العقيدة الإيمانية

الغفور العدل سبحانه

الغفور العدل سبحانه

قال تعالى: [وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا](180)(الأعراف)

وعنْ أَبِي هُرَيْرَة، أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِئَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) (متفق عليه)

ـ وسبب وصف أسماء الله الحسنى، لأنها تدل على الكمال وبعيدة عن النقص.

ـ المقصود بقول رسول الله:” أحصاها ” أي حفظها وفهمها وعمل بها.

أولاً : الغفور

مفهوم الغفور

الغفور: كثيرُ المغفرة، فيسترُ ذنوب عباده، ويصفح عنها.

وهو اسم من أسماء الله الحسنى، يُذكِّرُ العبد بطلب المغفرة منَ اللهِ والمداومة على الاستغفار، والرجوع إلى الله سبحانه تعالى بالتوبة، وما سمّى نفسَه تَعالى بهذا الاسم إلا ليغفر للمُخاطبين التائبين، قال صلى الله عليه وسلم : «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابونَ» (الترمذي)، وقالَ تَعالى في شأن نبي الله موسى عليه السلام:” قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (۳) (القصص)

خصائص مغفرة الله

أولاً: سعةُ مغفرته تعالى.          ثانياً: الشمول.            ثالثاً: تمام الفضل والإحسان.

الشرح والتفصيل

أولاً: سعةُ مغفرته تعالى:

فمَنْ عظمَة مغفرته عَزَوَجَل وكَمالِها، أَنَّ مغفرته واسعةٌ فلا ييأس منها أحد، قال تعالى: [إِنَّ رَبَّكَ وَسِعُ الْمَغْفِرَةِ](النجم 32).

ثانياً: الشمولُ:

فمغفرته عز وجل شملت جميع الذنوبَ على اختلافها فكلّما استغفروه غفر لهم وتجاوز عنهم سبحانه، قَالَ تَعَالَى: [ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا] (النساء 48).

اقرأ أيضاً  التطرف (مفهومه وأسبابه)

ثالثاً: تمام الفضل والإحسان:

إِنَّ اللهَ تَعالى قادر على أنْ يغفر لمن يشاء فضلاً منه وإحسانًا، فاللهُ عَزَ وجَل مطلق الإرادة، لا يقيد تصرفاته شيء، قَالَ تعالى: “إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” (المائدة118). فسبحانه كثير المغفرة لمن يستحق تلك المغفرة من عباده.

ـ قال تعالى: (نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم):

فدلالة تقديم الغفور الرحيم على العذاب الأليم، أن المغفرة والرحمة هي الأساس والأولى،  وقد سبقت الغضب.

مخاطر ترك المجرمين دون عقوبة

1- انتشار الفوضى.

2- ضياع الأمن.

3- الاستهانة بالدين.

4- التجروء على فعل الجرائم.

سلوك وعمل

 فمن يتجرأ على المعصية، ويتعمّدُ فعل الخطأ، ويُبرّر فعل الخطأ لنفسه بأنَّ اللهَ غفور رحيم، نعم، نعلم بأن الله غفور رحيم، ولكن على الإنسان أنْ يكون جديرا برحمة الله ومغفرته، فيجتهد ويعمل لينالَ العفو والصِّفْحَ، كأن يتراجع عن الخطأ، ويصحح مسارة قبل فوات الأوان، فمِنَ الجهلِ أنْ يعلّق آمالا على مغفرةِ اللهِ عَزَ وجَل وهو مقيم على المعصية، ومن الجهل أن يقول البعض إن الله غفور رحيمٌ وهوَ لا يُفكرُ بالاستغفار أو التوبة.

 وقَدْ عَلِمْنا أَنّ اللَّهَ تَعالى كثيرُ المغفرة والصفح عن عباده، وهو رجاء كل مؤمن وأمل كلُّ من أصابَ خطأً لكي يعود إلى الحقِّ، ويدخل في رضا الله تعالى، وهذه نعمةٌ تستحق الحمد والشكر، لذلك على المسلم أنْ يتمثل ذلك في حياته، فيصفحَ ويُسامح، لتستمر الحياة وتزدهر، قالَ تَعالى : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُواْ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمُ ) (النور (22). إذن فالتسامح طاعةٌ وعبادةٌ للهِ ربِّ العالمينَ.

ثانياً: العدل

مفهوم العدل

العدل: العادل، وهو الذي يصدرُ منه فعل العدل، ومعنى “العدل” وضعُ الأمور في مواضعها.

اقرأ أيضاً  من علامات الساعة

قال تعالى: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ(7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)(الزلزلة).

وعن أبي هريرة ر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لَتُؤَدُنَّ الْحُقوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَة حَتَّى يُقادَ لِلشَّاة الْجَلْحاء مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ”.( رواه مسلم)

ـ بعض معاني العدل : استقامة  – رجوع عن أمر ما  – مكافئ  – صواب .

مجالات العدل الإلهي

أولاً: عدلُ اللَّهِ تَعالى في خلقه.    ثانياً: عدل الله تعالى في أمره.     ثالثاً: عدلُ اللَّهِ تَعَالى في فعله.

الشرح والتفصيل

أولاً: عدلُ اللَّهِ تَعالى في خلقه:

خلقَ اللهُ الى كل شيء، وأعطى كل مخلوق صفاتِه وقدراته التي تقوم بها حياته، وهيّاً كل مخلوق ليستطيع القيام بوظيفته التي خُلِقَ لها، قالَ تَعَالَى: “قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى” (طه). وهذا من العدل الإلهي، فنجد أنّ النّبات الضعيف قد أعطاه الله تعالى قدرةً على تحويل الضّوء مع ثاني أكسيد الكربون والماء إلى غذاء وطاقةٍ لينمو، لكنَّ الحيوانَ أقلُّ قدرةً على الاستفادة من طاقة الضّوء، فيأكل النبات للحصول على الطاقة، وبعض الحيوانات تتغذى على اللحم للحصول منه على الطاقة الّتي اكتسبها منَ النّبات، والإنسانُ يزرعُ النّبات، ويُربّي الحيوانات، ويحافظ عليها للحصول على الغذاء والطاقة.

ثانياً: عدل الله تعالى في أمره:

لقد كلّفَ اللهُ تعالى كل مخلوق بما يستطيعُ القيام به، فهوَ عَزَ وجَل عليم بإمكانات كل مخلوق، فتكليف المخلوقِ بما لا يستطيع منافٍ للعدل. وقد كلّفَ اللهُ المسلم بالصّلاةِ، قيامًا وركوعًا وسجودًا، فإن عجز عن القيام صلّى قاعدًا، وإِنْ عجز عن الركوع والسجودِ يخفض جسمه بالقدر الذي يستطيعُ، وله أن يصلي إيماءً بعينيه إذا كانَ لا يستطيع الحركة، وله أجرُ الصَّلاةِ تامّةً.

اقرأ أيضاً  التفكير العلمي ( أهميته وأثره )

فعدل الله تعالى في فريضة الصيام، فرضه على القادر، ومراعات حالة الإنسان في السفر والمرض، وشرع كفارة للصيام، وعفا عمن لا يستطيع.

 ـ ومن عدل الله تعالى أن كلَّف الإنسان بإعمار الأرض ولم يكلف الحيوان، وسخر الكون للإنسان ولم يسخره للحيوان، فلو كلف الحيوان بالإعمار لفشل وكان الدمار، فكلف من يستطيع وهذا هو عدله سبحانه.

ثالثاً: عدلُ اللَّهِ تَعَالى في فعله:

حرِّمَ اللهُ تعالَى الظَّلم على نفسه، وجعله بينَ الناسِ محرّمًا، وفي الحديثِ القدسي « يا عبادي إنّي حرَّمتُ الظُّلم على نفسي وجعلته بينكم محرَّمًا، فلا تظالموا» (صحيح مسلم).

فالله تعالى يحاسب الإنسان على عمله، فلا يُنقصُ من أجرِ المحسنِ ذرّةً، ولا يزيد في عقاب المسيء ذرّة، وهذا من عدله سبحانه وتعالى، وقد يعجل الجزاء للإنسان في الدنيا، وقد يؤخِّرُهُ إلى يوم القيامة، وكلُّه له حكمةٌ، وهو عَزَّوَجَل (لَا يُسْألُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْألُونَ ) (الأنبياء).

ـ وتطبيق قوله تعالى:” ولا تزر وازرة وزر أخرى ” يكون في القول: ما يلفظ من قول …..و العمل: وقل اعملوا، وتحريمه الظلم على نفسه وعباده.

زر الذهاب إلى الأعلى