الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

المستظلون في ظل الرحمن

المستظلون في ظل الرحمن

قال تعالى: ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ البشري في الحياةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَتِ الله ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ” فالمؤمن يوم القيامة يكون آمنًا مطمئنًا.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “سبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلُّهِ يَومَ لَا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌ نَشَأَ عِبادة الله ، وَرَجُلٌ قَلْبِهِ مُعَلِّق بالمساجد، ورَجُلانِ تَحَابًا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجلٌ دَعَتْهُ امرأة ذاتُ مَنْصِب وجَمَالِ فَقالَ: «إني أَخَافُ اللَّه” ورجلٌ تصدِّقَ بِصَدَقَةٍ، فَأَخْفاها حتى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُه، ورجلٌ ذكَرَ اللَّهَ خاليًا، فَاضَتْ عَيْنَاهُ».(متفق عليه)

معاني مفردات حديث سبعة يظلهم الله في ظله

إمام:                الحاكم أو القائد وكل من ينوب مكانه بتعليمات وتوجيهات من ولي الأمر بتفويض أو توكيل من الحاكم.

دَعَتْه:             أي طلبته إلى فعل الفاحشة.

ذات منصب:     صاحبة مكانة عالية.

فاضَتْ عينه:      سال دمعها.

 شرح حديث سبعة يظلهم الله في ظله

يرغب الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين في الحديث – رجالا ونساء بالالتزام الديني الصادق، ويغرس قيما إسلاميةً عظيمةً تبني إنسانًا فاضلًا وَمُجتمعًا متعاونًا وَمُتماسكًا.

بدأ الرسول المربي بالإجمالِ بقوله (سبعة يظلُّهمُ اللهُ ليُبيّنَ فَضْلهُم يومَ القيامة وهوَ ظَلُّ اللَّهِ تعالى لهُم يوم لا ظل إلا ظله، ثمَّ بعد ذلك شرع إلى التفصيل والتوضيح، فقد بدأ صلى الله عليه وسلم بالإمام العادل، وفي ذلك حسنُ تدرج من الأهم فالمهم، ثم جاءَ الحديث بعد ذلك ببيانِ الأصناف الأخرى من الذين يظلهم الله في ظله.

اقرأ أيضاً  أحكام الإدغام ( أقسامه وحروفه)

المستظلون بعرش الرحمن يوم القيامة 

أولا: الإمام العادل الذي يفصل بينَ النَّاسِ ويحكم بينهم بالعدل، ويجنبهم الخطر، ويحفظ مصالحهم، ويوفِّرُ لَهُمُ الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ.

قال مبعوث كسرى حين رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، نائما تحت شجرة: «حَكَمْتَ فَعَدَلتَ فَأَمِنْتَ فِنمَتْ يا عمر».

فلعدل الحاكم أثر على المجتمع هو انتشارُ الأمن والأمان والسعادة.

ثانيا: شاب نشأ في عبادة الله تعالى وطاعته، واستمر على ذلك.

قال :صلى الله عليه وسلم: “… وشابٌ نَشَأُ فِي عِبادة الله تعالى” فالنبي  صلى الله عليه وسلم خصص الشباب بالذكر في الحديث وذلك لأن:

1-الشباب أُولو قُوَّة.

2- الشبابُ أكثرُ عُرْضة للذنوب، فمن من يَكُنْ صالحًا وهوَ شابٌّ يَكُنْ صالحًا وهو شَيْخٌ كبيرٌ.

الأمور التي تساعد الشباب على العفة والاستقامة

1- تقوى الله تعالى ومُراقبته.

2- بِرُّ الوالديْنِ.

3- الصُّحْبةُ الصَّالِحةُ.

4- التوبةُ النَّصوح .

ثالثا: رجل محب للمساجد، قلبه معلق بها، وملازما لصلاة الجماعة فيها وَمُحافظًا على قدسيتها.

قال تعالى: “في بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرفَع وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تجارة وَلَا بَيعُ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةَ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا نَتَقَلَبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصاَرُ )

فللمساجد مكانة عظيمة في الإسلام، فالمساجِد مكانٌ لإقامةِ الصلوات الخمسِ وحفظ القرآن   ومكانٌ لتربيةِ الأجيال المؤمنة، فالمساجد مصنع الرجال.

رابعا: رجلان تحابا في الله، واجتمع قلباهُما على طاعته، وإيثار مرضاته وطلب ما عنده. لقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه الصاحب المُحِب الرسول صلى الله عليه وسلم، وظهر ذلك جليا في مواقف عدة، ومنها:

صحبته للرسول في غار ثور يوم الهجرة إلى المدينة المنورة.

قال تعالى: “إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ، لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)

اقرأ أيضاً  سورة الكهف

فالمحبة نعمة عظيمة، فالمحبة لله من غير مصالح دنيوية من صفات المستظلون في ظل الرحمن قال صلى الله عليه وسلم: “… ورَجُلانِ تَحابًا في الله، اجْتَمَعا عليه وتَفَرَّقا عليه”.

خامسا: رجل طلبته امرأة صاحبة منصب وأغوته على فعل الحرام فلم يستجب لها وقال: إني أخاف الله.

فالسبب الذي منع الشاب من اتباع الهوى وارتكاب الفاحشة الخَشْيَةُ من اللهِ تعالى، فمن خشي الله تعالى في سره وعلنه، يُوَفَّقُ في الدُّنيا، ويفوزُ برضا اللهِ في الآخرةِ. 

سادسا: رجل تصدق بصدقة مخلصًا بذلك لله وانا، فاجتهد في إخفائها غاية الاجتهادٍ حَتَّى لا يعلمَ بِهِ إِلَّا اللَّهُ تعالى، تجنبًا للرياء وإبعادا للحرج عن المحتاج.

قال:… ورجلٌ تصدَّقَ بصَدَقَةٍ فأَخْفاها حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُه مَا تُنْفِقُ يَمينُه». فهذا حث على إخفاءُ الصَّدقة لأن إخْفاءها أحبُّ إلى اللهِ من إبدائها، وكذلك حث القرآن على إخفاء الصدقة فقال تعالى: ( إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ ).

 سابعا: رجل ذكر الله خاليا بعيدا عن أعين الناس، في مكان لا يطلع عليه أحد، فخشع من ذلك، فبكى خوفا من الله تعالى.

فمن قرأ القرآن أو ذكر الله تعالى بخشوع وطمأنينة فبكى خوفا منه تعالى كان من السبعة الذين يظلهم الله في ظله.

زر الذهاب إلى الأعلى