الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

الدين يسر ( حديث شريف)

الدين يسر ( حديث شريف)

منْ نعم الله تعالى على الأمة الإسلاميّة أَنْ جعلنا أمّةً وسطًا بينَ الأمم في العقائدِ والتشريعات، قالَ اللهُ تَعَالَى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ (البقرة: 143 ، ففرضَ اللهُ علينا عبادات وفرائضَ تُناسب قدراتنا وإمكاناتنا، وأمرنا أن نلتزم بها فلا نزيد فيها إلى حدٍّ نُرهِقُ فيه أجسادنا وأرواحنا ولا نتهاون فيها فنضيعها ونُنْقِصَ منها، ووضّح لنا الطَّريقَ المستقيمَ الّذي يجب علينا أن نسلكَهُ ونتَّبِعَهُ قالَ تَعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ﴾ [الأنعام: 153].

– فالوسطية هي الاعتدال في العبادة  فلا نتشدد، ولا نتساهل في الدين .

فقوله تعالى: ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) (البقرة: 143]، وقوله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ) (الأنعام: 153).  فهناك رابط بين الآيتين فالالتزام بالصراط المستقيم  هو الالتزام بالوسطية .

عن أبي هريرة رضي الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قال :
إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا،
وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ ) رواه البخاري

معاني المفردات:

يُشَادَّ الدِّينَ :  أي يشدد على نفسه في العبادة فيكلف نفسه فوق طاقتها .

 أو ( يبالغ في أداء العبادات ).

إِلاَّ غَلَبَهُ:          أي قهره  فلم يستطع الاستمرار .

فَسَدِّدُوا:         الزموا السداد وهو الصواب والتوسط .

وَقَارِبُوا:            اعملوا ما يقربكم من الصواب.

وَأَبْشِرُوا:           أي بالأجر العظيم .

بِالْغَدْوَةِ:            أول النّهار .

وَالرَّوْحَةِ:           آخر النّهار .

الدُّلْجَةِ:            ظلمة الليل .

 دلالات الحديث الشريف:

يبيِّنُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الإسلام مبني على السماحةِ والرّحمةِ والتَّيسير في جميع مجالاته من العبادات والمعاملاتِ والأخلاق، فالله تعالى لمْ يجعل الفرائضَ ثقيلةً على النّاسِ بحيثُ لا يستطيعون القيام بها، ونهى عنِ التَّشدّدِ والمغالبة في العبادة وإرهاق الجسم بكثرة الطّاعات لأن الدين يسر؛ والتشدد يؤدّي إلى عدم القدرة على الاستمرار في تأدية العبادات ونفور النّفس منَ الطَّاعات، لذلك وجّهَ النَّبيُّ ا إلى التوسط في العبادة، فلا يزيد فيها ولا ينقصُ مِنْها، وبشَّرَ مِنْ يفعل ذلك بالأجر العظيم منَ الله تعالى، ثمَّ شبه النّبيُّ الله المؤمن مع العبادة كرحلة المسافر الذي يستفيد منَ الأوقاتِ المناسبة للمسير فينشط فيها، ويرتاح في الأوقات الأخرى التي ترهق جسمَهُ، فهو إذا كانَ أوّلَ النَّهارِ اجتهد في المسير فإذا اشتدَّ الحرُّ وقت الظهرُ ارتاح، حتى إذا ذهب الحر أكمل مسيره، فإذا تَعِبَ مِنَ اللَّيلِ نام، فإذا كانَ آخرَ اللَّيلِ قامَ وأكمل سفرَهُ، وكذلك المؤمنُ يتخيّرُ الأوقات المناسبة للعبادة، فيستمتع بالطاعات فيها، ويريحُ نفسه في بقية الأوقات.

اقرأ أيضاً  المنهج النبوي في الرعاية الصحية

 

الفرق بين التشدد والتساهل والتوسط  في العبادة:

التمييز التساهل التوسط التشدد
المفهوم عدم أداء العبادات

على الوجه المطلوب شرعا

أداء العبادات

على الوجه المطلوب شرعا

الإكثار والزيادة

في أداء العبادات

المثال تأخير الصلوات /  ترك السنن مثل صلاة الوتر والضحى أداء الصلوات والسنن دون زيادة قيام الليل كاملاً 

وصيام كل يوم .

 

ـ معنى المغالبة في الدين:

تعنى التشدد في العبادة  والمتشدد سيعجز عن الاستمرار فيها  فيغلب بترك العبادة أو التخفيف فيها.

 أما المتوسط  يتغلب على التشدد لأنه سيستمر في العمل.

 

مظاهر التيسير في الإسلام:

 الإسلام دين اليسر، قال صلى الله عليه وسلم : “إِنَّكُمْ  َأمَةً أريد بكُمُ اليسر”، ويتجلى ذلك في كثير من الأحكامِ الَّتي خفّفَها الله تعالى على عبادِهِ، فقد سهّل على المسافرِ الجمعَ والقَصْرَ في الصَّلاةِ، وأباحَ التّيمم لمن لم يجد الماء، ورخص لمن لا يستطيعُ القيامَ أنْ يُصلّي على الهيئةِ الّتي تُناسب صحتَهُ قاعدًا أو جالسًا أو مستلقيًا، ورخّصَ المسح على الخفّينِ للمسافرِ والمُقِيمِ، وأسقطَ اللَّهُ تَعَالى بعض العبادات عمنْ لا يستطيع أداءها وهذا كله لأن الدين يسر، فالذي لا يملك النصاب تسقط عنه هذه العبادة، وكذلك منْ لا يملك تكاليف الحج أو لا يأمن على نفسِهِ فيجوزُ لهُ أنْ يؤجل الحج حتّى تتهيأ لهُ الظروف الملائمة للحج، والحال نفسه في الصّيامِ، فالّذي لا يستطيعُ الصّيام لسفر ونحوه، أباحَ اللهُ تَعَالى له الفطر، وأنْ يقضي في أيامٍ لاحقة، قالَ اللهُ تَعَالَى 🙁 يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) [البقرة: 185].

 من مظاهر التيسير في الإسلام:

1- الجمع والقصر في الصلاة  للمسافر .

2- أباح التيمم لمن لم يجد الماء .

3- المسح على الخفين للمسافر والمقيم .

اقرأ أيضاً  سبيل الهداية سورة الملك 1-14

4- رخص لمن لا يستطيع القيام أن يصلي على الهيئة التي تناسب صحته قاعداً أو جالساً أو مستلقياً .

5- أسقط الزكاة لمن لا يملك النّصاب .

6- أسقط الحج لمن لا يملك تكاليف الحجّ .

7- أباح الفطر في رمضان للمسافر ولمن لا يستطيع الصوم .

 فالصَّلاةَ لا تسقط عن المسلم بأي حال من الأحوالِ،

واليسر في الإسلام  ( في الصلاة مثلا ) أن الله تعالى جعل كيفية الصلاة على حسب قدرة المسلم، ففي بعض الحالات قد يصلّي المسلم بعينيه فقط دون قيام أو ركوع أو سجود.

إنَّ الدين يسر، بعض حالات اليسر:

الحالة وَجْهُ التيسير
أرادَ الصَّلاةَ، واستحال عليه معرفة جهة القبلة. يصلي في الجهة التي يظنها قبلة
أراد الوضوء، وعلى يدهِ ضِمادَةٌ لجُرح أصابها. يمسح عليه بحيث لا يتضرر
خشي أن ينفذ الماء إن توضأ منه. يضرب على الصخر ويتيمم

 

الاعتدال في العبادة:

يتحقق اليسر في الإسلام من خلالِ التَّوسّط والاعتدال في العبادة، فلا ينجرف نحوَ التّشدّدِ والتنطع والمبالغة التي تضيّقُ عليه نفسه، وتوصله إلى النّفورِ من العبادة والملل منَ الطَّاعة.

فمَنْ يُصلّي كلَّ اللَّيلِ، ويصومُ أكثر الأيامِ، ويعتكف أغلب الليالي في المسجد، ولا يترك لنفسِهِ حظها منَ الاستمتاع بالحياة سيجد نفسَهُ قد وصل إلى مرحلةٍ لا يطيقُ فيها صلاةَ اللَّيلِ ولا صيامَ النَّهارِ ولا الدخول إلى المساجد، فالنبي صلى الله عليه وسلم هو الأسوة الحسنة في كل الأمور، وقد كان يصومُ ويُفطر، ويُصلّي ويرقد، وهوَ أتقى النَّاسِ وَأَعْبَدَهُمْ للَّهِ، وبالمقابل يجب أن يحذر منْ أنْ يميل إلى التساهلِ الّذي يُؤدّي إلى تضييع الدِّينِ، فيؤدّي صلواته متأخرةً، ويترك السُّنَنَ الرّواتِبَ، ويتساهل في المعاصي بحجّةِ أَنَّ الدِّينَ يُسرٍ، فكلاهما منهي عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: ( هلك المتنطعونَ، هلك المتنطعونَ، هلك المتنطعونَ، أي هلك المتجاوزون الحدَّ في عباداتهم، وقال صلى الله عليه وسلم: ( إنّما أهلكَ مَنْ كانَ قبلَكمُ الغلو في الدِّينِ) [أحمد].

اقرأ أيضاً  أقسام الحديث الشريف المتواتر والآحاد

– والنهي عن المغالاة في العبادة، رغمَ أنَّ النِّيَّةَ فيها صادقة في التقربِ إِلى اللَّهِ تَعَالَى.

المغالاة في العبادة تجعل الإنسان يتعب ويملّ وقد يترك العبادة بالكلية حتى لو كانت نيته صادقة .

الآثار المترتبة على المجتمع المتّساهلِ أَوِ المتَّشدّدِ في الدِّينِ:

العمل الأثر المترتب عليه
التساهل في الدِّينِ يؤدي إلى ضياع الدّين نتيجة لانتشار المعاصي من ترك الصلاة واللباس غير المحتشم بحجة أن الدين يسر
التشدّدُ في الدِّينِ يؤدي إلى الملل وترك العبادة  أيضاً نفور النّاس من الدّين لما فيه من التضييق على النّاس.

 

زر الذهاب إلى الأعلى