غزوة حنين في السنة الثامنة للهجرة
غزوة حنين في السنة الثامنة للهجرة
خاض المسلمون معارك ضد الغزاة دفاعا عن المدينةِ، فَانتصروا في مواقع وانهزموا في أخرى، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٌ وَيَوْمَ حُنَيْنَ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُدْبِرِينَ(25)(التوبة).
ولقد انتصر المسلمون في غزوة بدر الكبرى، وانتصر المشركون في غزوة أحد وللنصر أسباب وللهزيمة أسباب:
أسباب النصر
1- التخطيط المسبق.
2- التضحية.
3- طاعة القائد.
أسباب الهزيمة
1- عدم التخطيط المسبق.
2- عدم التضحية.
3- عدم الالتزام بأوامر القائد.
التعريف بغزوة حنين
أسباب العزوة: الدفاع عن مكة من بعض القبائل وصد كيدها.
المجاورة (هوازن وثقيف).
المكانُ: وادٍ يقالُ لَهُ حُنَيْن، يبعد عن مكة بـ (20 كم).
زمانُها ووقتها: في السنة الثامنة للهجرة بعد فتح مكة بنصف شهر.
مكان انطلاقها: مكة المكرمة بخلاف الغزوات الأخرى من المدينة.
ميزة الغزوة: أنها آخر الغزوات التي خاضها المسلمون مع النبي صلى الله عليه وسلم.
عدد المقاتلين المسلمين: 12000مقاتل.
وعدد الأعداء: 4000 مقاتل.
النتيجة: بوادر الهزيمةِ، ثُمَّ الثباتُ، ثُمَّ النصرُ مِنَ اللَّهِ.
مقارنة بين غزوتي بدر وحنين
قال تعالى: (وَلَقَدْ نَصَرَ كُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ(123) (آل عمران).
قال تعالى: “وَيَوْمَ حُنَيْنِ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثرْتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا”(25) (التوبة).
– غزوة بدر، الدفاع عن المدينة وانتقاما لأموالهم التي تركوها في مكة وكان عدد المسلمين 314 وكان السلاح والعتاد متوسط وكتب الله لهم النصر.
حنين هدفها الدفاع عن مكة المكرمة وكان عدد المسلمين 12000 وكان العتاد والعدة قوي، بوادر الهزيمة ثم النصر.
آفة العجب والغرور
يقول تعالى في سبب هزيمة المسلمين في بداية المعركة: “إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا ” ، إِنَّ شَيئًا مِنَ العُجْبِ تَسَرَّبَ إِلى قلوب المسلمين، لمَّا رأوا كثرة عددِهِمْ، فَقَالَ بعضُهُمْ: (لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ)، ظنَّا مِنْهُمْ أَنَّ النصر يكونُ بالعددِ.
أسباب تقدم الشعوب
1- الجدية في العمل.
2- الإخلاص والإتقان.
3- استثمار الإمكانيات .
العبر المستفادة من غزوة حنين
قال تعالى:” إن ينصركُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخذُ لَكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ، وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّل الْمُؤْمِنُونَ “(160)(آل عمران).
1- التوكل على الله تعالى والأخذ بالأسباب لا بكثرة العدد والعتاد:
قال تعالى: ( إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُنَبَتْ أَقْدَامَكُمْ (7) (محمد).
2- طاعة الله ورسوله وأولي الأمر علينا:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه مخاطبًا الجيش: « إِنَّكُمْ لَا تُنْصَرُونَ عَلَى عَدُوِّكُمْ بِقُوَّةِ الْعُدَّةِ وَالعَتَادِ، إِنَّمَا تُنْصَرُونَ عَلَيْهِ بِطَاعَتِكُمْ لِرَبِّكُمْ ».
3- اكتساب الخبرة وترك الغرور.
مفهوم آخر للمعارك
اتَّسَعَ مفهوم المعارك في عصرنا حسب واقع الفرد والمجتمعاتِ فَلَمْ تَعدِ المعارك قتالية فقط، بل اتخذت أشكالاً مختلفة، ومنها مواجهة التحدياتِ بالتعامل معها بحكمَةِ، ولقد تعلمنا من القائد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ طيب الله ثراه – بأنَّ الجهاد ليس الحرب والقتال فقط، بل الجهاد الحقيقي في العمل اليومي وتفاعل الإنسان معَ النَّاسِ، وفي سلوكه مع أهله وأبنائه.
معارك العصر وحلولها
1- الجهل حلها الحرص على طلب العلم والتميز فيه والمداومة القراءة النافعة.
2- الفقر وحل ذلك العمل الجاد وترك الكسل وطلب العلم وتعليم الناس
3- التعصب حلها التمسك بالهدي النبوي والانفتاح والتعايش والعفو والصفح وضبط النفس عند الغضب.
4- التطرف وحل ذلك بالاعتدال والوسطية ونبذ التشدد والتسامح والحوار الحضاري.
5- الحرب وحل ذلك بالتركيز على السلم ونبذ الكراهية والعدوان.
ـ ويجاهد المسلم الأفكار المغرية التي تسعى إلى النيل من الدين ووالطن بالوعي الديني وغرس حب الوطن.
ـ ويجاهد الملهيات والمغريات التي تضيع الوقت وتبعد الشباب عن العمل واكتساب العلم والقراءة بالتمسك بالقيم الأخلاقية، وتشجيع الشباب على الإقبال على طلب العلم والقراءة المفيدة وتنظيم الوقت واستغلاله بما ينفعني ويفيد وطني.
غزوة حنين بين الهزيمة والنصر
أسباب الهزيمة: العُجْبُ والغرور بكثرة السلاح والعدد السلاح.
أسباب النصر: الاتحاد والصبر والثبات وطاعة الله ورسوله وأولي الأمر.
قيم حضارية للجهاد من الهدي النبوي
1- السعي في طلب العلم:
قال رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ العِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ». (الترمذي)
2- السعي في طلب الرزق، ورعاية الوالدين، والعناية بالأطفال وتربيتهم:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: “مَرَّ بِهِمْ رَجُلٌ فَعَجِبُوا مِنْ خَلْقِهِ” فَقَالُوا: لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: “إِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ, وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِبْيَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ, وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ لِيَعُفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ الله عَزَّ وَجَلَّ”. (رواه البيهقي)
3- رعاية الفقراء والمساكين والأرامل والإنفاق عليهم:
قال صلى الله عليه وسلم: «السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ، كَالَّذِي يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ كَالَّذِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ». (الموطأ)