الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

لا للانتحار ( حديث شريف )

لا للانتحار

عن أبي هريرة رضي الله عنه  قال: ( شهدنا مع رسول صلى الله عليه وسلم حُنينًا، فقال لرجل ممّنْ يُدعى بالإسلام: هذا من أهل النار، فلما حضرنا القتال قاتل الرّجلُ قتالا شديدًا, فأصابَتْه جراحَةٌ فقيل: يا رسولَ اللهِ, الرجل الذي قلت له آنفًا: إنّهُ منْ أهلِ النّارِ, فإنّه قاتَل اليومَ قِتالا شديدا، وقد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إلـى النـار، فكادَ بعض المسلمينَ أنْ يرتابَ, فبينَما هُمْ على ذلك إذْ قيل: إنّـه لـم يَمُتْ, ولكنْ به جراحًا شديدًا, فلمّا كانَ منَ اللّيلِ لم يصبر على الجراح فقتل نفسه). (رواه مسلم) لم يرضى بقضاء الله تعالى ولم يصبر على ما أصابه من جراح.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

( مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا, وَمَنْ تَحَسَّى سُماً فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمهُ في يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا, وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا). (أخرجه البخاري)

معاني مفردات الحديث لا للانتحار

تردى:           أسقط نفسه .

تحسى:         شرب .

يَجَأ بها:        يطعن بها .

شرح حديث من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم ..

يبين لنا الحديث الشريف تكريمَ اللهِ عَزَّوَجَل للنَّفْسِ البشريّةِ، فقد أقسم اللهُ تَعَالى بها فقالَ:

اقرأ أيضاً   مع اللَّه ورسوله وولي الأمر

(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاها ) (الشمس)، وقد وهبها الله سبحانه وتعالى للإنسان، فيجب أن يحافظ عليها، وأنْ يُسعِدَها في الحياة الدنيا والآخرة، وهذا منَ الشَّكرِ على هذه النعمة العظيمة، فلا يفرّط بها، ولا يُزهِقُها بإرادته، ويظهرُ الحديث عظيمَ جُرمِ مَنْ أهلك نفسه متعمّدًا معتقدًا حِلَّ ذلك؛ فجعلَ الله جزاءه في الآخرة من جنس عمله في الدنيا سواءً بسواء من باب العدلِ، فيُعذِّبُ بنفسِ الطَّريقة التي قتل نفسَه بها؛ فإنْ كانَ قتل نفسه برميها منْ جبل أو مكان عالٍ كانَ عذابه كذلك بتردّيهِ من جبل في النّارِ، وإِنْ كانَ قتل نفسَه بسم شربه، كانَ عذابه أيضًا بسمّ يتجرَعُه في النّارِ، وإنْ كانَ قتل نفسه بأن طعنها بآلة حادّة، كانَ عذابه أيضًا بنفس الآلة يطعنُ بها في بطنه؛ فالجزاء من جنس العمل .

ـ  ويقصد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من تردى من جبل فقتل نفسه) يقصد به الانتحار .

 أسباب الانتحار

1- اليأس من قضاء الله تعالى وقدره.

2- قلة الإيمان بالله تعالى.

3- عدم الصبر على قضاء الله تعالى.

ـ فعلاقة الإيمان بالقضاء والقدر والحفاظ على النفس طردية متلازمة  لأن الإيمان بالقضاء والقدر يجعل العبد يحافظ على حياته خوفا من سخط الله تعالى .

من دلالات الحديث ،مكانة ما بعدها مكانة:

لقد جعل الخالق عزوجل للنفسِ الإنسانية مكانةً عاليةً لا تساويها أي من مخلوقاته عزوجل؛ فكرَّمَها، ودعا إلى تقديرها في حياتها وبعد مماتها، وجعلَ ما يؤذيها قبل الموت يؤذيها أيضًا بعد الموت، قال: « كسر عظم الميت ككسرِ عظم الحي». (ابن ماجة)

 مظاهر تكريمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَل للنَّفْسِ البشرية

1- الرزق الحلال وأكل الطيبات يقول تعالى: ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْتَهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) (الإسراء) :

اقرأ أيضاً  صلة الرحم

2- خلقه في أحسن صورة يقول تعالى: ( وَصَوَرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) (التغابن (3) :

 3- سجود الملائكة لآدم عليه السلام يقول تعالى: ( فَإِذَا سَوَيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) :

 4- خلافة الأرض وعمارتها يقول تعالى: ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائكَةِ إِنِّي جَاعِلُ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ (البقرة 30)

 5- تسخير كل ما في الكون لخدمة الإنسان يقول تعالى: ( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ) (الجاثية (13)

6- عمارة الأرض يقول تعالى: ( هُوَ أَنشَاكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ (هود 61) .

مقترحات وحلولٍ لمحاربة فكرة الانتحار

1- التوعية بخطورة الانتحار.

2- الحد من العنف المنزلي.

3- الرعاية الطبية لمن يعانون من الإضرابات النفسية.

4- تقوية الوازع الديني .

5- متابعة الأبناء والوقوف معهم في حل مشاكلهم.

6- الصحبة الصالحة التي تقوي إيمانهم.

7- بث الأمل في النفوس.

8- الارتقاء بالقيم الإسلامية وتطبيقها.

ـ العلاقة بينَ الحديثِ الشَّريفِ الوارد في البداية والآية الكريمة التالية:

( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَها ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا). (الفرقان) فالإيمان بالله تعالى يستوجب على المسلم حفظ نفسه ولا يعرضها من الهلاك فقتل النفس من أعظم الكبائر بعد الشرك بالله.

زر الذهاب إلى الأعلى