الإيمان بالقضاء والقدر
الإيمان بالقضاء والقدر
وسبب امتناع سيدنا عمر بن الخطاب عن دخول أرض الشام، لأنه يؤمن بأن تجنب الوقوع في المخاطر والسلبيات جزء من القدر.
مفهوم القضاء والقدر
القضاء لغةً هوَ الحكمُ:“وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ”[الإسراء: 23]، أَيْ أَمَرَ وَحَكَمَ، وَالقاضي هوَ الحاكم، والقَدَرُ هو التقدير والحكمة في التدبير:” إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ”[القمر: 49]، والقضاء والقدرُ هُوَ عَلمُ اللَّهِ بِالأَشياء قبل حدوثها وتقديره لها بحكمة وإتقان. قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عَجِبْتُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ لِلْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، إِنَّ كُلَّ مَا قَضَى اللَّهَ لَهُ خَيْرُ وَلَيْسَ كُلُّ قَضَاءِ اللَّهِ خَيْرًا إِلَّا لِلْعَبْدِ الْمُسْلِمِ» (رواه الطبراني)، فالإيمانُ بالقَدَرِ يجعل المسلم لا يحزن على أمر قد مضى ويحفره للعمل والسعي، ويجدد الأمل والطموح، ويقضي على كثير من الأمراض النفسية والاجتماعية، ويزيلُ الأحقاد بين الناس، ويزرعُ بينَهُمُ الاطمئنان والأمانَ، فالله عادل بينَ خَلقِهِ، حكيمٌ فيما يفعلُ بينَهُمْ.
فوائد الإيمان بالقضاء والقدر
1- تقوية عامل القناعة.
2- القضاء على الأمراض النفسية.
3- تطهير القلب من الأحقاد.
4- الراحة والطمأنينة.
مكانة الإيمان بالقضاء والقدر في الإسلام
إن الايمان بالقضاء والقدر في الإسلام له أهمية كبرى، فهوَ أساس التوحيد، ينفي عن حياتنا الفوضى والاضطراب، ويزرعُ فينا حبّ الله تعالى والقدرة على فهم سننه الكونية واستنباط قوانينها، قالَ ابنُ عباس رضي الله عنهما: «إِنَّ الْقَدَرَ نِظَامُ التَّوْحِيدِ، فَمَنْ وَحدَ اللَّهَ وَآمَنَ بِالْقَدَرِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ كَانَ نَاقِضًا لِلتَّوْحِيدِ» (أخرجه الطبراني). ويعد الإيمان بالقضاء والقدر ركنا من أركان الإيمان السنة التي وردت في قوله عندما سأله جبريل عليه السلام عن الإيمان: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدْرِ خَيْرِهِ وَشَره» (رواه مسلم). وقد ورد ذكرُ القدر في القرآن في قوله تعالى: إِنَّا كُل شَيءٍ خَلَقْناه يقدر ) ( القمر (1)، وقوله تعالى: (وَكَانَ أَمْرُ الله قدراً مقدورًا ﴾ [الأحزاب: 38). والإيمان بالله تعالى لا يكتمل إلا بالإيمان بأقدارِهِ عزَّ وجلَّ حُلُوها ومرها، قالَ : يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» (رواه الترمذي)
مفهوم التوكل
التوكل هو تفويض الأمور إلى الله تعالى والثقة به، مع الأخذ بالأسباب المساعدة على تحقيق المراد، وهذا المعنى يدلُّ عليه حديثُ أنس صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ، أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟ قَالَ: «اعْقِلُهَا وَتَوَكَّلْ» (رواه الترمذي).
ضرورة الإيجابية والفاعلية في الحياة
الإنسان كائن يتمتع بإرادة حرة، فهو مسؤول عن أفعاله وتصرفاته، في الدنيا والآخرة، قال سبحانه: ( وأن لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيه سَوفَ يُرَى)، فهو حر في نطاق إمكاناته فيفعل ويصح ذاته إلى أخطأ، ويبذل الجهد ويستفرغ الوسع ويترك الكسل والثواني في عمليه ويميز بين الخبير والشَّر، فيفعل الخير ويدعُ الشَّرِّ، وينفعُ النَّاسَ ويتقدم بهم، وتلك هي معاني القوة التي عبر عنها النَّبِيُّ بقوله: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلَّ خَيْرُ احْرِضْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَ إِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ، وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنْ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» (رواه مسلم).