الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

جزاء الإحسان

جزاء الإحسان

قال تعالى على لسان لقمانَ وهو ينصحُ ولدَهُ: “يَا بْنَى لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِرْكَ

لظلم عَظِيمٌ” [لقمان: 13]

أَمَّا مَنِ اسْتَجَابَ لله وَآمَنَ بِهِ، فقدْ وفقه الله إلى الإحسانَ لنفسه، فأنقذها مِنَ العذاب أولا، وثانيا فَازَ بنعيم الجنَّةِ، قال تعالى: ((فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ )). [آل عمران: 185]

وقال عز وجل:”وَمَا أَنَا بِظَلَّم لِّلْعَبِيدِ “. [ق: 29]

ـ فالمعاند ليعود إلى الحق يحتاج إلى فرص كثيرة ليعود وربما بعدد أيام حياته وربّما أكثر.

قال تعالى :” مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ فُرُشِۭ بَطَآئِنُهَا مِنۡ إِسۡتَبۡرَقٖۚ وَجَنَى ٱلۡجَنَّتَيۡنِ دَانٖ (54) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ لَمۡ يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ (56) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ ٱلۡيَاقُوتُ وَٱلۡمَرۡجَانُ (58) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ (60) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61) وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدۡهَآمَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيۡنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَٰكِهَةٞ وَنَخۡلٞ وَرُمَّانٞ (68) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69) فِيهِنَّ خَيۡرَٰتٌ حِسَانٞ (70) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٞ مَّقۡصُورَٰتٞ فِي ٱلۡخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمۡ يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ (74) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ رَفۡرَفٍ خُضۡرٖ وَعَبۡقَرِيٍّ حِسَانٖ (76) فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77) تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ (78)

اقرأ أيضاً  التقرب إلى الله تعالى

معاني المفردات الواردة في الآيات 54:78: سورة الرحمن:

إستبرق:                 حرير سميك غليظ.

وجنى:                    ثمر.

قاصرات الطرف:       لا يتطلعن إلى غير أزواجهن تعبيراً عن العفة .

يطمثهن:                 يتوجهن .

مدْهامتان:               خضراوان ( شديدة الخضرة )

نضاختان:                فوارتان

حور:                      النساء من اهل الجنة .

مقصورات:               مصونات .

رفرف:                    مفارش توضع فوق الفراش للنوم .

وعبقري:                 ديباج وهو حرير خاص .

ذي الجلال والإكرام:    من أسماء الله الحسنى .

 دلالات الآيات:

من هم أهل الجنة:

الذين استجابوا لربهم وآمنوا به، وصدّقوا رسله واتَّبعوا هديَهُ، ففعلوا ما أمر واجتنبوا ما نهى عنه سبحانه وتعالى، هم الفائزون، قال تعالى: (أَصْحَبُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائزونَ )(الحشر: (20)، هؤلاء هم أهل الجنَّةِ، بل لكل منهم جنتان، يجلسون على سُررهما، ويتكئونَ على فرشهما، وقد بُطِّنَتْ بالحريرِ الغليظ السميك، ليتخيل السامع إذن كيف تكون ظواهرها، يقول ابن عباس رضى الله عنه فأما الظواهر ( ظواهر الفرشِ) فلا يعلمُها إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وهذا يدلُّ عليه قوله تعالى: ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قَرَةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (السجدة). ثُمَّ أخبر الحقُّ عز وجل  أن ثمر الجنّة قريب منهم، متى شاءوا تناولوه دونَ مَللٍ أَوْ كَللٍ، فلا يتعبون للوصول إليه، ولا للتخلّص من فضلاتِهِ، فلا يضطرون إلى بذل أي جهد لتحصيل أي شيءٍ.

وزاد الله تعالى في أُنسِهم وراحتِهم، فجعلَ لهُمْ الحور أزواجا في الجنّة، طاهرات عفيفات أترابا لَمْ يتزوجهنَّ قبلهم أحدٌ من الخلق، سواء منَ الجن أم من الإِنسِ، قَالَ تَعَالَى: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسُ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌ، ويكفي لكي يُعْرَفَ جمالهنَّ، أَنْهنَّ من الجنّة، لكنَّ اللهَ تَعالى شبههنَّ بالياقوت حور بنقائه، والمرجان بألوانه المتدرّجة من الأبيض إلى الوردي فالأحمر، وكلاهما من الأحجار الكريمة، ليتفكر المؤمنونَ بعظيم ثوابِهمْ في الجنّة، ولذلك يقول اللهُ تعالى: ( لُهم مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) [ق: 35]، وهذا المزيد لا يعلمه إلّا اللهُ، تَعالى، فيبقى المؤمنُ حريصًا على الجنّة، ويجد في السعة للفوز بها، بالإيمان والعمل الصالح .

اقرأ أيضاً  رسول الله وخاتم النبيين

من دلالات الآيات (جزاء الإحسان):

جزاء إحسانِ المؤمن في الدنيا إحسانُ الله تعالى له في الآخرة، لأنَّ الأعمال الجليلة والأخلاق النبيلة تستحق التقدير والثناء، فالمنطق يقضي بأن يقابل الإحسان بالإحسانِ، وَمَنْ أكرمُ وَأوفى منَ اللَّهِ تَعَالى؟! فالله تعالى يُقابل العمل القليل البسيط  من المؤمن بالجزاء العظيم فَقُولُ المؤمن: (لا إلهَ إِلَّا اللهُ، يُقابله الجنّة وقوله: (الحمدُ للهِ، يُقابله الزيادة والبركة فَمَنْ أكرمُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى؟

ومهما كانَتِ المصائب والشَّدائد التي يتعرّض لها المؤمنُ في الدنيا، فالجنة لها ثمن والجنَّةَ تستحقُ مِنَ الصبر، وَيَثبُتَ على إيمانِهِ محتسباً الأجر عند الله ليفوز بجنته يومَ القيامةِ، وعندئذ لا يذكر شيئًا من شقاء الدنيا.

 يقول العلماء في تفسير هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ: “هل جزاء منْ قالَ لا إلهَ إِلَّا اللهُ إِلَّا الجنَّةَ”.

وعندما يبذل المؤمنُ أفضل ما عندِهِ لأي مخلوق وعلى قدر استطاعته، فقد أحسن  في حق الخلق وقدم صورة مشرقة للمسلم ودعا إلى الله بأخلاقه وعمله .

من دلالات الآيات ( الجزاء من جنس العمل):

فمن قال سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، ثقلت موازينه بالحسنات.

ومن ستر على مسلم في الدنيا، ستره الله في الآخرة.

ومن أعانَ زميله في البحث عن كتاب فقده، كان الله في عونه.

ومن قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، غرست له أشجار في الجنة.

ومَنْ أرادَ الزيادة و البركة والسعادة  من الله فعليه بالإحسان قال تعالى: (وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 58.

ومَنْ أرادَ أَنْ يكونَ اللهُ في عونه فعليه بالإحسان قال تعالى: (وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)

[العنكبوت: 69]

لماذا الإحسان ؟ الإحسان عبادة عظيمة، وثوابها أعظم، فإذا أردتَ أنْ يحبّكَ اللهُ، فَعليك بالإحسانِ، قَالَ اللهُ تعَالَى: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134]، وإذا أردتَ الثّواب العظيم، فعليك بالإحسانِ، قَالَ تَعَالَى:

اقرأ أيضاً  القرآن المكي والمدني

( فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَرُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85)(المائدة).

من دلالات الآيات (عطاء متجدد):

يُخبرنا اللهُ تَعَالَى عَنْ جنّتَينِ غيرِ السّابقتَين، فيهما خيرات عظيمة، حسنتا المنظر، شديدتا الخضرةِ، وفي كل منهما عين فوّارة بالماء الذي له رائحةٌ خاصّةٌ وطعم خاص، وفيهما الفواكه بكل أصنافها، وَذِكْرُ الرّمَّانِ فيه لفت انتباه النّاسِ إلى فوائده الصحية، وَذِكْرُ الفاكهة تنبيه إلى الاستمتاع بالنعم مع الهدوء والراحة، وَهُمْ يجلسون متكئين على وسائدَ مِنْ حريرٍ، وفرش مرتفعةٍ، رائعة الجمالِ، تُريحُ الجسمَ والنّفس، وَلَهُمْ خيامٌ كأنَّها القصورُ تُضربُ لهُمْ في رياض الجنّة زيادةً في الترويح عنْهُمْ، وَما في تلك الخيامِ مِنْ حورِ الجنّة المصوناتِ، وَمِنْ طعامها وشرابها، وكلُّ ما تشتهيه النفسُ تجده كما تُحبُّ، ومتى تشاءُ، وهذا كلّهُ للمؤمنِ الّذي يخشى اللَّهَ تَعَالَى، وَيُراقبُهُ في السِّرِ وَالعلنِ، فَتباركَ اسمُ رب العالمينَ ذِي الْجلال وَالْإِكْرَامِ ﴾ وَهوَ مِنْ أسماء الله الحسنى فَاللَّهُ تَعالى جليل في ذاتِهِ، كريم في أفعاله، وقد علمنا الله أنْ لا نسأل إلا الله الكريمَ، فَقالَ: «إذا سألتَ فَاسأَلِ اللَّهَ» [الترمذي].

زر الذهاب إلى الأعلى