السيرة والأعلام

المنهج النبوي في تربية الجيل

المنهج النبوي في تربية الجيل

جيل الصحابة

لقد كان العرب قبل بعثة عليه السلام قبائل غير متحدة بل متفرقة بيهم حروب كثيرة، رغم وجود كل ما يساعدهم على التجمع كالثقافة واللغة، لكن الثأر والانتقام والتعصّب للقبيلة كانَتْ عقبات أمام توحدهم، وظلوا كذلك زمنا طويلًا حتى بعث اللهُ تعالى سيّدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم بالإسلام الحنيف. فاستطاع بهذا الدين العظيم، وبالمحبة والإخلاص والعفو أنْ يربّي جيلًا عظيمًا، وينشئ مجتمعًا فاضلًا، يقوم على الأخلاق الكريمة، فتلاشت العاداتُ الجاهلية البغيضة، وحل محلها السّلامُ والإيثار والتسامح والتكافل والتلاحم المجتمعي، قال تعالى: ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) . (آل عمران (110)

– لقد ربّى النبي صلى الله عليه وسلم صحابته على الأخلاق الفاضلة وهجر الشهوات والفواحش، فأصبح أحدهم يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ولا يباتُ شبعانًا وجاره جائعًا، وسَلِمَ النَّاسُ من يده ولسانه، وأَمِنَ الجميع على أنفسهم وأموالهم وهذا كان نتيجة المنهج النبوي في تربية الجيل بداية من صحابته رضوان الله عليهم.

هذا جيل الصحابة, وهذه أخلاقهم الحميدة، وصفاتُهمُ النّبيلةُ, وقد بشَرَهُم اللَّهُ تعَالى بقوله: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا أَبَد ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ). (التوبة 100)

 حياة العرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد بعثته

قبل البعثة النبوية بعد البعثة النبوية
التفرق – الثأر الوحدة – التسامح.
وأْدِ البنات التراحم السلام
اقرأ أيضاً  رسول الله والحياة الاجتماعية

ـ ارتقاء الصحابة إلى منزلة عظيمة في الدنيا والآخرة لم يكن من فراغ  فرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي رباهم, ربّاهم على الأخلاق الكريمة وترك المحرمات فهذا كان الارتقاء بسب المنهج النبوي في تربية الجيل.

أسس منهج الرسول في بناء المجتمع

1- المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.

2- العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع.

3- وضع دستور ينظم العلاقات

مفهوم التربية في الإسلام

يقصد بالتربية في اللغة: النماء والزيادة الذي يكون معهما اهتمام ورعاية.

ومعناها في الاصطلاح: اهتمام وتولّي شؤون الشَّخص ورعايته وإصلاح أموره تدريجياً شيئًا فشيئًا وَفْقَ منهج ربِّ العالمين.

– ولأهمية التّربية جعلها اللهُ تعالى وظيفة من وظائف النبوّة وطريقًا للفوز في الدنيا والآخرة، قالَ اللهُ تعالى عن مهمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمييِنَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَاياته وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ).

 إن التربية الحسنة تبني مجتمعًا فاضلا تعمه الأخلاقُ ويقومُ على التعاون والتسامح، فصلاح الفرد صلاح للمجتمع.

– إنَّ التربية تُكسب الإنسان القدرة على التمييز بين الشر والخيرِ فهِيَ خط الدفاعِ الأَوّلِ في وجهِ كلَّ الجرائم والمجرمين, فتجعل الإنسان قادرًا على البذلِ والعطاء، فيستطيع حماية نفسه أولاً, ومجتمعه ووطنه ثانياُ من الأخطار، فتقل الجرائم، ويسود الأمن والأمان، ويعم الخيرُ على الجميع، ويتحقق التقدم والازدهار.

أهميّة التربية

1. بناء مجتمع فاضل تسوده الأخلاق والأمن.

2. خط الدفاع الأول في مواجهة الجرائم والمصائب.

3. تساعد على التمييز بين الخير والشر.

4. تجعل الفرد قادراً على العطاء.

وتأثير الأصدقاء على بعضهم بعضًا, إما تأثيراً إيجابياً في السلوك والأخلاق وإما تأثيراً سلبياً في الشر والفساد.

اقرأ أيضاً  الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله

– كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على ترتيب الصفوف في الصلاة فيه دلالة على الوحدة والتكافل ويدل كذلك على النظام والترتيب.

نماذج تربوية من السيرة النبوية

إن المتأمل في هدي النبي صلى الله عليه وسلم  وسيرته يكتشفُ أنّ منهجيّته في التربيةِ لم تكن عشوائيةً، بل كانَتْ تشكل منظومة تربوية متكاملةً منسجمةً مع فطرة الإنسان وغاية وجودِه ، كيف لا وهو نبي الرحمة، والمعلّمُ والمربي الأوّلُ.

– يقول صلى الله عليه وسلم : ( إنّ اللهَ لم يبعثني معنتًا ولا مُتعنِّتًا، ولكن بعثني معلمًا ميسرا ).

 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ).

نماذج التربويّةِ منَ السّيرة النبوية وأساليبها:

 النموذج الأول:

عن أبي أمامة رضى الله عنه قال: إن شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولُ اللهِ ائذن لي بالزنا، فأقبل القومُ  فزجروه وقالوا: مَهُ مَهْ ! فقالَ: أدنُهُ، فدنا قريبًا، قال: فجلس، قال: أتحبُّه لأمِّكَ؟ قال: لا والله! جعلني اللهُ فداءَكَ. قال والله: ولا النَّاسُ يُحبُّونَهُ لأمَّهاتِهم … إلى آخر الحديث». (مجمع الزوائد)

تحليل الحديث:

الأهداف الأساليب التربوية
تعديل السلوك، وتوجيهه نحو الأحسن والأفضل في جميع الأزمنة والأمكنة.

القدرة على التمييز بين الحق والباطل

التربية بالموعظة والحوار والنقاش

الاستمرارية والمتابعة الحثيثة من قِبَلِ المربي.

النموذج الثاني:

رأى النبي صلى الله عليه وسلم امرأة وجدت صبيا لها، فأخذَتْه فألصقَتْهُ ببطنها وأرضعته فقال: ( أترونَ هذه المرأة طارحةً ولدها في النّارِ؟ قلنا: لا واللهِ وهِيَ تقدر على أن لا تطرحه. فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُ أرحمُ

بعباده من هذه بولدها). (صحیح مسلم)

تحليل الحديث:

الأهداف الأساليب التربوية
تهذيب النفوس وتعزيز مفهوم الرّحمة لدى المتعلّم.

التذكير بحق الأم وفضلها. تعزيز الفهم والاستيعاب

الاستفادة من الأحداث والوقائع.

ضرب الأمثال والمقارنات والربط بين المواقف

التعليمية.

اقرأ أيضاً  غزوة الأحزاب 5هـ

النموذج الثالث:

عن عائشة رضي الله عنها  قالَتْ ( ما كانَ رسول الله  يسردُ سَردَكم هذا، ولكنّه كان يتكلم بكلام يبيِّنُه فصل، يحفظه من جلس إليه) . (الترمذي)

تحليل الحديث:

الأهداف الأساليب التربوية
إيصال المفاهيم والمعاني التربوية إلى الجميع بيسر وسهولة.

حسن العلاقة بين المعلم والمتعلّم.

المرونة والتدرّج ومراعاة حال المتعلّم وتكرار

الكلام إذا اقتضى المقام. التبسيط وإزالة الحواجز.

النموذج الرابع:

جاءَ صفوان بن عسَّال رضي الله عنه للنبي عليه السلام فقال: يا رسول الله  إنّي جئْتُ أطلب العلم, فقال له عليه الصلاة والسلام: ( مرحبا بطالب العلم, إنَّ طالب العلم لتحفُهُ الملائكة وتظله بأجنحتها). (مجمع الزوائد)

تحليل الحديث:

الأهداف الأساليب التربوية
خلق الثقة في نفوس الشباب وتشجيعهم وتحفيزهم على طلب العلم، وتحمل المسؤولية.

الاستمرار في طلب العلم

تحفيز الطاقات، وتعزيز المواهب.

حسن الاستقبال والاحترام والتقدير

 

النموذج الخامس:

أذِنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لعائشةَ رَض لها أن تنظر إلى الحبشة وهم يعلبونَ بحرابِهمْ في المسجد النبوي، وظلّتْ تنظرُ إليهم حتَّى سَئِمَتْ هِيَ فانصرفت. (متفق عليه)

تحليل الحديث:

الأهداف والمفاهيم التربوية الأساليب والوسائل التربوية
التشجيع على ممارسة النشاطات الرياضية والترفيهية.

إسعاد الآخرين.

الانفتاح على الآخرين.

 إتاحة الفرص.

 

النموذج السّادس:

روى البخاري أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ( أنا وكافل اليتيم في الجنَّةِ هَكذا). وأشار بالسَّبَّابة والوسطى.

تحليل الحديث:

الأهداف والمفاهيم التربوية الأساليب والوسائل التربوية
تعزيز مفهوم التكافل الاجتماعي.

التشجيع على فعل الخير

استعمال الوسائل والإشارات التوضيحية.

أسلوب الترغيب والترهيب

 

زر الذهاب إلى الأعلى