السيرة والأعلام

غزوة بدر الكبرى

غزوة بدر الكبرى

الأَصْلُ فِي حَيَاةِ الشُّعوب الِاسْتِقْرارُ، والإِسْلامُ دينُ سَلَام لِلْبَشَرِيَّةِ كُلُّها، فَالسِّلْمُ هُوَ الْأَصْلُ فِي عَلاقَةِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِهِمْ، قَالَ تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ادْخُلُوا فِي السّلْمِ كَافَةً (208) ( البَقَرَةُ).

المَدِينَةُ المنورة آمِنَةٌ مُسْتَقِرَّة:

مُنْذُ أَنْ نَزَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم  بالمدينَةِ وَهُوَ يَعْمَلُ عَلى بِناءِ مُجْتَمَعِهِ الناشئ عَلَى أَسَاسِ الْمَحَبَّةِ وَالمَوَدَّةِ وَالمُسَاوَاةِ وَالعَدْلِ، وَيَدْفَعُ عَنْهُ عَوامِلَ الفُرْقَةِ وَالِانْشِقاقِ، فَعاشَ المُسْلِمُونَ مَعَ غَيْرِهِمْ فِي المَدِينَةِ حَيَاةً آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً مُسْتَقِرَّةٌ، يَغْشاها الهُدوء وَالسَّكينَةُ، ذَلِكَ لِأَنَّ الأَمْنَ يُعَدُّ أَفْضَلَ نِعْمَةٍ يَمْتَنُّ بِهَا اللَّهُ عَلَى الشُّعُوبِ، فَقَالَ تَعَالَى: “الَّذِي أَطْعَمَهُم مِن جُوعِ وَ امَنهُم مِّنْ خَوْفِ ) (سورة قريش ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم : مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعافى فِي جَسَدِهِ، آمِنًا في سِرْبِهِ، عِنْدَهُ قوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيا» (ابْنُ مَاجَه .

النَّتَائِجِ المَعْنَوِيَّةِ لِلِاسْتِقْرارِ:

1- الإِطْمِئنَانِ النَّفْسِي.

 2- وَحْدَةِ الْمُجْتَمَعِ.

النَّتائج المادّيَّةِ لِلِاسْتِقْرارِ:

1- نهضة البلاد.

2- القدم العلمي والمعرفي.

أسباب غزوة بدر:

عَنِ ابْنِ عَباسِ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- أَنَّهُ قالَ: لَمَّا سَمِعَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبِي سُفْيانَ مُقْبِلًا مِنَ الشَّامِ نَدَبَ المُسْلِمِينَ إِلَيْهِمْ، وَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هَذِهِ عِيرُ قُرَيْشِ فيها أَمْوالُهُمْ، فَاخْرُجُوا إِلَيْهَا، لَعَلَّ اللَّهَ يُنْفِلُكُموها” فَانْتَدَبَ النَّاسُ، فَخَفَّ بَعْضُهُمْ وَثَقُلَ بَعْضُهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَظُنُّوا وقوع المعركة، وَكَانَ أَبو سُفْيَانَ حِينَ اقترب مِنَ الحِجازِ يَتَحَسَّسُ ويستكشف الْأَخْبارَ، وَيَسْأَلُ مَنْ مر عليه من المارة، حفاظاً عَلَى أَمْرِ النَّاسِ، حَتَّى عَلِمَ خَبَرًا مِنْ بَعْضِ الرُّكْبَانِ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدِ اسْتَنْفَر ( استعد هو وأصحابه)َ أَصْحَابَهُ لَكَ وَلِعِيرِكَ، فَحَذِرَ عَنْدَ ذَلِكَ،  فَاسْتَأْجَرَ ضَمضَمَ بْنَ عَمْرو الغفاري، فَبَعَثهُ إلى مَكةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ قُرَيشاً فيَسْتَنفِرَهُم إلى أموالهم، ويُخْبَرَهُمْ أَنْ مُحَمَّدًا قَدْ عَرَضَ لَنَا فِي أَصْحَابِهِ، فَخَرَجَ ضَمضَمُ بن عمرو مُتجها إلى مكة ( سيرة ابن هشام).

اقرأ أيضاً  الفتح المبين

التعريف بالغزوة:

هِيَ أَوَّلُ غَزْوَةٍ وَقَعَتْ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَقُرَيشِ، لِلدفاع عَنْ حُدودِ المَدينةِ، وَلِإِضْعافِ قُرَيْشِ الَّتِي كَانَتْ تُهَدِّدُ أمنهم، ولرد مال المُسْلِمِينَ الَّذِي اغتصبته  قُرَيش، فَحَقَّقَ المُسْلِمُونَ فيها نَصْرًا ساحقًا.

تفاصيل غزوة بدر :

الفريقان قريش وأهل المدينة
المكان قرب بئر بدر بين مكة والمدينة  
الزمان 17 من رمضان سنة 2 للهجرة  
الهدف القضاء على المسلمين الدفاع عن المدينة من المشركين
العدد 1000 مقاتل 314 مقاتلا ً
العتاد قوي ضعيف
نتيجة الغزوة هزيمة قريش      انتصار المسلمين 

 

سبب تسمية غزوة بدر في القرآن بِيَوْمِ الفُرْقَانِ، قَالَ تَعَالَى: ( وَمَا أَنزَلْنَا عَلَ عَبدِنَا يَوْمَ الْفُرقان يومَ التَقَى الْجَمَعَانِ (41) الأنفال) لأن الله فرق بين الحق والباطل.

غَزْوَةُ بَدْرٍ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ:

يقول تعالى:

“وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَهُ “(123) ( آلِ عِمْرَانَ).

“إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفِ مِنَ الْمَلَكَةِ مُردِفينَ “(9) (الأنفال).

“وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَئاواكُمْ وَأَيَّدَكُم بنَصْرِهِ”(26) (الأنفال) .

أَسْبَابُ النَّصْرِ:

1- يُؤَيِّدُ اللهُ تَعَالَى عِبادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّصْرِ.

2- تأييد الله تعالى للمسلمين على الرغم من قلة عددهم وضعفهم . 

3-الدعاء والاستعانة بالله.

4- تأييد الله تعالى لأهل الحق. 

5- الثقة في القيادة:

قالَ سَعْدُ بْنُ مُعاذِ لِلرَّسول صلى الله عليه وسلم قَبْلَ المَعْرَكَةِ: “فَامْضِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَا أَرَدْتَ، فَنَحْنُ مَعَكَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ لَو اسْتَعْرَضْتَ بنا هَذَا البَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْناهُ مَعَكَ، ما تَخَلَّفَ مِنَا رَجُلٌ وَاحِدٌ ( ما تأخر أحد في تنفيذ أوامرك)، وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَلْقى بِنا عَدُوِّنَا غَدًا، إِنَّا لَصُبُرُ فِي الحَرْبِ، صُدُقَ اللّقاءِ لَعَلَّ اللَّهَ يُرِيكَ مِنا ما تَقَرُّ بِهِ عَيْنُكَ، فَسِرْ بِنا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ” (السيرة النبوية).

اقرأ أيضاً  غزوة أُحد ( السنة الثالثة للهجرة )

فِي هَذَا الْقَوْلِ تَدْرِيبُ عَمَلِيٌّ عَلَى ثِقَةِ الفَرْدِ بِقائِدِهِ؛ فَهِيَ مَبْعَثُ الْأَمَانِ وَسِرُّ النَّجَاحِ

مكانة الشهيد في الإسلام:

انتَهَتِ المَعْرَكَةُ بِانْتِصارِ المُسْلِمِينَ، وَاسْتُشْهِدَ في المَعْرَكَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَهِيدًا، وَدُفِنوا فِي أَرْضِ المَعْرَكَةِ، وَالشَّهِيدُ هُوَ مَنْ قَدَّمَ نَفْسَهُ فِداءً لِدِينِهِ وَوَطَنِهِ، وَدِفاعًا عَنْ أَرْضِهِ وَعِرْضِهِ، فَاسْتَحَقَّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى السَّعَادَةَ وَنَيْلَ الكَرامَةِ، قَالَ تَعالى: “وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ”(10) (الحديد)

وَقَدْ خَصَّصَتِ دولة الإمارات العربية المتحدة يَوْمًا لِلشُّهَدَاءِ الَّذِينَ اسْتُشْهِدُوا وَهُمْ يُؤَدُّونَ واجِبَهُمُ الوَطَنِيَّ في الدّاخِلِ وَالخارج؛ تَمْجِيدًا لِأَهْلِ المَجْدِ، وَوَفاءً وَعِرْفانًا بِتَضْحِياتِ شُهَدَاءِ الوَطَنِ وَأَبْنَائِهِ البَرَرَةِ.

– يوم ذكرى الشهيد في دَوْلَةِ الإِماراتِ العَرَبِيَّةِ المُتَّحِدَةِ هو يوم 11/30 من كل عام 

* مَظَاهِرَ تَكْرِيمِ القِيادَةِ الرَّشِيدَةِ بِدَوْلَةِ الإِماراتِ العَرَبِيَّةِ المُتَّحِدَةِ لِشُهَدَاءِ الوَطَن:

  تخليد ذكرى الشهداء من خلال:  إطلاق أسمائهم على بعض المنجزات  الحضارية  كالمساجد وإحياء ذكراهم في يوم الشهيد .

مَظَاهِرَ عِنايَةِ الدَّوْلَةِ بِأُسَرِ شُهَدَاءِ الوَطَن:

1- مساندتهم في العزاء .

2- تأسيس مؤسسة لرعاية أسر الشهداء.

أخْلاقِيَاتُ التَّعامُل مَعَ الآخر:

أسر المسلمون نحو سبعين من المشركين، افتدى بعضُهم بالمال، وَبَعْضُهُمُ الآخَرُ بتعليم المسلمين القراءة وَالكِتابَةَ، كَمَا صَدَرَ عَفو عَنْ أَسْرى آخَرِينَ فَقَراءَ لَيْسَ لَدَيْهِمْ مَا يُمَكنهُمْ مِنَ افتدَاءِ أَنفُسِهِمْ بِهِ، عَنِ ابْنِ عباس الله قال: ” كَانَ نَاسٌ مِنَ الأسرى يَوْمَ بَدْرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُم فداء فَجَعَلَ رَسولُ اللهِ فداءَهُمْ أَن يُعلموا  أولاد الأنصار الكتابة ، فاللهُ لَم يخلق الناس ليتعَادُوا أَوْ يَتَحاربوا، وَإِنَّمَا خَلَقَهُمْ لِتَعَارَفُوا وَيَتَآلفوا وَيُعِينَ بعضهم بعضاً “والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم “.

أسباب عَفْوَ المُسْلِمِينَ عَنِ الْأَسْرِى:

1- اكتساب ثقة الأسير.

2- توفير الأمن الداخلي والخارجي. 

3- فِدَاءَ الأَسْرِى بِتَعْلِيمِ المُسْلِمِينَ القِراءَةَ وَالْكِتَابَةَ.

اقرأ أيضاً  الشيخ زايد رحمه الله

 4- تعليم الناس ومحو الجهل والأمية.

نتائج غزوة بدر:

1- انتصار المسلمون رغم تفوق الجيش القرشي في الأسلحة والعدد.

2- قتل في الغزوة 14 مسلمًا.

 3- قتل فيها 70 من جيش قريش، كما تم أسر 70 قرشيًا.

4- إثبات قوة الإسلام وعزيمة المسلمين في الدفاع عن دينهم وأرضهم.

5- تحويل مواقف كثيرة من الأعداء إلى الهدنة والمعاهدات، حيث بدأت قبائل عربية أخرى تدرك أن الإسلام ليس تهديدًا لهم، بل هو دين السلام والتسامح.

6- كانت بمثابة بداية للدعوة الإسلامية في المدينة.

 7- جذب الكثير من الناس للاهتمام بالإسلام والانضمام إلى صفوف المسلمين، وبالتالي زاد عدد المسلمين وتعززت قوتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى