العقيدة الإيمانية

منهجية التفكير في الإسلام

منهجيه التفكير فى الاسلام

أسرار العقل البشري

يكتشف العلماء كل يوم أسرار عن العقل البشري، كل إنسان له قدرات عقلية ضخمة فإن أهملها واشتغل بتوافه الأمور تختفي وإن أحسن تحفيزها تظهر, فمشاكل الذاكرة لدى الإنسان ناجمة عن سوء الاستخدام.

إن أهمية العقل تتجلى من خلال الأدوار التي ينبغي أن يؤديها في حياتنا، من التمييز بين الصواب والخطأ، ودفع الضرر، وجلب المصلحة، واكتساب العلوم والمعارف، وغيرها الكثير,  لذا نجد أن الإسلام وضع العقل في المكانة التي تليق به، فوجه الخطاب في كثير من الآيات الكريمة لأصحاب العقول، قال تعالى:” إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون”، لافتا إلى الدور الذي يجب أن يضطلع به أصحاب العقول، كما دعا إلى احترام ما يتوصل إليه العقل، وتقدير العلوم والخبرات والنتائج التي وصل إليها أصحاب العقول.

وقد أطلق الإسلام للعقـل حـريـة التفكيـر مـن خـلال دعوته للتأمل والتفكر، مـن أجـل الإفـادة مـن مسخرات اللـه فـي الكـون، وليتمكن الإنسان من القيام بوظيفتـه فـي الحيـاة، والوصـول إلـي مـا يحقق سعادته، ونظرا لسمو الهدف كان لا بـد مـن تجنيـب العـقـل مـا يضعفه أو يشتت جهوده لتعلـق مصلحة الإنسان ببقائه في أحسن حالاته، ولذلك وضع الإسلام منهجية للتفكير تضبط مساره ، وتضمن الوصول إلى نتائج يطمئن لهـا العقل، ويثـق بـهـا النـاس.

الفرق بين العقل والدماغ والمخ

فالعقل معنوي ويقصد به القدرة على التفكير الذي يتميّز به الإنسان عن باقي المخلوقات، أما الدماغ فهو جزء مادي موجود داخل الجمجمة وأما المخ فهو الجزء الأكبر من الجهاز العصبي داخل الدماغ ويهتم بوظائف الإحساس العقلي والإدراكي.

تعريف منهجيه التفكير في الإسلام

خطوات منظمة وعلمية، محاطة بتوجيه رباني، للتأكد من وصول التفكير إلى نتائج إيجابية وسليمة، حيث تبدأ هذه الخطوات عندما يتعرض العقـل إلـى مثير، فيبدأ بحالة الإحساس والشعور.

خطوات حل المشكلات

الخطوة الأولى: تستدعي جمع المعلومات وفهم المشكلة ( تحديد المشكلة ) مع احترام مشاعر الآخرين وخصوصياتهم وكرامتهم، فالنبي لم يكن يسمي صاحب موقف ما، فكان يقول: ما بال عامل، أو يقول: ما بال أقوام.

الخطوة الثانية الأسباب التي أدت إلى وجود تلك المشكلة.

اقرأ أيضاً  أدلة وحدانية الله

الخطوة الثالثة بوضع الحلول المناسبة، وبمعنى آخر فرض الفرضيات، وهذا رغبة بالمشاركة الإيجابية والانتقال إلى الأفضل.

الخطوة الرابعة وهي التأكد من صلاحية الحلول وتحديد أفضلها بعقلانية وموضوعية تامة، ويمكن تسمية ذلك بإثبات صحة الفرضيات. من هنا نجد أن التفكير المنهجي في الإسلام هو تفكير علمي، يهتم بالوسائل کما يهتم بالنتائج؛ لأن الغايات النبيلة تحتاج إلى وسائل نبيلة كذلك.

تعريف المنهج التفكيري

التفكير هو نشاط عقلي، يقوم بتنظيم خبرات الإنسان لاتخاذ قرارات في بعض الأمور، أو لحل مشكلات معينة.

 والمنهج هو الوسيلة والطريق المستقيم، وعند ضم المنهج إلى التفكير فيصبح تفكيراً منهجيّاً, فيُقصد به التفكير الذي يسير ضمن إجراءات واضحة وأسس، من أجل الوصول إلى نتائج إيجابية وواضحة.

مكانة العقل في الإسلام

1- خطاب الآيات القرآنية موجه لأصحاب العقول قال تعالى: ” إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ .” وفي هذا تكريم للعقل.

2- مخاطبة العقل بالبعد عن كل ما يضعفه أو يشتت جهوده وفي هذا دليل على مكانته في الإسلام.

3- دعا الإسلام إلى احترام ما يتوصل إليه العقل.

4- دعا الإسلام العقل إلى التفكر و التأمل.

5- تقدير العلوم التي يحتاجها العقل.

6- أعطى الإسلام للعقل حرية التفكير.

أسس منهج التفكير في الإسلام

1- وحدانيته سبحانه وتعالى فكل ما ينتج عن هذا التفكير لا بد وأن يكون موافقا لوحدانيته تعالى.

2- جعل الله الإنسان خليفة في الأرض: فالهدف عمارة الأرض والبناء وعدم التخريب ولن يتم ذلك إلا بالتفكير المنهجي السليم.

3- الاعتراف بالحريات الإنسانية.

4- الارتباط بالإنسان وأفعاله، فكل الأفعال لها مسبب وهو فعل الإنسان، فالإسلام يشجع على التغيير وفق قدرة الإنسان.  

5- وحدة الدين والأمة: هذا يدعو إلى بناء منهجٍ عقلي متحد ومتكامل يسعى لتلبية متطلّبات الجماعة.

خصائص التفكير المنهجي في الإسلام

1) التفكير عبادة بالمفهوم العام.                                      2) التفكير تحكمه وتقيده الأخلاق.

3) التفكير في الإسلام منطقي وموضوعي.                 4) التفكير في الإسلام إيجابي:

5) التفكير شمولي متوازن.

الشرح والتفصيل

 عندما التزم بها المسلمون تفوقوا في شتى المجالات، وبرز منهم علماء كبار في مختلف العلوم، ولا يزال العالم المعاصر يدين لجهودهم ويقدرها و يحترفها:

1) التفكير عبادة بالمفهوم العام: لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالتفكير والتأمل في آيات كثيرة، قال تعالى:

( وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ السَّمَٰوَٰتِ وَالۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا سُبۡحَٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) (آل عمران: 19)، المسلم في تفكيره يكون في عبادة لله تعالى وهو مأجور على ذلك، ولا يمل أن يعبد الله وينال ثوابه، بما فيه الخير، وبما يحبه الله، فمعرفته تعالى وخشيته سبحانه  تكون عن طريق التفكير، قال تعالى: “إنما يخشى الله من عباده العلماء ” [فاطر: 28].

اقرأ أيضاً  العقل والنقل والعلاقة بينهما

فتفكير المسلم أساسه الإيمان بالله تعالى، وإيمانه برسالة النبي صلى الله عليه وسلم، فيتحكم في نفسه من خلال التفكير وفق الشريعة الإلهية. قال الله في حديثه القدسي: [ إذا هم عبدي بالحسنة فلم يعملها كتبتها له حسنة’ فإن عملها كتبتها له عشر حسنات’ وإن هم عبدي بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه’ فإن عملها كتبتها واحدة] ابن حبان. حيث جعل مجرد التفكير بالحسنة « تفكير إيجابي» له أجر وإن لم تفعله وجعل التفكير بالسيئة « تفكير سلبي» لا يحاسب عليها إلا بعد فعلها.

2) التفكير تحكمه وتقيده الأخلاق، فالأخلاق ثابتة لأنها تنبع مـن عـقـيـدة ثابتة قوية، وليـس مـن مـصالـح  أو أمور وسطحية ضيقة أو وقتية زائلة، فالتفكيـر فـي الإسـلام يقدر جهود الآخرين، ويـحتـرم عـلـومهم، واحترام الرأي الآخر، ويقـوم عـلـى الـحـوار، فهو تفكيـر يلتزم بالأمانة العلمية، فلا ينسب أحد لنفسـه مـا ليـس لـه قال الله تعالى: “لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم”(188)(آل عمران). الأخلاق تضبط اتجـاه التفكير، فـلا يـكـون فيمـا يضـر الخـلـق، أو يمنعهـم مـن حقوقهم، أو يفـوتُ مصالحهـم، إذاً فهـو تفكيـر أخلاقي.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ لقد هممت أن أنهى عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر أولادهم ذلك شيئا” “صحيح مسلم]، فكر النبي صلى الله عليه وسلم  في مصلحة الأمة في إبعاد الخطر عن الأطفال، وبعدما اطلع على تجارب الأمم الأخرى بثقة طبق النتائج التي توصلوا إليها .

3) التفكير في الإسلام منطقي وموضوعي، يتحرى الحقيقة، ويراعي الدقة، فحثنا الإسلام بأخذ الحكمة أينما وجدت، لأنها بحث المؤمن، ومن موضوعية المؤمن في الحكم على الأمور أن يبتعد عن كل ما يؤثر على الهوى والعاطفة، لأن العاطفة قد تحرِّف التفكير عن مساره، کمن يتعصب لرأيه، قال الله تعالى: { أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم : الجاثية: 23]، ولذلك حرم الإسلام التخمين، وحث على اليقين، وعدم اتباع الظن الوهمي، لأنه لا يوصل إلى الحقيقة، وأمرنا بالأخذ والاعتماد على البراهين والأدلة، قال تعالى: “وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا”(يونس: 36)

اقرأ أيضاً  العقل في الإسلام

4) التفكير في الإسلام إيجابي:

 جعل الإسلام لكل فرد في المجتمع دور يقوم به، ويعمل على تحقيقه، وهو يمثل هدفه في الحياة وبذلك يصبح عنصرا منتجا ونافعا لذاته ولغيره، ومن هنا لابد أن يدع التفكير السلبي،

وتجنب معوقات التفكير السليم فلا يأس ولا إحباط ولا أنانية قال تعالى: ( قُلۡ يَٰعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ اللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ (53).

 وكذلك يبتعد عن الحسد کسلوك سلبي يثير البغضاء، ويدمر طاقات المجتمع.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “دب إليكم داء الأمم قبلكم، البغضاء والحسد، والبغضاء هي الحالقة، ليس حالقة الشعر ولكن حالقة الدين، والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أنبئكم بما يثبت لكم ذلك أفشوا السلام بينكم” ( رواه البزار).

 ولقد غير البني أسماء بعض الأشخاص من أجل إبعادهم عن السلبية، ونقلهم إلى الإيجابية، فغير اسم امرأة كان اسمها “عاصي” إلى “جميلة”، وفي المقابل فقد دعا الإسلام إلى التفاؤل والأمل وإحسان الظن بالله تعالى، وعندما جاء رجل إلى النبي يسأله حاجة أمر النبي ببيع بعض متاعه، وأن يقسم الثمن بين حاجة أهله ويشتري بالنصف الآخر فأساً، ففعل الرجل، وبعد أيام جاء ومعه ما يغنيه عن سؤال الناس، وفي هذا الموقف نقل النبي صلى الله عليه وسلم الرجل من السلبية والاتكال واليأس إلى الإيجابية والإنتاجية والأمل والتفاؤل، وهذا يُمثل منهجية التفكير في الإسلام.

 5) التفكير شمولي متوازن:

فالتفكير يعم جميع الجوانب الحياتية المادية والروحية، فلا يكون في جانب على حساب آخر، فيكون التفكير في العلوم الشرعية سواء بسواء في التفكير في العلوم الشرعية لا فرق بينهما، فيتوازن تقدم المجتمع، وتزدهر جميع جوانب الحياة في الوقت نفسه، وقد قال سلمان (رضي الله عنه) لأبي الدرداء: (إن لنفسك عليك حقا، ولربك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتيا النبي فذكرا ذلك فقال له: صدق سلمان ) [رواه البخاري]، وكما حض الإسلام على العبادة فقد حض على العمل والإنتاج، حتى جعل العمل عبادة، وكل هذا يطلق طاقات المسلم للتفكير.

أثر منهجية التفكير في الإسلام على المجتمع

1- وحدة المجتمع وحفظ أمنه .

 -2 تقدم المجتمع في شتى مجالات الحياة.

3فتح جسور التواصل مع الأمم، ونشر ثقافة الحوار.

4تقبل الآخر واحترام رأيه .

5- عالمية التفكير.

زر الذهاب إلى الأعلى