الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

معالم التخطيط في سيرة الرسول

معالم التخطيط فى سيره الرسول

محمد صلى الله عليه وسلم  صاحب رسالة ورؤية         

قال تعالى: [فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ](الحجر:94)

 قال تعالى: [ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ](المائدة: 67)

بمجرد أن تلقى النبي صلى الله عليه وسلم النداء من ربه بتبليغ الرسالة عرف أن أمانه مهمة جليلة عظيمة فلا مجال للعقود والتكاسل أو التقاعد ولا مجال للعشوائية لأنها تؤدي للتخبط فأخذ على عاتقه من البداية تبلغ الرسالة بوعي وتخطيط ورؤية واضحة دون تقصير.

الوعي والمسؤولية                        

المتتبع لسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم يدرك أنه منذ اللحظة الأولى قد فهم رسالته ,وعرف غايته, وأنه قد عزم أمره ,ولم يستسلم أو ييأس, فتحمل مسؤوليته, وانطلق بكل طاقته لا يألوا جهدا في تبليغ الرسالة, وكان في هذه الانطلاقة الدعوية ملتزما بمنهج القرآن ومتحديا كل الصعاب, وحريصًا على الأمانة, فأعد وحدد أهدافه, ورسم خططه حتى تحقق له بفضل الله تعالى نجاح منقطع النظير: وانتشر نورها في أرجاء المعمورة .

قال تعالى: [ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا][الأحزاب:46]

قال تعالى:[ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ].[يوسف:108]

الفرق بين الرسالة والرؤية

الرسالة هي مهمة أو غاية تتسم بالنوعية وهي محددة بهدف محدد مثل رسالتي لتعليم الناس.

اقرأ أيضاً  الدين النصيحة

الرؤية وسيلة تتسم بالكم ( خطة قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى ) وهي مقصد وهدف محدد  الأصل أن ينتهي بتنفيذ الخطة مثل رؤيتي أن أكون مديرا.

مجالات التخطيط

1- التخطيط السياسي بإدارة شؤن الدولة داخليا وخارجيا.

2- التخطيط العسكري.

3- التخطيط الاجتماعي, التخطيط في كل ما يخص المجتمع وبنائه والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.

4- التخطيط الاقتصادي عندما جعل النبي صلى الله عليه وسلم سوق بعد الهجرة.

5- التخطيط التربوي كان يسعى النبي صلى اله عليه وسلم لتعليم الصحابة .

منهجية التخطيط في الدعوة النبوية         

كان النبي عليه السلام يحسن التدبير في حياته وكان عنده بُعدُ نظر وإحكام الخطط في أموره

فلم يكن صلى الله عليه وسلم مرتجلا في خطواته، فقد كان عنده تصور واضح للحاضر والمستقبل , وكان شعاره في ذلك: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّه عَلَى بَصِيرَة) .

مفهوم التخطيط في الإسلام          

هو “التدبير والتفكير بشكل فردي أو جماعي, لتحقيق أهداف مستقبلية مباحة, وتحديد الأسباب المشروعة لتحقيق تلك الأهداف, مع وضوح الاحتمالات والتصورات لما يمكن أن يحدث, مع التوكل على الله تعالى.

أهمية التخطيط في حياة الفرد والمجتمع   

1- تحقيق الأهداف المنشودة.

2- استثمار الوقت والجهد والموارد بأفضل الطرائق.

3- سهولة المراجعة و التقييم, ومن ثم التصويب والمتابعة.

5- الحد من القلق والضغوط النفسية, مما يوفر جوا للإبداع والابتكار .

6- تجنب الفوضى والتشتت والارباك في العمل .

7- تجاوز المشكلات والعقبات المعترضة بسهولة ويسر.

معالم التخطيط في السيرة النبوية 

أولا: تحديد الأهداف والأولويات.                                      ثانيا: وضع التشريعات والسياسات العامة.

ثالثا: تنفيذ إجراءات و برامج عملية للتعليم والتوعية.        رابعا: استثمار الطاقات والموارد المتاحة.

اقرأ أيضاً  أقسام الحديث( الصحيح والحسن والضعيف والخبر الموضوع)

خامسا: متابعة النتائج وربطها بمشية الله تعالى.

           الشرح والتفصيل

أولا: تحديد الأهداف والاولويات

قال تعالى:[ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سوِيًّا عَلَى صِراطٍ مُسْتَقِيم].[الملك:22]

قال تعالى :(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214).(الشعراء)

أوصى النبي عليه السلام معاذ بن جبل عندما بعثه إلى اليمن: [ إنك تأتي قوما أهل كتاب, فليكن اول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل فان هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة, فإن هم أطاعوك لذلك, فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم, فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم, واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب]. (رواه البخاري)

ثانيا: وضع التشريعات والسياسات العامة

الغرض من اعتماد السياسات والتشريعات هو ضمان وفاء ولي الامر بالتزاماته تجاه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأفراد المجتمع .

المثال الأول:

اشتمل الدستور الذي وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم منذ وصوله المدينة على مجموعة تشريعات تهدف في الأساس الى تنظيم العلاقة بين أطياف مجتمع المدينة ,وعلى راسها المهاجرين و الأنصار . 

ومن بين هذه التشريعات ( وإنّه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم)(أبو داود)

المثال الثاني:

كان عليه السلام يوصي قادة الجيش ويوجههم قبل بدء القتال بقوله: [ انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا، ولا صغيرا، ولا امرأة، ولا تغلوا](أبو داود)

ثالثا: تنفيذ إجراءات و برامج عملية للتعليم والتوعية

لم يكتف النبي عليه السلام في الكثير من العبادات أو الأعمال،  بشرحها وتوضيحها باللسان فقط, بل قام عليه السلام بتطبيقها عمليا وأمرهم أن يطبقوها كما طبقها عليه السلام.

   فعلى سبيل المثال:

اقرأ أيضاً  لا ضرر ولا ضرار

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للمسلمين :(صلوا كما رأيتموني اصلي )(رواه البخاري) .

وكان يحدد لهم فترة الصيام.

وفي حجة الوداع , قام صلى الله عليه وسلم بعمل جميع المناسك امام المسلمين, بأسلوب عملي ومفصل

رابعا: استثمار الطاقات والموارد المتاحة

– كان الرسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتشف مواهب وينميها .

– فقد ثبت انه رسول الله صلى الله عليه وسلم اختبر زيد بن ثابت في حفظه, فوجوده حافظا متقنا, فطلب اليه ان يتعلم اللغات .

– ولما رأى الرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابة زيد بن ثابت سر بها ,لكنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حرص على تنمية طاقته.

– لما رأى رسول الله بعض أسرى بدر من قريش يجيدون القراءة والكتابة ولا يملكون مالا يفتدون به أنفسهم قَبِل منهم تعليم عشرة من غلمان المدينة الكتابة والقراءة.

خامسا: متابعة النتائج وربطها بمشية الله تعالى

بعد تفريغ الجهد في التخطيط  والأخذ بالأسباب يكون التوكل على الله تعالى .

نماذج من التخطيط في المنهج النبوي

على مدار الفترة الزمنية التي قضاها الرسول صلى الله عليه وسلم في مسيرته الدعوية شهدت صورا كثيرة من التخطيط ,ولم يكن ثمة خلاف بينه وبين التخطيط المعاصر.

النموذج الأول:

 الهجرة النبوية

أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن البيئة في مكة أصبحت لا تصلح لإتمام أمر دعوته, فقرر النبي صلى الله عليه وسلم الهجرة إلى يثرب, وبدأ يخطط لذلك تخطيطا دقيقا محكما, ويتجلى ذلك في اتخاذ عدة خطوات لتحقيق الهدف.

النموذج الثاني:

قيام الدولة

لقد خطط  الرسول لكل الأمور مسبقا ولم يتعجل, حتى تحققت الأهداف بطريقة تدريجية من غير عشوائية، فعندما وصل المدينة وجد المجتمع متفكك متنازع بينهم الحروب والصراعات فاهتم بتكوين مجتمع جديد يقوم على المحبة الأخوة.

زر الذهاب إلى الأعلى