بشارة ومواساة سورة ق
بشارة ومواساة 45: 31 سورة ق
نعيش في عالم مترامي الأطراف، وكلّ يومٍ نسمعُ، ونرى اختراعات واكتشافات وعلومًا جديدةً في شتى مجالات الحياة، يقف وراءَها علماء يبحثونَ،
ويطوّرون ليل نهار دون ملل.
معنى المفردات الواردة في الآيات( 31:45) سورة ق:
وأزلفت: أُدنيتُ وقُرْبَتْ.
أواب: راجع لطاعة الله.
منيب: مقبل على ربه .
قرن: أمَّة .
محيص: محيد ومهرب.
شهيد: حاضر
لغوب: تَعَبٍ
الصَّيْحَةَ : صوتُ النفخة في الصور.
سراعاً: مسرعين .
بجبار: يجبر النّاسَ على الإيمان.
دلالات الآيات ( النقاط الأساسية التي تحدثت عنها الآيات):
بينت الآيات الكريمةُ السّابقةُ حالَ منْ أنكروا البعثَ، وأعرضوا عن الحقِّ، وحذّرتْ منْ شدّةِ الحساب وهول ذلك الموقف، والنهاية التي يصيرونَ إليها ” ( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأت وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ﴾ [ق]، فلا مكانَ لزيادة فيها.
– ثم تعْرِض الآيات الكريمةُ ثواب المؤمنين وهذا بشارة ومواساة لهم وما ينتظرهم منَ النعيم والسَّعادةِ, فقدْ أُدْنَيَتِ ( قربت ) الجِنَّةُ مِنَ أَهلِها، فلا يتحمّلوا مشقة الذّهاب إليها، ويقال لهم هذا ما وعدكم بِهِ الله, وَعْدُّ لكلِّ منْ أقبلَ على الله بالعبادة والطاعة، وكلما أخطاً رجع إلى ربِّهِ فتابَ منْ معصيته فيتوبُ اللهُ عليهِ قالَ تَعالى: ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَلَة) [النساء: 17].
وهؤلاءِ هُمُ الّذين خافوا ربِّهمْ إجلالا وتعظيمًا له، وقد ملئتْ هيبته قلوبهم، فهم يخشونه، ويحبّونَهُ، ويحرصون على رضاه تعالى في السِّرِّ والعلنِ في الخَلْوةِ والجَلْوةِ)، فبادَروا بالطاعة لأوامره والتسليم لإرادته تعالى، فطابَتْ لهمُ الجنّةُ يدخلونها بقلوب خاليةٍ منَ الحقد والأنانية، وتسلّم عليهم الملائكة، ويسلمون على بعضهم بعضًا وعلى أهلِ الجنَّةِ منَ الأمم السابقة، وقد أعدَّ اللهُ لهمْ ما تشتهيه أنفسهم، فيكونُ لهم كما تمنّوا، ويزيدُهمُ اللهُ فوقَ ذلك ما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم أن الجنة فيها: ( ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر) (التَّرمذي). وأعظم من ذلك النّظرُ إلى وجهِ ربِّهمْ ذي الجلال والإكرام.
دلالات الآيات ( النقاط الأساسية التي تحدثت عنها الآيات):
مواساة النبي:
ثم بدأت الآيات تُسَرِّي وتخفّف عن النبي ما يعانيه من قومه وفي هذا بشارة ومواساة للنبي عليه الصلاة والسلام، فقد سخّروا أموالهم وقوتهم للوقوف في طريق الدعوة وللصد عن سبيل الحقِّ، فيخاطبُ اللهُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: (يا محمد كمْ أهكلنا منَ الأممِ قبل قومِكَ, وقد كانوا أشدَّ منهم قوّةً وأكثر مالا, وقد طافوا الآفاق بحثًا عن الرّزق والمالِ والقوة والسياحة والترفيه, فهل نجَّاهم ذلكَ منْ قدرِ الله؟ وهل وجدوا مهربًا من الموتِ؟ ففي إجابةِ هذهِ الأسئلة عظةً لمن يتعظ, فاستمع بقلبٍ مستيقظ وواعٍ لكلام رب العالمين, ليتعظ من نهاية الأمم السابقة, فالعبرة لا تكون بالموت فقط, بل بالحياة وعمارة الأرض تكون العبرة أعظم، فاللهُ خلق السَّمواتِ والأَرضَ وما بينهما، من نبات وحيوان وجمادٍ وهواءٍ في ستَّةِ أيامٍ ، ولمْ يتعَبْ ولا يشق عليه سبحانه ذلكَ، فَمَنْ نظر وتفكر في هذا أدرك أن الأمر والكون كله لله، وأنَّ اللهَ على كلِّ شيءٍ قدير، وأنَّ اللَّهَ سينصر نبيَّه.
* فلقد أهلكَ اللهُ فِرْعَوْنَ، وعادًا، وثَمُودَ، وهم أقوى من قريش، إذن نهاية المعاندين الهلاك وعاقبة المؤمنين الجنة.
والله قادر على خلقِ السّمواتِ والأرض في لحظة، لكنه سبحانه خلقها في ستة أيام ليعلم عباده التثبت في الأمور والتأني فيها، وحتى يستفيد الإنسان ويتثبت في كل الأمور ولا يتعجل .
دلالات الآيات ( النقاط الأساسية التي تحدثت عنها الآيات):
التسبيح طمأنينة:
وزيادة في طمأنة النبي صلى الله عليه وسلم، يأتيه الأمرُ بالصَّبرِ على افتراءات المعاندين وكذبهم على الله، ويأمره أنْ يسبح بحمدِ ربِّهِ بعد كل صلاةٍ، لأنّ التسبيحَ يبعثُ في النَّفْسِ الرّاحةَ والشّعور بالأمن والثّقة، وفي هذا إشارة للمحافظة على الصلاة في وقتها، قال تعالى: ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتَا ) [النساء: 103].
ثم ذكرت الآيات بداية أحداث اليوم يخرج فيه الموتى منَ القبورِ, فيناديهمُ الملك فكلُّ واحدٍ من بني آدم يسمعُ نداء الملك الجبار وكأنَّ الملك بجانبه, فيستجيبون ويجرجون بالنّفخة الثانية, مسرعين إلى ساحة العرض والحساب, إذن فمصير كلّ شيءٍ إلى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى الذي يحيي ويميت، ثم يختم السورة سبحانه وتعالى ببيان جامع مانع، أنّ الله عليم بما يقولونَ وَما يفعلون، فليس لك، ولا لغيرك، أن يجبر أحدًا على الإيمان باللهِ، ولكن ذَكِّرِ النَّاسَ بدينِ اللهِ، وبلَّغْهُمْ رسالتهُ، قَالَ تَعَالَى: ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا نَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) [الإسراء: 15].