الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

نعيم الحياة

نعيم الحياة

ذكر الله عز وجل في كتابه بعضَ نَعَماً كثيرة أنعم بها على النّاسِ، وقد أعطى الله تعالى الإنسان القدرة على التمتع بهذهِ النِّعَمِ  والانتفاع بها، وزوّده بما يُمكِّنَهُ منْ ذلك، ويتبين عظمة الرّازِقِ المنعم سُبحانه، ويدرك الإنسان حجم نعَمِ اللهِ تَعالى عليه، فهي أكبرُ مِنْ أنْ يحصرها, قال تعالى:”وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ” (النحل)

وقد جعل الله سبحانه وتعالى هذهِ النّعَمَ سبيل المؤمنين إلى نعيم الجنّة الدّائم . يسعون إليه بالشكر والطاعة والإحسان فيما أُنعِمَ عليهم في الحياةِ الدّنيا، وفتح باب التوبةِ لمنْ ابتعد منهُمْ عن الحق ليعود إلى ربه فإن أصر على تمرّدِهِ وعنادِهِ، تحوّلتْ النّعمةُ إلى نِقْمَةٍ على صاحبها فالحياة الدنيا زائلة، ولا يبقى إِلَّا اللهُ الملك المالك عز وجل، ذو العظمة والكبرياء، جامع النّاسِ ليوم لا ريب فيه، ليحاسبهم على أعمالهم بعدله ورحمته كما يشاءُ سُبحانه وتعالى، لكن العاقل منْ اشترى النّعيم الدائم الذي لا كَدَرَ فيه بما نهایته محتومةٌ  وكدره لا يفارقه.

قال تعالى :”كُلُّ مَنۡ عَلَيۡهَا فَانٖ (26) وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ (27) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (28) يَسۡـَٔلُهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ (29) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30) سَنَفۡرُغُ لَكُمۡ أَيُّهَ ٱلثَّقَلَانِ (31) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32) يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ (33) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرۡسَلُ عَلَيۡكُمَا شُوَاظٞ مِّن نَّارٖ وَنُحَاسٞ فَلَا تَنتَصِرَانِ (35) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36) فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُسۡـَٔلُ عَن ذَنۢبِهِۦٓ إِنسٞ وَلَا جَآنّٞ (39) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) ….(53)

اقرأ أيضاً  أدلة وحدانية الله تعالى سورة يس 69- 83

معاني المفردات الواردة في الآيات 26:53 من سورة الرحمن

سنفرغ لكم:    سنحاسبكم .

الثقلان:         الإنس والجن .

أقطار:            نواحي وأطراف .

بسلطان:         بقوة .

شواظ:            لهب .

ونحاس:          ودخان .

بسيماهم:         بعلاماتهم .

بالنواصي:       جمع ناصية وهي مقدمة الرأس .

حميم:             ماء مغلي .

ءان:             حاضر .

دلالات الآيات 26:53 من سورة الرحمن

من دلالات الآيات ( الله بيده الخير):

الله تعالى هو الغنيُّ الكريم، وكلُّ حاجاتِ المخلوقين بيده وكل يوم وكل لحظة يسأله الخلق حاجاتهم، وهو عز وجل  يدبر شأن الخلق كما يشاء، وقد سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: “كلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ” فمن شأنه تعالى أن يفرج الكروب ويغفر الذنوب ويضع أقوامًا ويرفع آخرين.

ولذلك قال النبي عليه السلام معلما أمته: “إذا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ الله” “وإذا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بالله” (مسند أحمد)، فهو المنعم  المعطي سبحانه، فتلك بعضُ نِعَمِ اللهِ تَعالى على عباده، فأيُّ نعمةٍ يُنكرها الخلقُ وكلّ هذه النعم تدلُّ على الله رب العالمينَ.

أما وقد أكرمَ اللهُ عَز وجل  الخلقَ بنِعَمِهِ، وبين لهم أوامره ونواهيه، فإنّهُ سوفَ يُحاسبهم يوم القيامةِ جميعًا إنسَهُمْ وجِنَّهُمْ، فمنْ أطاعَ أوامره واجتنب ،نواهيه فلَهُ الثَّواب العظيمُ والنعيم الدائم، وأما منْ عصى  وأعرض ولمْ يتُب ويرجع إلى الله في الدنيا، فله العقاب الذي يستحقه، واللهُ عز وجل لا يظلم أحدًا.

فإذا لم يُعاقب القانون المجرم على جريمته أدى ذلك لانتشار الجريمة وتعريض حياة الناس للخطر.

وإذا لم يُحاسب القانون الموظف المقصر المهمل في عمله أدى ذلك لضياع الأخلاق والاعتداء على المصالح العامة

من دلالات الآيات (العلم وأسرار الكون):

يخاطب الله الإنس  ويحثهم علة أن يتعلّموا ويبحثوا بكل طاقاتهم سواءً في الأرض أو في السّماءِ، فالعلم  مجالاته واسعة أمامَ النَّاسِ، وخاصّةً العلم الشّرعيَّ الّذي يَعرفُ بِهِ المُؤمِنُ ما أمرَ اللَّهُ بِهِ وما نهى عَنْهُ، وعلوم الحياةِ الّتي يُحقِّقُ بها الإنسانُ لنفسِهِ السّعادةَ والرّقيَّ والأمن والاستقرار وليكتشف ما يستطيع من أسرار الكون ومجاهله، فيدرك عظمة الخالقِ سُبحانه تعالى وفضلَهُ، ويدرك أنّهُ مهما بلغت قوة الإنسانِ وعلمُهُ فقدراتُهُ محدودة، وأنَّ الّذي أعطاه العقل والقوّةَ هوَ اللهُ القديرُ العليم. وحتى لا ينخدع أحدٌ بقوّتِهِ، أو يغتر بإنجازاتِهِ، تُبيِّنُ لنا الآياتُ الكريمةُ أنَّ اللهَ تعالَى إِذا أَرادَ أمرًا فليس بمقدور الخلق أن يمنعوا ذلك، ولا يستطيعونَ أنّ يتجاوزوا ما أرادهُ ،تَعالى  نَعَمْ لقد حقق الإنسانُ نجاحات كثيرةً وعظيمةً، لكنْ هَلْ استطاع منع وقوع الزلازل ؟ وهَلْ استطاعَ النَّاسُ منع إعصار من المرور بمنطقة ما؟ فالعاقل من استفاد من دنياه لآخرته، فأطاعَ ربّهُ سُبحانه وتعالى ليفوز بالجنّة، وينجو يوم القيامةِ، يومَ تُفتَّحُ السماء بأمر ربها فتكونُ مثل الوردة الحمراء، ويستجيبُ الخلقُ لأمرِ اللهِ، ويتوجّه النّاسُ للمحشرِ للحساب وتكون آثار أعمالهم باديةً على وجوههم، فالمجرمونَ الذين كفروا بربهم، وأكلوا حقوق النَّاسِ، واعتدوا على أرواحهم وأعراضهم، وظلموا أنفسهم وغيرهم، تعرفهمُ الملائكة منْ أشكالهم، فلا تسألهم عن ذنوبِهِمْ، وهذا كله تحذير لهُمْ في الدّنيا؛ ليعودوا إلى الحق والخير والعدل قبل فوات الأوان.

اقرأ أيضاً  المد الفرعي ( بسبب السكون )

قالَ تَعَالَى: “يَسْألُهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ” كل الخلائق، الإنسان والجن والحيوانات يسألون الرزق، والملائكة الاستغفار للمؤمنين والدعاء لهم.

من دلالات الآيات (الرحمة والعدل):

منْ نِعَمِهِ سبحانَهُ وَتَعَالى أَنَّهُ بَيْنَ ما يترتب على الإيمان والكفر؛ ليثبُتَ المؤمنَ على الإيمان وعمل الخير واحترام الآخرين والحفاظ على المصالح العامة .

وضحت الآيات الكريمةُ أنَّ الملائكة تسحب المجرمين من رؤوسهم، وأقدامهم إلى جنهم ويقال لهم :”هذه جهنم التي كذبتم بها في الدنيا”.

فيوم القيامة يعذبون في الجحيم تارةً، وَيُسقونَ منَ الحميمِ تارةً أخرى بلغ ( والحميم هو شراب بلغ أقصى درجات الحرارة).

والعدل يقتضي أن يُحاسَبَ المجرمُ على جريمته، وأنْ يُثابَ المُحسنُ على إحسانِهِ. فمن حفظ حقٌّ رَبِّهِ وحقَّ النّاسِ، وترك الشَّرَّ طاعةً لربّ العالمين، فقد أعدَّ اللهُ تعالى له بستانين من بساتين الجنّة وارفي الظلالِ وافري الجمال، في كلّ منهما عين تجري بالماءِ الزّلالِ وَأنواع الفواكه والثّمرِ، وكلُّ ما يتمتع به المؤمن وما يتمناه لا يملُّ ولا يتعب واللهُ تعالى يقول: ( وَلَسَوْفَ يُعْطِي رَبُّـك فترضى”.

قال تعالى: ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ  ) .

المقصود بـ (مَقَامَ رَبِّهِ ):قيامه بين يدي ربِّه للحساب، ويسأله ربه عن كل ما فعل.

سبل الفوز بنعيم الحياة

1- شكر الله تعالى على نعمه.

2- العدل والرحمة.

3- السعي والاجتهاد والتوكل على الله.

4- الاستعانة بالله تعالى في الأمور كلها.

زر الذهاب إلى الأعلى