الشيخ زايد رحمه الله
الشيخ زايد رحمه الله
الإسلام يدعو إلى التعاطف، والسعي إلى الوحدة، ونبذ الفرقة والانقسام الذي يبدد طاقات المجتمع، كما أن مصلحة المجتمع المستقبلية تفرض على الجميع الاتحاد في كيان واحد، يحمي مصالحهم، ويحفظ وجودهم، ويدفع عنهم الأخطار.
من هذا المنطلق غرس حكام الإمارات بذرة الاتحاد الذي صان أمن الإمارات وشعبها، وحقق لها التقدم والازدهار، فأصبحت تحظى باحترام العالم وتقديره
متى بدأت فكرةُ اتحادِ الإمارات العربية
عندما قام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاكم أبوظبي، بدعوة مع أخيه المرحوم سمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي ثم بعد ذلك بدعوة حكام الإمارات الأخرى للاجتماع ومناقشة إمكانية تشكيل اتحاد. وفي عام 1971، تأسس الاتحاد الإماراتي بموجب اتفاق بين سبعة إمارات، وهي أبوظبي، دبي، الشارقة، عجمان، عمان، الفجيرة، ورأس الخيمة. وفي عام 1972، انضمت إليها إمارة أم القيوين لتصبح الإمارات العربية المتحدة كما نعرفها اليوم.
* النصوص الشرعية التي كان يستعملها الشيخ زايد : ليرسخ فكرة الالتحام والألفة بيـن قلـوبشعب الإمارات:
– قوله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) الحجرات 13
وحديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) صحيح مسلم، وقد كان يردد حديث أبي موسى الأشعري – رضي الله – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ) أخرجه البخاري
نشأة الشيخ زايد
وُلد الشيخ زايد في 6 مايو 1918 في منطقة العين بإمارة أبوظبي. وهو الابن الأصغر بين أربعة أخوة وكان والده الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان حاكماً لإمارة أبوظبي في ذلك الوقت.
تربى الشيخ زايد في بيئة تتميز بالحرية والتسامح والترابط العائلي الوثيق. وفي سن مبكرة، أظهر الشيخ زايد مهارات قيادية وموهبة في التعامل مع الناس. وفي عام 1946، تم تعيينه حاكماً لإمارة أبوظبي .
نشأ رحمه الله في العينِ، في وسط صحراء الإمارات في هدوئها ونقائها، وعــاش مـع أهلها والقبائل المحيطة بها، فعرف آلام الناس وآمالَهم، وشاركهم الأحزان قبل الأفراح، تميز الله بالأصالة والتواضع، وبُعْدِ النظر وعلو الهمة، والشهامة والكرامة، كان محباً للجميع، وعمل لصالحهم رحمة الله.
وقد اجتمعَتْ فيهِ كُلُّ الصّفاتِ الضّروريّةِ لتحمّل المسؤوليّة، فاجتمعت حوله القلوب والعقول. لقد تركت هذه النشأة بصمات واضحةً على حياته وشخصيته، ترجمها من الله إلى سلوك وعمل وإنجازات عظيمة، فكرس حياته لرفعة هذا الوطن وسعادة شعبه، فبذل كلَّ ما يستطيعُ مِنْ أجلِهم بكل حب وإخلاص وأمانة.
العوامل التي غيَّرت وأثرت في شخصية الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله
1- مبادئ الإسلام.
2- القيم الإنسانية.
3- تقاليد البدو الأصيل .
السمات القياديّةُ في شخصيّةِ الشيخ زايد
1- الحكمة والصبر: كان الشيخ زايد يتمتع بالحكمة والصبر الذي كان له دور كبير في بناء دولة الإمارات وتوحيد شعبها.
2– الشفافية والنزاهة: كان الشيخ زايد معروفًا بنزاهته وشفافيته في التعامل مع الناس وإدارة الشؤون العامة.
3– الإنصاف: كان الشيخ زايد يحرص على إنصاف الجميع دون تمييز، وكان يعمل على تحقيق العدالة في جميع المجالات.
4– الثقة في الآخرين: كان الشيخ زايد يثق في قدرات الآخرين ويشجعهم على تحقيق أقصى إمكانياتهم.
5– القيادة بالمثالية: كان الشيخ زايد يقود بالمثالية والتفاني ويعمل على تحقيق النجاح والتطور لدولته.
6– العمل الجماعي: كان الشيخ زايد يؤمن بأهمية العمل الجماعي والتعاون في تحقيق الأهداف المشتركة.
7– الرؤية الواضحة: كان الشيخ زايد يتميز برؤية واضحة وطموحة لمستقبل دولته وشعبها.
8- الحب للوطن: كان الشيخ زايد يحب ويفتخر بوطنه وشعبه، وكان يعمل بلا كلل لتحقيق التقدم والازدهار لدولته.
الاتحاد في فكر الشيخ زايد رحمه الله
المتأمل في سيرة الشيخ زايـد يـرى بوضوح أنه كان يؤمن بالاتحاد سبيلا لحياة أفضل ومستقبل واعد، فتولى مع أخيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم .. في دبي الدعوة لإقامة اتحاد الإمارات وبالرغم من الصعوبة التي كانت في تلك المرحلة، نجح الشيخ زايد بذكائه وحكمته السياسية في تحقيق الاتحاد وتخطي كل العقبات وقيام دولة ( الإمارات العربية المتحدة).
وقد ظهرت قناعاته بالاتحادِ أيضًا من خلال سعيه لمصلحة المنطقة، وحرصـه علـى قـيـام مجلس التعاون الخليجي، ولمّ الشمل، فبذل كثيرًا مِـنْ أجلِ ذوبان الصدع بين الأشقاء والأصدقاء، قال رحمه الله: إن دولتنا جزء من الأمةِ العربية، يوحد بينَـا الدِّينُ والتاريخ واللغةُ والآلام والآمال.
فلسفة زايد في البناء والتحديث:
إنَّ الإنسانُ الركيزة والأساس الأول الذي عن الشيخ زايد فلقد أولاه اهتماما كبيرا، باعتباره العامل المؤثر والفعَّال في المجتمع ومتأثرًا بما فيه، فهو أساس الرقي والتقدم.
ويعد بناء الإنسان في المرحلة التي تلت الاتحاد ضرورة وأولوية وطنية وقومية تسبق كل المنشآت، فحرص على بناء المدارس والجامعات، وكذلك على مراكز الشباب والنوادي الرياضية، للشباب والشابات، للكبار والصغار على السواء، هذا إلى جانب البعثات الخارجية لطلب العلم، في الوقت الذي كانت فيه مسيرة البناء تنطلق في مختلف المجالات.
دلالة قول الشيخ زايد رحمه الله:
“فمهما أقمْنا وشيدنا من منشآت ومبانٍ ومستشفيات ومدارس، ومهما سوينا من جسور، فإنّ ذلك يظلُّ سرحاً روح فيه، ولا يستمر كثيرا، إنّ الإنسانُ هو روحَ كل ذلك فهو القادرُ بفكره، القادر بفنّـه وعمله علـى صيانة كل هذه المنشآت.
تدل على فهم الشيخ زايد لقيمة الإنسان وأهميته في البناء و التطوير ، وفهم أنه الأهم في أية خطوة من مشروع بناء الدولة الحديثة.
لقد كانت سيرةَ الرّسول صلى الله عليه وسلم كانَتْ قدوةً للشيخ زايد:
فقيام الدولة على أساس ثابت من الدين والعلم فلا حياة من وجهة نظره بلا دين ولا نهضة ولا تقدم من غير طاعة الله و رسوله.
– من مواقفه الأبوية رحمة الله تجاه أبناء الإمارات فقد كان مهتماً بتأمين الرفاهية لشعبه.
الصعوبات التي واجهت الشيخ زايد في عملية التطوير
كان يقول من الصعب إقناع هذه الأنفس بين يوم وليلة للتغيير والتحويل، إن تحويل البشر من عادات إلى أخرى ليس بالتصور السهل،
إن أغلبية المواطنين من البدو الرحل، وكان من الصعب جعلهم يتركون حياة الصحراء إلى حياة المدينة، لذلك عمل الشيخ زايد على نقل أساليب الحياة الضرورية والأساسية إليهم حيث هم، فبنى لهم البيوت والمدارس والمراكز الصحية، ونقل إليهم الكهرباء والماء، وبذلك أصبحوا ينعمون بحياة الاستقرار.
الشيخ زايد وخدمة الإسلام والمسلمين:
لقد أظهر اهتمامًا بالدين وأنفق جزءًا كبيرًا من ثروته وجهوده في دعم الأعمال الإسلامية والخيرية.
وقد أسس الشيخ زايد العديد من المؤسسات الإسلامية في دولة الإمارات، مثل مجلس علماء الإمارات ومؤسسة الشارقة للأوقاف والشؤون الإسلامية وغيرها، ودعم بناء العديد من المساجد في مختلف أنحاء الدولة.
وكان الشيخ زايد يولي اهتمامًا كبيرًا بتوفير الحياة الكريمة للمسلمين وتحسين أحوالهم الاقتصادية والاجتماعية، وكان من بين أهم إنجازاته إنشاء العديد من المشاريع الخيرية والاجتماعية التي تعزز رفاهية المجتمع المسلم في الإمارات.
وقد عمل الشيخ زايد على تعزيز القيم الإسلامية في المجتمع، وتشجيع الناس على ممارسة الخير والعطاء، وكان يؤمن بأن الخير يبدأ من الإنسان نفسه ومن مجتمعه، وأن الأعمال الخيرية هي أساس تحقيق السعادة والتقدم في المجتمعات.
وبالإضافة إلى ذلك، كان الشيخ زايد يدعم الجهود الدولية لخدمة الإسلام والمسلمين، وكان من المؤيدين للجهود الدولية لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، وكان يؤمن بضرورة توحيد جهود المسلمين والعمل معًا لتحقيق أهدافهم المشتركة.
ومن خلال دعمه للمساجد والمؤسسات الإسلامية والخيرية، كان الشيخ زايد يسعى إلى تعزيز الوحدة والتضامن بين المسلمين في الإمارات وفي العالم أجمع، وكان يدرك أن الإسلام يحث على الوحدة والتعاون والتضامن بين المسلمين.
وعلى مدار حكمه، واصل الشيخ زايد العمل على تطوير الإمارات وتحقيق رؤيته الرائدة في تطوير المجتمع والاقتصاد، وكان يؤمن بأن التنمية الحقيقية تتم من خلال تعزيز القيم الإنسانية والدينية، وتوفير الفرص والموارد لجميع أفراد المجتمع.
باختصار، كان الشيخ زايد من القادة الذين تحلى بالتدين والتفاني في خدمة الإسلام والمسلمين، وعمل على تعزيز القيم الإسلامية في المجتمع وتحسين أحوال المسلمين، وكان يسعى إلى تحقيق الوحدة والتضامن بين المسلمين في الإمارات وفي العالم، وذلك من خلال دعمه للمشاريع الإسلامية والخيرية وتشجيعه للخير والعطاء.
كانَ الشيخ زايد قائدا مؤمنًا وذا عقيدة راسخة، فانطلقت إنسانيّتُه من مبادئ الإسلام.
وقد وصلت جهود دولة الإمارات إلى مناطق العالم، وحيثما وُجِدَتِ الحاجةُ مدَّ الشيخ زايد رحمه الله يد العون لسدها، وتخفيف آلام الناس هناك، فقدم صورة حقيقية للإسلام المعتدل الوسطي.
وخارج الدولـة كـانـت لـه مشاريع إنسانية كثيرة، منها مشاريع للتخفيف من أعباء الشباب المقبلينَ على الزواج، وبناء المستشفيات والمدارس والمساكنُ؛ مثل إعادة بناء مخيم جنين، وتسليم البيوت إلـى أصحابها وبإشراف ومتابعة من أبناء الإمارات.
وكذلك إغاثة المتضررين بمختلف أنواع المساعدات، كما حصل في باكستان بسبب الزلازل، وكان يقولُ: “ونحن نصادقُ في شرف، ونتعاون في كرامة، ونساعد دون زهـو أو مفاخرة”.
– الشيخ زايد وخدمة الإنسانيّة:
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان هو مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وأحد الزعماء العرب الذين عُرفوا بتفانيهم في خدمة الإنسانية والعمل الخيري. كان الشيخ زايد يؤمن بأن الخدمة الإنسانية هي الأساس الحقيقي لبناء مجتمع متماسك ومتطور، ولذلك فإنه كان يولي هذه الخدمة أهمية كبيرة.
عمل الشيخ زايد على تحقيق العديد من المشاريع الإنسانية والخيرية، وقد كان من أبرز هذه المشاريع إنشاء مستشفيات ومدارس وجسور وطرق وغيرها من المشاريع التي تخدم المجتمع. كما كان يدعم الفقراء والمحتاجين، ويعمل على توفير سبل العيش الكريم للمواطنين والمقيمين في الإمارات.
وقد اشتهر الشيخ زايد بعطائه الكريم وتضحياته في سبيل خدمة الإنسانية، وكان يعتبر العمل الخيري والإنساني واجبًا دينيًا ووطنيًا، وليس مجرد أفعال تخدم الناس فقط. وبفضل جهوده الكبيرة وإنجازاته الإنسانية، أصبحت الإمارات واحدة من أكثر الدول تقدمًا في مجال الخدمات الإنسانية والعمل الخيري. ولقد تم إطلاق لقب حكيم العرب على الشيخ زايد بناءً على مواقفه.
صفات الشيخ زايد
لقد كان له العديد من الصفات التي جعلته قائدًا وشخصية محترمة وموثوق بها، ومن بين هذه الصفات:
1- العدالة: كان الشيخ زايد يعتبر العدالة أساس الحكم الصحيح، وكان دائمًا يسعى لتحقيق العدالة في جميع الأمور.
2- الحكمة: كان الشيخ زايد يتمتع بحكمة كبيرة في اتخاذ القرارات الصعبة والمهمة، وكان يستشير دائمًا المستشارين والخبراء في مختلف المجالات قبل اتخاذ أي قرار.
3- الشجاعة: كان الشيخ زايد شخصًا شجاعًا وجريئًا، وكان يتحدى الصعاب والتحديات بثقة وإيمان بأنه يملك القدرة على تحقيق النجاح.
4- الحماس: كان الشيخ زايد يتمتع بحماس كبير وشغف لتحقيق الأهداف، وكان يحث فريقه على العمل بجدية واجتهاد لتحقيق النجاح.
5- الصبر: كان الشيخ زايد يتمتع بصبر كبير وقدرة على التحمل في الظروف الصعبة، وكان يعتبر الصبر والتحمل من الصفات الضرورية لتحقيق النجاح.
5- الاعتدال: كان الشيخ زايد يتمتع بروح الاعتدال والتوازن، وكان يحث الناس على تطبيق هذه الصفة في حياتهم اليومية.
6- الرحمة والتسامح: كان الشيخ زايد يعتبر الرحمة والتسامح من الصفات الأساسية للإنسان، وكان يحث الناس على ممارسة هذه الصفتين في تعاملاتهم مع بعضهم البعض.
وفاة الشيخ زايد
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، توفي في يوم الاثنين 19 رمضان 1425 هـ الموافق 2 نوفمبر 2004م في أحد مستشفيات الولايات المتحدة الأمريكية.