الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

سبيل الهداية سورة الملك 1-14

سبيل الهداية سورة الملك 1-14

حكى القرآن عن رَجُلانِ أَحَدُهُما غَنِيٌّ أَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِحَدِيقَتَيْنِ كَبِيرَتَيْنِ جَمِيلَتَيْنِ، وَالْآخَرُ فَقِيرٌ مُؤْمِنُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَالغني كَانَ غافِلًا عَنْ شُكْرِ نِعَمِ اللهِ عَلَيْهِ، وَفي يوم من  الأَيَّامِ دَخَلَ الغَنِيُ إلى حَدِيقَةٍ مِنْ حَدائِقِهِ مُشيرًا إلى ما فيها مِنْ أَشْجَارٍ وَقُصورٍ قَائِلًا: مُلْكي وَقُصوري لَنْ تَزولَ يَوْمًا مِنْ عِنْدِي، فَسَأَبْقَى مِنْ أَغْنِى الْأَغْنِياءِ مَا حَييتُ.

 وَلما قام الفَقِيرُ بنصحه بِالتَّصَدُّقِ، وَحذره من يَوْمِ الحِسَابِ غَضِبَ مِنْهُ، لكن الله عاقَبَهُ  وحرمَه مِنَ الحَدِيقَتَيْنِ وجعلهما الله  خَرابِ.

– كان مَوْقِفَ صاحِبِ الحديقتين مِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ الجحود والنكران.

 

تَبَٰارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ (1) ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفُورُ (2) ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗاۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورٖ (3)  ثُمَّ ٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ كَرَّتَيۡنِ يَنقَلِبۡ إِلَيۡكَ ٱلۡبَصَرُ خَاسِئٗا وَهُوَ حَسِيرٞ (4) وَلَقَدۡ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلۡنَٰهَا رُجُومٗا لِّلشَّيَٰطِينِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ (5) 

معاني المُفْرَداتِ القُرْآنِيَّةِ:

تبارك:             تَعَالَى وَتَمَجَّدَ.

بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ:      لَهُ الأَمْرُ وَالنَّهْيُ في جميع الأمور.

خَلَقَ الْمَوْتَ:      قَدَّرَهُ.

ليبْلُوَكُمْ:          لِيَخْتَبِرَكُمْ.

أَحْسَنُ عَمَلًا:      إتقاناً .

طباقا:            السَّماواتُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ.

تفوت:          خَلَلٌ وَعَدَمُ تَناسُبٍ.

فُطُورٍ:            شُقوقُ وَصُدوع

كرتين:             مرتين .

خَاسِئاً:             خابَ ظَنُّهُ وَعادَ مَذْلُولًا.

حسير:             كَليلٌ، أَيْ: كَثِيرُ التَّعَبِ.

بمصابيح:        النُّجومُ المُضيئة.

رجوماً:            عقاباً .

 

التَّأْمُلُ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى:

أَفْهَمُ دلالة الآيات:

يَذْكُرُ اللَّهُ تَعَالَى لَنَا بَعْضَ أَدِلَّةِ قُدْرَتِهِ فِي الخَلْقِ؛ فَهُوَ الخَالِقُ القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَمِمَّا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ خَلَقَ الْمَوْتَ وَالحَياةَ، وَخَلَقَ سَبْعَ سَماواتِ طَبَقاتِ، بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَدِلَّةَ إِتقَانِهِ لِلْخَلْقِ الَّتِي يَعْجِزُ الإِنْسانُ عَنْ إِيجَادِ خَلَلِ فيها؛ لِأَنَّهَا مِنْ صُنْعِ الله الذي أتقن كل شيء، وَفي تلك الأَدِلَّةِ دَعْوَةُ إِلى التَّفَكْرِ وَالتَّأَملِ وَإِعْمالِ العَقْلِ وَتَقْوِيَةِ الإِيمَانِ.

اقرأ أيضاً  سورة الكهف

 

قال تعالى: ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ )

– سَبَبُ تَقْدِيمِ العَزِيزِ عَلَى الغَفورِ في الآيةِ أنَّ اللّه تعالى هو القوي الشديد الانتقام ممن عصاه‘ فهو الذي يغفر الذنوب لمن رجع إليه وأقلع عن المعاصي والذنوب.

 

قال تعالى:

وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ (6) إِذَآ أُلۡقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقٗا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۖ كُلَّمَآ أُلۡقِيَ فِيهَا فَوۡجٞ سَأَلَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَذِيرٞ (8) قَالُواْ بَلَىٰ قَدۡ جَآءَنَا نَذِيرٞ فَكَذَّبۡنَا وَقُلۡنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ كَبِيرٖ (9) وَقَالُواْ لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ مَا كُنَّا فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ (10) فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ (11) إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ (12) وَأَسِرُّواْ قَوۡلَكُمۡ أَوِ ٱجۡهَرُواْ بِهِۦٓۖ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ (13) أَلَا يَعۡلَمُ مَنۡ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ)

 

مَعَانِي الْمُفْرَداتِ القُرْآنِيَّةِ:

شَهِيقًا :          صَوْتًا قَوِيًّا.

تَكَادُ تَمَيَّرُ:       تَتَقَطَّعُ وَتَتَفَرَّقُ وَتَنشَقُ.

تفور:           تَغْلِي بِهِمْ غَلَيانَ القِدْرِ بِما فيها.

فوج :          جماعة.

فسحقا :      فَبُعْدًا مِنَ الرَّحْمَةِ وَالكَرَامَةِ

 

النقاط الأساسية التي تحدثت عنها الآيات:

1- إعمالُ العَقْلِ في الوُصولِ إِلَى الحَقِّ:

يحثنا الله تعالى ويُوَجِّهُنا إِلَى إعمالِ عُقولَنا، وَلا نَكونَ مِثْلَ الَّذِينَ قالوا ( لَوَكُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَبِ السَّعِيرِ) .

 فَاستخدام الْإِنْسَانِ لِعَقْلِهِ بالطرقة الصحيحة فِي أُمورِهِ الدنيوية والأخروية يَجْعَلُهُ أَكْثَرَ إِتقَانًا وَأَعْلَى نَجاحًا ويكون من الفائزين في الآخرة، وَقَدْ مَيَّزَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِنْسَانَ بِالْعَقْلِ عَنْ المَخْلُوقاتِ الأخرى؛ فَقبل أن يُقْدِمَ عَلَى عَمَلٍ وجب عليه أَنْ يُفَكِّرَ فِيهِ أولاً.

* ودِلالَةَ وُرودِ السَّمْعِ قَبْلَ العَقْلِ فِي الْآيَةِ الكَرِيمَةِ ﴿ وَقَالُوا لَوَكُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نعْقِلُ مَا كَنا فِي أَصْحَب السَّعِيرِ ” لأن من طبيعة الإنسان أنه يسمع، ثم يعقل.

اقرأ أيضاً  الخلاق العليم

 

-أَضْرارَ تَعْطِيلِ العقل وعدم إعماله:

1- الجهل بما ينفع.

2- الضلال والابتعاد عن طريق الحق.

3- الوصول إلى نتائج سيئة.

4- خسارة الآخرة.

من النقاط الأساسية التي تحدثت عنها الآيات:

2- جَزاءُ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَخَافُونَ اللَّهَ تَعَالَى فِي السِّرِّ:

المُؤْمِنونَ الَّذِينَ يعظمون اللَّهَ تَعالى ويخافونه، إذا كان لا يراهم أحد الناس وغائبينَ عَنْ أَعْيُنِهم، فَيَمنعون أَنْفُسَهُمْ عَنِ المعاصي، وَيَعملون الخَيْرَ، وَيَقومونَ بِطَاعَة الله سُبْحانَهُ؛ فلا يَراهُمْ إِلَّا اللَّهُ حيثما كانوا، مُراقِبينَ لَهُ فِي السِّرُّ وَالعَلَانية، فَهَؤُلَاءِ يَسْتَحِقُونَ الثَّوابَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ. فَاللَّهُ تَعَالَى عَلِيمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، سَواءٌ أَخْفَيْنَاهُ أَوْ أَعْلَنَاهُ؛ فَهُوَ يَعْلَمُ ما في قُلُوبِنا، وَهَذَا هُوَ الْإِحْسَانُ الَّذِي وَضَّحَهُ الرَّسول صلى الله عليه وسلم : ( أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَراهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ) ( البُخَارِيُّ).

 وَقَدْ وَرَدَ في الحَديثِ: ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلَّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وَذَكَرَ مِنْهُمْ: وَ رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَ رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفاها حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ) ( رَوَاهُ الشيخان).

فعلى المسلم استحضار مراقبة الله تعالى له في كل مكان وزمان .

 

 

نتائج خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وتقواه بِالْغَيْبِ عَلَى سُلُوكِ الْمُسْلِمِ:

1-الإخلاص في العمل.

2ـ الشعور بالمسؤولية.

3ـ كثرة الطاعات.

4- رضى الله تعالى.

5- يضع الله له القبول في الأرض.

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى