أحكام الإسلام

النظام الاقتصادي في الإسلام

النظام الاقتصادي في الإسلام

يحوي الإسلام مجموعة من الأنظمة المتصلة المترابطة التي تنظم حياةَ الإنسان في جوانبها جميعا، ومنها النظام الاقتصادي.

نماذج فيما يتعلق بأنظمة الأحوال الشخصية في الإسلام

1 – تكوين الأسرة: ( اختيار الأم الصالحة، الخطبة، المهر، الزواج )

 2- حل المشكلات الزوجية: ( الصبر، الإصلاح ، التحكيم )

 3- تربية الأولاد: ( اختيار الاسم المناسب ، التربية الصالحة على الأخلاق والدين، النفقة التعليم، الإصلاح والرعاية الصحية والنفسية، العدل بين الأولاد )

 4- إنهاء العلاقة الزوجية: ( الطلاق أحكامه وآدابه ، الخلع ، التفريق القضائي ، اللعان )

 5- توزيع التركات والمواريث.

– تعريف الاقتصاد الإسلامي وعلم الاقتصاد:

تعريف الاقتصاد

هـو: التوسط والاعتدال، وهذا المعنـى هـو مضمون علم الاقتصاد وجوهره، والهدف الذي يَقصِدُ إليه، قال تعالى: (مَنهُمْ أَمَةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءٌ مَا يَعْمَلُونَ ) (المائدة 66).

 تعريف النظام الاقتصادي في الإسلام

 هو: القواعد والأحكام الشرعيةُ التي تنظم طرق كسب المال وإنفاقه.

تعريف علم الاقتصاد

 فهو العلم الذي يبحث في كيفية زيادة الإنتاج، واستغلال المــوارد وتطويرهـا بأقل تكلفة، ومن هنا نرى أن النظام الاقتصادي يرتبط بالعقائد والمبادئ الإسلامية والأفكار التي تؤمن بها المجتمعات، فهو يحدد مـا يـجوز أخذه مـن علـم الاقتصاد ومـا لا يجوز، فتطوير إنتاج مصنع للأحذية أو للخمور مرتبط بعلم الاقتصاد.

 أما النظام الاقتصادي فيحدد مشروعية صناعة الألبان، وتحريم الخمور، ويترتب على الخلط بين النظام الاقتصادي وعلم الاقتصاد خلل كبيـر فــي إدراك أسباب المشكلات الاقتصادية، وطرائق علاجها.

النُّظُم الاقتصادية

1.النظام الرأسمالي:

مع بدايات النهضة الأوروبية، دعا الفلاسفة والمفكرون الأوروبيون إلى نظام بديل للإقطاع يكونُ قادراً على تحقيق الرفاهية الاقتصادية، فظهر النظام الرأسمالي وانتشر، يقوم هذا النظام على حرية امتلاك الأشخاص والشركات والمؤسسات لموارد الإنتاج ملكية خاصة، واستخدامها بالطريقة التي يرونها مناسبة، لكن هذا النظام رفض إدخال العنصر القيمي والأخلاقي ضمن نظرياته ودراساته الاقتصادية، بحجة أنهـا تـؤدي إلـى عـدم الموضوعية في الدراسات العلمية، إلا أنه لم ينجح في معالجة كثيـر مـن المشكلات الاقتصادية التي ورثها عن النظام السابق بل عجز عن ذلك، فتعمقت وازدادت الفوارق الطبقية بين فئات المجتمع، وازداد الغلاء والفقر.

اقرأ أيضاً  الغسل

2. النظام الاشتراكي:

قام النظام الاشتراكي على فكرة الاقتصاد الموجه، حيث تمتلك الدولة جميع جوانب الإنتاج، ودخل هذا النظام حيز التنفيذ في بعض الدول في بدايات القرن العشرين؛ أملاً في الوصول إلى مجتمع أكثر رخاء وفاهية، وأدى ذلك إلى انعدام الحافز، وهبوط الإنتاج، وفي نهاية القرن العشرين سقط النظام الاشتراكي في أكثر وأغلب دول العالم وتأكد فشله على جمع المستويات الاجتماعية والاقتصادية.

3. النظام الاقتصادي المختلط ( يجمع بين الرأسمالية والاشتراكية) وقام هذا النظام على الجمع بين بعض سمات النظام الاشتراكي، وبعض سمات النظام الرأسمالي مع احتفاظه بالخصائص والمميزات الأساسية للنظام الذي تحول عنه.

النتيجة:

فقد النظام المالي استقراره، مما تسبب في أزمات اقتصادية متلاحقة ومتابعة عمَّتْ كل دول العالم، كان آخرها سنة 2008، ولاحظ كثير من الاقتصاديين الغربيين عدم تأثر نظم المعاملات الاقتصادية الإسلامية بالأزمات الاقتصادية القائمة، فدعا العديد منهم إلى ضرورة جعل الجانب الأخلاقي والقيمي أساسا في البحوث الاقتصادية، ودراسة النظام الاقتصادي الإسلامي، والاستفادة من فقه المعاملات المالية الإسلامية.

الأسس التي يقوم عليها الاقتصاد الإسلامي

1. الأسس الاعتقادية:

تعتبر العقيدة الإسلامية أهم أساس يبنى عليه اقتصاد الإسلامي فالاعتقاد بوحدانية الله تعالى وعبودية الإنسان له سبحانه وتعالى ترتب جملة من الاعتقادات المرتبطة بحياة المسلم الاقتصادية.

عقائد مرتبطة بحياة المسلم الاقتصادية:

1- فالله تعالى هو المالك الحقيقي للمال:

قال تعالى: ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ) المائدة).

2- المال نعمة مسخرة منَ اللهِ تعالى للإنسان، وعليه واجب شكرها:

قالَ تَعَالَى: ( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَهِرَةً وَبَاطِنَةً ) (لقمان (20).

3- إنَّ الإنسانُ مؤتمن على المال، وعليه أنْ يُؤدِّيَ حَقَّ اللَّهِ فِيهِ:

قال تعالى: ( وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ) (الحديد 7).

4- الإنسان يسعى فى طلب رزقه منَ اللهِ تعالى، ويرضى بما قسمه الله تعالى له، فلا يحسد ولا يحقد:

قال تعالى: ( وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (البقرة 212).

5- الإنسانُ محاسب على ماله فعليه أن يكتسبه بطرق حلال ومشروعة، وينفقه بما يرضي الله عز وجل فالإنسان مسؤول عما تحت يده من المال:

 قال: ( لا تزول قدما عبد يوم القيامةِ حتى يُسألَ عَن عُمُرِه فيما أفناه، وعن علمـه مـا فـعـل بـه وعــن مالـهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ، وعن جسمه فيمـا أبـلاه) (سنن الدارمي).

الجوانب القيمية والأخلاقية في النظام الاقتصادي الإسلامي

1- السماحة في البيع والشراء وسداد الدين:

اقرأ أيضاً  منهج التفكير في الإسلام

 قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( رحمَ اللهُ عبدًا سمحا إذا باغ، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا اقتضى) (ابن ماجة).

2- إمهال المعسر والتيسير في المعاملة:

قال تعالى: ( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَفِرَةُ إِلَى مَيْسَرَةً وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) (البقرة).  

3- البعد عن الكسل والاعتماد على النفس والسعي في كسب الرزق الحلال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما أكل أحدٌ طعاما قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل مـن عمـل يــده) (رواه البخاري).

 4- الصدق والنزاهة والأمانة في المعاملات المالية:

قال رسولُ الله: ( التاجرُ الصدوق الأمينُ معَ النبيين والصديقين والشهداء) (رواه الترمذي).

5- الصدق وعدم إخفاء عيوب البضاعة المباعة:

قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبـا مُحقَـتْ بـركـة بيعهما) (متفق عليه).

3. الأسس التشريعية:

يقوم النظام الاقتصادي على مجموعة من الأحكام والقواعد المستمدة من مصادر التشريع الإسلامي، والتي تنظم النشاط الاقتصادي، وتحقق له الاستقرار.

 القواعد التشريعية للنظام الاقتصادي الإسلامي

1- توفّر الرضا في التجارة وتحريم أكل الأموال دون وجه حق كالرشوة، والغش، والاحتكار:

قالَ تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بينكم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَراضِ مِنكُم ) (النساء ).

2- تحريم الإضرار بالنفس أو بالآخرين، والمحافظة على حق الفرد والمجتمع معاً:

قال رسول الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) (رواه مالك).

3- تحريم الربا:

قال تعالى :( وَأَحَلَّ اللّهُ الۡبَيعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) ( البقرة).

أقسام الأحكام التشريعية في الاقتصاد الإسلامي

تنقسم الأحكام التشريعية الاقتصادية في الإسلام إلى نوعين:

1. الأحكام الثابتة أحكام لا تغير بتغير الرمان والمكان، وتشمل ما لبست بدليل قطعي من الكتاب

أو السنة؛ كوجوب الزكاة.

2. الأحكام المتغيرة: أحكام قابلة للتغير بتغير الأحوال، وتخضع لاجتهاد العلماء وأهل الاختصاص تبعا لمقتضيات المصلحة، كتغير وحدات قياس الأوزان من “المُد” و “الصاع ” ونحوهما، إلـى وحدات قياس الأوزان المعاصرة، وترتبط وحدات القياس بكثير من الأحكام، كفدية إفطار ذوي الأعذار من المرضى وكبار السن والحوامل، ومقدار صدقة الفطر، والكفارات وغيرها.

أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي

أ. تحقيق الرفاه الاقتصادي وسعادة الإنسان:

قال تعالي: ( قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده، والطيبات من الرزق ) (الأعراف 12؛ فالآية الكريمة توجه إلى تحقيق السعادة والحياة الطيبة للإنسان، وتحسين ظروفه ماديا ومعنويا، بإزالة أسباب المشقة والمصاعب، تحقيقا للتكريم الإلهي لبني البشر في قوله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدَمَ وَحملْنَاهم فِي البرِ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْتَهُمْ عَلَى كَثِير مِمَّنْ خلقنا تفضيلا ) الإسراء).

اقرأ أيضاً  مصادر التشريع الإسلامي

ب. التخصيص الأمثل للموارد الاقتصادية:

الموارد أمانة من الخالق استأمن عليها جميع البشر، لذا يعد الحفاظ على الموارد الاقتصادية وتنميتها هدفًا مهما تسعى إليه الشريعة الإسلامية.

قال تعالى: ( وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا )) (الفرقان). . تحقيق التنمية المستدامة التي تلبي باحتياجات الحاضر دون المساس أو التعرض لاحتياجات الأجيال المقبلة ،من خلال الانتفاع بنعم الله دون إسراف .

ج. تحقيق التكافل والتماسك الاجتماعي والقضاء على الفقر:

 شرع الإسلام مجموعة من الأمور التي تساعد بشكل كبير في تحقيق الكفاية المعيشية للذين لا يقدرون على كفاية أنفسهم في حياتهم المعيشية من خلال نظام الزكاة والصدقة، والوقف، كما شرع أحكاما عادلةً في توزيع الميراث، وزيادة فرص العمل, وبالتالي التخفيف من وجود فوارق طبقية بين فئات المجتمع.

 ضوابط شرعية للاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية

1- تقديرُ أهمية المال، واعتباره الأساس في التنمية الاقتصاديّة، والنهي عن تعطيله عن الانتاج أو اكتنازه:

 قال تعالى: ( وَالَّذِينَ يَكْنزونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) (التوبة 34).

2- الحث على الإيمان والتقوى وأهميتهما في ثبات نعم الله تعالى وبركتها:

قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى امَنُوا وَاتَّقُوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتِ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) (الأعراف 96).

ج. تحقيق الحرية الاقتصادية:

 الاقتصاد في الإسلام يقوم على أساس من الحرية الإنسانية، فجعل الإسلام نتيجة جهـدِ الإنسان وسعيه ملكا له، وأعطى الإنسان حرية التصرف فيما يملكه، مع وضع قيود لهذه الحـريــة وفق تعاليم الإســلام، وضوابطه انطلاقا من طاعة الله على، ورسوله ، وطاعة ولي الأمر.

حدود الحرية الاقتصادية في النظام الاقتصادي الإسلامي

1- فالتصرف مقيّد بالرشد، وإدراكِ وجه الخير فيما يفعلُ:

قالَ تَعَالَى: ( فَإِنْ ءَانَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَاهُمْ ) (النساء 6).

2- فعلى الإنسان الانتفاع بنعم الله دون إسراف:

قَالَ تَعَالَى: ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) (الأعراف 31).

3- العدل بين الأولاد في العطية:

عن النعمان بن بشير قال ( أعطاني أبي عَطِيَّةٌ، فَقَالَتْ أمّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لا أَرْضى حَتَّى تُشْهِدَ النبي صلى الله عليه وسلم قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فَقالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةٌ فَأَمَرَتْني أَنْ أَشْهِدَكَ، قالَ: أَعْطَيْتَ كُلَّ وَلَـدِكَ مِثْلَ هَذا؟ قالَ: لا، قال: فاتَّقُوا اللَّهَ واعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ) (رواه البخاري).

زر الذهاب إلى الأعلى