أحكام الإسلام

الفراق بين الزوجين

الفراق بين الزوجين

شــرّعَ الإســلام الــزّ واجَ لأهــدافٍ نبيلــةٍ، فالسّــكَنُ النّفســي، والشّعورُ بالأمــنِ والرّاحــةِ والطّمأنينــةِ، وإشــباعِ  الحاجــاتِ النّفســيّةِ والغريزيّــةِ الّتــي فَطَــرَ اللّــهُ عليهــا الرّجــلَ والمــرأةَ، وهذه الأمور لا تتحقّــقُ إلا بعلاقــةٍ زوجيّــةٍ شــرعيّة.

مواصفات الزوجة الصالحة

1الدين وحسن الخلق.

2الحسب والأصل الطيب.

3الجمال الذي لا يتعارض مع الدين.

4الغنى والمال الذي لا يسبب ضياع الدين.

5الودود الولود “أي المرأة صاحبة العشرة الحسنة والود، والتي تلد كثيرا” .

فوائد اختيار الزوجة الصالحة  

1- حفظ الرجل دينه وعدم تعرضه للفتنة في دينه وكرامته.

2- الاستقرار والسكن وهو الهدف الأساسي من الزواج.

3- خلق الرحمة والمودة في العلاقة الزوجية بما يساعد في بناء حياة سعيدة.

4- وجود جيل جديد صاحب تربية صالحة قادر على إعمار الأرض وبنائها.

علاج الخلافات الزوجية الطبيعية

إنَّ الخلافات التي تحــدثُ بيــنَ الزّوجيــنِ أمــرٌ طبيعــيٌّ، وكثيرا ما تكــونُ خلافــاتٌ ســطحيّةٌ وبســيطةٌ، ســببُها اختــلافات فــي وجهــةِ نظــرٍ أو ســوءُ فهــمِ، ويعتقــدُ كثيــرٌ مــنَ المقبليــنَ علــى الــزّواجِ أنَّ الحيــاةَ الزّوجيــةَ تكــونُ ســعيدةً فقــطْ ، خاليــةً مــنَ المشــالكِ، إلا أنَّ الواقــعَ يحتّــمُ وقــوعَ هــذهِ الخلفــاتِ بعــدَ الــزّواجِ، حيــثُ يظهــرُلك ٌّ مــنَ الزّ وجيــنِ علــى طبيعتِــه وســجيّتِه، فــلا يجتمــعُ اثنــانِ إلا وبينَهمــا نقــاطُا توافق ونقــاطُ اختــلافٍ، وذلــكَ بسبب الاختـلافِ التّكويـنِي النّفســيِّ، والعقلــيِّ، والبيئــيِّ لــكلا الزّوجيــنِ، لكن يتطلّــبُ الصبر منْهُمــا، والتفاهم والحــوارِ خاصةً فــي بدايــةِ الارتباط، لعلاج تلــكَ الخلافــاتِ، وتحقيــقِ السّـعادةِ المَرْجوة، ومــعَ أنَّ حُســنَ العشــرةِ والصّبــرَ واجــبٌ مشــترٌك، إلا أنَّ الــزّ وجَ عليه العــبءَ الأكبرَ في التحمل، فــي اســتيعابِ الزّوجةِ والصّبــرِ عليهــا واحتوائها، وعليــهِ عـلاجُ السّـلبياتِ بعقلانيــةٍ وحكمــةٍ، فهذه الآيــةُ تخاطــبُ الرّجـالَ يقول تعالى: “فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡـٔٗا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرٗا كَثِيرٗا “(19) ومع كل هــذا لا تُعفــى الزّوجــةَ مــن مســؤوليّتِها عــنْ علاج المشــكلات وتقديــرِ ظــروفِ وتجــاوزِ الخلافــات،

فيجب على كلا الزوجين فهم الأمور التالية:

1أي علاقة بين شخصين بينهما نقاط اختلاف ونقاط توافق، لأن الاختلاف سنة كونية ،ولاختلاف التكوين النفسي والعقلي والبيئي لكل منهما.

2الحياة الزوجية تتطلب قدراً كبيراً من الصبر والتفاهم والحوار خاصة في بدايتها لتجاوز تلك الخلافات وتحقيق المعاشرة بالمعروف والتكيف مع متطلبات الحياة الجديدة وتحقيق السعادة المنشودة.

3الصبر وحسن العشرة واجب مشترك.

أسباب الخلافات الزوجية

1-  المسائل المالية، الخيانة الزوجية، عدم الالتزام بالشرع.

2 عدم فهم  كلا الزوجين لبعضهما البعض أو اختلاف في وجهات النظر أو المزاجية.

3 اختلاف الطباع بين الزوجين فكلا الزوجين يظهر على سجيته وطبيعته فلكل منهما طباعه المختلفة.

فوائد صبر الزوج على زوجته

الأجر والثواب                                      تماسك الأسرة

عودة الزوجة إلى رشدها                يرزقهم ذرية صالحة

تلاحم المجتمع وتماسكه               متابعة الأولاد وتربيتهم تربية متوازنة وسليمة.

معنى النشوز وعلاجه

المراد بالنشـوز: استعلاء أحد الزوجين على الآخر وسوء عشـرة أحدهما للآخـر، ممـا يجعل العلاقة الزوجيـة غير مستقرة، والنشـوز قـد يحدث مـن الـزوجة، أو مـن الزوج، أو مـن الاثنين معا.

علاج النشوز

إذا كان من جهة الزوجة فعلاجه ذُكِرَ في قوله تعالى: [وَالَّلاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُن وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [34](النساء).

أولاً: علاج نشوز الزوجة يكون على ثلاثة مراحل:

أولًا: الموعظة الحسنة

فإن حدث تقصير أو اعراض واضحين من الزوجة توجّه إليها الزوج بالموعظة الحسنة، والإرشاد والنّصحُ، فيذكِّرُها بحقه عليها، وأنَّ هذا الأمر يغضب الله، قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: [ إذا صَلْتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ بعلها، دخلت من أي أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شاءتْ] (رواه ابن حبان).

ولكي تكون الموعظة مفيدة لابدَّ للزوج من اختيار الأسلوب والوقت المناسبين، ويجب عليه أن يكون قدوة حسنةً، مؤدياً واجباته الزوجية، قبل أن يوجه النصح لزوجته، فإن استمرّت الزوجة في عصيانها، انتقل الزّوج إلى المرحلة الثانية.

ثانيا: هجر الزوج زوجته في المضجع، يُعرضُ عن زوجتِهِ، فلا يُلاطفها ولا يُكلّمُها، لتدرك وتنتبه أنَّها لم تعد سكنا له كما قال تعالى: “وَمِن ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا”(21)(الروم)، وهذا عقاب نفسي قد يجعل الزوجة، تراجع نفسها وتفكر في تصرفاتها، والهجر يكونَ في البيتِ فقط لقوله عليه السلام: “ولا تهجر إلّا في البيتِ”(رواه أبو داود) للحفاظ على أسرارهم الأسريّة، فإن استمرّتْ الزّوجة في إعراضها وتعديها لحدودَ حُسنِ العشرّةِ، انتقل الزّوج إلى المرحلةِ الثَّالثة.

اقرأ أيضاً  الزكاة في الإسلام

ثالثًا: الضّرب غيرُ المُبْرح:

وهو ضرب تأديب’ هدفه الحفاظ على الحياة الزوجيّةِ من التفكك، والإبقاء على المودة  والعشرة، فلا يجوز ضرب الزوجة بعصا أو بسوط أو على وجهها, وإنّما يكون بسواك، أو بمنديل خفيف، أو الدرة مثلاً، عملا بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سأله رجل: “مــا حـقُ زوجة أحدنا عليه ؟ فقال: أنْ تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيْتَ، ولا تضرب الوجه ولا تقبّح – أي لا تشتُمْ ولا تسب – ولا تهجر إلّا في البيتِ” (ابو داود)، وهذا الضّرب فيه رسالة إلى الزوجة بأنّها تجاوزت وتخطت كل الحدود، أمّا الإيذاء والتنكيل بالزوجة فلا يجوز، لأنَّ الضّربَ تدبير وقائي غايتُه إنقاذ علاقتهما وأسرتهما، فليس من العقلِ المبالغة أو التمادي فيه.

يقوله تعالى: “فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا” (النساء (34).

فالطلاق من غير سبب ظلم لأنه عدوان  وتعدي على حق المرأة في الحياة الأسرية، وأخذ هذا الحق ظلم.

النشوز من ناحية الزوج

فيكون علاجه في هذه الحالة بالإصلاح بينهم: قال تعالى: [ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُورًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ] (النساء)

علاج نشوز الزوجين معا

*فإن علاجه يكون بتدخل الحكماء من أهل الزوجين، أو يكون التدخل من قبل التوجيه الأسري يقول تعالى:

“وإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا”

أنواع الفراق بين الزوجين

يفترق الزوجان إذا زادت المشاكل بينهما وصعب حلها، إذا كان الفراقُ أخفَّ الضّررين، فالحياة المملوءة  بالخلافات المستمرة لا تصلح لتربية الأولاد، كما أنَّهُ يُسبّبُ التعاسة والشّقاء للزوجين، مع انعدام العاطفةِ في الأسرة، فاستمرار ازواج  دونَ حلٌّ قد يؤدّي لوقوع فواحش وجرائم كبيرة كالزّنا والقتل، فشُرِعَ في الإسلامُ أنواعًا من الفراقِ  على حسب حاجة الحالة بين الزوجين.

أنواع الفراق ثلاثة

* النّوعُ الأوّلُ: الفراقُ “بإرادةِ الزّوج “يكون بالطلاق.

النوع الثاني: الفراقُ بإرادة الزوجة “يكون بالخُلْع”..

النوع الثالثُ: الفراقُ بحكم القاضي يكون عن “طريقِ التّفريقِ بالقاضي”.

النوع الأوّل من الفراق:

 الطلاق

الطلاق: هو رفع قيد النكاح الصحيح بلفظ مخصوص ( لفظ الطلاق أو ما يدلُّ عليه)، وقد ثبتت مشروعيّةُ الطَّلاقِ في القرآن الكريم، قال تعالى : الطَّلَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكُ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحُ بِإِحْسَانِ (البقرة (229).

حكمُ الطَّلاقِ

جعل الإسلامُ الطَّلاق حقا للرّجلِ وَحدَه، فالطَّلاقُ مباح، ويُشرعُ عند الحاجة إليه، ولم يجعل الإسلام الطلاق  بيد الرجل مطلقا من غير قيد، بل له حد ومقيّد في العدد، ومحاط بآداب وقيم أخلاقيّة يُلزَمُ بها الرّجلُ في زمن إيقاعه، وتحمي المرأة منَ الظَّلم والتعدي، قال على: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ (النساء (34).

وجعل الإسلام الطلاق حقا للرّجل وحدَهُ، لأنه أكثر صبرًا وتحمّلًا، ولأنه يتحمل التكاليف والنفقة.

آداب الطلاق

من هذه الآدابُ ما ورد عنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذلك، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: [ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثمَّ تَحِيضَ، ثمَّ تَطْهُرَ، ثمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ، قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ](رواه مالك).

الحالة التي كره الرّسول صلى الله عليه وسلم الطلاق فيها هي الطلاق وقت الحيض، والوقتُ الذي حدّدهُ الرّسول للطلاق أن يكون في طهر جامعها فيه.

قالَ تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ (الطلاق (1) وقال تعالى: ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا دَوَى عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ﴾ (الطلاق (2). حتى لا تطول عدة المرأة.

يقولَ تَعَالَى: ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكُ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحُ بِإِحْسَانِ)

ومن الآداب أن يكون الطلاق متفرقا ولا يكون بلفظ الثلاث .

أقسام الطلاق

الأول: الطلاقِ السني: ( من سنة الرسول ) ما يكون في حال طهر المرأة من الحيض ولم تحصل فيه معاشرة.

ثانيا: الطَّلاقِ البدعي وهو طلاق المرأة وقت الحيض أو النفاس أو في طهر جامعها فيه، ففيه ظلم للمرأة فإن وقع في الحيض أو النفاس زادت مدة عدتها.

ألفاظ الطلاق

 الطِّلاقُ يقع باللفظ الصريح كأن يقول الرّجل لزوجته، أنت طالق، وكذلك يقعُ بلفظ الكناية، إذا كانت نيته الطَّلاقُ، كأن يقول الرّجلُ لزوجته اذهبي بيت أهلِكِ.

اقرأ أيضاً   المدارس الفقهية

الطلاق المعلّقُ

 هوَ أن يعلق الرجل طلاق امرأته علـى وقوع أمــر مستقبليّ، كأن يقول لها: إن ذهبت إلى مكان كذا أو إن فعلت كذا فأنت طالق.

 اختلف العلماء في وقوع الطلاقِ المعلّقِ عند وقوع الشّرط  على رأيين، الأول جمهور الفقهاء: إذا حصل وتحقَّقَ الشَّرَطُ وقع الطلاق.

الثاني: رأي بعض الفقهاء: إذا تحقق الشرط المعلق عليه  يُنظرُ في المقصدِ ( النية)، فإن قصد وقوع الطلاقِ وقع، وإن نيته التهديد واليمين فقط فإنَّ حكمه حكمُ اليمين، فلا يقعُ الطَّلاقُ في هذه الحالة وعليه كفارة يمين، ويرجعُ فيهِ إلى المحاكم الشرعيّة في الدولة للبتٌ في ذلكَ  فأنا أميل لهذا الرأي .

أنواع الطلاق

لم يكن للطلاقِ قبل الإسلام عدد معين من المرّات، فالرّجلُ يُطلّق زوجتَهُ بلا عدد ثُمَّ يُرجعُها في أي وقت شاءُ، لكنَّ الإسلام أنصف المرأة وحدد الطلاق في عدد مرّات محددة، وكل هذا بشروط محكمة،

 أنواع الطلاق

أولًا: الطلاق الرجعي: قال تعالى: ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكُ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحُ بِإِحْسَانِ ) (البقرة 229).

فإذا طلقَ الرّجل زوجته مرة أو مرتين يكون الطلاق رجعيًّا في وقت العِدَّةِ، وفي هذه الحالة يحق للرّجل إرجاع زوجته، ما لم تنقضي عِدَّتُها، من غير عقد ولا مهر جدیدین، لأنَّ الزّوجيّة لا تزال قائمة.

ثانيا: الطلاق البائن “بينونة صغرى” وهو إذا انقضت عِدة المطلقة من الطلقة الأولى أو الثانية، فتصبح المطلقة فـي هـذه الحالة بائن بينُونةً صُغْرَى، وبذلك تكون علاقة الزوجية التي كانت بينهما قد انتهت، فإذا أرادَ المطلقُ أنْ يرجـع إليها، فيشترط رضاها، ووجب عقد ومهر جديدين.

ثالثًا: الطلاق “البائن بينونة كبرى”، وذلك إذا طلق الرّجلُ زوجتَهُ الطَّلقة الثالثة فإنّها تكون بائن بينونة كُبْرَى في الحال، بمجرد التلفظ بالطلقة الثالثة، فلا تحلُّ له وأصبحت محرمة عليه إلا بعد أن تتزوّج زوجًا غيرَهُ، أو يموت عنها حتـي  تنقضي عِدَّتَها، فلهُ أن يتزوجها إذا أرد بعدها بمهر وعقد جديدين، قال تعالى: [ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ] (البقرة).

 العدة وأنواعها

يترتب على العدة إنهاء الرابطة الزوجية، وهي واجبة على الزوجة،

معنى العدةُ: هي مدة مقدرة ومحددة شرعًا تمكثها المرأة بعد فراق زوجها سواء أكان بالطلاق أو بالخلع أو بموت الزوج تمتنعُ فيها عن الزواج، فمدتها مختلفة باختلافِ سبب الفراق، وحالة المرأة.

أنواع العدة

1- المطلقة التي تحيض تعتد ثلاث حيضات، قالَ تَعَالَى: “وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءِ” (البقرة)

2المطلقة التي لا تحيض  تكون عدتها 3 أشهر قال تعالى: “وَالَّـلاِئي يَئِسۡنَ مِنَ الۡمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمۡ إِنِ ارۡتَبۡتُمۡ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشۡهُرٖ وَالَّـلاِئي لَمۡ يَحِضۡنَۚ (الطلاق)

3المتوفي عنها زوجها  تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام  قال تعالى: [ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا]  (البقرة)

4المرأة الحامل تكون عدتها بوضع حملها قال تعالى: ( وَأُوْلَٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ ) (الطلاق)

5المطلقة التي لم ُدخل بها فلا عدة لها قال تعالى: [ يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْنَدُّونَهَا ] (الأحزاب)

حكمة من مشروعية العدة

بيان أهميّة الزواج، وإظهار خطر إنهائه.

1- مراعاة مشاعر وأحاسيس أهل الزوج في حال الوفاة .

2- إعطاء فرصة لكلا الزوجين، لإصلاح ما كسر.

3- احترام مشاعر وأحاسيس المرأة وإكرامها في فترة العدة من وفاة أو غيبة مجهولة.

4- إعطاء المرأة فرصة ( للرجوع أو الزواج من غيره) لأخذ القرار السليم دون ضغوط من أحد.

5- التأكد من عدم الحمل.

النوع الثاني مِنَ الفراق

 الخُلْعُ: إنَّ منْ تمام العدالة الإلهيّة أن يجعل للمرأة الحقُّ في فسخ عقدِ الزواج لمنع الضّررِ ودفعه عن نفسها، وذلك عن طريقِ الخُلع، كما سمح للزوج فسخ العقد إذا ظهر له أن هذه المرأة لا تصلح له.

الخُلْعُ في اللغة: النّزعُ، نزع الشيء وخلعه  يقال خلعْتُ الضرس إذا نزعته.

والخُلَعُ شرعًا هو: فِراقُ الزوج لزوجته (بناءً على طلبها) بعِوَض تدفعه الزوجةُ. أي ترد له المهر.

والخُلْعُ مشروع في الإسلام وثبت في القرآن، وفي السنّةِ النّبويّة.

وأمر الشرع الزوجة رد المهر للزوج إذا أرادت  الزوجة أن تخالِعَ زوجها لأن الزوج تحمل تكاليف الزواج، وسيقدم على الزواج بأخرى فسيحتاج إلى تكاليف.

الحالات التي تجوز فيها المخالعة أو تحرم

1- إن خافت الزوجة التقصير فحق زوجها وعدم القدرة على الوفاء بحقوق زوجها، وتخاف غضب الله تعالى  فيحل لها الخلع يقول تعالى: [ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكُ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحُ بِإِحْسَانِ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افَتدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأَوَلَئكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] (٢٢) (البقرة)، “حُدُودَ اللَّهِ” أَيْ القيام بحقوقِ الزّوجيّةِ وحسنُ العِشرة.

اقرأ أيضاً  منهج التفكير في الإسلام

2- في حالة نفور الزوجة من زوجها خصوصا أن هناك أمور نفسية تحدث بسبب العشرة فتنكشف أشياء لا يعرفها إلا الزوجة فيحل لها الخلع، فعن ابن عباس قال: ( جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللهِ، إِنِّي لَا أَعْتِبُ عَلَى ثَابِتِ فِي دِينِ وَلَا خُلُقٍ وَلَكِنِّي لَا أُطِيقُهُ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟” قَالَتْ نَعَمْ, فرَدَّتْ عليه, وأمَرَهُ ففارقها) (رواه البخاري).

3- تحرم مخالعة الزوجة لزوجها بقصد الضرر أو بحجة الملل أو لأي سبب غير ضروري أو لأن الزوج ليس مثل فلان، لقَولَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: [ أيما امرأة سألت زوجها الطلاق مِنْ غير بأس حرَّمَ اللهُ عليها أنْ تُريح رائحة الجنة] (أبو داود) تحرمُ المُخالعة إذا اتبعت الزوجة هواها وأرادَتِ الإضرار بالزوج.

4- يحرم على الزوج تعمد الحاق الضرر بالزوجة أو الطمع بما عندها لإجبارها على الخلع فالخلع حلال في هذه الحالة والمنع هو الحرام، فتطلب الزوجة الخلع إن علمت أن الزوج يمسكها ولا يطلقها بقصد الضرر أو الطمع في مالها قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضٍ مَاءَ ءاتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا”(النساء) وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَي لا تمنعوهنَّ وتمسكوهنَّ بقصد الإضرار بهنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ” أي ما قَبُحَ وعَظُمَ إثْمُه من الأفعال والأقوال.

الأثر المترتب على الخلع

إنَّ الفراقُ الحاصل بالخُلعِ يكون طلاقا بائنا بينونة صغرى، فلا تحل المرأة لزوجها إلا بمهر وعقد جديدين.

ويُعدُّ الخُلع طلاقًا بائنا بينونةً صغرى وليس طلاقا رجعيًّا لإعطاء المرأة حرية الاختيار بالرجوع لزوجها أو عدم الرجوع.

 حالاتُ الخُلعِ في العهدِ النّبوي ليست كثيرة بل كانتْ حالات فرديةً وقليلةً جداً معَ علم النّساءِ بتشريع الخُلع وإباحته في ذلك الوقت، لحرص الزوجة والزوج على رضا الله تعالى، ومراعاة  النساء حق الله تعالى في العلاقة الزوجية ولقوة إيمانهما معا.

النوع الثَّالث من الفراق

 التفريق بحكم القاضي

هو التفريقُ الذي يحكم به القاضي لوجود أسباب تمنع دوام الحياة الزوجيّة، ويرجعُ هذا في الغالب إلى تقدير القاضي وما قُدَّمَ له ومن صوره :

أولا: التفريق للعيب: هو التفريق بسبب العيب أو المرض الجسدي المنفّرِ الّذي لا تصعب معه  الحياة الزوجيّة، فإذا كان أحد الزوجينِ به عَيبًا، وأخفي عيبَهُ عنِ الطرف الآخر، فللطرف الآخر المطالبة بفسخ وإنهاء عقد الزواج عن طريق القضاء، ويكون في هذه الحالة بائن بينونة صغرى.

 ثانيا: التفريق لعدم الإنفاق والبخل: واجب على الزوج الإنفاق على زوجته، ويكون الإنفاق على حسب العرف وقدرَ الوُسع والطاقة، لقوله تعالى: [ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلِّفُ نَفْسُ إِلَّا وُسْعَهَا] (البقرة) وقوله تعالى: [ لِيُنفِقۡ ذُو سَعَةٖ مِّن سَعَتِهِۦۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيۡهِ رِزۡقُهُۥ فَلۡيُنفِقۡ مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُۚ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَاۚ سَيَجۡعَلُ اللَّهُ بَعۡدَ عُسۡرٖ يُسۡرٗا ](7) (الطلاق)، فإذا تغير الحال مع الزوج  بأن تعسَّر أو امتنع عن الإنفاق، ولم تصبر الزوجةُ، يحق لها فسخ العقد عن طريق القاضي ويكون طلاقا رجعياً، والأفضل أن تصبر من باب حسنِ العِشرة اقتداءً بأمهات المؤمنين فقد قالت السيدة عائشة: “إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال. ثلاثةُ أَهِلَّةِ شهرين، وما أُوقد في أبياتِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نــار”. (صحيح البخاري)

ثالثًا: التفريق بسبب غياب الزوج ولم يُعلم مكانه، أو عُلم مكانه ورفض الرّجوع، فإنَّ للمرأة الحق في أن تُطالب بفسخ العقد بالطَّلاقِ  بعد مرور سنة فأكثر على غيابه، وللقاضي أنْ يُطلقها بعد البحث والتحري ومطالبة الزّوج بالرّجوع.

رابعًا: التفريق بسبب الأذى والضرر: إذا اشتكت الزوجة من زوجها إضرارًا تستحيل معه دوام الحياة الزوجيّة، كأنْ يضربها ضربا مبرحًا، أو يُهينها باستمرار، فيحق لِلْقاضي أنْ يطلقها طلقةً واحدةً بائن بينونةً صغرى.

وإذا طلبت الزوجة الطَّلاق لأنَّ زوجها يُجبرها على شرب الخمر أو فعل المنكرات جاز لها لأنه يجبرها على معصية وتخاف على دينها. 

زر الذهاب إلى الأعلى