أحكام الإسلام

صيام التطوع

صيام التطوع

قال تعالى: ( يَأَيُّهَا الَّذِينَ امَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )  [سورة البقرة 183].

تَناوَلَتِ الآيةُ صيام الفريضَةِ، وهماك نوع آخر للصوم هو صيام التطوع .

مفهومُ صِيامِ التَّطَوُّعِ:

يُعَدُّ صِيامُ التَّطَوُّعِ مِنَ النَّوافِلِ الَّتِي يُؤْجَرُ المُسْلِمُ عَلَى أَدائِهَا وَلا يَأْتَمُ بِتركِها، ويُطلَقُ عَلَيْهِ: صِيامُ النَّافِلَةِ، ويكون بصيام أيامٍ يُسْتَحَبُّ صِيامُها، وَهُوَ مِنَ الأُمورِ الَّتي يَنالُ بها المُسْلِمُ مَحَبَّةَ اللهِ تَعَالَى، قَالَ صلى الله عليه وسلم  عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ( وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ) [رواه البخارِي

مقارنة بين صيام الفريضة وصيام التطوع:

صيام الفريضة هو ما أوجبه الله تعالى ويعاقب على تركه من حافظ عليه له الأجر العظيم ومحبة الله تعالى وحفظه، يأثم تاركه ويستحق العقاب.

صيام التطوع هو ما يؤجر فاعله ولا يأثم تاركه من حافظ عليه له الأجر العظيم ومحبة الله تعالى، من تركه يفوته الأجر ولا يأثم.

فَضْلُ صِيامِ التَّطَوْعِ:

1- يُعَدُّ صِيام التطوع مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ التي يتقرب به العبد لله تعالى لماله من فضل عظيم وثواب كبير.

2- يضاعف اللهُ تعالى أَجْرَ الصّائِمِ فَوْق سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، قَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلَى سَبْعِمائةِ ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصوم، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنا أَجْزِي بِهِ، يَدْعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي) [رواهُ مُسْلِمٌ.

اقرأ أيضاً  تلاحم المجتمع ( مفهومه ومجالاته)

3- يبعده الله تعالى عن عذاب النار:

فعَنْ أَبِي سَعِيدِ الخُدْرِي قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيِّ يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» (رواه الشيخان).

4- فيه منافع عديدة للمسلم:

عَنْ أَبي أمامة الباهلي قالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُرْنِي بِأَمْرِ يَنْفَعُنِي اللهُ بِهِ. قال : عليك بالصّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ) (رَوَاهُ النِّسَائي)

 فوائِد المُداوَمَة عَلى الصّيام:

1- الصحية: تساعد في المحافظة على اللياقة البدنية للجسم وتقليل الإصابة بالأمراض.

2– السلوكية:  يرفق بالناس ويرحمهم ويبعد عن السب والشتم ويحرص على نفع الاخرين.

3-الأخلاقية:  يتحلى بحسن الخلق كالكرم والإحسان والوفاء إلى الناس والصدق.

قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: قال لي رَسولُ اللهِ : يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، بَلَغَنِي أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ، فَلَا تَفْعَلُ؛ فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَظًّا وَلَعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّا وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، صُمْ وَأَفْطِرْ، صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بِي قوة. قَالَ: فَهُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ صُمَ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا فَكَانَ يَقُولُ: «يَا لَيْتَنِي أَخَذْتُ بِالرُّخْصَةِ» [رواه البخاري ومسلم].

فلا يجوز الصيام التطوع لمِنْ كان مَرَضِهِ شَّديدا، لأن ذلك قد يتسبب في زيادة المرض وتأخير الشفاء للمرضى .

ولا يجوز للمسلم أن يُواصِلُ الصِّيامَ تَطَوُّعًا لله تعالى، فيصومُ اليَوْمَيْنِ وَالثَّلاثَة دونَ أَنْ يُفْطِرَ، لأن بذلك قد ينهك الجسم ويدمره  فلا يستطيع أداء بقية مهامه.

 وأَفْضَلَ أَيَّامِ التَّطَوُّعِ الَّتِي حَتَّ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على صيامها في الحَديثِ الشَّرِيفِ: صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصيام داود عليه السلام، لأنه أعدل وأحسن أنواع الصيام فهو يمكن الإنسان المداومة على طاعته لله مع عدم التأثير على أعماله الحياتية.

اقرأ أيضاً  فقه ترتيب الأعمال
أَنْواعُ صِيامِ التَّطَوُّعِ:

ينقسِمُ صِيامُ التَّطَوُّعِ إِلى قِسْمَيْنِ:

أَوْلَا :  تَطَوُّعُ مُطلق:

أَي غَيْرُ مُحَدَّدٍ بِوَقْتٍ، فَيُمْكِنُ لِلْمُسْلِمِ التَّطَوُّعُ بِصِيَامٍ أَي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ، إِلَّا مَا وَرَدَ النَّهْيُّ عَنْهُ، وَأَفْضَلُهَا صيام داود عل كان يصومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، قالَ لِعَبْدِ الله بن عمرو: (صمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ. قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ). (رَوَاهُ البُخَارِي).

ثانيا : تَطَوع مُقَيَّد:

أَي مُحَدِّدُ بِوَقْتِ مُعَيِّنٍ، وَمِنْهُ أُسْبُوعِيُّ، وَشَهْرِيُّ، وَسَنَوِيٌّ.

الأسبوعي: هُوَ استحبابُ صِيام يَوْمَي الاثْنَيْنِ وَالخَميس مِنْ كُلِّ أُسبوع؛ فَعَنْ عَائِشَةَ قالت: «كَانَ النَّبِيُّ يتحرى صوم الاثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ» [رواه النسائي

الشهري: هُوَ اسْتِحْبَابُ صِيام ثلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: (أَوْصَانِي خليلي بثلاث؛ بِصِيَام ثلاثة أيام مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكَعَتَي الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقَدَ) (رواه الشيخان) .

السنوي:

وَمِنْهُ اسْتِحْبَاب صِيام ما يأتي:

* الأيام التسع الأولى مِنْ ذي الحِجَّةِ؛ قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ أَيَّامِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّام؛ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ) [رواه البخاري، وَأَفْضَلُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ لِلغير الحاج، قال: “صيام يوم عرَفَةً أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ ) (رَواهُ مُسْلِم)

أيامٍ مِنْ شَهْرِ المُحَرَّمِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة قالَ: قَالَ رَسولُ اللهِ: ( أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ)(رواهُ مُسْلِم)، وآكدها صِيامُ يَوْمِ عاشوراء، وَهُوَ العَاشِرُ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ؛ فَعنْ أبي قتادة قالَ: ( سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يوم عَاشُورَاءَ فَقَالَ: (يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِية) ( رواه مسلم).

أيام مِنْ شَهْرٍ شَعْبَانَ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: “ما رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ [رواه البخارِيُّ وَمُسْلِمَ.

اقرأ أيضاً  الأيمان والنذور

– قالَ صلى الله عليه وسلم: ( صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ) [رواه الشيخان). صيام 3 أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِها: (10 في 3) 30 حَسَنَة، فكأنه صامَ الشَّهْرَ كَامِلا .

السَّنَةُ الهِجْرِيَّةُ 12 شَهْرًا ).  30 في 12 = 360  حَسَنَة؛ أَي كَأَنَّهُ صامَ الدَّهْرَ.

الأَيامَ المَنْهِيِّ عَنْ صِيَامِهَا:

1- يوم عيد الأضحى ويوم عيد الفطر:

فعن أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صيام يومين: يوم الأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ) [رواهُ مُسْلِمً.

2- أيام التشريق وهي:13 -12-11من ذي الحجة:

قالَ رَسُولُ اللهِ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلِ وَشُرب) (رواه مسلم.

3- يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شهر  شعبان:

عَنْ عَمَارٍ قَالَ: (مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكُ فَقَدْ عَصَى أبا القاسم ) [رواه الترمذي].

الحكمة من صيام بعض يومي الاثنين والخميس وبعض أيام شعبان:

الحِكْمَةُ مِن اسْتِحْبَابِ صِيامِ يَوْمَي الاثْنَيْنِ وَالخَميس: تعرض فيهما أعمال الإنسان:

قال صلى الله عليه وسلم: (تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وأنا صائم ” [رواه التَّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَديثُ حَسَنٌ.

الحِكْمَةُ مِنِ اسْتِحْبَابِ الصّيامِ في شَهْرِ شَعْبان: ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين:

فعَنْ أَسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ وَأَنَا أَرَك تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: ذلِكَ شَهْرُ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَينَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرُ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وأنَا صَائِمٌ [رواه أبو داوُدَ وَالنِّسَائيُّ، وَحَسَنَهُ الأَلْبانِيُّ

زر الذهاب إلى الأعلى