الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

قصة صاحب الجنتين

قصه صاحب الجنتين

سبب نزول الآية 28 من سورة الكهف

لقد طلب أُمَيَّةُ بنُ خلف يَطْلُبُ من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يَطْرُدَ الفقراء المؤمِنين من مجلسه، ليجلس إليـه سادة مكة وكبراؤها، فيسمعوا منه، ظَنَّـا مـن أُمَيَّةَ أَنَّهُ لا يَليقُ بهـم أن يجلسوا مع الفقراء والضعفاء في مجلس واحـــد.

فأمر الله – تعالى – نبيَّهُ أَنْ يُصَبِّرَ نَفْسَهُ مَعَ هَـؤُلاءِ المَساكِينِ الذينَ آمَنُوا بِاللهِ طَوْعًا ورغبةً، وهُمْ لا يَفْتُـرونَ عن ذكره ودُعَائِهِ صباحَ مَسَاءَ، رغمَ حُبِّ النبي صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسْلِمَ هؤلاء السادةُ، فَتُسْلِمَ قريش كلها، والناس جميعًا، فَأَنزل الله – تعالَى: ” وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَوْةِ وَالْعَشِي يُرِيدُونَ وَجْهَهُ”.

يقول تعالى: “وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَيۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطٗا (28) وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلظَّٰلِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمۡ سُرَادِقُهَاۚ وَإِن يَسۡتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٖ كَٱلۡمُهۡلِ يَشۡوِي ٱلۡوُجُوهَۚ بِئۡسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتۡ مُرۡتَفَقًا (29) إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا (30) أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ جَنَّٰتُ عَدۡنٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَٰرُ يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَيَلۡبَسُونَ ثِيَابًا خُضۡرٗا مِّن سُندُسٖ وَإِسۡتَبۡرَقٖ مُّتَّكِـِٔينَ فِيهَا عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِۚ نِعۡمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتۡ مُرۡتَفَقٗا (31) ۞وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلٗا رَّجُلَيۡنِ جَعَلۡنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيۡنِ مِنۡ أَعۡنَٰبٖ وَحَفَفۡنَٰهُمَا بِنَخۡلٖ وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُمَا زَرۡعٗا (32) كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَيۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَيۡـٔٗاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَٰلَهُمَا نَهَرٗا (33) وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٞ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكۡثَرُ مِنكَ مَالٗا وَأَعَزُّ نَفَرٗا (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِۦٓ أَبَدٗا (35) وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهَا مُنقَلَبٗا (36) قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا (37) لَّٰكِنَّا۠ هُوَ ٱللَّهُ رَبِّي وَلَآ أُشۡرِكُ بِرَبِّيٓ أَحَدٗا (38) وَلَوۡلَآ إِذۡ دَخَلۡتَ جَنَّتَكَ قُلۡتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالٗا وَوَلَدٗا (39) فَعَسَىٰ رَبِّيٓ أَن يُؤۡتِيَنِ خَيۡرٗا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرۡسِلَ عَلَيۡهَا حُسۡبَانٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصۡبِحَ صَعِيدٗا زَلَقًا (40) أَوۡ يُصۡبِحَ مَآؤُهَا غَوۡرٗا فَلَن تَسۡتَطِيعَ لَهُۥ طَلَبٗا (41) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِۦ فَأَصۡبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيۡهِ عَلَىٰ مَآ أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي لَمۡ أُشۡرِكۡ بِرَبِّيٓ أَحَدٗا (42) وَلَمۡ تَكُن لَّهُۥ فِئَةٞ يَنصُرُونَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا (43) هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا (44)

معاني المفردات الواردة في الآيات 28:44 سورة الكهف

بِالْعَدَوةِ وَالْعَشِي:                أول النهار وآخره

زِينَةَ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا:              زُخرفُ الدُّنيا  ومتاعها مِنَ المالِ والبنين والمتعة والجاه.

فرطا:                                نَدَما وضياعً

سُرَادِقُهَا:                            ما يدور حولها من أسوارها.

اقرأ أيضاً  الدنيا دار عمل

كَالْمُهْلِ:                            عكارة ووسخ الزيت

مُرْتَفَقًا:                              مكاناً ومَنْزِلًا

سُندُس:                           حرير ناعم رقيق

وَإِسْتَبْرَقٍ:                         حرير غليظ ؛ أَي: سميك

الأرائك:                            الفُرُشُ.

أكلها:                              زَرْعُها وثمرُها 

وَلَمْ تَظْلِم:                        اسْتُكْمِلت النضج فلم تنقص منه شيئًا.

 نفرا:                              ولدًا وعزوةً وخَدَما وحشمًا 

مُنقَلَبًا:                            مرجعًا

نُّطْفَةٍ:                            تلقيح البويضة بالحيوان المنوي.

حُسْبَانًا:                         عذابًا.

صَعِيدًا زَلَقًا:                    ليس فيها بنات فهي أرض ملساء 

الْوَلَايةُ:                           النصر.

النقاط الأساسية التي تحدثت عنها الآيات28:44 من سورة الكهف

أولاً: الكريم من أكرمه الله.                ثانياً: جزاء المؤمنين            ثالثاً: قصةُ صاحب الجنتين في القرآن الكريم

الشرح والتفصيل:

أولاً: الكريم من أكرمه الله.

بين الله – تعالى – للنبي صلى الله عليه وسلم الحق، فأمرَهُ أَلا يُبْعِدَ هؤلاء الضعفاء من مجلسه، بل يحرص علــى مجالستهم، فأكرمهم – عزّ وجل – بمجالسة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، ونهاه عن التطلع إلى غيرهم من أمثال أُمَيةَ

الذي اتَّبَعَ رَغائِبَهُ وشهواتِهِ، وغَرَّهُ طول الأمل، حتى غَفَلَ قلبُهُ عَنِ الطاعَةِ، فَكَانَتْ نهايتُهُ النـدم والخُسْرَانَ،

فلم يَسْتَمِع النبي إلى ما قاله.

لكن ليس مطلوبا أن يكون حال الناس جميعًا كهؤلاء الضعفاء، وكحال أصحاب الصُّفة الذينَ  فرّغوا أنفسهم وانقطعوا للعبادة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اليد العليـا خيـر مـن اليد السفلى). (البخاري).

لذلك جعلهم الله قلةً، فإن وُجِدُوا، فلا يقلل أحد من شأنهم  ولا يُظهِرُ أحد انزعاجًا وتضجرا منهم،

من غير أن ينخدع أحد بالذين يتظاهرون بالمسكنة والضعف، لكي يتعاطف الناسِ ويعطونهم من أموالهم.

وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ بَلّغهم يا رسولَ اللهِ أنَّ سبيل الحقِّ هُوَ ما أَنزَلَهُ رَبُّهم – سبحانَهُ –

فمَنْ أَرادَ أَن يَتَّبِعَ الحق فليُؤْمِنُ باللهِ، ومَنْ أراد أن يَكْفُرَ فَلَهُ ذلك؛ لأنَّ عمل كُلَّ إنسان راجع إليه،

فليختر لنفسـه مـا يُريدُ، لكنَّ مَنْ ظَلَمَ نفسَهُ بأنْ كَفَرَ بالحقِّ الذي نَزَلَ، فقد أَعَدَّ اللهُ تَعَالَى

لهم نارًا أحاطت بهم، فلا خلاص لهم ولا راحة ولا نهاية، وكُلَّما استغاثُوا مِنَ العذابِ

أُغيثوا بماء كثيف كالزَّيْتِ، يَشوي وجوهَهُم من شدة حره، فكيف إذا شربوه؟

بعضَ دِلالاتِ قوله تعالى: ( فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ):

 1 –  لا إكراه في الدين، فيها دلالة على حرية الاعتقاد، ولا يُجْبَرُ أَحدٌ على الإيمانِ وليس معنى

اقرأ أيضاً  من بشائر المصلين

هذا أنه لن يعاقب إذا اختار الكفر فكل إنسان مسؤول عن اختياره.

 2 – أنها تحذير وليس تخييرًا.

3 – كلُّ إنسان محاسب على عمله، أو مسؤولٌ عَنِ اختيارِهِ.

ثانياً: جزاء المؤمنين

إنَّ فعل الصالحات وابتعاد الإنسان عن ظَلَمَ نفسَهُ بعدم فعل المعاصي فيه فوزًا عظيما، فالله كريم لِمَنْ آمَنَ به وَعَمِلَ صالحًا، وأَتْقَنَ العمل الصالح وأخلص نيَّتَهُ لله تعالى، فالله لا يَنْقُصُ من أجره شيء لأنه ترك ما حَرَّمَ رَبُّهُ، بل لَهُ المزيد من ربِّهِ، فَلَهُمْ جنات عدن بأنهارها وحُلِيّها ونعيمها، فمَلابِسُهُم مِنَ الحرير، وحُلِيُّهم مِنَ الذهب، ومجالِسُهُم راحة، فلا كَدَرَ فيها ولا تَعَـبَ، فإنَّ لهم في الجنة ما لا عين رأتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ على قلب بَشَرٍ. ولما ذَمَّ سبحانه وتعالى عاقبة الكُفْرِ، فَقَدْ مَدَحَ عاقبة الإيمانِ، وَقَدْ قَدَّمَ سبحانَهُ ذِكْرَ جزاءِ مَنْ ظلم نفسَهُ؛ لأنهُ يُحِبُّ لعبادِهِ الإيمانَ، فحذَّرَهم خَطَرَ الهلاكِ أَوَّلاً، لأنَّ مُجَرَّدَ النجاة منه فوز، قال تعالى: (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ).

الحوار الذي دار بين صاحب الجنتين

ذكَّرَهُ أخوه الفقير بعظمة رَبِّهِ وخَلَقَهُ من تُراب ثُمَّ من بويضة مُلقحة، لا تُرى بالعين المجرَّدَةِ،

فَكَيْفَ يَنْسَى هذا ويستسلم للكبرِ والغُرورِ، بعد أن جَعَلَهُ اللهُ تعالى

رجلًا، ومتَّعَهُ بالعافية في بدنِهِ وعقله وإرادته، ولو سلبَهُ تعالى إحداها لما استطاع أن يفعل شيئًا،

وذكرَهُ بفضلِ الله عليه, فقد جعلهُ أكثرَ مالًا وولدا وعزوةً، كان لزاماً عليه ذكرُهُ وشُكرُهُ تعالى. .

وذكرَهُ بقدرةِ اللهِ: بأنْ يَرزُقَ الضعيف الفقير، ويفني جنةَ القوي بعذابٍ مِنَ السماء، فيجعلها أرضًا ملساءَ زَلِقَةً، أو يجعل ماءَها يَغُورُ  يذهب داخل الأرض (وهو ضِدُّ النبع)، فَلَنْ يَقدِرَ على رَدِّهِ.

وهَلَكَتِ الجنتانِ، ولم يُخْبِرِ الله – تعالى – بِمَ هَلَكَتا؛ لأنَّه  سبحانَهُ  قادر على إفنائها بأي سبب وبدون سبب،

قال تعالى: ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدثر: 131، وكأنَّكَ تنظُرُ إلى الرجل وقَدْ كساه العجز هُوَ وعزوتَهُ،

يَنْظُرُ إليها وقد تهاوَتْ عن عرائشها، فهلك الأصلُ والفَرْعُ، فيلطِمُ كَفَّا بكفّ حسرةً وندما:

﴿ وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا )، لقد ضاعَ كُلُّ شيءٍ وأصبحَ مثلَ أَخِيهِ، وتجلت الحقيقة:

أن النصرة لله وحده، وأنَّهُ سبحانَهُ خيرٌ ثوابًا ممَّنْ سواه، وخيرٌ عاقبة، وقد جَعَلَها للمؤمنين.

فإذا أردنا أن نرْبِطُ بين قصة صاحب الجنتين وبين قوله تعالَى: فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) نجد:

*أن كلاً من الرجلين( الغني والفقير) اختار الطريق لنفسه، فصاحب الجنتين الغني اختار  الجحود والشرك بالله، وصاحبه الفقير اختار الايمان.

*ونجد أن  كُل إنسان مسؤول عن اختياره، أبيدت الجنتان ويجازى الآخر بالجنة.

والعلاقة بينهما: أن القصةُ أظهرت نتيجة الإيمان ونتيجة الكفر، والآية ذكرت أن الإيمان فوز وربح والكفر خسران.

 ثالثاً:

قصه صاحب الجنتين

قال تعالى: “وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ ..(كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا …) فإنها تحكي مظهرين مختلفين من مظاهر الحياة، وما فيها من تفاوت بين الناس في الأرزاق، بين الفقير والغني لحكمة ربانيّة عظيمة, تتكلّم  القصة بواقعيّة عن وجهة نظر إنسان مؤمن فقير متوكّلٌ على الله،  موحد ومؤمنٌ بالله حقّ الإيمان, فهو يعلمُ يقيناً أنّ الحياةَ الدنيا ليس لها قيمة ولا تساوي شيئاً لو قُورنت بالآخرة، وما ادَّخره الله للمؤمنين في الجنة، والآخر صاحب الجنتين ( الحديقتين) الذي اغترّ بما أعطاه الله من مالٍ فظنّ أنَّ نعيم الدنيا نعيمٌ دائمٌ,  فكفر بأنْعُم الله، لقد رزقهُ اللهُ بستانين عظيمينِ بارك الله له فيهما، تلك الجنتينِ كانتا  مزروعتين بالأعناب وتحيطهما أشجار من النخيل.

اقرأ أيضاً  الإنسان والأمانة سورة الأحزاب

 ولكنَه بجهله وكفره فُتن بهذه النعم العظيمة، وفُتِن بالجنتين وما فيهما من شتّى أنواع الثمار والفواكه، حيث أمرَ اللهُ الجنتين بأن تثمرا, فاستجابت الجنتانُ لأمرِ الله، فأنتجتا ثماراً ناضجة ويانعةً, تسرُّ امن ينظر إليها، وكان واجبه شكر الله على هذه النَعم العظيمة، ولكنّه تجاوز وكفر بالنعمة، وأخذ يتكبّرُ على الرجل الفقير وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا ….” لم يتصدّق، بل كفر تكبّر ومنع، ولم يشكر الله على نعمه، ونسب الخيرَ والنعم لنفسهِ، بدل أن ينسبها لله المتَفَضِّل سبحانه وتعالى، واعتقد أن هذهِ النعم لن تَزول بل  كذب وادّعى أنّه إن رجع إلى الله فسيجد أفضل من هاتين الجنتين ,ليس إيماناً بالله بل كفرا وتكبّراً، فهو يعتقد نفسه صاحب المكانة العالية، وله الأفضليةُ على ذلكَ الرجل الفقير , ومن في مثل غناه ووضعه، (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا*وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً…..).

 ويأتي ردُّ الرجل المؤمن الفقير  المتمسك بالإيمان الصحيح ولم تخدعهُ الدنيا وزُخرُفها، فَيردُ على كُفر وتكبّر وتعنّت صاحب الجنتين، بحوارٍ وأسلوب هادئ له قيمته، يُذكّر صاحب الجنتين بأصلِ خلقته من ضعفٍ فيقول له: “قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ .

ويواصل حديثه بأنّه ثابتٌ على الإيمان بالمُنعِم المتفضّل سبحانه وتعالى، والأصلَ أن يرتبطَ قلبُ العبدِ بالله في الفقر والغنى وفي جميع الأحوال، وأن الإنسان إذا دخل مُلكاً لهُ يقول: ما شاء الله، وأن ينسب الملك والنعمة لله سبحانهُ فيقول: لا قوة إلا بالله لَكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا*وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَك ، ويواصل الرجلُ المؤمنُ كلامه بكل إيمان وثقة عظيمينِ ثابتينِ فيقول لصاحب الجنتين إن كنتَ ترى أنك أغنى مني مالاً وأكثر عدداً، فإن الله تعالى قادرٌ أن يعطيني أفضل من جنتك، وأخذ يحذّره من غضب الله تعالى فإن عاقبة الكفر والظلم  والاغترار بالنعمةِ عاقبةٌ سيئة، فالله تعالى قادرٌ على أن يدمر جنتيك ويهلكهما, بسبب كفرك واغترارك “فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِك وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا” ثم يأتي عقابُ الله تعالى لذلك الكافر المتكبر الذي اغترّ بالدنيا، واغترّ بماله، فساقه غروره وكفره إلى غضب الله، فوجب عليه العقاب من الله، فهو جبّار السموات والأرض، فأرسل الله تعالى على الحديقتين ذلك الرجل صاعقةً دمّرت فأهلكتهما، وأحرقت كل ما فيهما من ثمار، فندم على ما قدّم، وتبين له أنه استحقَ زوال هذه النعم العظيمة بسبب كفرهِ وغروره (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا).

العبر والعظات من القصة قصة صاحب الجنتين

طريقة التصرُّف بالمالِ الصحيحة يؤدي إلى النماء والزيادة وعدم الإنفاق يكون سببا في زوال النعم,

والجحود والكفر خسارة في الدنيا والآخرة, والإيمان بالله تعالى نجاح وفلاح في الدنيا والآخرة ،

الندم على فعل المعصي حيث لا ينفع الندم ولكن باب التوبة مفتوح أمام الجميع،

تقديم النصيحة بشروطها لمن تراه على خطأ،

قبول النصح من الآخرين وشكرهم، استثمار نعم الله عليك في طاعته سبحانه لأن ما عند الله هو خير وأبقى.

 

‫408 تعليقات

  1. An impressive share! I have just forwarded this onto a colleague who was conducting a little homework on this. And he actually ordered me dinner due to the fact that I discovered it for him… lol. So let me reword this…. Thank YOU for the meal!! But yeah, thanks for spending the time to talk about this subject here on your web page.

  2. Retail investors can pay higher fees for access to the Coinbase app’s simple and sleek interface. By migrating to Coinbase Pro, users can save money on fees, especially if they hold higher account balances, but might be intimidated by the elaborate interface if they’re not accustomed to trading platforms. While Coinbase Pro offers more than 250 cryptocurrencies and crypto tokens to choose from as well as more advanced features like stop and limit orders, the platform really doesn’t have all the tools more sophisticated investors might want access to, such as futures. Careers in India But the fees you actually pay usually represent a percentage of the total purchase amount — and could be as high as 1.5% at Coinbase, notes Justin Barlow, a research analyst at The Tie, an information services provider for digital assets. While fees for crypto trades are generally higher than in other markets, there are ways to reduce them.
    https://rpgplayground.com/members/getpaidinbitcoi/profile/
    The simple answer to this question is “because it was designed that way.”  Well, but why can’t this limit be extended? Among other things, BTC’s finite supply acts as a deflationary measure and is one of the reasons why Bitcoin’s price is as high as it is. As for why this exact figure was chosen, there are a few theories about it. One states that it’s because the total value of all physical money in the world when BTC was developed was equal to $21 trillion. As a result, if Bitcoin had been then to completely replace fiat, 1 BTC would have been worth $1M, and one satoshi — $0.01. Bitcoin was the first cryptocurrency ever made available on the market. Bitcoin’s worth was negligible when it was just launched. The first bitcoin transaction was performed in 2010 to purchase two big pizzas in return for 10,000 bitcoins. For the first time ever, a digital payment was made using bitcoin. The value of the dollar is said to rise by 10 percent every 12 years–1 million times. There is unanimity among bitcoin industry experts that the price of Bitcoin in less than 10 years will unquestionably surpass $1 million in value.

  3. Phishing: This scam involves thieves trolling the Internet with fake e-mails, Web sites, chat rooms and other devices while illegally using the names of trusted financial brands in an attempt to convince victims to divulge personal financial information such as credit card or social security numbers.

  4. Next time I read a blog, Hopefully it doesn’t disappoint me just as much as this one. After all, I know it was my choice to read through, nonetheless I truly believed you would have something helpful to talk about. All I hear is a bunch of whining about something you could fix if you were not too busy looking for attention.

  5. I have to obtain the likelihood of saying thanks to the individual for ones experienced pointers I have got regularly treasured going over the sites. We’re waiting for often the beginning pertaining to my own education background work and also the uncut practice could not continues to be finalize whilst not having traveling to your online site. N’ t simply may possibly from a profit to folks, Detailed enjoy it to aid of what Regarding seen from this point.

  6. It doesn’t matter what kind you select, an Acoustic Field pool pump enclosure has many advantages together with saving money on vitality bills by providing a extra environment friendly approach for pumping water from your pool in addition to keeping debris out so it’s at all times clean and secure.

  7. May I just say what a comfort to find somebody that really knows what they’re discussing on the internet. You certainly know how to bring an issue to light and make it important. More people should look at this and understand this side of the story. I was surprised that you aren’t more popular because you definitely possess the gift.

  8. Can I just say what a relief to find somebody that really understands what they are discussing on the internet. You certainly realize how to bring a problem to light and make it important. A lot more people ought to look at this and understand this side of your story. I can’t believe you aren’t more popular since you certainly have the gift.

  9. Can I simply just say what a comfort to uncover an individual who really knows what they are talking about on the web. You definitely know how to bring a problem to light and make it important. A lot more people really need to look at this and understand this side of your story. I was surprised that you aren’t more popular given that you most certainly possess the gift.

  10. I wanted to produce you this tiny remark so as to give numerous thanks when once again contemplating the spectacular suggestions you’ve discussed at this time. It was very strangely open-handed of you to supply unhampered specifically what a whole lot of folks could possibly have marketed for an electronic book in creating some money for themselves, most importantly because you may well have tried it in the event you decided. Those fundamentals furthermore served to present a great method to totally grasp some folks have the very same keenness considerably like my very own to see a whole lot a lot more on the subject of this condition. I think you will find many far more enjoyable opportunities ahead for individuals who looked over your site.

  11. Lots of people were enthusiastic players or enjoyed music and dancing. You may recall that you were most joyful on the performing track. Nonetheless, with increasing accountabilities you may have found almost no time to have pleasure in any of your interests. Are you affected by depression and want to get out of its abysmal depths without lifelong antidepresants? You could attempt and feel free to overcome depression the natural way.

  12. Sugar defender ingredients I’ve
    battled with blood sugar fluctuations for years, and
    it really influenced my energy degrees throughout the day.
    Given that starting Sugar Defender, I really feel a lot more balanced and alert, and I
    do not experience those afternoon slumps any longer!
    I like that it’s a natural option that functions without any extreme adverse effects.

    It’s genuinely been a game-changer for me

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى