الوحي الإلهي ( قرآن وسنة )

الصبر واليقين سورة السجدة

الصبر واليقين سورة السجدة

الصَّبْرُ خُلُقُ حَمِيدٌ، وَيَعْنِي قُدْرَةَ الإِنْسَانِ عَلَى تَحَمُّلِ الصِّعَابِ وَالمِحَنِ، وَقَدْ أَثْنِي اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الصّابِرِينَ فَقَالَ:( إِنَّمَا يُوَفَى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزَّمَرُ 10].

الصبر واليقين سورة السجدة

 قال تعالى:”وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَلَا تَكُن فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآئِهِۦۖ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ (23)  وَجَعَلۡنَا مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ (24) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفۡصِلُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ (25)  أَوَ لَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ يَمۡشُونَ فِي مَسَٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٍۚ أَفَلَا يَسۡمَعُونَ (26) أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلۡمَآءَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡجُرُزِ….)

معاني المفردات:

فِي مِرۡيَةٖ:             في شك.

أَوَ لَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ:        ألم يبين لهم ما غفلوا عنه .

ٱلۡقُرُونِ:             الأمم والأقوام السابقة .

ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡجُرُزِ:     اليابسة والجافة والجرداء التي لا نبات فيها .

هذا الفتح:          النصر علينا .

ينظرون:           يمهلون ليؤمنوا ( يمهلهم الله ليؤمنوا).

دلالات الآيات ( النقاط الأساسية التي تحدثت عنها الآيات):

الكُتُبُ السَّمَاوِيَّةُ تَدْعُو لِلْحَقِّ:

يُخْبِرُ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا أَنَّ ما أَنْزَلَهُ عَلى نَبِيَّهِ موسى – عَلَيْهِ السَّلامُ مِنَ التَّوْرَاةِ، مِثْلَ مَا أَنْزَلَهُ صلى الله عليه وسلم  مِنَ القُرْآنِ؛ فَلا تَكُنْ يا مُحَمَّدُ في شَكٍّ مِنْ تَلَقَّي الْقُرْآنِ كَمَا تَلَقَّى موسى التَّوْرَاةَ، وَالمَقْصُودُ تَقْرِيرُ رِسَالَتِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَتَسْلِيَةً لِهُ، وَتَأْكيدًا بِأَنَّ ما مَعَهُ مِنَ الكِتابِ وَحْيٌ سَماوِيٌّ وَكِتَابٌ إِلَاهِي يَهْدِي إِلى الحَقِّ، وَقَدْ جُعِلَ التَّوْراةُ كِتابَ هِدايَة لِمَنْ آمَنَ بموسى عَلَيْهِ السَّلامُ، جَعَلَ مِنْهُمْ قادَةً وَقُدْوَةً يُقْتَدِى بِهِمْ في الخَيْرِ، يَدعونَ الخَلْقَ إِلى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُرْشِدُونَهُمْ إِلى الدِّينِ بِأَمْرِ وَتَكْلِيفِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالهِدايَةُ قِسْمانِ:

اقرأ أيضاً  المستظلون في ظل الرحمن

أقسام الهداية:

الأول هِدايَةُ تَوْفِيقِ:

وَهَذِهِ لا تَكُونُ إِلَّا لِلَّهِ، وَمِنْ أَمْثلَتِها قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء ﴾ [القصص: 56]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ )

الثاني هداية دلالة وإرشاد:

وَتَكونُ هذه  لِلرَّسولِ عليه السلام وَلِغَيْرِهِ، كَمَا هِيَ لِلَّهِ تَعَالَى أَيْضًا، وَمِنْ دِلالَةٍ وَإِرْشاد،

 ومثالها قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ).

دلالات الآيات ( النقاط الأساسية التي تحدثت عنها الآيات):

قَضاءُ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ عِبادِهِ:

* يَقْضِي اللَّهُ وَيَحْكُمُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالمُكَذِّبِينَ يَوْمَ القِيامَةِ بِحُكْمِهِ العَادِلِ، فَيَمِيزُ بَيْنَ الْمُحِقِّ وَالْمُبْطِلِ يَوْمَ القِيامَةِ، وَيُجازِي كُلَّا بِمَا يَسْتَحِقُّ، فيما اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ أُمورِ الدِّينِ، وَالبَعْثِ، وَالثَّوابِ وَالعِقابِ.

دلالات الآيات ( النقاط الأساسية التي تحدثت عنها الآيات):

دَلائِلُ القُدْرَةِ الإِلَهِيَّةِ:

نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى آثَارِ قُدْرَتِهِ فِي مَخْلُوقاتِهِ فيما يلي:

أَوَّلًا: أَقامَ الحُجَّةَ عَلَى المُكَذِّبِينَ مِنَ الأُمَمِ السَّالِفَةِ الَّذِينَ أُهْلِكوا؛ كَقَوْمِ عادٍ وَثَمُودَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيح صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَهُمْ أَعْجَازُ نخل خاوية  فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن باقية ) [الحاقة: 6- 8]، فَالهَلالُ وَالدَّمَارُ لِلْأُمَمِ الظَّالِمَةِ الَّتِي تُكَذِّبُ بِآيَاتِ اللَّهِ وَتَسْتَهْزِئُ بِالرُّسُلِ هُوَ سُنَّةٌ مِنْ سُنَن اللهِ تَعَالى، لا تَتَبَدَّلُ وَلا تَتَخَلَّفُ بِمُرُورِ الزَّمَانِ وَاخْتِلَافِ المَكَانِ.

ثانيًا: يَدْعو اللَّهُ أَصْحابَ العُقولِ إِلى التَّأَملِ وَالتَّفَكُرِ فِي سَوْقِ اللَّهِ تَعَالَى المَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْيَابِسَةِ الَّتِي لا نَباتَ فِيهَا مِنْ شِدَّةِ العَطَشِ، فَيُخْرِجُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَنْواعَ الزُّروعِ وَالثّمَارِ؛ الكَلَأ وَالحَشْيشِ؛ تَأْكُلُهَا دَوابُّهُمْ، وَمِمَّا يَنْتَفِعُونَ بِهِ مِنَ الحَبِّ وَالخُضَرِ وَالفَواكِهِ وَالْبُقولِ، قَالَ تَعالى: “أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ ﴾ [السَّجْدَةُ: 27].

اقرأ أيضاً   مناهج المفسرين

دلالات الآيات ( النقاط الأساسية التي تحدثت عنها الآيات):

مصيرُ المُكَذِّبِينَ يَوْمَ القِيامَةِ:

ثُمَّ تَعْرِضُ الآياتُ الكَرِيمَةُ قَوْلَ المُكَذِّبِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى سَبِيلِ السُّخْرِيَةِ وَالتهَكُم: مَتَى سَتُنصَرُونَ عَلَيْنَا وَيَكونَ لَكُمُ الغَلَبَةُ وَالفَتْحُ عَلَيْنَا إِنْ كُنتُمْ صادِقِينَ فِي دَعْوَاكُمْ، فَقَدْ كَانَ المُسْلِمُونَ يَقولونَ: إِنَّ اللَّهَ سَيَفْتَحُ لَنَا عَلَى المُشْرِكِينَ، وَيَفْصِلُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، وَكانَ أهْلُ مَكَّةَ إِذَا سَمِعُوهُمْ يَقولونَ بِطَرِيقِ الاسْتِعْجَالِ تَكْذِيبًا وَاسْتِهْزاء: مَتى هَذا الفَتْحُ؟ فَنَزَلَتْ:”قُلْ يَوْمَ الْفَتح لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانْهُمْ ” أَيْ: قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ تَوْبِيخًا: إِنَّ يَوْمَ القِيَامَةِ هُوَ يَوْمُ الفَتْحِ الحَقِيقِيِّ الَّذِي يَفْصِلُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، وَلَا يَنْفَعُ فيه الإيمانُ وَلا الاعتذار، فَلِماذا تَسْتَعْجِلُونَ؟ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ ) أني لا يُؤْخِّرُونَ وَيُمْهَلُونَ لِلتَّوْبَةِ، فَأَمَرَ اللَّهُ تعالى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْإِعْراضِ عَنْهُمْ.

زر الذهاب إلى الأعلى