سكينة بنت الحسين رحمها الله
سكينه بنت الحسين رحمها الله
ظهر على مر التاريخ الإسلامي نماذج مميزة ورائدة من النساء، قمن بدور مؤثر في الحياة والحضارة الإسلامية، تأثيرا إيجابيا في مسارها، فشاركن في صياغة أحداثها بسنبة كبيرة، يدفعُهُنَّ في ذلك شعورُهُنَّ بالمسؤولية تجاه بناء المجتمع، وقد تصدر هذه النماذج شخصيات كان لها السبق في المبادرة والعمل الدؤوب في سبيل رفعة الإسلام. فكانت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها صاحبة الدور الريادي الأولِ، ثم عائشة، وفاطمة، وأم سلمة، وصفية، وغيرُهُنَّ الكثيرات – رضوان الله عليهنَّ جميعا، وكذلك برز من هذا البيت المبارك السيدة المباركة سكينة بنت الحسين (رضي الله عنها) الحافظة العابدة.
– فمن الأدوار التي يمكنُ للمرأة أن تساهِمَ من خلالها في بناء المجتمع، الطب- التعلم – الجهاد في سبيل الله.
نسب سكينة بنت الحسين
هي آمنة بنت الحسين بن علي، وُلِدَتْ في العَقْدِ الرّابع من الهجرة النبوية، وأُمُّها الربابُ مِنْ بني كلب، وقد سُمِّيَتْ باسم جَدَّتِها أُمِّ النبي آمنة بنت وهب، لكنَّ أُمَّهَا لقبتها بعد ذلك بسكينة؛ لما رأتْ أَنَّ نفوسَ النَّاسِ تسكن إليها وتألفها؛ لسماحة نفسها وخفة ظلّها.
– كان للقب (سكينة) انعكاس على أخلاقها رحمها اللهُ، فكان هذا اللقب سببا في هدوء طبعها وروحها المَرحَة، وسكون نفس من يجلس معها.
نشأة سكينه بنت الحسين
تربت وعاشت السيدة سكينة، في ظلال البيت النبوي، في بيت سبط “حفيد” رسول الله (الحسين بن علي رضي الله عنه) وقد كانت رضي الله عنها مُقرَّبَةً من أبيها، يجالسها ويسْكُن إليها، فتفرغ عن قلبه، وتُسَرّي عن نفسه.
تميزت سكينة بشخصية فريدة من نوعها، فقد تأثرت بالنشأة، فقد نشأت في بيت والدها، بيت علم وعمل، فكان أبيها لا ينزل بأرض حتّى يجتمع إليه الناسُ، لينالوا من علمه، ويأخذوا منه الأحاديث، ولما اشتد عودها وبلغت مبلغ النساء صارت من سيدات المجتمع القرشي، ونالت شهرة عالية، لما تميزت به من حسن خلق وعلم وأدب، وكانت رحمها الله فوق كل ذلك فهي من التابعيات اللواتي حفظن الأحاديث وروينها.
– فقد أثرت التنشئة في شخصية الإنسان، وأمثلُ على ذلك من الواقع المعاصر: أن الفرد إذا نشأ في بيت علم و عمل نشأ صالحا وإذا نشأ في بيت سوء نشأ فاسدا.
زواج سكينة بنت الحسين
زوجها هو مصعب بن الزبير بن العوام رحمه الله، فكانت نِعْمَ الزوجة لم تقصر في واجبات الزوجية، ونِعْمَ الأم، تقوم على شؤون أسرتها، ربت أبناءها على هدي النبوة الذي ورثته من أبيها، وفي زواجها من مصعب بن الزبير سطع نجمها أكثرَ في عالم النساء الفاضلات، وحظيت بالشهرة الواسعة في الأمصار (البلدان) بعلمها، وجمال أخلاقها، وحسن رعايتها لأبنائها ولزوجها.
– وقد ترتب على الجمع بين العلم من جهة، وبين مسؤولية القيام بحقوق الزوج والأبناء من خلال اكتساب العلم الشرعي فقامت بواجباتها الزوجية وربت أبناءها تربية صالحة.
فإن للمرأة المسلمة دور كما أن للرجل دور في بناء الأسرة، فدور المرأة يكون بالقيام بواجباتها تجاه أبنائها وزوجها حتى تكون أسرة صالحة ومجتمع صالح.
صفات سكينة وعلمها
تميزت – رحمهـا اللـه تعالى- بعدة صفات:
1- العقل الراجح.
2- الفكر النَيِّر، والأفق الواسع.
3- كانت ذات بصيــرة نافذة.
4- حافظة لكتاب الله تعالى عاملة بما فيه، مُقْبِلَةً على الله تعالى بقلبها وعقلها وجوارحها، 5- كانت خاشعةً متذللةً إليه بالعبادة.
6- اعتنت بالعلم تعلُّما وتعليمًا، فكان طلاب العلم يقصدونها لأجل الرواية عنها.
7- كانت مهيبـةً, قوية الشخصية، ذاتَ صبر في مواجهة الأزمات، لا تعرف لليـأس طريقا.
8-عُرفت بتذوقها الشعر والأدب، فهي إحدى فصيحـاتِ قريش وبني هاشم؛ حيثُ ورثـتِ الشعر عن أبيها رضي الله عنه، كما كانتْ أمها الرّبابُ بنتُ امرئ القيس الكلبية من فصيحات النساء، وشاعراتِ العرب، فكانت سكينة رحمها الله بليغةً، حاضرة الذهن، تضعُ الكلام مواضعه عُرفـتْ – رحمهـا اللـه تعالى- باحترامهـا للعلماء في زمنها، وإجلالهـا للصحابة رضي الله عنهم، وكانـت تعرفُ لهم حقَّهُمْ وقَدْرَهُمْ، عملاً بقوله تعالى: “وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ”(الحشر: 10)، وَأَسْمَتْ ولدا من أبنائها بعثمان.
الصفات اللازمة لشخصية المرأة القيادية
الصبر في الأزمات – الشخصية القوية – العلم – مواكبة لمستجدات عصرها – الفصاحة.
وفاة سكينه بنت الحسين
بلغت السيدة سكينة الثمانين عاما، وقد بلغت من العلم والفضل الكثير، ما جعلها تتميز على النساء في ذاك الوقت، حتّى حان وقت رحيلها إلى الرفيق الأعلى فـي مدينة رسول الله يوم الخميس سنة 117 للهجرة، وصلى عليها جمع غفير من المسلمين رحمها الله ورضي عنها وعن آبائها.