دروس وعبر سورة الملك 25-30
دروس وعبر سورة الملك
خلق الله الخلق لعبادته وجعل لهم يوما للحساب هو يوم القيامة ولا يعلم موعد يوم القيامة إلا الله سبحانه وتعالى، ولقد أَخْبَرَنَا الرَّسول صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ القِيامَةَ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا الله تعالى وحده وَلَمّا سُئِلَ – صلى الله عليه وسلم – عَنْ مَوْعِدِها رَدَّ قَائِلًا: « مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فلا يجوز التنبؤ بِمَوْعِدِ قِيامِ السَّاعَةِ لأن علمها عند الله تعالى.
مَعانِي المُفْرَداتِ الواردة في الآيات 25-30 من سورة الملك:
زُلْفَةٌ: قَرِيبًا مِنْهُمْ.
سيئت: ظَهَرَ عَلَى وُجُوهِهِمْ عَلَامَاتُ الِاكْتِتَابِ وَالمَذَلَّةِ.
بِهِ تَدْعُونَ: تَطْلُبُونَ أَنْ يُعَجَّلَ لَكُمْ (اسْتِهْزَاءً).
أَرَأَيْتُمْ: أَخْبِروني أَوْ أَروني.
يُجِيرُ الْكَافِرِينَ: يُنَجِّيهِمْ، أَوْ يَمْنَعُهُمْ أَوْ يُؤْمِنُهُمْ.
غَوْرًا: ذاهبًا فِي الْأَرْضِ يَصْعُبُ الوصولُ إِلَيْهِ.
بِمَاءٍ مَعِينٍ: ماء جارٍ، سَهْلُ التَّناوُلِ.
دلالات الآيات:
من دلالات الآيات ( لَا يَعْلَمُ الغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى):
يُعَدُّ وَقْتُ قِيامَ السَّاعَةِ مِنَ الغَيْبِيَاتِ الَّتِي لَا يَعْلَمُها إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يُطْلِعَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ، بَلْ إِنَّ الرُّسَلَ مِنَ المَلائِكَةِ وَالبَشَرِ لا يَعْلَمُونَهُ، وَحِينَمَا سُئِلَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَوْعِدِ يَوْمِ القِيامَةِ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالرَّدُّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ وَقْتَ قِيامِ السَّاعَةِ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَأَنَّ مَهَمَّتَهُ هِيَ إِبْلَاغُهُمْ رِسَالَةَ اللَّهِ تَعَالَى، وَحَثُهُمْ عَلَى الِاسْتِعْدَادِ لِيَوْمِ القِيامَةِ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَفِعْلِ الخَيْرِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، وَتَجَنُّبِ ظُلْمِ الْآخَرِينَ، وَعَدَمِ إِيذائِهِمْ.
أثر الإيمان بالغيب على سعادة الفرد:
1- يزيد الانسان قناعة ورضا بقضاء الله تعالى وبالتالي يزيد الايمان في قلبه.
2- يشعر بالسعادة والرضا .
3- يزيد من ثقة العبد بربه فيعيش متفائلا.
من دلالات الآيات ( حَسْرَةُ المُكَذِّبِينَ يَوْمَ القِيامَةِ):
تُصَوِّرُ الآيَاتُ الكَرِيمَةُ حَالَ المُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ القِيامَةِ، حِينَمَا يَرَوْنَ مَا وُعِدوا بِهِ مِنَ الْعَذَابِ قَرِيبًا مِنْهُمْ، فَتَظْهَرُ عَلَى وُجُوهِهِمْ عَلامَاتُ الكآبة وَالنَّدَم وَالمَذَلَّةِ؛ لِمَا اقْتَرَفُوا مِنَ الذُّنُوبِ وَالمَعاصي، وَمَا وَقَعَ مِنْهُمْ مِنْ ظُلْمِ أَوْ إِساءَةِ، وَسَيَقُولُ لَهُمْ خَزَنَةٌ جَهَنَّمَ توبيخاً لَهُمْ: هَذَا هُوَ العَذَابُ الَّذِي كُنتُمْ تَطْلُبُونَهُ وَتَسْأَلُونَ عَنْهُ اسْتِهْزاءً وَاسْتِنْكَارًا، وَقَدْ عَبَّرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ بِفِعْلِ الماضي (رأى) عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِإِفَادَةِ تَحَقُّقِهِ كَأَنَّهُ حَدَثَ فِعْلًا.
من دلالات الآيات ( تَمَنِّي الخَيْرِ لِلْآخَرِينَ):
يَحْرِضُ المُسْلِمُ دَائِمًا عَلَى تَمَنِّي الخَيْرِ لِلْآخَرِينَ، لِأَنَّ الَّذِي يَتَمَنِّى الشَّرَّ لِغَيْرِهِ يَمْتَلِئُ قَلْبُهُ حِقْدًا وَحَسَدًا وَلَنْ يَكُونَ مَحْبُوبًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَعِنْدَ النَّاسِ، فَبَعْدَ أَنْ كَانَ غَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ يَدْعُونَ عَلَى الرَّسُولِ ، وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِالهَلاكِ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( قُلْ أَرَأيتُمْ إِنْ أَهْلَكَنيَ اللَّهُ وَمَن مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَفِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) (الملك: 28)، لِذَلِكَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيِّهُ مُحَمَّدًا وَ أَنْ يُخْبِرَ الْمُكَذِّبِينَ بِأَنْ لَا مُنْقِذَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا بِالتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ إِلَى دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَنْفَعُهُمْ وقوع ما يَتَمَنَّوْنَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ العَذَابِ فَلَنْ تُحَلَّ مَشَاكِلُهُمْ بِتَمَنِّي الشَّرِّ لِلْمُسْلِمِينَ .
وكان غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ يدعون عَلى الرّسولِ وَالْمُؤْمِنِينَ بِالهَلاكِ، بسبب كرههم للرسول ﷺ والمؤمنين وحقدهم على الإسلام.
دلالة الاستفهام في قَوْلِهِ تَعالى: ( قُلْ أَرَأيتُمْ إِنْ أَهْلَكَنيَ اللَّهُ وَمَن مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَفِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) قُ (الْمُلْكُ: 28)، أنَّ هلاك المؤمنين أو نجاتهم لن ينقذ المكذبين الضالين من عذاب الله تعالى .
من دلالات الآيات ( الإيمَانُ وَالتَّوَكُلُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى):
اتَّصَفَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وَالمُسْلِمُونَ بِالتَّوَكُلِ عَلَى اللهِ لِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِهِ، وَالتَّوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ مُؤَشِّرُ مِنْ مُؤَشِّراتِ الإيمان، قال تعالى: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَا وَ عَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) (الأنفال (2)، وَهُوَ مِنْ أهم أسبابٍ سَعادَةِ المُؤْمِنِ.
ـ مفهوم التوكل على الله تعالى:
هو تفويض الأمر إلى الله تعالى والاعتماد عليه مع الأخذ بالأسباب.
العلاقة بين الإيمان بالله والتوكل على الله تعالى:
التوكل دليل على قوة إيمان الإنسان وقد جعل الله تعالى التوكل عليه من أهم صفات المؤمنين
من دلالات الآيات ( انْفِرَادُ اللَّهِ تَعَالَى بِالنِّعَمِ):
خلق الله تعالى الكونَ بِكل مَا فِيهِ مِنْ نعَمَ وَمَن هَذهِ الْنعمَ المَاءُ الَّذِي لَا تَسْتمر الحَيَاة بِدونه فَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ مِنه كُلِّ شَيْءٍ حَي ، وَمِنْ فَضْلِهِ أَن جعل الماء في سائر أقطار الأرض لتحقيق حاجة الناس، فعلى العباد أن يستعظموا نعمة الماء ويحافظوا عليها شكراً لله تعالى .
يقول تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيء حي)
ـ وشكر الله سبحانه وتعالى على نعمة الماء يكون بالمحافظة على الماء من التلوث وعدم هدره وعدم إسرافه دون فائدة.
وغير المؤمنين يسألون عن موعد قيام الساعة، فيه دلالة على استهزائهم وإنكارهم واستبعادهم لوقوع يوم القيامة.
ـ حال غير المؤمنين يوم القيامة عندما يجدون ما وعدوا به من العذاب، ويظهر على وجوههم علامات الكآبة والندم والمذلة.
فمن يهدر الماء ولم يحافظ على هذه النعمة قد يؤدي لزوالها ونفاذ الماء وبالتالي تموت جميع الكائنات الحية، ويعيش الإنسان في قحط.