الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

ضوابط اجتماعية سورة الأحزاب

ضوابط اجتماعية سورة الأحزاب 57-62

اهتم الإسلام بالعلاقات الاجتماعيه بين أفراد المجتمع، ووضع لهـا الأحكام والآداب التي تضمن سلامتها، وتحفظها قوية متماسكة، وقـد تعرض القرآن الكريم لأدق التفاصيل فيها، حتى تلك التي تبدو بسيطة؛ نظرا الحساسية هذه العلاقات وسرعة تأثرها بالأقوال والأفعال والأحداث التي تجري داخل المجتمع، ولتجنيب المجتمع مخاطر الانزلاق إلى هاوية التحزبات والفرقة، ومن ثَمَّ الكراهية والعداوة.

أخطار الغيبة على العلاقات بين الناس

1- الفرقة في المجتمع.

2-العداوة بين الناس.

3- الكراهية والبغضاء.

يقول تعالى: (  إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابٗا مُّهِينٗا  وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا  يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا يُؤۡذَيۡنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا  ۞لَّئِن لَّمۡ يَنتَهِ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡمُرۡجِفُونَ فِي ٱلۡمَدِينَةِ لَنُغۡرِيَنَّكَ بِهِمۡ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلَّا قَلِيلٗا  مَّلۡعُونِينَۖ أَيۡنَمَا ثُقِفُوٓاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقۡتِيلٗا  سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗا 

معاني المفردات الواردة في الآيات 57:62 من سورة الأحزاب

بهتانا:                     كذبا وباطلا.

يدنين:                   يُسدلْنَ ويرخين.

جَلابِيبِهِنَّ:              الجلباب الثوب الواسع.

أدنى:                    أقرب.

والْمُرْجِفُونَ:          الذين ينشرون الخوف في المجتمع. لنفرِ ينَّكَ بِهِمْ لنسلطنك عليهم.

لا يجاوِرُونَك فيها:   لا يساكنونك (لا يسكنون معك )  في المدينة.

ملعونين:           اللعنة: هي الطرد من رحمة الله.

ثُقِفُوا:                 وجدوا وأدركوا.

اقرأ أيضاً  التوبة فرصة العمر

بعد أن ذكر الله ما لرسوله من التكريم، وبين قدره ومكانته عند ربه عز وجل، حذر أولئك الذين يؤذونَ الله رسوله ، وتوعدهم بالطرد من رحمته وبالعذاب المهين، ولكن كيف يؤذي الإنسانُ ربـه سبحانه وتعالى؟ إن إيذاء الله تعالى يكون بالكفر به أو جعل شريك له عز وجل، أو بنسبة الصاحبة والولد إليه، أو كما قال صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن رب العزة جل وعلا: قال الله عز وجل: ( يؤذيني ابنُ آدَمَ؛ يَسُبُّ الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر, أقلب الليل والنهار) (البخاري)، أما إيذاء الرّسول عليه السلام فيكون بتكذيبه أو النيل من عرضه، أو الافتراء عليه ، فقد قالوا عنه كاهن وساحر وغيرُ ذلك من أشكال الأذى، ثم أتبعَ سبحانه وتعالى ذلك بتحريم إيذاء المؤمنين، مثل الخوض في أعراضهم والاعتداء على حقوقهم، وبيَّن الله تعالى في الآيات أنَّ من فعل شيئًا من ذلك فقد احتمل باطلا و وبهتانا وكذبًا عظيمًا، والمقصود أنه احتمل إثم ذلك الافتراء، واستحق بذلك الفعل العذاب في الآخرة.

لا يتصور أحد أن الإيذاء محرم إن كان من غير المؤمن فقط بل هو أشد تحريما على المؤمن فلا يجوز له أن يؤذي غيره مؤمنا كان أو غير مؤمن لأن من سمات المؤمن أن يكون أنفع الناس للناس ليكون أحب الناس إلى الله تعالى وهذا لا يجتمع مع أذى الآخرين.

 الأضرار التي تصيب المؤمن بسبب تشويه سمعته

1- إشاعة الفتنة في المجتمع.

2- نشر الفوضى بين الناس.

3- فقدان الثقة.

دلالات الآيات 57:62 من سورة الأحزاب

أولاُ: قيمة الاحتشام.                                                ثانياً: الرجوع إلى الحق فضيلة.  

الشرح والتفصيل:

أولاً:

قيمة الاحتشام

أمر من الله تعالى لنبيه محمد عليه السلام أن يوجه النداء لجميع أمته، بأن تتمسك بآداب الإسلام وأحكامه، لما فيها من صلاح الفرد وسعادة المجتمع، وتمنع عنهم الأذى، وبخاصة المرأة، لأن الإساءة إلى المرأة إساءة للجميع : إساءة إلى الأب والزوج والأخ والابن والقريب وغيرهم فأمرها بما يليق بها، ويجنبها سوء ظن الآخرين؛ أمرها بالستر والعفة، وأن ترتدي من الثياب الواسعة (الجلباب) ما يغطي جسمها كله، ما عدا الوج والكفين، وهذا يقطع الطريق على أصحاب النفوس المريضة، والنوايا الخبيثة، فتتّقي مكرهم وخداعهم، كما تساعدها حشمتها على طاعة ربها في أي مكان وزمان، وهذا مع بقاء حكم الأصل ثابتا ولازما، أنه لا يجوز الافتراء أو التعرض أو إساءة الظن بها أو بغيرها.

اقرأ أيضاً  سورة الواقعة 75- 96

وقد بدأ الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بمن هنَّ أعزِّ الناس وأحبهم إليه أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين وبناته الفُضليات الكريمات رضي الله عنهن ثمَّ سائر نساء المؤمنين فكلفهن بأن يسدلْنَ عليهن ثيابهنَّ التي لا تشف ولا تصف ما تحتها وتستر محاسنهن وزينتهن فلا تطالهن ألسنة السوء وإن حصل فهنَّ معروفات بالحشمة والعفة والأخلاق فلا يقبل ولا يصدّقُ أحدٌ ما يفتري عليهنَّ ( (وكان الله غفورا رحيماً) يغفر لمن أخطأ وتاب رحيماً بعباده يشرّعُ لهم ما فيه خيرهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة.

في الآية الكريمة التالية شرطًا من شروط القدوة الحسنة:

قالَ تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِأَزْوَجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ). فالشرط هو البدء بالنفس.

– من خلال قوله تعالى: ( يدنين عليهن من جلابيبهن) تظهر شروط اللباس للمرأة المسلمة:

شروط الحجاب

1- تغطية سائر الجسد.

2- ألا يشبه لباس الكافرات.

3- أن لا يكون شفافاً.

4- أن يكون فضفاضا.

5- أن لا يكون ملفتا للأنظار.

6- أن لا يكون متعطراً.

 فالحجاب لا يقيد حرية المرأة بل يزيد من وقار المرأة  واحترام الناس لها.

ثانياُ:

الرجوع إلى الحق فضيلة

يحذر المولى عزوجل المرتابين والمنافقين والمشككين الذين ينشرون الخوف والرعب بين الناس، ويهددون استقرار المجتمع وأمنه بنشر الشائعات المغرضة أو الأباطيل وتضخيم الأمور، لخلخلة وزعزعة المجتمع، ونشر الفتنة والفوضى، إن لم يرجعوا عن ضلالهم وأفعالهم، فلا مكان لهم في المجتمع، فهذه فرصتهم للرجوع إلى الرشد والصواب، والتخلي عن ضلالهم وغيهم وأخطائهم في حق المجتمع قبل فوات الأوان، فهـو سبحانه وتعالى قادر على أن يسلّط رسوله عليهم، فيخرجهم من المدينة في وقت قصير، تعبيرا عن شدة خطرهـم  وضررهم علـى المجتمع، فإن لم تردعهم وتمنعهم هذه العقوبة، واستمروا في ضلالهم وخيانتهم وغدرهم، فللحاكم أن ينزل بهم ما يستحقون من العقاب حتى القتل، فهذه سنة الله التي لا تبدل، ولا تغير فيهم، وفي أمثالهم على مر الأزمان، والعاقل من اتعظ بغيره فعاد إلى رشده، وأنقذ نفسه وغيره.

اقرأ أيضاً  الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم

يستفيد هؤلاء المرجفون من سلبية بعض أفراد المجتمع الذين لا يبادرون لكشفهم أمام المجتمع ومؤسساته والإسلام لا يقبل مثل هذه السلبية بل على المؤمن أن يكون إيجابيا ومبادرا في الخير وأن يهتم بأمور مجتمعه ووطنه وأمته فلا أقل من إفساد خطط هؤلاء المفسدين وكشف زيفهم والتعاون مع ولي الأمر لدفع خطرهم وحماية البلاد منهم.

قال صلى الله عليه وسلم: ( لا يستقيم إيمانُ عبدِ حتى يستقيم قلبه، ولا يَسْتَقِيمُ قلبه حتى يَسْتَقِيمَ لسانُهُ, ولا يدخل الجنة رجلٌ لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوائِقَهُ)  (الترغيب).  ففي هذا الحديث والآيات التي معنا علاقة وهي أنَّ بينهما ضوابط تضبط سلوك الإنسان مع نفسه و مع جيرانه و مع الناس.

خطة لمنع خطر مروجي الإشاعات

1- مراقبتهم.

2- نصحهم.

3- فإن لم يستجيبوا فلهم العقاب.

جانب التسلية لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: ( سُنَةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ) فهذه سنة الله عز وجل  في كل مكذب فلا  تحزن ولا تذهب نفسك عليهم حسرات.

– وصف الله  تعالى الإيذاء بالبهتان، لأن أذية المؤمنين والمؤمنات بالأقوال والأفعال القبيحة، والتكذيب كالبهتان الفاحش المختلق.

زر الذهاب إلى الأعلى