والمجتمع:

1- التعاون والمحبة.

2- الاحترام والتقدير.

3- الاحترام المتبادل والتقدم العلمي.

الآثار السلبية للتكبر على الفرد والمجتمع:

أثر التكبر على الفرد: كره الناس له ويستحق العذاب .

أثر التكبر على المجتمع : العداوة والتفرقة والتخلف الحضاري

 الوسائل التي تعين على التواضع:

1-أن يتذكر دائما بأنَّ الكبرياءَ ليس من صفة البشر بل صفةٌ للهِ عز وجل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قال اللهُ عَزَّوَ جل: الكبرياء ردائي, وَالعَظَمَةُ إزاري, فَمَنْ نازعَني واحداً منهما قذفتُهُ في النَّارِ”. (رواه أبو داود)

2-تقوى الله تعالى تبعث على التّواضع للهِ تعالى ولرسوله وللناس جميعًا.

3-أن يتذكَّرَ الفردُ بأنّهُ خلقَ من تراب وأنَّ مردّه إلى اللهِ تعالى ليُحاسِبَهُ على أعماله.

4-أنْ يُذكِّرَ نفسه دائمًا بأنَّ ما عندَهُ منْ متاع الدنيا من علم أو مالٍ إنَّما هو نعمةٌ منَ الله تعالى عليه شكرها لتدوم.

5- أن يتدارس الفردُ سيرةَ الرّسولِ الله سيّد المتواضعين، وصحابته رضا، والصالحين.

6- أنْ يحرص على مخالطة النّاسِ واحترامهم.

زر الذهاب إلى الأعلى