الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

تبشير وتحذير ( حديث شريف)

تبشير وتحذير

عن أبي هريرة رضي الله عنه: قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: كُلُّ أُمَّتِي مُعَافى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ: يَا فَلَانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْه  ) متفق عليه.

معاني مفردات حديث كل أمتي معافى

– “معافى”:                            أعطاه الله السلامة والعافية من الأذى والضرر في الدنيا والآخرة.

– المجاهرين:                      الذين يخبرون عن معاصيهم، ويتباهون بها.

– “البارحة”:                            “أقرب ليلة مضَتْ” “أمس”.

– كذا وكذا:                         أي من الأعمال السيئة.

– “بات”:                                نام ليلته.

– يكشف ستر الله عنه:    فضحُ نفسه.

المعنى الإجمالي لحديث كل أمتي معافى

تبشير وتحذير

بشَّر النبي أمته في هذا الحديث، بأنّها أمَّةُ المعافاة، فقد عافاه الله من كل مكروه في الدنيا والآخرة؛ فإذا ما اقترف مسلم معصية وهو مُسِرِّ به ولم يخبر به أحد، وهو على وجل وحياءٍ مِنه سبحانه، فإنَّهُ يُطلب له العفو والصفحُ مِنَ اللَّهَ عَزَّوَجَل يومَ القيامة، أما مَنْ يتباهى بالمعصية، ويتكلم بها بينَ النَّاسِ، ويقلل ما اقترف منَ الذنوب، فيحذَرُه النبي مِنْ سخط الله عز وجل وعقوبته.

اقرأ أيضاً  من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم

الله هو الستير

عن ابن عمر رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ( إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ نَعَمْ: أي رَبِّ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ.

فاللهُ سبحانه ستّيرٌ يحبُّ السّترَ، فوجب على من عصى وستره الله ستر نفسه فلا يتكلم بمعصية ارتكبها في الخفاء، وسترها الله عليه.

– فالله رحيم ستير على عباده والستر أولى من الفضيحة ويدل على ذلك قوله تعالى للعبد المخطئ: “سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا”. 

أسباب ستر الله للعبد في الدنيا

1- رحمة الله به.

2- إمهالا من الله للعبد لعله يتوب.

الأسباب التي تدفع الإنسانَ لإخبارِ الآخرينَ عن معاصيه التي سترَها اللهُ عليه

1- جهله بما يفعل وعدم إدراك العواقب

2- اغتراره بحلم الله عليه.

3- حب الشهرة ولفت الأنظار

آثار المجاهرة بالمعاصي

المعاصي يتعدّى أثرها على الفرد حتى يُطال المجتمع بأسره، وخاصةً عندما يجاهرُ بها مَنْ فعلها، فهو يستخف بدينه ومجتمعه، ويخسر ثقة النّاسِ واحترامهم، وربّما يقلّده أحدُ النّاسِ، أو يعجبُه ذلكَ قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أوزارهم شَيْئًا» ( أخرجه مسلم)، فيكونُ عليه مثل وزره، كما أن المجاهرة تؤدّي إلى استسهال المعصية، فتنشر في المجتمع، ويتعود عليها النَّاسُ فيضعف تماسك المجتمع، وقد يعرّضُه ذلك لسخط اللهِ تَعَالَى، قالَ تَعَالَى: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَةٌ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ). (الأنفال)

فمن نشر المعاصي التي فعلها غضب الله عليه وساءت سمعته بين الناس، وهو بذلك ينشر الرزيلة في المجتمع وكأنَّه يُعَلِّم الناس كيفية فعل المعاصي.

اقرأ أيضاً  الأعمال بالنيات
 أسباب طلبَ اللهِ عَزَّوَجل إلينا أن نستر على أنفسنا

1-لأن نشر المعاصي فيه تقليل من شأنِ مَنْ يعصيه، وهو اللَّهُ عَزَّوَجل .

2- لأنه ينشر المعاصي بين الناس.

  3- لأنه يتحمل ذنوب من قلده وفعل مثله.

ـ ينبغي للمسلم إذا أصابَ ذنبًا أَنْ:

أ. يستر ذنبه، ولا يحدّثَ بِهِ الآخرينَ.

ب. يلجأ إلى التوبة والاستغفار والدعاء إلى الله تعالى.

ج. يكثر من العملِ الصّالح، كالصلاة والصدقة وحسن الخلق.

– والعلاقة بين الحديث الآتي وحديث المجاهرة بالمعصية عنوان الموضوع:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنْ لَكُلِّ  ِدينِ خُلُقًا، وخُلُقُ الإسلام الحياء». (أخرجه ابن ماجة)

فالحديث السابق يتحدث عن الحياء والموضوع يتحدث عن المجاهرة والعلاقة بينهما هي انعدام خلق الحياء.

آثار الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع

أولاً: على الفرد 

1- إنَّ العاصي يُحرم من نور العلم الشرعي؛  فالعلم نورٌ، ونور الله -تعالى- لا يُؤتى للأنفس العاصية، والواقعة في الذنوب والآثام.

2- المعاصي عاقبه الله بعدم الطمأنينة وانعدام الراحة النفسية، حتى ولو رآه الناس قد عظُم جاهه أو  كثُر ماله، فهو يعيش وحشةً وظلمةً في قلبه، ويرى أثر ذلك فيعيش حياة مشحونةٍ بالانفعالات والتّوترات مع الجميع.

3- سخط الله -تعالى- للواقع في الذنوب، في الدنيا قبل الآخرة، أو أنْ يتوب ويرجع إلى الله.

4- إن المعاصي تُورث الذّل والمهانة لفاعلها، وقد أبى الله -عزّ وجلّ- إلّا أنْ يهين ويذل من استهان بأوامره وفعل ما نهى عنه، فقال سبحانه: (وَمَن يُهِنِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ) وإنّ العزّة ملازمة لطاعة الله، والانقياد لشرعه، فقال الله تعالى : (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا).

اقرأ أيضاً  الطاعة والامثال طريق الإيمان 

5- تتابع الذنوب يُورث الطبع على قلب صاحبها، فيصبح من الغافلين بحيث لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً، وصدق الله إذ يقول: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ).

 ثانياً: على المجتمع 

1- الخسف والزلازل.

 2- محقّ البركة، وهذه الآفات والمصائب إنّما تظهر بما أحدثه الناس من الذنوب، وهذا مُشاهدٌ في حياة الناس، مصداقاً لقوله سبحانه: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)،

3- ويظهر هذا الفساد في حياته ( المياه، والمساكن، والثمار، والزروع).

زر الذهاب إلى الأعلى