العقيدة الإيمانية

العقل في الإسلام

العقل فى الاسلام

يرى العلماء أنَّ العقل عبارة عن وعي وفهم، يكون في الدماغ، فالدماغ وسيلة وأَداة للعقل، أما العقل فهو الفهم والإدراك والمعرفة بصفاتِ الأشياء من حسن وقبح وكمال.

 الفرق بين العقل والدماغ

فالدماغ مادة، والعقل أمر معنوي.

الضروريات الخمس

1-حفظ الدين

حفظ الدين أهم مقصد من المقاصد فهو في مقدمة كل المقاصد والمصالح، فالدين فطرة إنسانية، وضياع هذا المقصد يؤدي إلى ضياع المقاصد الأخرى.

2-حفظ النفس

تنويه: (التبرع بالدم أعلى منزلة وأعظم أجرا من التبرع بالمال؛ والإنسان أغلى من المال, لأن الدم سبب الحياة، وهو جزء من الإنسان ).

3- حفظ العقل

 للعـقـل فـي الإسلام أهمية كبرى، فهو أعظم منحـة مـن رب العالمين للإنسان، وسبيل معرفة الله عز وجل.

4- حفظ النسل والعرض

 لقد عنيت الشريعة الإسلامية بحفظ العرض والنسل، لمنع اختلاط الأنساب، وانتشار الأمراض والفساد الأخلاقي، والوقوع فـي المحن والمصائب.

5- حفظ المال

المال عصب الحياة، وقد جبل الإنسان على حبه، قال تعالى: وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبّٗا جَمّٗا (20) (الفجر)

أهمية العقل

فالله خلق الإنسان وميَّزه عن باقي المخلوقات، وميزه بهـذه النعمة العظيمة، وترتب على هذه النعمة أمورا كثيرة مثل الإرادة والتدبير والمسؤولية، ومن المؤكد أن وراء ذلك حكمة عظيمة، تظهر مـن خــلال تحديد الغاية التي خُلِقَ الإنسانُ من أجلها، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]. وتحقيق العبودية لله سبحانَهُ، يتطلب تحقيق الخلافة في الأرضِ وإعمارها، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)، وكلُّ هذا يحتاج إلى تدبير وفقه وعلم وإدراك، فأعطى الله العقل للإنسان، ليؤدي مهمته  التي خلق من أجلها في الحياة، فإن فشل أو قصر أو أهمل فيكون ذلك استهتارا منه، أو الإهمال، وعدم شعور بالمسؤولية.

فالتسخير وكل ما سخره الله في الكون للإنسان وقدرته على ذلك يساعده على القيام بمهمته في الحياة.

ولقد ذكر في القرآن كلمة تتفكروا / تتفكرون / يتفكروا / يتفكرون ما يقرب من 17

وكلمة تعقلون ما يقرب من 22، وكلمة يفقهون ما يقرب من 13

اقرأ أيضاً  منهجية التفكير في الإسلام

ودلالة تكرار الكلمات القرآنية السابقة فيه دليل على، أهمية العقل.

والدعوة إلى إعمال العقل وتوظيفه.

مظاهر تكريم الإسلام للعقل

لقد كرم الإسلامُ العقل، ولهذا التكريم مظاهر عدة، منها:

أولا: العقل مناط التكليف.                                           ثانيا: أصحاب العقول أعلى مكانة.

ثالثًا: جعل الإسلام العقل أساسًا لقبول الدعوة.         رابعا: احترام الإسلام لدور العقل.

الشرح والتفصيل

أولا: العقل مناط التكليف

فتكليف الإنسان بالأحكام والواجبات الشرعية أساسه العقل، فالعاقل مكلف بأحكام الشريعة، ومسؤولا عن تصرفاته، ومحاسب على تصرفاته، لأنه قادر على فهم الأحكام وما هو مطلوب منه، والتكليف لا يرتفع شرعًا، إلا إذا فقد الإنسان عقله بسبب لا دخل فيه، فلا يحاسب، على تصرفاته، وفي هذه الحالة يستحق الرعاية، ويحتاج من يرعى شؤونه، فـلا مسؤولية عليـهِ، قال صلى الله عليه وسلم: [ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثٍ: “عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ”، “وَعَنِ الصَّغيرِ حَتَّى يَكْبَرَ،” “وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفيق” (النسائي). فأعظم نعمة بعد الإسلام هي نعمة العقل، وإذا غابت هذه النعمة فلا أمن ولا استقرار بل الفوضى وعمد الاستقرار.

ثانيا: أصحاب العقول أعلى مكانة:

 فكل من سعى لطلب العلم والمعرفة، والبحث والاستقصاء, وسخروا جهدهم العقلي الذي أعطاهم الله إياه كان أعلى منزلة ومكانة، قالَ اللهُ تعالى: [ يَرْفَع اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ] [المجادلة: 11] وهذا البحث والاستقصاء يجب أن يكون عن تجارب وأبحاث واستكشافات لا عن طريق التقليد الأعمى، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]. كذلـك لا يعتمدون على الإشاعات، سواء في علمهم أو حكمهم على الأشياء، ولذلك نجد مِـنْ هدي الإسلام في الأمن الاجتماعي، إذا طراً طارئ أن يتأكدوا ويتبينوا الحقيقة من الجهات الرسمية، قال تعالى: [ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرُ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ ][النساء: : 83] ، فهم اهل الحكمة والرأي من أصحاب العقول.

اقرأ أيضاً  التفكير العلمي ( أهميته وأثره )

ثالثًا: جعل الإسلام العقل أساسًا لقبول الدعوة

قالَ اللهُ تعالى: [ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَات لِأُولِي الْأَلْبَابِ ][آل عمران: 190]. فهذه دعوة لأصحاب العقول للتأمل والتفكر بالمخلوقات؛ للاستدلال على عظمة الخالق  ووحدانيته سبحانه، فالعلم والإيمان لا ينفصلان، بل طالب الإنسان بأنْ يُقْبِلَ على الدين بعقل منفتح، متبصرا بحقائقـه، مدركًا لمدلولاته، فيكونُ إيمانًا راسخًا لا يتزعزعُ، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيات رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمَّا وَعُمْيَانًا ﴾ [الفرقان: 73]، أي تلقوها بقلوب واعية، وأحدقـوا نحوهـا ببصائر الهدايـة، وهذا شأن العلماء خاصةً، والمؤمنينَ عامةً.

وإذا تأملنا قولَ اللهُ تعالى:[ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضعف الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ][الحج: 73]، فالقضيةُ التي ناقشتها الآية هي الدلالة على توحيد الله وإفراده بالعبادة:

والحُجَّةُ العقلية على تلك القَضِيَّةِ

إن هذه الآلهة التي عبدت مع الله تعالى آلهة ضعيفة عاجزة لا تملك لعابديها نفعًا ولا ضررًا، فإذا كان الذباب وهو أضعف الحيوانات وأحقره لا يَقْدِرُ من عبدوه من دون الله على دفع أذاه، أو خلق مثله فكيف يعقل أن يكونوا آلهة يعبدون؟!!!!!

وإذا فكرنا وحاولنا الموازنة في قول الله تعالى: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ

آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ } [البقرة: 170].

فإذا وازنا بين التقاليد الأصيلة في دولة الإمارات والتمسك بالعادات وبين نهي الإسلام عن التقليد الأعمى:

 نجد أن التقليد الذي ذمَّه الله هو الذي يشتمل على إلغاء العقل وإنكار ما يدل عليه، أو التقليد في أمر حرمه الإسلام بخلاف التمسك بالعادات والتقاليد؛ فإنها لا تتعارض مع العقل أو الشرع، ولا تضر الإنسان، بل تميزه عن غيره، وتبرز هويته واعتزازه بوطنه.

 رابعا: احترام الإسلام لدور العقل

أعلى الإسلامُ مكانة العقل ودوره، فـي فـهـم خبايا الكون وأسراره، للتمتع بما سخره الله له، لسعادة البشرية، ودعـا إلـى تقدير واحترام ما توصلوا إليه بأنفسهم، وما توصل إليه غيره، قال تعالى: ( وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) [آل عمران: 191]، لذلك احترم العلماء المسلمون علوم الأُمم السابقة، وبنوا عليهـا وطوروهـا.

اقرأ أيضاً  من علامات الساعة

لقد نهى الإسلام عن كل ما يخرب العقل ويدمره ويلغي مهمته الأساسية، فحرم الاعتداء عليه بأي شكل يجعله عاجزًا عن أداء مهمته، كشرب الخمر وكل مسكرٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة: 90]. فإنَّ آفة المخدرات جريمة فاحشة تقعُ على العقلِ ولو كانت بيد صاحبه.

التعارض بين العقل والنقل

رجاحة العقل في الإنسان من علاماتِ الكمال، إلّا أنَّ لها حدودًا لا تتجاوزها، ولو كان العقل يدرك كل مطلوب لاستغنى الناسُ به عنِ الوحي والأنبياء، قال تعالى في آية الكرسي من سورة البقرة: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ولا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾ [البقرة: 255) فيُعد العقل في الإسلامِ مصدرًا من مصادر معرفة الأحكام والشرائع ومقاصدها، لكنه ليس مصدرًا مستقلا، بل يحتاج إلى تنبيه الشرع,  ومن هنا جاء الشرعُ والعقلُ متعاضدين متكاملين، فنصوص الكتاب والسنة الصحيحة الصريحة لا يعارضها شيء من المعقولات الصريحة، بل العقل يشهد بصحتها.

القراءة غذاء الملكات

أول ما نزل من القرآن قوله تَعَالَى: ( أَقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)(العلق].

 يدل على أهمية القراءة، فهي تُعتبر من أهم أسباب تنمية العقل، فالقراءة والاطلاع توعية للعقل والاستفادة من تجارب الأمم الأخرى وخبرات الشعوب، وتعمل القراءة على تنمية العقل من خلال توسيع خيالِ القارئ، وابتكار أفكار جديدة من نوعها، وتقوية الذاكرة نتيجةً لتأثير القراءة على تنشيط الدماغ، مما يجعلُهُمْ أَقَلَّ عُرضة للإصابة بمرض الزهايمر وضعف الذاكــرة.

من أقوال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد حفظه الله

“إن الأوطان تقوم على “العقول”،ولا تقوم على ما تملكه من ثروات وموارد”.

وإذا أردنا أن نميز بين كلمة اقرأ في الآية الأولى والثالثة في قولَ اللهُ تعالى: ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ, خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ, اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ,عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق).

 فالقراءة في الآية الأولى تعني كل ما في الكون من مسخرات، والإفادة منها، بمعنى التفكر والتأمل وفي الآية الثانية: القراءة من شيء مكتوب، بمعنى التفسير والفهم.

زر الذهاب إلى الأعلى