أحكام الإسلام

مصادر التشريع الإسلامي

مصادر التشريع الإسلامي

التشريع الإسلامي

 ما شرعه الله تعالى من أنظمة للمسلمين في القرآن، وفي السنة النبوية، أو باجتهاد الفقهاء، فما ثبت فيه نص شرعي يقال لـه: شـريعة، وما تقرر بالاجتهاد من خلاص النص ( كتاب وسنة) يقال له: فقه.

تعريف مصادر التشريع الإسلامي

 هي المنابع والأصول التي يعتمد عليه المجتهد في استنباط الأحكام الشرعية.

أسباب نزول القرآن الكريم منجما

1- تسهيل حفظه وفهم معانيه.

2- تثبيتا لقلب النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين

3- بسبب التدرج في التشريع.

 4- وكان ينزل على حسب الأحداث والوقائع.

5- تقديم الحلول اللازمة للحوادث الطارئة (الإفك).

6- الإجابة عن أسئلة السائلين ( الإجابة عن أسئلة اليهود عن قصص سورة الكهف)

 مصادر التشريع الإسلامي

تنقسم مصادر التشريع الإسلامي إلى قسمين: 

الأول: مصادر التشريع الأساسية وهي: 1- القرآن الكريم. 2- السنة النبوية.

الثاني: المصادر الاجتهادية وهي: 1- الإجماع.    2- القياس.    3- العرف.        4- المصالح المرسلة.      5- سد الذرائع.

الشرح والتفصيل 

أولا المصادر الأساسية:

 أولاً: القرآن الكريم:

هو كلام الله تعالى، المعجز، المتعبد بتلاوته، نزل به جبريل عليه السلام على الرسول صلى الله عليه وسلم، ووصل إلينا بالتواتر.

( كله كلام الله تلقاه رسولنا بواسطة جبريل كما أن ترتيب الآيات و السور من الله, يتجلى به الإعجاز البياني و الغيبي و العلمي والتشريعي، فهو معجزة خالدة, نقله إلينا جمع عن جمع، سواء كتابة أم حفظاً، يؤمن تواطؤهم على الكذب، فالقرآن قطعي الثبوت .

القرآن الكريم: هو المصدر الأول والأساسي لشريعة الإسلام، وهو كلام الله تعالى، نزل به جبريل الأمين، لفظاً ومعنى، وإثبات صدق رسول الله؛ ليكون دستورا للناس يعملون به إلى يوم الدين، وقد حفظه الله من التغيير أو التحريف، يقول تعالى: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون” (سورة الحِجْر(9).

ثانياً

السنة النبوية

 السنة لغة: السيرة والطريقة المعتادة،

 وفي الاصطلاح الشرعي: هي كل ما صدر عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية وخلقية، وهذا يرشد إلى أن السنة أربعة  أنواع:

1ً ـ السنّة القولية: وهي الأحاديث التي صحت عن النبي  في مختلف الأوقات والمناسبات، كقوله فيما رواه الشيخان: {إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى} وقوله عليه السلام: ( لا ضرر ولا ضرار) رواه أحمد وابن ماجه.

 2ًـ السنّة الفعلية: هي ما فعله الرسول كأداء شعائر الحج، وأداء الصلاة.

 3ًـ السنّة التقريرية: هي ما شاهده النبي أو أُخبرَ به من أفعال حدثت فلم ينكره وأقره النبي صراحة، مثل إقراره أكل الضبّ على مائدته

اقرأ أيضاً  الزكاة في الإسلام

4- السنة الوصفية التي وصفت هيئة النبي صلى الله عليه وسلم ووصفت أخلاقه.

والسنّة الثابتة حجة، وهي المصدر الثاني للتشريع، ويجب اتباعه عليه السلام وورد ذلك في آيات كثيرة، منها: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ…} (النساء 59)  وقوله تعالى: { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (النساء 80) وقال تعالى: { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤).

أحوال السنة النبوية بالنسبة للقرآن الكريم

1- سنة مؤكدة لما جاء في القرآن الكريم قال تعالى: ” إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ

 قال عليه السلام: {المسلم أخو المسلم}.

2- سنة مفسرة و مبينة لما في القرآن الكريم، وهي ثلاث أنواع:

1- مفصلة لمجمل القرآن قال تعالى: “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ “ بينت السنة كيفية الصلاة و عدد ركعاتها.

2- مخصصة لعموم القرآن قال تعالى: ” الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ ” فقد فهم بعض الصحابة العموم، فقالوا أي منا لم يظلم نفسه؟ ببين النبي أن المقصود هو الشرك لقوله تعالى: ” وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّـهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴿١٣﴾

3- مقيدة لمطلق القرآن أمر الله بإخراج الوصية بقوله: ” مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ “ حددت السنة مقدار الوصية بقوله صلى الله عليه وسلم:

 (الثلث و الثلث كثير)

3- سنة مبينة لأحكام جديدة سكت عنها القرآن تحريم الجمع بين المرأة و عمتها، أو المرأة وخالتها في الزواج ، وتحريم لحوم الحمر الأهلية، وتحريم أكل كل ذي ناب من السباع، وصلاتي الكسوف والخسوف، ووجوب صدقة الفطر، وجواز المسح على الخفين، وتوريث الجدة السدس إذا لم يكن دونها أُم.

أنواع الأحكام في القرآن الكريم

1- أحكام اعتقادية: أحكام تتعلق بوجوب الإيمان بالله والملائكة والكتب السماوية والرسل عليهم السلام وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.

2- أحكام أخلاقية: تضم الأحكام التي تحث على مكارم الأخلاق والتخلي عن الرذائل.

3- أحكام عملية وتضم قسمين:

– أحكام العبادات: الصلاة والصيام و الحج والزكاة.

– أحكام المعاملات: كالأحوال الشخصية والقضاء والعقود المالية.

 لقد وصل القرآن إلينا متواترا فهو قطعي الثبوت، ولكن دلالته على الأحكام إما قطعية الدلالة صريحة ومباشرة, والنص القطعي الدلالة: هو اللفظ الوارد في القرآن الذي يتعين فهمه على النحو المذكور، ويستبعد أن يكون له معنا آخر، كالآيات التي تحدثت عن فرائض الصلاة  والحج والزكاة والصيام، والمواريث والحدود والكفارات. قال تعالى: ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)(البقرة 43).

اقرأ أيضاً  فرائض الصلاة وسننها ومكروهاتها

 وإما ظنية الدلالة تحتاج إلى الاجتهاد لفهم مرادها قال تعالى: ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) البقرة معنى (القرء) يحتمل معنيين: الحيض، الطهر, فالنص الظني الدلالة: هو اللفظ الوارد في القرآن الذي يحتمل أن يكون له معنيين فأكثر، مثل تحريم الميتة في سورة المائدة (الآية 3) فمن الممكن أن تكون الميتة في البر والبحر، ويحتمل تحريم  الميتة ما عدا ميتة البحر، فاللفظ هنا عام. أما لفظ {الدم} ذكر في نفس الآية ويحتمل معانى أخرى كالدماء السائلة والدماء الجامدة، ويحتمل أيضا تحريم الدماء المسفوحة فقط، فيكون هذا اللفظ  ظني الدلالة لأن له عدة معاني مشتركة.

أرشدتنا نصوص القرآن و السنة إلى مصادر أخرى للتشريع، مَبنية على الاجتهاد يمكن من خلالها استنباط المسائل المستجدة.

 مصادر التشريع الاجتهادية

تعريف الاجتهاد

 هو بذل الجهد و الطاقة، للتوصل إلى الحكم الشرعي.

ويهدف الاجتهاد إلى أمرين:

1- إيجاد أحكام  للأحداث والوقائع المستحدثة التي لم يرد فيها نص.

2- وفهم نصوص القرآن و السنة و استنباط الأحكام الشرعية منها.

المصادر الاجتهادية

أولاً: الإجماع.  ثانياً: القياس.  ثالثاً: المصالح المرسلة.  رابعاً: العرف.  خامساً: سد الذرائع.

الشرح والتفصيل

أولاً:

 الإجماع

هو اتفاق المجتهدين ( المعتد بهم ) من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته على حكم شرعي في عصر من العصور.

مثاله: إجماع الصحابة على خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.

حجية الإجماع

1- قال تعالى: ( وَمَن يُشاققِ الرَّسولَ مِن بَعْدِ مَا تَبيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا(النساء115)” فالآيةُ تُفِيدُ وجُوبُ اتباع سبيل المؤمنين، والأخذ بالإجماع.

2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة}.

أمثلة على الإجماع

– التبرع بالدم، فلم يخالف ذلك أحد من العلماء.

– تحريم تجسيد الأفلام و المسلسلات لشخصية النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الرسل والأنبياء لأن ذلك قد يكون مدعاة لانتقاصهم والحط من قدرهم.

ثانياً:

 القياس

هو إلحاق مسألة لم  يرد فيها نص للحكم فيها، بمسألة مشابهة ورد النص بحكمها لتشابه المسألتين في السبب أو العلة.

حجية القياس

1- قال تعالى: ( يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْديهِمْ وَأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار(2)

والاعتبار في اللغة يعني قياس الشيء بالشيء وإجراء حكمه عليه.

2- عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رجل يا رسول الله, “إن أبي مات و لم يحج, أفأحج عنه؟ قال صلى الله عليه وسلم: “أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه؟ قال نعم، قال: فدين الله أحق أن تقضيه”.

مثال القياس

قياس النبيذ (الفرع) بالخمر (الأصل) في التحريم (الحكم)، لاشتراكهما في الإسكار (العلة).

اقرأ أيضاً  الفراق بين الزوجين

2- قياس الجوع المفرط والعطش الشديد (الفرع) بالغضب (الأصل) في منع القاضي من القضاء في تلك الحالة (الحكم)، لاشتراكهما في انشغال فكر القاضي عن الوصول للحق (العلة).

ثالثاً:

 المصالح المرسلة

هي المصالح التي تجلب الخير، أو تدفع الشر، و لم يقم دليل على اعتباراها أو إلغائها.

مثاله: جَمعُ الصحابةِ رضي الله عنهم للقرآن الكريم في مصحف واحد زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمعه، ولم ينهَ عن ذلك، كما أن فيه مصلحة كبيرة لحفظه من الضياع.

حجية المصالح المرسلة

قال تعالى: { إِنَّ اللَّـهَ يَأْمرُ بِالْعدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنكرِ وَالْبَغْي ۚ يَعِظكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون (90){النحل}

الآية دلت على وجوب تحقيق العدل و العمل بمبدأ تحقيق مصالح الناس.

من الأمثلة المعاصرة على اعتبار المصالح المرسلة:

– التوثيق الرسمي للعقود ( الزواج – العقارات ).

– تنوع المحاكم حسب الاختصاص ( العقارية – الجزائية – الأحوال الشخصية ).

– بطاقات الصَّرَّاف الآلي، الشيكات، طرق الدفع الإلكتروني.

– قواعد تنظيم المرور ( اشتراط فحص النظر ).

– بطاقة الهوية الوطنية ( تساعد على حفظ الأمن ).

رابعاً:

العرف

  هو ما تعارفه واعتاد عليه الناس وألفوه سواء كان فعلا أم لفظ.

حجية العرف:

قال تعالى: { وَعَلَى الْمَوْلودِ لَه رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهنَّ بِالْمعْرُوفِ}.

المقصود في تقدير نفقة الرزق و الكسوة هو العرف، و قد يكون عاماً لأهل بلد أو خاصاً لأهل حرفة (مزارعين، تجار، صيادين).

* و قد راعى الفقهاء أعراف الناس في فتاواهم تخفيفاً عليهم ورفعاً للحرج والمشقة.

قاعدة: المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، ما لم يناقض نصاً أو إجماعاً.

من الأمثلة المعاصرة على العرف:

– حقوق الابتكار وبراءة الاختراع والتأليف والتصميم، لا يمكن الانتفاع بها إلا بإذن مالكها.

– حقوق الاسم التجاري والعلامة التجارية بحيث يمنع تقليدها.

خامساً:

سد الذرائع

لغة: الوسيلة.

اصطلاحاً: منع الطرق والوسائل التي قد تؤدي إلى محظورات كان ظاهرها الإباحة.

حجية سد الذرائع:

فنهى سبحانه عن سب آلهة المشركين لأنها ذريعة إلى سب الله تعالى.

 (لأنه يؤدي إلى حرام).

*أكثر من أخذ بمبدأ سد الذرائع هو المذهب المالكي.

أمثلة على سد الذرائع

– منع بيع الألعاب النارية لأنها تسبب المخاطر.

– منع بيع المنشطات والمهدئات إلا بوصفة طبية لأنها تدمر صحة الإنسان.

– منع تجاوز السرعة المحددة لحماية أرواح الناس.

– حجب بعض مواقع الإنترنت، لأنها تنشر الفتنة والفساد بين الناس.

   – منع بيع السلاح إلا بترخيص وتقديم أسباب مقتنعة وكذلك عدم بيعه لمجرم أو لقاتل .

– منع بيع العنب لمن سيصنع خمراً.

زر الذهاب إلى الأعلى