الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

السبع الموبقات

السبع الموبقات

هذا الحديث أصْلٌ مِنَ الأصولِ الشَّرعيَّةِ الَّذي تتحقَّقُ بهِ مقاصد الشريعة الإسلامية، مِنْ حفظ الضرورات الخمس، وصون الأوطان وإشاعة الأمن والاستقرار، فاجتناب هذه الكبائر السبعة وتحريمها يعود إلى هذه الأصول، وسبب تسمية هذه الذنوب بالموبقات لأنها مهلكة لصاحبها.

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” اجتنبوا السبع الموبقات, قالوا يا رسول الله وما هنَّ؟ قال: الشرك بالله, والسحر, وقتلُ النَّفْسِ الَّتِي حرَّمَ اللهُ إِلَّا بالحقِّ, وأكل الربا, وأكل مال اليتم, والتولّي يومَ الزحف, وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات”. (متفق عليه)

معاني مفردات الواردة في حديث السبع الموبقات

اجتنبوا:                ابتعدوا ولا تقربوا منها.

الموبقات:              المهلكات.

السحر:                 صرفُ الشّيء إلى غير حقيقته.

قتل النفس:             إزهاق روح النفس البريئة

الربا:                       الزيادة.

اليتيم:                   من مات أبوه وهو دون البلوغ.

التّولّي يومَ الزّحف:    الفرار من ميدان القتال.

قذف المحصنات:       اتهام النساء العفيفات بالزنا.

السبع الموبقات

أولا: الشرك بالله.           ثانياً: السحر.                        ثالثاً: قتل النفْسِ الَّتِي حَرَّم اللَّهُ إلَّا بالحق.

رابعاً: أكل الربا.            خامساً: أكل مال اليتيم:         ساساً: التولي يومَ الزّحفِ.

سابعاً: قذف المحصنات المؤمنات الغافلات.

الشرح والتفصيل

أولا: الشرك بالله:

 ويقصد به الكفر بالله تعالى، منْ إنكار لوجودَ اللهِ تعالى وألوهيته، وربوبيته واستحقاقه للعبادة، وهو أكبر الذنوب وأعظمها على الإطلاق، لأنَّهُ إنْكار لوجودِ اللهِ تَعَالى، فهوَ ظلم عظيمٌ في حقِ مَنْ أَخْرجَكَ منَ العدمِ إلى الوجودِ. وتم ذكر الشّركِ في الحديث مع أن المقصود به الكفْرِ لأَنَّهُ الغالب في زمن بعثةِ النَّبيِ عليه السلام، والشِّرْك هُوَ جَعْلُ شَّرِيكِ لِلَّهِ تَعَالَى، وهوَ نوع مِنْ أَنواع الكفْرِ، ولقد صانَ اللَّهُ تعَالَى الأُمَّةُ المحمدية  من الشرك، بعد بعثةِ النَّبيِّ عليه السلام، يقولُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ” وإني والله ما أخافُ بَعْدِي أَنْ تشركوا، ولكن أخافُ أن تنافسوا فيها (يعني الدنيا)” (صحيح البخاري).

اقرأ أيضاً  الإخفاء الحقيقي

الفرق بين الشرك والكفر

الكفر: إنكار لوجود الله.

الشرك: جعل شريك لله في العبادة والملكوت.

و ذكر النبي عليه السلام أول الموبقات الشرك، لأنه أعظم الذنوب وأكبرها ولا تنفع معه طاعة.

ثانياً: السحر: هو ما يقوم به السحرةُ والمشعوذونَ منْ أفعال وأقوال، وطلاسِمَ تنشأ عنها أمور يظنها الناس أنها خارقة للعادة، وعمله حرام بالإجماع، وهو من الكبائر، ولا يجوز تعلُّمهُ، لأنَّهُ فساد في الدين، وفِتْنةٌ في الدّنْيا، وقد يسبِّبُ السِّحْرُ أضرارا للشخص المسحور إما بالحُبِ أو البغْضِ أو السّقمِ أو المس أو الصرع، ممّا يجعله عاجزًا عَنِ التَّصَرُّفِ السليم؛ وذلك يكونُ بالاستعانة بالشَّياطين، والمسلم على يقين أنّ السحر لا يضرُّهُ السِّحْرُ، وكذلك السَّاحِرُ إِلَّا إِذا شَاءَ اللَّهُ.

ثالثاً: قتل النفْسِ الَّتِي حَرَّم اللَّهُ إلَّا بالحق:

عصم الله تعالى النفوس البريئة، فعظَّمَ حرمتها وحرَّمَ قتلها بل وإيذاءها، لأن الاعتداء على نفْسِ الإِنْسانِ عنْ عمْدٍ مهما كَانَ دِينُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ جِنْسُهُ فهو اعتداء على صنْعِ الله تعالى، يقولُ اللهُ تعالى: “مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا” (المائدة: 32).

 وعقوبة قتلِ النَّفْسِ نارُ جهَنَّمَ وغضبُ اللهِ على القاتل ولعنه، فلا يجوز لأي فرد أنْ يُشْهِرَ السَّلاحَ أو يشير إلى أخيه بسيْف أَوْ حديدةٍ؛ لأنَّهُ ذريعةٌ للقَتْلِ، كما لا يَحِقُ لأي فردٍ كَانَ أنْ يحدِّثَ نفْسَهُ أَوْ يُقْدِمَ على الاعتداء على نفْسِ إنسان؛ لأن ذلكَ مِنْ خصوصيّاتِ وليّ الأمْرِ الذي يرعى القضاء، ويُشرِّعُ القوانين لإقامة العدل، وتطبيق العقوبات، أما غيرُ وليّ الأمْرِ فلا يجوزُ لَهُ الإِقْدام على ذلك.

عقوبة قتل النفس بغير حق

القتل العمد عقوبته:

1- دخول جهنم.

2-غضب الله ولعنه.

وعقوبة قتل الخطأ:

1- الدية لأهل القتيل.

اقرأ أيضاً   مع اللَّه ورسوله وولي الأمر

2- عتق رقبة مؤمنة.

3- فمن لم يستطع فصيام شهرين.

رابعاً: أكل الربا: المراد أخُذُ أو إعطاء الرِّبا، وهو زيادة على مقْدارِ الدَّيْنِ أوِ القرْضِ مقابل تأخيرِ السَّدادِ، فيكون ذلك أكل لأموالِ النّاس بالباطل، فكما أنْ لنفْسِ الإِنْسانِ حُرْمةٌ مصونةٌ ، فإنَّ لِماله كذلكَ حُرْمةٌ عظيمةٌ ، قد حافظ عليها القرآن الكريم بتحريم الرِّبا وتحليل البيع، قالَ تَعَالَى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) (البقرة 275)، فالربا إذن حرام بالإجماع، لأن فيه اسْتغْلال لحاجةِ النَّاسِ وفقرِهِمْ، وهو سبب في ارتفاع الأسعار وكسادِ التّجارة، كذلك فإنَّهُ يؤدّي إلى تراجع الإحْسانِ والتّعاطف والتعاونِ  ِبيْنِ النّاسِ، كما يؤدّي إلى انعدام البركة في أمورِ الإِنْسانِ ومعاشه، قال تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبي الصَّدَقَاتِ ) (البقرة (276)، فعمل المعروفِ بَيْنَ أَفْرادِ المجتمعِ مطلبٌ شرعي، يتحقق فيه الخير للمجتمع.

الفرق بين الربا والبيع

الربا : هو الزيادة، وحكمه حرام .

البيع : مبادلة مال بمال وحكمه حلال .

خامساً: أكل مال اليتيم:

وهو الصغير الذي مات أبوه وهو دونَ سن البلوغ، فلا يجوزُ التَّصرُّفُ في مالهِ لا بما فيه مصلحة اليتيم، وعلى وصيِّهِ أَنْ يُنمِّيَ ماله، وأن يحافظ عليه، فإنْ كانَ الوصيُّ فقيرًا، فلهُ أنْ يأخذَ مِنْ مال اليتيم بالمعروف، مقابل

القيام على شؤونِهِ وإدارة أمواله، أما إنْ كانَ الوصيُّ غنيًّا فقد حتَّهُ الإِسْلامُ على التّعفُّفِ عَنْ مال اليتيم.

فالإسلام شدّدَ في عقوبة أكل مال اليتيم والتَّعدي عليه، قال تعالى: [ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا] (النساء).

سادساً: التولي يومَ الزّحفِ: المراد بهِ: فِرارُ الجندي مِنْ مواجهة العدو ، فالدفاع عن الوطن وحمايته فريضةٌ شرعية تستلزم الصمود والثبات في وجه أعدائه، أما الفِرارُ مِنَ المعركةِ فهو كبيرةً مِنَ الكبائر وخيانة عظمى؛ لأنَّ فيه إضعافُ الشَّوْكَةِ، وإتْلافُ الجماعة، وتمكين الأعْداءِ مِنَ الوطن ومقدَّراتِهِ. إنَّ صوْنَ الوطن ودرء الخطر عنه، جهاد في سبيلِ اللهِ تَعَالى، أساسُهُ الصِّدْقُ والإخلاص والطاعةُ، وله إحدى الحسْنَييْنِ، النَّصْرُ أوِ الشَّهادةُ، فهو أجرٌ كريم، وشرفٌ عظيمٌ، في حين أنَّ الفِرارَ والهروب مِنَ المعركة عارٌ، وهلاك في الدُّنْيا والآخرة.

اقرأ أيضاً  قدرة الله تعالى سورة الملك 15-24

ومِنْ صورِ التَّولّي يومَ الزَّحْفِ عدمُ طاعةِ الأوامر الصادرةِ مِنْ وليّ الأَمْرِ، أَوْ مَنْ يَنوب عَنْهُ، وكذلك تخْذِيلُ الجنود عن المواجهة.

سابعاً: قذف المحصنات المؤمنات الغافلات:

المراد بهِ: اتّهام المرأة بالزنا، فهذا منكرٌ كبيرٌ وبُهتان عظيمٌ لِما ينشأُ عنْهُ مِنَ المفاسد بشتم النَّاسِ والإِضْرارِ بالأُسرِ وإشاعة الفاحشة في المجتمع، ونشر العداوة والبغضاء بيْنَ النَّاسَ، فالأعْراضُ مصونةً لا يجوزُ الطَّعنُ فيها إطلاقًا. ومِنْ صورِ قذْفِ المُحْصَنَاتِ: أَنْ يقول شخص لآخر يا بنَ الزانية… أو شبه ذلك.

إِنَّ جَعْلَ قَذْفِ المُحْصَناتِ، والخوضَ في أعراضِ النّاسِ مِنَ الكبائرِ يُبينُ حِرْصَ الإسلام على استقرار المجتمع وسلامته، ويكشف عن بشاعة هذا الفِعْلِ وخطورته، لذلك ترتَّبَ عليْهِ عقوبة شرعيَّةٌ وعقوبة قانونية بموجب قانون الدولة.

ـ ووصف الله تعالى الذي يتهم الناس بالزنا بأنه فاسق لخروجه عن طاعة الله، فلا يليق بأحد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لاتهام الآخرين في شرفهم والتشكيك في أمانتهم فهذا لا يليق بالمسلم، ويجب نصحه والتحذير منه، والإبلاغ عنه الجهات الأمنية.

زر الذهاب إلى الأعلى