الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

الخلاق العليم

الخلاق العليم

قالت أم هشام بنتُ حارثة رضي الله عنها: ما أخذتُ «ق والْقُرْآنِ الْمَجِيدِ » إِلَّا عن لسانِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كان يقرؤُها كلَّ جمعة على المنبر إذا خطب الناس. (رواه مسلم)

قال تعالى: “إِذۡ يَتَلَقَّى ٱلۡمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٞ (17) مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ (18) وَجَآءَتۡ سَكۡرَةُ ٱلۡمَوۡتِ بِٱلۡحَقِّۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنۡهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلۡوَعِيدِ (20) وَجَآءَتۡ كُلُّ نَفۡسٖ مَّعَهَا سَآئِقٞ وَشَهِيدٞ (21) لَّقَدۡ كُنتَ فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا فَكَشَفۡنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلۡيَوۡمَ حَدِيدٞ (22) وَقَالَ قَرِينُهُۥ هَٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلۡقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٖ (24) مَّنَّاعٖ لِّلۡخَيۡرِ مُعۡتَدٖ مُّرِيبٍ (25) ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَأَلۡقِيَاهُ فِي ٱلۡعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُۥ رَبَّنَا مَآ أَطۡغَيۡتُهُۥ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَٰالِۭ بَعِيدٖ (27) قَالَ لَا تَخۡتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدۡ قَدَّمۡتُ إِلَيۡكُم بِٱلۡوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ ٱلۡقَوۡلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَا۠ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ (29) يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيد(30)

معاني المفردات الواردة في الآيات 17: 30 من سورة ق

حَبْلِ الْوَرِيدِ:        شريان في العنق.

الْمُتَلَقِّيَانِ:          الملكان الموكلان بكتابة أعمال الإنسان.

قعيد:                قاعدان (جالسان)

رَقِيبٌ:              حافظ.

سَكْرَةُ الْمَوْتِ:     شدة الموت.

تحِيدُ:               تهرب وتفزع.

سَابِقُ وَشَهِيدٌ:     مَلَكانِ أَحدهما يسوقُ الإنسان والآخرُ يشهد عليه.

حَدِيدٌ:               حاد تدرك به ما كنتَ تنكره.

اقرأ أيضاً  أحكام الميم الساكنة

قرينه:             الملك الموكل به، أو قرينُهُ منَ الشَّياطين.

عنيد:               حاضر.

مريب:              شاك.

دلالات الآيات 17: 30 من سورة ق

أولا: علم وعدد مطلق.    ثانيا: لكل بداية نهايةً.      ثالثا: نهاية يحذرها كل عاقل.

الشرح والتفصيل

أولا: علم وعدد مطلق

قدّمتِ الآياتُ الكريمةُ السّابقةُ الأدلة على عظمةِ اللهِ تَعَالى وقدرته على الخلقِ والبعث، إذن ما أخبر به محمد صلى الله عليه وسلم قومَهُ هوَ الحقُّ، ومعنى ذلك أنَّ محمدا له رسول الله إلى النَّاسِ.

بعد ذلك تُتابع الآياتُ الكريمةُ توضيح الحقائقِ للنَّاسِ لعلّهُم يهتدونَ، فقد خلق الله الإنسان، وهوَ يعلمُ سُبحانَهُ وَتَعَالَى كل صغير وكبير عنه، حتى ما تُحدِّثُهُ به نفسُه دونَ أنْ يتكلم به، فالله يعلمه، وهو أقربُ إلى الإنسان بقدرته وعلمه منَ الوريد الّذي في عنقِهِ، ومع كفاية علمِه عَزَوَجل فقد وكَّل به ملكين يتلقيانِ ما يصدر عنه من أقوال وأفعال، فيسجلانِها؛ لتُعرضَ عليهِ في صحيفَتِهِ يومَ يقومُ الأشهاد لربِّ العالمينَ. فكل ما يتلفّظ به الإنسانُ وكذلك ما يفعله من خير أو شرٌّ طوال حياتِهِ، يكتبُهُ المَلَكانِ كما أمرهمُ اللَّهُ تَعَالَى، فهم يفعلون ما يُؤمرونَ.

أنواع الملائكة الموكلين بالإنسان

1- رقيب وعمله يحصي عليه كل أعماله.

2- سائق وهو من يسوق الناس إلى أرض المحشر.

3- شهيد وهو من يشهد على عمله سواء أكان خيرا أم شرا.

ثانيا: لكل بداية نهايةً

تبدأ الحياةُ قدرًا، وتنتهي قدرًا بالموت، قال تعالى: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ، هذه اللحظة الَّتِي يَفزعُ منها الإنسان، والحقيقة التي يحاول أنْ يهرب منها، فإذا جاءتْ بشدّتها وغمراتها عند ذلك تسقط حُجب الغفلَةِ، وتنكشف الحقائق، ويدرك الكافرُ ما كان يكذِّبُ بِهِ أَنَّهُ الحقُّ. ثمَّ تُتابِعُ الآيات سرد بعض أحداث يوم القيامةِ، إذْ ينفخُ إسرافيل عليه السلام في البوقِ النفخة الثانية، فيخرج النَّاسُ مِنَ القبورِ، إِنَّهُ يوم الوعيد ، اليومُ الّذي توعّدَ اللهُ بهِ غير المؤمن، وخوَّفَهم به هذا اليوم الذي طالما كذَّبوا به في الدنيا وقد صاروا فيه، في هذا اليوم يأتي النَّاسُ يساقونَ إلى المَحْشَرِ، وكلُّ واحدٍ منهم معهُ ملك يسوقُهُ، وملك يشهد على عمله سواءً أكانَ خيرًا أم شرا.

اقرأ أيضاً  أحكام وآداب بيت النبوة

الفرق بين الوعيد والوعد

الوعيد: يكون بالشر.          

 الوعد : يكون بالخير .

الفرق بين نظرة المؤمن والكافر للموت

المؤمن: يؤمن بالموت ويستعد له.

الكافر: يخاف من الموت.

ثالثا: نهاية يحذرها كل عاقل

ثمَّ تحدثنا الآيات الكريمةُ عن مرحلةٍ أُخرى، أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَارٍ عَنِيدٍ)، في هذه المرحلة تظهرُ عاقبةُ المجرمين، فبعد القضاء يأمرُ اللَّهُ تَعَالى الملائكة أنْ يُلقوا في النّارِ كلَّ منْ كَفَرَ النِّعم، وعاند الحقِّ، ومنع الخير عنِ النَّاسِ، واعتدى على الحقوق، وأشرك وشلَّ في دين الله، وشكَّكَ غيرَهُ، وذِكْرُ صفاتهم هنا يدلُّ على هول الموقف، عِنْدَها يتبرأُ منهُ قرينُهُ الشَّيطانُ، ليبعد عن نفسه المسؤولية، فيقولُ: (يا ربَّنا أنا لم أضلَّهُ، بل وجدتُهُ ضالَّا منْ نفسه، فيُحْسَمُ الخصام بقولِ اللَّهِ تَعَالَى: “قَالَ لَا تَختَصِمُوا لَدَى وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَى وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيد “.

زر الذهاب إلى الأعلى