الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

غزوة-الأحزاب-سورة-الأحزاب-9:20

غزوة الاحزاب 

بعد أن أمر الله على النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بتقـــواه، وحذرهم من طاعة المنافقين والكافرين، وبين لهم أنَّ الحق باتباع وحيه، والتوكل عليه، جاءت الآيات التالية لتصوّر لنا حالةً من حالات الابتلاء التي تعرّض لها المؤمنون، فكانَـت مــن أشد المواقف التي مر بها المسلمون، وأشارَتْ إليها الآيــاتُ الكريمة، إنّهـا غــزوة الأحزاب، يوم الزلزال كما وصفها القرآنُ الكريم، وفي الشّدائد تظهرُ الحقائق، ويتمايزُ النَّاسُ، فيُعرفُ القوي من الضعيف، والمؤمنُ منَ المتشكك، ومهما يكن من أمر، فإن الله تعالى لا يتخلّى عن عباده الصابرين المخلصين والموقنين بوعـــد ربــهـم عز وجل .

روى حذيفة بن اليمان “رضي الله عنه”: [ لقد رأيتنا ليلة غزوة الأحزاب, ونحن صافون قعودا, رسول الله رجلاً رجلاً, حتى أتى علي, فقال: ائتني بخبر القوم, فجئت فإذا الريح في عسكرهم, ما تتعدى عسكرهم شبرا, يقول “فوالله إنّي لأسمعُ صوت الحجارة في رحالهم وفرشهم من شدة الريح].

أسباب غزوة الأحزاب

 1- تأليب بني النضير القبائل على النبي صلى الله عليه وسلم لتأديبه لهم.

2- لنقضهم العهد وإجلائهم عن المدينة.

3- رغبة القبائل بالتخلص من النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته ورغبة قريش باستعادة زعامتها.

القبائل المشاركة في غزوة الأحزاب

1- غطفان.

2- بنو أســد.

3- قريش.

4- بنو النضير.

5- بنو عامر.

العوامل التي ساعدت في تجمع الأحزاب ضد المسلمين

1- الهدف الأقوى هو القضاء على الرسول والإسلام.

2- الإحساس بالخطر من الدعوة.

3– الخوف على المصالح.

يقول تعالى: يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ جَآءَتۡكُمۡ جُنُودٞ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا وَجُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرًا  إِذۡ جَآءُوكُم مِّن فَوۡقِكُمۡ وَمِنۡ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠  هُنَالِكَ ٱبۡتُلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُواْ زِلۡزَالٗا شَدِيدٗا  وَإِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورٗا  وَإِذۡ قَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ يَٰٓأَهۡلَ يَثۡرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمۡ فَٱرۡجِعُواْۚ وَيَسۡتَـٔۡذِنُ فَرِيقٞ مِّنۡهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوۡرَةٞ وَمَا هِيَ بِعَوۡرَةٍۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارٗا  وَلَوۡ دُخِلَتۡ عَلَيۡهِم مِّنۡ أَقۡطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلۡفِتۡنَةَ لَأٓتَوۡهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلَّا يَسِيرٗا  وَلَقَدۡ كَانُواْ عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ لَا يُوَلُّونَ ٱلۡأَدۡبَٰرَۚ وَكَانَ عَهۡدُ ٱللَّهِ مَسۡـُٔولٗا  قُل لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلۡفِرَارُ إِن فَرَرۡتُم مِّنَ ٱلۡمَوۡتِ أَوِ ٱلۡقَتۡلِ وَإِذٗا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلٗا  قُلۡ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعۡصِمُكُم مِّنَ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ سُوٓءًا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ رَحۡمَةٗۚ وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا  ۞قَدۡ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلۡمُعَوِّقِينَ مِنكُمۡ وَٱلۡقَآئِلِينَ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ هَلُمَّ إِلَيۡنَاۖ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلۡبَأۡسَ إِلَّا قَلِيلًا  أَشِحَّةً عَلَيۡكُمۡۖ فَإِذَا جَآءَ ٱلۡخَوۡفُ رَأَيۡتَهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ تَدُورُ أَعۡيُنُهُمۡ كَٱلَّذِي يُغۡشَىٰ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلۡخَوۡفُ سَلَقُوكُم بِأَلۡسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلۡخَيۡرِۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَمۡ يُؤۡمِنُواْ فَأَحۡبَطَ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا  يَحۡسَبُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ لَمۡ يَذۡهَبُواْۖ وَإِن يَأۡتِ ٱلۡأَحۡزَابُ يَوَدُّواْ لَوۡ أَنَّهُم بَادُونَ فِي ٱلۡأَعۡرَابِ يَسۡـَٔلُونَ عَنۡ أَنۢبَآئِكُمۡۖ وَلَوۡ كَانُواْ فِيكُم مَّا قَٰتَلُوٓاْ إِلَّا قَلِيلٗا 

اقرأ أيضاً  القرآن المكي والمدني

معاني المفردات الواردة في الآيات 9:20 من سورة الأحزاب

وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا :              هم الملائكة.

زَاغَتِ الْأَبْصَارُ:                      مالت.

“وَبلغت القلوب الحناجر”:      ارتفعت وعلت إلى الحناجر من شدة الخوف.

غرورا:                                 باطلا.

عورة:                                بعيدة وقاصية عن المدينة ليس فيها من يدافع عنها.

أَقطارها:                          جوانبها ونواحيها.

سئلُوا الْفِتْنَةَ:                     طلب منهم الكفر.

أَشِحَّةً:                              يبخلون بالخير.

بادونَ فِي الْأَعْراب:            يعيشون خارج الحضر، يعيشون في البادية. 

دلالات الآيات 9:20 من  سورة الأحزاب

 أولاً: أيام لا تنسى.                         ثانياً: صفات المنافقين وتصرفاتهم في غزوة الأحزاب.

  ثالثاً: صور من أحداث غزوة الأحزاب.

الشرح والتفصيل

أولاً: أيام لا تنسى

افتتحت الآيات بالتذكير بنعمة تعالى، وهـي تفريج الكرب ونصــر المسلمين، وعــونه تعالى لهم في غزوة الأحزاب، حينما اجتمعت الأحزاب من كل مكان حتى ضاقت بهم الشعاب والأودية، فأقبلت غطفان وبنو أســد مــن أعلى الوادي من جهة الشّرقِ، فنزلت في جانب أحد، وجاءَتْ قريش من جهة الغرب من أسفل الوادي فنزلَتْ في مجمّع الأسيال، وأقبلت بنـــو النضير وبنو عامر فنزلوا في مواجهة الخندق، فاجتمع عشرة آلاف مقاتل حــول المدينة، يريدونَ استئصال شأفة الإسلام، ورغم معرفةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم والمسلمين بقدومهم إلّا أنّ الأمر كان عصيبًا عليهم، وقد وصفَتِ الآيات الكريمةُ ما أصابهم من الخوف والاضطراب الشديد، فزالَتِ القلوبُ من أماكنها حتى كادت تبلغ الحناجر، وأبصارهم من الدهشة والحيرة كانت لا ترى غير العدو المتربص بهم، وكثرت الظنون، فالمؤمنون يــرونَ أنّ اللهَ سينصرهم، ثقة بوعده عامل، والمنافقون كانوا يقولون هلك محمد وأصحابه، وراحوا يثبطون عزائم النّاسِ، فقالوا: كلُّ ما وعدنـا بـه محمد وهو يحطّمُ الصّخرة التي ظهرت في حفر الخندق  باطل، فضخَّموا الموقف، وبالغوا في الأحداث، لإضعاف المسلمين، فقالوا: “لا طائل ولا طاقة لنا من الدفاع عن المدينة، أمامَ جيش الأحزاب الذي يحاصر المدينة ولا دخل لنا بهذه الحرب، يا أهل يثرب ارجعوا إلى بيوتكم!”.

اقرأ أيضاً  الجليس الصالح والجليس السوء

فالشائعات تكثر في أوقات الشدائد والمحن وذلك لضعف النفوس واضطرابها فيسهل عليها تصديق كل ما تسمع.

 أخطار الشائعات

1- انعدام الثقة ونشر الكذب.

2- نشر الفتن وزعزعة الأمن.

مقترحات للقضاء على الشائعات

1- ردها إلى ولاة الأمر والرأي.

2- إيقافها وعدم نشرها.

3- التثبت والتأكد من الأخبار.

لقد حاصرت القبائل المدينة من جميع أطراف المدينة ومن كل اتجاهاتها ويدل على هذا قوله تعالى: ( إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ ) .

ثانياً:

صفات المنافقين 

بيِّنَتِ الآيات الكريمةُ بعض تصرّفات المنافقين في غزوة الأحزاب، وكشفتْ نواياهم، وقد ظهر ذلك في أفعالهم:

1- الاستئذانُ منَ النّبيِّ، لنشر الشّعور بالانهزام في صفوف المسلمين.

2- الاعتذار بأعذار كاذبة، ليبرّروا جبنهم وتخاذلهم.

3- ترويج الإشاعاتِ في المدينةِ، لبث اليأس والبلبلة في المجتمع.

4- الانسحاب من المعركة وعدم المواجهة والرجوع إلى بيوتهم، في وقت الحاجة إليهم.

ثم ذكرت الآيات الكريمة ما تخفيه نفوسهم، فلو دخلت الأحزاب المدينة، لأسرعوا إلى قتال المسلمين وارتدوا عن الإسلام، برغم أنهم عاهدوا الله في وقتِ السّلم على الثباتِ وعدمِ الفرار، لكنهم انصروا وفروا من المواجهة قبل أن تحدث، ولو كان إيمانهم صحيحا لفهموا أن الانصراف لن يمنع صاحبـه مــن المـوت، وكذلك الصمود والثّبات لا ينقص من العمر لحظة واحدة، فالأمر كله بيد الله تعالى، والأجلُ لا يتقدم ولا يتأخَرُ، قال تعالى: “فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأخِرُونَ سَاعَةٌ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ “. (النحل 61).

خطر المنافقين في غزوة الأحزاب

1- نشر الشعور بالانهزام في صفوف المسلمين.

2– ترويج الشائعات.

3- التشكيك والتثبيط.

4- الانتهازية والمصلحة الضيقة.

ثالثاً:

صور من أحداث غزوة الأحزاب

أولاً: صورة المثبطين المعوقين لتقدم المجتمع ومسيرته، وتخليهم عن واجبهم، وعدم القتـال مـع الرسول والمسلمين، ويشاركونَ شكلا فقط، لخداع المؤمنين أنهم معهم، فهؤلاء لا خير فيهم، فهم محبطون ويحبطون غيرهم عن العمل والبناء والإبداع والعطاء، فضررهـم أكبر من نفعهم.

اقرأ أيضاً   مع اللَّه ورسوله وولي الأمر

 ثانيا: صورة الخائفين الذين يشككون في النصر بسبب ضعف إيمانهم، وشدّة خوفهم كأنهم على وشك الموت، لمجرد الشعور بالخطر، حتى إنهم يتمنون لـو كـانــوا خارج المدينة بعيدين عن الخطر، يكتفون بالسؤال عما جرى، لا يهمهم إلا سلامتهم ولو على حساب أهلهم ووطنهم، وكذلك في حال السلم لا يهمهم إلا مصالحهم ومنافعهم، قالَ تَعَالَى: ﴿ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةِ عِدَادٍ أَشِحَةً عَلَى الخَيْرِ أُولَيْكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَلَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا )،فيؤذون النبي الله والمؤمنينَ بكلامهم من أجل الحصول على مكاسب مادية.

ثالثا: صورة المؤمنين، الذين استحقوا نصر الله تعالى: رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم والمؤمنون، بإخلاصهم وصدقهم وثباتهم، فلم يتركوا أماكنهم، ولم يخالفوا أمر قائدهم، كما أنهم لم يأسوا من رحمة الله، ولم تتزعزع ثقتهم بالله تعالى.

رابعا: صورة الأحزاب ومعسكرهم، أرسل الله عليهم بعض جنده، أرسل عليهم الرياح والبرد والفرقة، فتبعثرت أمتعتهم، وتطايرت خيامهم، فانهزموا، وردهم الله تعالى وفشل كيدهم وكيد المنافقين.

 الصفات المضادة لصفات المنافقين

1- التشجيع على الثبات.

2- رفع المعنويات.

3- مراعاة مصالح الناس والوطن.

4- تفضيل الآخرة على الدنيا.

نتائج غزوة الأحزاب

حقق المسلمون نتائج مهمة منها:

1- انتصار المسلمين دون قتال وانهزام المشركين، وتفرقهم ورجوعهم خائبين .

2- كشفت غزوة الأحزاب حقيقةَ صدق إيمان المسلمين وحقيقةَ المنافقين وحقيقةَ يهود بني قريظة.

3- استقرار الوضع في المدينة المنورة فلم يفكر أحد بعدها في الاعتداء على المدينة.

تغير الموقف لصالح المسلمين، فانقلبوا من موقف الدفاع إلى الهجوم حيث تم فيها محاسبةُ يهود بني قريظة على نقضهم للعهد.

دروس وعبر من غزوة الأحزاب

1- الخدمة الوطنية: فيجب المشاركة في حماية الوطن والثبات وعدم الفرار.

2- السلم المجتمعي: عدم نشر الشائعات.

3- الثقة بنصر الله.

زر الذهاب إلى الأعلى