أحكام الإسلام

مقاصد الشريعة الخمسة

مقاصد الشريعة الخمسة

أرسل الله الأنبياء والرسل، وأنزل عليهم الكتب ونظم لهم الشرائع، وختم الله الرسل بسيد الخلق، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وختم الكتب السماوية والشرائع بالقرآن الكريم، وكل الأحكام الشرعية في كتاب الله، وسنة نبيه، إنما نزلت لحكمة وغاية، لجلب مصلحة أو لدفع مفسدة، أو لكليهما معا، وصولا إلى تحقيق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، قال تعالى: الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِراطِ الۡعَزِيزِ الۡحَمِيدِ”(1)(إبراهيم)

فالغاية من خلق الإنسان من خلال تتبع آيات القرآن الكريم المتعلقة بالإشارة إلى هذه الغاية:

 الغاية من خلق الإنسان قال تعالى: “وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ (56)

 قال تعالى: “وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ (30).

قال تعالى : “الَّذِي خَلَقَ الۡمَوۡتَ وَالۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفُورُ (2)“.

تعريف علم مقاصد الشريعة

الشريعة مبنية على تحقيـق مصالح العبـاد فـي الدنيا والآخـرة، وهـي عـدل كلها، ورحمـة كلها، وحكمة كلها.

 المقاصـد لغـة جمع مقصـد، والقصـد ضـد اللهـو والعبـث. 

ومقاصد الشريعة فـي اصطلاح العلماء: هـي الغايات والأهـداف الكليـة، والحِكَـم الجزئيـة التـي اعتنت بها الشـريعة الإسلامية؛ لتحقيـق منافع العبـاد فـي الدنيـا والآخـرة.

إنَّ الشريعة عـدل اللـه سبحانه بيـن عبـاده، وظلـه فـي أرضه، ورحمتـه بيـن خلقه، وحكمته الدالة عليـه سبحانه وعـلـى صـدق رسوله عليه السلام.

 فالإسلام يقوم على سد ومنع الطرق والوسائل التي تؤدي إلى المفاسد، كتحريم بيع السلاح زمن الفتنة، ومنع المفاسد هدف ومقصد شرعي؛ فالنظر في نتائج الأفعال معتبر ومقصود شرعا, إلا في حالة الإضرار فإذا لـم يجـد الإنسان إلا الميتة، فيحـل لـه  في هذه الحالة الأكل منها، لأنَّ حفظ النـفـس مـن الهـلاك، مقصد مـن مقاصد الإسلام.

فوائد دراسة مقاصد الشريعة

1- تحصين المسلم مـن الأفكار الهدامة: فالمقاصد تيسـر فـهـم الصـورة الشاملة لأحكام الإسلام وغاياته العظيمة، القائمة على الرحمة والعدل، فكل ما يؤدي إلى الفساد والضـرر ليس مـن الشريعة، قال تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُواْ الۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ (185) (البقرة)،

 وهـذا يجعل المسلم عنده مناعـة قوية ضـد الدعـوات الهدامة التي تربط الإسلام بالإرهاب والعنف، وتشويه صورة الإسلام الحقيقية، وتخفي محاسنه.

2- المقاصد رونق الأعمال وروحها: فإذا لـم يـُدْرك مقاصدها والعبــرة منهـا، فالأعمال التي يمارسها المسلم تظـل بـلا روح وهـامـدة، فالمقاصـد تساعد الشـخـص مـن إدراك وفهم المنفعة الناتجـة عـن أعماله، ليحرص ويحافظ عليها، ويبتعد عن الأضرار المترتبة عليهـا، فيؤدي أعماله بإخلاص وثبـات.

3- المقاصد مصدرمهم في الفصل والحسم في الاختلاف والنزاع الفقهي: وذلك عن طريق ترجيح القـول الذي يحقق مقاصد الشريعة ويتفق مع أهدافها في جلب المصالح ودفع الضرر.

4- المقاصد مصدر مهم، للبحث والاجتهاد في المسائل والأحداث المستحدثة، ومعرفة الأحكام الشرعية الفرعية والأصولية.

العلاقة بين الضرورة والضرر

إنَّ الضرورة تندرج تحـت قـاعـدة حـفـظ الشريعة للضروريات الخمس.

 فالضـرورة معنـاه الاحتياج الشديد واجتمع فيه( معنى الاحتياج) من ناحيتين:

1- إنها سـبـت مـن أسباب الرخصـة (لمنع الضـرر): فالضـرورات تبيح المحظورات، فـإذا كانـت الضـرورة ناتجـة عـن ضـرر واقع، أو متوقع، كالاحتياج الشديد والاضطرار، فقـد كـفـل الإسـلام حفظ الضروريـات بـأن أبـاح ارتكاب المحظورات.

2-إن المقاصد أعلى درجات ومراتب المصالح (الإنسانية) وأقواهـا: فالحاجة إليهـا ضرورية، من هنا يـكـون الضرر المترتب على عدم وجودها كبيرًا، لأهميتها وقيام الحيـاة عليها، فقيامهـا يحمي الإنسان من الضرر.

الضروريات الخمس

الضرورة في اللغة من الضر، ضد النفع، والضرورة تأتي بمعنى المشقة، والحاجة الشديدة. وتسمى الضرورات الخمس بالكليات، والأصـول، والمقاصـد.

اقرأ أيضاً  مصادر التشريع الإسلامي

 والمصالح( الضروريات) الخمس: هي الأفعال والأمـور التـي تنظم حـيـاة الناس وتقوم عليها، وسبب لنجاتهـم فـي الآخـرة، ووجودهم في الحياة متوقف عليهـا، فـلـو فُـقـدت  المقاصد لاختـل نـظـام الحيـاة، وخسر الإنسان الآخرة.

وتنحصر مصالح الناس الضروريـة فـي ضروريات مرتبة حسب أهميتهـا:

1-حفظ الدين.

2- حفظ النفس.

3- حفظ العقل.

4- حفظ النسل.

5- حفظ المال.

 فلقد جمع الله الخمس ضروريات في قوله: “قُلۡ تَعَالَوۡاْ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ أَلَّا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡـٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗاۖ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُم مِّنۡ إِمۡلَٰاقٖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِيَّاهُمۡۖ وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَۖ وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ (151)” “وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۖ وَإِذَا قُلۡتُمۡ فَٱعۡدِلُواْ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰۖ وَبِعَهۡدِ ٱللَّهِ أَوۡفُواْۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ (152) (الأنعام)”

حفظ الضروريات الخمس

أولا: مقصد

حفظ الدين

حفظ الدين أهم مقصد من المقاصد فهو في مقدمة كل المقاصد والمصالح، فالدين فطرة إنسانية، وضياع هذا المقصد يؤدي إلى ضياع المقاصد الأخرى، وكل الشرائع متفقة على وجوب المحافظة عليه، قال تعالى: “فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ (30) (الروم)، فالدين جامع العقائد والعبادات والقوانين والأحكام التي وضعها الله تعالى وشرعها لتحسين علاقة الناس بربهم، وعلاقات الناس ببعض، والحفظ يكون من جانبين: جانب الحماية، وجانب الوجود.

 أ. حفظ الدين من جانب الوجود:

 ويكون ذلك بطرق عديدة، منها:

1- إقامة أركان الإيمان على أساس العلم والتفكير والتأمل، وأداء أركان الإسلام وفروضه العينية واتباع أحكام الدين التي لا يصلح الناس إلا بها.

2- تعلم العلوم الشرعية، وفتح باب الاجتهاد، الذي يعد من الفروض الكفائية، لمواجهة المستجدات ومسايرة حاجات ومصالح الإنسان ، قال تعالى : (وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةٗۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ (122) (التوبة)

3- الدعوة إلى الله تعالى بالحوار، والحجة والأدلة، والإقناع، والأدلة، قال تعالى: “ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ (125) (النحل)، فالإسلام لا يُکره أحدا على اعتناقه، ويقر التعايش مع الآخرين، ويدعو إلى التسامح، قال تعالى: وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَأٓمَنَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ كُلُّهُمۡ جَمِيعًاۚ أَفَأَنتَ تُكۡرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ (99)( يونس)

ب. حماية الدين ومنع الاعتداء عليه:

ويكون ذلك بطرائق كثيرة، منها:

1- الجهاد في سبيل الله تحت راية ولي الأمر الحاكم، فللحاكم القيام بالإجراءات والسياسات المناسبة؛ لمنع الفتنة في الدين، وتأمين حرية الاعتقاد والعبادة للجميع، قال تعالى: (وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّهُدِّمَتۡ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٞ وَصَلَوَٰتٞ وَمَسَٰجِدُ يُذۡكَرُ فِيهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِيرٗاۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) (الحج)

2- مواجهة الذين ينشرون الفساد، ويدخلون الدين بقصد إحداث بلبلة فكرية، أو سياسية تضطرب بها أوضاع المجتمع، وتتم مواجهتهم بمنعهم من نشر أباطيلهم، ودعوتهم للرجوع إلى الحق، وتطبيق العقوبة عليهم إذا لم ينتهوا ويرجعوا، قال تعالى: “وَقَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوٓاْ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ (72)”. (آل عمران)

3- حرم الإسلام سَبّ مُعتقدات الآخرين، مهما كان، قال تعالى : وَلَا تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدۡوَۢا بِغَيۡرِ عِلۡمٖۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرۡجِعُهُمۡ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ (108) ۱۰۸)(الأنعام)، كما حرم ازدراء الدين، والاستهزاء به، قال تعالى : (وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ (65)(التوبة).

اقرأ أيضاً  سنن الفطرة

ثانيا: مقصد:

حفظ النفس

تنويه: (التبرع بالدم أعلى منزلة وأعظم أجرا من التبرع بالمال؛ والإنسان أغلى من المال, لأن الدم سبب الحياة، وهو جزء من الإنسان ).

وقد عنيت الشريعة الإسلامية بحفظ النفس، ورعايتها، ويتم ذلك من طريقين:

 أ. حفظ النفس من جانب الوجود:

ويكون ذلك بوسائل عدة، منها:

1- أوجب على الإنسان أن يمد نفسه بوسائل الإبقاء على حياته من ضروري الطعام والشراب واللباس والسكن، وأن يحافظ على صحته بالأخذ بأسباب الوقاية من الأمراض، والتداوي عند المرض.

2- أباح الله تعالى للإنسان المحظورات، و أكل المحرمات من الميتة وغيرها عند الاضطرار إليها بقدر ما يدفع عنه الهلاك ؛ حفظا للنفس و إبقاء لها، قال تعالى: ( فَمَنِ اضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ (145) (الأنعام)

ومن التطبيقات المعاصرة لهذه القاعدة:

أ- جواز نقل الأعضاء من الميت إلى الحي للضرورة، لأن فيه إزالة للضرر عن الحي بضرر أخف منه فالأموات وإن كانت لهم حرمة، ولكن قدم مصالح الأحياء على الأموات، ولا تجري هذه العملية إلا بشروط أهمها إذن الميت حال حياته على التبرع دون عوض مالي، وموافقة أهله كذلك.

ب- جوار رمي الجمرات أيام التشريق ليلا؛ لكثرة الزحام، وللمحافظة على أرواح الحجاج، مع أن الواجب الرمي بعد الزوال وقبل الغروب.

  ج. تشريع الرخص حماية للنفس: کرخصۃ الفطر في رمضان للمريض، والجمع والقصر بين الصلوات للمسافر، والتيمم والمسح على الجبيرة، فهذه الرخص مشروعة حماية للنفس، ورفعا للحرج عن المكلفين؛ ولهذا أقر النبي عمرو بن العاص لما صلى بأصحابه بالتيمم؛ خشية الهلاك. (أبو داود) 

ب. حفظ النفس من جانب الحماية:

   ويكون ذلك بوسائل عدة، منها:

1- تحريم الاعتداء على النفس بغير حق، فأوجبت الشريعة القصاص في القتل العمد، والدية والكفارة في القتل الخطأ.

2- تحريم الانتحار، فالإنسان ملك لخالقه، والنفس أمانة عند صاحبها، وعلى الإنسان أن يحافظ عليها حتى يستردها الله تعالى متى شاء.

3- سد الذرائع المؤدية لهلاك النفس أو الغير، كتحريم بيع السلاح زمن الفتنة؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، وتحريم إشهار السلاح والإشارة به ولو مُزاحاً؛ وذلك لاحتمال وقوع الضرر من غير قصد، وتحريم تناول كل ما يضر الجسم كالمخدرات والتدخين.

 مخاطر الانتحار

1- الخلود في النار.

2- حرمان المجتمع من الانتفاع بطاقات المنتحر ومواهبه.

3- عدم الرضا بقضاء الله تعالى.

فتحريم السرعة والتهور في قيادة السيارة من التطبيقات المعاصرة لهذه القاعدة.

وقد نرى بعض السرعات الزائدة في الطرقات مما يؤدي ذلك لحدوث بعض الوفيات:

ثالثا: مقصد:

حفظ العقل

 للعـقـل فـي الإسلام أهمية كبرى، فهو أعظم منحـة مـن رب العالمين للإنسان، وسبيل معرفة الله عز وجل، يرشده إلى الخيـر ويبعـده عـن الشـر، ويكـون مـعـه مـرشـدا ومعينا، بـه كـرم الله تعالى الإنسان وفضله علـى سائر المخلوقات، وبالعقـل تهيأ للقيام بخلافـة اللـه فـي الأرض، وحمـل الأمانـة مـن الله تعالى، ولهذه الأهمية الخاصة حافظ الإسـلام علـى العـقـل وسـن مـن التشريعات مـا يضمـن سـلامته وحيويته، ومنها:

 أ. حفظ العقل من جانب الوجود (الحفظ التنموي للعقل):

1- طلب العلم: فالعلم هو الطريق الوحيـد لتنمية العقـل وإعداده إعداداً سليما، ومتكاملاً، وشاملًا.

2- التوجيه والحث على الاجتهاد والبحث العلمي وإعمال العقل، عن طريق الدعوة إلى التدبر والتأمل في آيات الله، وأسـرار الكـون، وصولا إلى الإبداع، والابتكار، والاختراع، في شتى المجالات التي تخدم البشرية.

وقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم  بحفظ العقل بالقضاء على الأمية من خلال تعليم الأسير عشرة من المسلمين الكتابة والقراءة.

*تنقسـم العـلـوم إلـى عـلـوم تـقـع فـي دائـرة الفـروض العينية، وهـي مـا يـضـطـر المسلم لتعلمـه ومعرفتـه مـن أحـكام دينه وعباداته، ومعاملاته، كل حسب حاله، وعلـوم في دائرة الفروض الكفائية، تحتاجها الأمـة لتكون أمـة قوية مكتفية الحاجات. وهناك علوم كفائية  يحتاجها المجتمع مثل العلوم الطبية ، الهندسية، الاقتصادية.

اقرأ أيضاً  التيمم والمسح على الخفين

من مسؤوليات الأمة حفظ عقول أبنائها من كل ما يضعف قدراتهم على التأثير والإبداع وتوفير فرص العمل المناسبة ووضع القوانين اللازمة.

ب. حفظ العقل من جانب الحماية (الحفظ الوقائي للعقل): وذلك من خلال: مفسدات العقل الحسية: بتحريم يم الخمر والمخدرات. تحریم مفسدات العقل المعنوية؛ من خلال:

 أ. مواجهة الأفكار الهدامة المتطرفة، والتصورات الفاسدة، والحوار بالحجة والإقناع.

ب-تحريمر العقل من سلطان الخرافة، والأوهام القائمة على الجهل والتقليد الأعمى.

 ج. تحريم السحر، والكهانة، والشعوذة، وغيرها من أساليب الدجل والخداع. أصنف: مفسدات العقل التالية في الجدول الآتي:

(قراءة الأبراج – سماع الأغاني الماجنة – المخدرات – الأفكار الهدامة – الخمر )

فهناك مفسدات مادية للعقل كالخمر والمخدرات وكالمفسدات المعنوية للعقل كقراءة الأبراج وسماع الأغاني والأفكار الهدامة وكل ما من شأنه أن يؤثر على العقل، ويضر به، أو يعطل طاقاته.

رابعا: مقصد:

حفظ النسل والعرض

 لقد عنيت الشريعة الإسلامية بحفظ العرض والنسل، لمنع اختلاط الأنساب، وانتشار الأمراض والفساد الأخلاقي، والوقوع فـي المحن والمصائب، وحفظ النسل  يكون على جانبين:

أ. حفظ النسل (العرض، النسب) من جانب الوجود:

1- شرع الإسلام الزواج وحث عليه، وعمـل علـى تيسير أمـوره، وإزالـة مـا يعترضـه مـن عـقبـات مالية أو اجتماعية؛ فالزواج هـو الطريق الطبيعي لحفظ النسـل والعرض.

 أ. وضع التشريعات التي تحفظ الأسـرة فـي جميع مراحلها، ونظم الحقوق والواجبات بين أفرادها، ودعا إلى إقامتها على أسس سليمة.

 ب. حفظ النسل (العرض، النسب) من جانب الحماية: تحريم الزنا، وعـده الإسـلام مـن الكبائر، كما سد الذرائع المؤدية إليـه، فنهـى عـن التبـرج وأمر بالعفة والحياء، وغض البصر، وستر العورات، والاحتشام في اللباس، ووضع ضوابط الاختلاط.

3- تحريم الإسلام للقذف؛ صيانة للأعراض، ورتب العقوبات على الذين يتهمون الناس في أعراضهم من غير بينة.

 3.تحريم التبني.

خامسا: مقصد:

حفظ المال

المال عصب الحياة، وقد جبل الإنسان على حبه، قال تعالى: وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبّٗا جَمّٗا (20) (الفجر)، وهو الوسيلة الأساسية التي تساعد الناس على تأمين العيش، وتبادل المنافع، لذلك كان المال مصلحة ضرورية للفرد والمجتمع، حيث تستقيم حياتهم به، وقد شرع الإسلام من التشريعات ما يحفظه من طريقين:

 أ. حفظ المال من جانب الوجود: وذلك من خلال:

 1- إيجاب السعي لطلب الرزق بالطرق الحلال.

 2- تدوير المالي وإخراجه من دائرة الاكتناز والاحتكار، إلى دائرة تدوير في المجتمع، فأوجب

الزكاة، وحث على الصدقة، كما حث على استثمار المال في مجالات الإنتاج: الزراعة، والتجارة، والصناعة، وغيرها من الطرائق التي يعود نفعها على الفرد والمجتمع.

 3- إنفاق المال في الوجوه المشروعة سواء في الحاجات أو الضروريات أوالكماليات، وذلك بتوسط واعتدال، فلا إسراف ولا تقتير.

طرائق أخرى لحفظ المال

 *رفع قدر العمال، والإعلاء من شأنهم.

*إباحة وجواز المعاملات العادلة حفاظاً على الحقوق، فلا ظلم فيها ولا اعتداء على حق أحد.

ب. حفظ المال من جانب الحماية: وذلك من خلال :

1- تحريم الاعتداء على الأموال بالسرقة، أو بغصب المال بالقوة، وقد شرع الإسلام العقوبات الرادعة لهذه الجرائم.

2- تحريم أكل أموال الناس بالباطل، کالرشوة، والقمار، والغش، والربا.

3- تحريم إتلاف المال؛ بالتبذير، والإسراف، ونحوهما؛ مما يؤدي إلى وقوع الضرر بالفرد، والأسرة والمجتمع.

وهذه صور إتلاف وهدر الأموال عند الشباب:

1- ينفقونه في القمار فيضيع عليهم.

2- شراء ما لا يستفاد منه من الحيوانات.

3- إنفاقه في الأسفار، والسياحة التي تكون في معصية الله، أولا منفعة فيها.

وحرم الإسلام الاعتداء على المال العام، وسمى سرقته (غلولا)، وتخريبه (إفسادا).

 وهذه طرائق عملية مبتكرة للمحافظة على المال العام:

1- وضع التشريعات الضابطة لحمايته، وإنشاء هيئات رقابية.

2- زجر كل معتد عليه بالعقوبات الرادعة التي يحددها ولي الأمر.

3- تسخير وسائل التواصل الاجتماعي للتوعية بأهمية الحفاظ على المال العام. 

4- المراقبة والمتابعة من المسؤولين.

زر الذهاب إلى الأعلى