الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

السنة النبوية المشرفة

السنه النبويه

الرسول قدوة لنـا فـي كافة جوانب الحياة الإنسانية؛ قال تعالَى: “لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا (21)”(الأحزاب)، والقدوة سلوك، لذلك كان لزاماً معرفة سنة نبينا عليه السلام لنقتدي بـه فـي أفعاله وأقواله وتعاملاته.

 مجالات الاقتداء برسول الله عليه وسلم

 – آداب التعامل مع الناس.

– العبادات كالصلاة.

– المعاملات الاقتصادية كالبيع.

– آداب التعامل مع البيئة.

المجالات إجمالاً هي السلوك والأخلاق والتعامل.

تعريف السنة النبوية

لغة: الطريقة والمنهاج، قال تعالى: “سُنَّةَ اللَّهِ في الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)الأحزاب” أي: لن تَجِدَ لطريقة الله تغييرا.

 اصطلاحًا: ما أُثر وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من “قول”، “أو فعل”، “أو تقرير”، “أو وصف”.

أقسام السنة النبوية

 تنقسم السنة إلى أربعة أقسام:

1- القــوليـةُ وَهِيَ: كلُّ ما ذُكِرَ عَن النبي من أقوال، كقوله عليه السلام: ( إنما الأعمالُ بالنَّيَّاتِ) (رواه الشيخان).

2- الفعلية وهي: كلُّ ما وصل إلينا من أفعال النبي في كل أموره المختلفة، كصلاته وكمناسك الحج، وهَذِهِ الأفعال واجبة الاتِّباع؛ لأنَّها صدرت منه صلى الله عليه وسلم بقصد التشريع.

3- التقريرية وهي: كلُّ أمرٍ حدث أمام النبي، أو ذُكرَ إليه وسَكَتَ عنه، ولم ينه عنه ووافَقَ عَلَيْهِ.

مثال ذلك: أكل الصحابةُ الضَّبَّ على مائدة النبي ولم يُنْكِرُ عليهم ذلك.

4- الوصفية وهي: تشمل نوعين:

• الصفات الخُلُقيَّةُ: وهي ما خلقه اللهُ عليهِ منَ الأخلاق الحسنة، وما فطرَهُ عليهِ منَ الصفات العالية الرقي، وما منحه الله مِنَ الشيم النبيلة، من ذلك حديثُ عائشة رضي الله عنها في وصف أخلاقه عليه السلام حيث قالت:

( كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ) (رواه مسلم).

 • الصفاتُ الخَلْقيَّةُ: أوصافه الجسمية، وهيأته وصورته التي خلقه الله عليها، مثل: “كان رسولُ اللهِ أحسن الناس وجها، وأحسنَهُمْ خَلْقًا، ليسَ بالطويل البائن ولا بالقصير” (رواه البخاري)

أمثلة لأقسام السنة النبوية

1- سنة تقريرية فعن عُروةَ بنِ الزُّبَيْرِ (أَنَّ عَائِشَةَ قالَتْ: لقد رأيتُ رسولَ الله له يوما على بابِ حجرتي و يلعبون في المسجد ورسول الله يسترني بردائِهِ أَنْظُرُ إِلى لَعِبِهِم) رواه البخاري.

اقرأ أيضاً  الأعمال بالنيات

2- على السنة القولية قالَ صلى الله عليه وسلم: “لا يُؤْمِنُ أحدُكُمْ حتى أكونَ أحب إليه من والِدِهِ ووَلَدِهِ والناس أجمعين” رواه البخاري.

3- سنة “وصفية خُلقية” فعن أنس بن مالك قال: “لم يكن النبي الله سبابًا ولا فحاشا ولا لعانا، وكان يقول لأحدنا عندَ المَعْتَبَةِ، ما لَهُ تَرِبَ جَبِينُه” رواه البخاري.

4- سنة فعلية فعن أنس بن مالك قال: “كان النبي يوجِزُ الصَّلاةَ وَيُكْمِلُها” رواه البخاري

5- سنة تقريرية فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: “خرج رَجُلَان في سفر، فَحَضَرَتِ الصلاة وليس معهما ماء؛ فَتَيَمَّمَا صَعيدا طيِّبا فَصَلَّيَا, ثمَّ وجَدَا الماء في الوقت, فأعاد أَحَدُهُمَا الصلاة وَالوُضُوءَ ولم يُعِدِ الآخر, ثم أتَيَا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكَرَا ذلك له فقال لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ: أَصَبْتَ السنة,  وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ” وقال للذي توضأ وأعاد (لك الأجر مرَّتَين). أبو داود والنسائي.

أدلة حجية السنة

السنة أصل من أصول الدين، وهي المصدر الثاني للتشريع من حيثُ الترتيب، أما من حيثُ الحجيةُ فِهِيَ والقرآن الكريم بمرتبة واحدة، والأدلة مِنَ القرآن الكريم والسنة والإجماع والعقل على ذلك كثيرة:

1. قال تعالى: [قُلۡ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكافِرِينَ ] (آل عمران(32).

2. قال تعالَى: [ مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡناكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا ] (80). (النساءُ).

 3. قال تعالى: [ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ](44) (النحل).

4. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [ ألا وإنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ مِثْلُ ما حَرَّمَ اللهُ] (رواه أحمد وابن ماجه).

5. أجمع العلماء على أنَّ السنة النبوية المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي.

 6. إنَّ الله تعالى اختار نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم  ليبلغ رسالته للناسِ، وأمره أن يُبيِّنُها لهم؛ ليعلموا شرع ربِّهم ويلتزموا به، وأخبرنا عَزَّ وجلَّ أنَّ سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم لا يَنْطِقُ عَن الهَوَى إِذَنْ لا بدَّ أن يكونَ بيانُهُ وكلامه تشريعا لنا.

  أدلة وجه الاستدلال على حجية السنة

قوله تعالَى: ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنِ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ (36)(الأحزاب) فالأخذ بسنته صلى الله عليه وسلم وطاعته من الأمور الواجبة.

. وقوله تعالى: ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )(65) (النساء).

اقرأ أيضاً  معالم التخطيط في سيرة الرسول

فمن ضروريات الإيمان بالله الاحتكام لسنة رسوله والتزام بكل ما ورد فيها.

. لقد حذر الله سبحانه من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم يقول تَعَالَى: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)(النور).

. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم أمرَيْنِ لن تَضِلُّوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه) رواه أحمد ومالك في الموطأ. الأمر بالتمسك بالسنة النبوية والقرآن الكريم معا.

 واجب المسلم تجاه السنة النبوية

-الاعتقاد بحجيتها.

– وعدم معارضتها ورد الشبهات عنها.

– وبذل الأسباب لحفظها من الضياع. التمسك بها والسعي إلى نشرها وإحيائها.

مكانة السنة مِنَ التشريع

كلَّفَ الله تعالى أنبياءه بحمل رسالته إلى الناسِ، وأمرَهُمْ ببيانِ رسالته، وهداية الناس إلى الطريق المستقيم، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاطَبَهُ ربُّهُ عزَّ وجلَّ بقوله: ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) (النحل: 44)، فبيانُ النبي صلى الله عليه وسلم لرسالة ربه هو صميم مُهمَّتِهِ، فلا يكتمل الشرع إلا بسنة النبي، فقد بَيِّنَتِ السنةُ المطهرة لنا العبادات والأحكام الواردة في كتاب الله تعالى.

من هنا نَجِدُ أن طاعة النبي هي طاعة لله، وما شَرَع لنا هو في الحقيقة شرع الله،

يقول تعالى: ( وَمَا ءاتاكم الرسولُ فَخُذُوهُ وَمَا نهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (الحشر: 7).

السنة النبوية وحيٌّ مِنَ اللهِ تعالى كالقرآن الكريم؛ لقوله تعالى: ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْى يُوحَى ) (النجم)

الفرق بين القرآن الكريم والسنة النبوية

ما يختص به القرآن:

كلام الله لفظا ومعنى.

متعبد بتلاوته.

قطعي الثبوت.

معجزة خالدة.

ما تختص به السنةُ

المعنى بوحي من الله.

غير متعبد به.

ظني الثبوت.

غير معجز لكنه بيان للقرآن.

وجه الشبه بين القرآن والسنة:

كلاهما وحي من الله.

بواسطة جبريل.

كلاهما مصدر للتشريع.

وجوب العمل بهما.

ما تختص به السنةُ

المعنى بوحي من الله.

غير متعبد به.

ظني الثبوت.

غير معجز لكنه بيان للقرآن.

– فمن يدَّعي أن القرآن الكريم  يُكتفى به كمصدر للأحكام الشرعية ولا داعي للرجوع إلى اللسنة النبوية فقوله مردود عليه فلا يمكن الاكتفاء بالقرآن كمصدر للأحكام دون السنة، فهما مصدران تشريعيان متلازمان، فمن أين عرفنا تفاصيل العبادات كعدد ركعات الصلوات وإخراج الزكاة وغير ذلك فالسنة هي التي فصلت وبينت لنا،

ولأن السنة النبوية بيان للقرآن ومفسرة ومفصلة له بل وتأتي بأحكام جديدة سكت عنها القرآن فهي المصدر الثاني للتشريع، ولا يمكن أداء العبادات صحيحة بدون السنة.

اقرأ أيضاً  أحكام الإدغام ( أقسامه وحروفه)

علاقة السنة النبوية بالقرآن الكريم

أولا : تأتي مؤكّدَةً لما جاءَ في القرآن الكريم:

وهي جاءت لزيادة التأكيد والاهتمام بالحكم، مثال ذلك قوله صلى الله عليه وسلم فإن النبي حرَّم الأموال والدماء: (إِنَّ دماءَ كُم وأموالَكُمْ عليكم حرام …) (رواه مسلم), فإِنَّ قول النبي موافق للآياتِ الدالَّة على تحريم الدماء والأموال, كقوله تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ (29) (النساء), وقوله تعالى: ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ (93)(النَّسَاءُ) .

مثال آخر قول الله تعالى: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)  فأتى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( المسلم أخو المسلم) تأكيد على الأخوة بين المسلمين.

ثانيا: أتت مفسرة ومبينة لما جاءَ في القرآن الكريم, وهي على أنواع ثلاثة:

 1. مفصلة لمجمل القرآن الكريم: يقول تعالى: ( وأقيموا الصلاةَ وآتُوا الزكاة) فهذه الآية أوجبت علينا الصلاة من غير تفصيل ولا بيان لأركانها وواجباتها ولا سننها ولا شروطها, ووردت أحاديث تفَصِّل كيفية الصلاة وتبين أحكام الصلاةِ، فقالَ عليه السلام: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) رواه البخاري ومسلم.

 2- مخصصة لعموم القرآن الكريم: ومثالها الحديثُ الذي بَيَّنَ أنَّ المُرادَ مِنَ الظلمِ في قولِهِ تعالَى: ( الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ (82) (الأنعام) هُوَ الشَّرْكُ، فَقَدْ فَهِم بعضُ الصحابة رضوان الله عليهم من الآية  العموم واعتقدوا أن معنى الظلم هو  كل المعاصي، حتَّى قالُوا: أَيُّنَا لم يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟  لكن السنة أتت وخصَّصَّت عموم الآية بأن المقصود هنا هو الشرك بالله ,فقالَ صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ كَما تظنونَ، إِنَّما هُوَ الشَّرْكُ، كما قالَ لقمانُ لابنه: (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) ( البخاري).

 3- مقيدة لمطلق القرآن الكريم: ومثال ذلك: أمر الله تعالى بإخراج الوصية وشرعها فلا حرج في الوصية، فقال تعالَى: ﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يوصى بها (12) (النساء)، لكنَّ السنة النبوية أتت وقيَّدَت الوصية وحددت مقدارها بالثلث، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (الثُّلُثُ والثُّلُثُ كَثِيرٌ) (البخاري).

ثالثًا: أتت مبينة لأحكام جديدة سكت عنها القرآن الكريم:

كتحريم جمع الرجل في زواجه باثنتين: بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها في نفس الوقت، قال صلى الله عليه وسلم: ( لا يُجْمَعُ بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها). ( البخاري وسلم)، وتحريم كل ذي نابٍ مِنَ السَّباع؛ فقد قالَ: ( أكل كُلُّ ذي نابٍ مِنَ السباع حرام) رواه مالك، وكتحريم الحمر الأهلية، ووجوب صدقة الفطر، وكذلك جواز المسح على الخفين .

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى