أخلاق حميدة ( حديث شريف )
أخلاق حميدة
تَوَجَّهَتِ الأُم وَابْنَتُها إلى سوق الخُضارِ، وَعِنْدَ دخولهما السَّوقَ وَضَعَتِ الْأُمُّ مَبْلَغا ًمِنَ المالِ فِي صُندوقِ الهلال الأحمر، الخاص بِجَمْعِ التَّبَرُّعاتِ، ثُمَّ دَخَلَتا المَحَلَّ، فَإِذَا بِحَمَالِ يُصِيبُ بِعَرَبَتِهِ قَدَمَ الْأُمِّ، فَتَأَلْمَتْ وَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَرَأَتْهُ حَمَالًا مِسْكِينًا، يَظْهَرُ عَلَيْهِ التَّعَبُ وَالحَرَجُ، فَتَلَعْثمَ خَوْفًا مِمَّا ارْتَكَبَ، قَالَتِ الْأُمُّ بِرِفْقِ: لا عَلَيْكَ، اذْهَبْ يَسَّرَ اللهُ أَمْرَكَ. ومضت الأم مُبْتَسِمَةً لِتُنْهِيَ المَوْقِفَ أَمَامَ النَّاسِ، لَكِنَّ ابْنَتَهَا قَالَتْ: يَا أُمّي، آذَاكِ وَسَكَتَ عَنْهُ؟! فَقَالَتِ الأُم لا يا ابنتي، نَحْنُ نُعَامِلُ النَّاسَ بِأَخْلَاقِنَا، كَمَا أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ .
-الْأَعْمَالَ الحَسَنَةَ الَّتِي فَعَلَتْهَا الْأُمُّ هي تصدّقت وعَفَت وتواضعت.
– الأخلاق الحميدة التي اتَّصَفَتْ بها الأم هي الكرم والجود والتواضع والعفو الحِلم.
أَثَرَ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ فِي الْأَشْخاصِ، ترفع مقام الفرد وتزيد من الترابط والمودة بين المجتمع
عن أبي هُريرة أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ ) رواه مسلم.
– معاني الْمُفْرَداتِ:
صَدَقَةٌ: عَطَاءٌ وَبَذْلُّ وعطاءٌ لِلْمَالِ أَوِ الطَّعَامِ أَوْ غَيْرِهِ، قُربة للهِ تَعَالَى .
بِعَفْوِ: مُسَامَحَةِ المُخْطِئِ فِي حَقِّكَ.
عزا: رِفْعَةً وَقُوَّةٌ.
تَواضَعَ: إظهار الرحمة واللَّينَ فِي التَّعَامُلِ مَعَ النَّاسِ.
– دِلالاتِ الحَدِيثِ الشريف:
يدعونا النبي صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيثِ لِلتَّحَلِّي بِثَلَاثَةِ أَخْلَاقٍ نَبِيلَةِ، هِيَ:
التَّصَدُّقُ عَلَى المُحتاجِينَ:
فضل الصدقة:
تُعَدُّ الصَّدَقَةُ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ العَبْدُ للهِ تعالى، فَالصَّدَقَةُ لَا تَنْقُصُ المَالَ، بَلْ تَزِيدُهُ وَتُبَارِكُهُ، قَالَ تَعَالَى: ( وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ، وَهُوَ خَيْرُ الرَاّزِقِينَ )، وَتَتعدى بَرَكَةُ المَالَ لِتُصِيبَ المُتَصَدِّقَ في صِحْتِهِ وَعُمْرِهِ وَأَهْلِهِ؛ دَفْعًا لِبَلاء أَوْ رَفْعَ دَرَجَاتٍ.
وَالصَّدَقَةُ مَجالُها واسِعُ، فَلا تَنْحَصِرُ في المالِ فَقَطْ بَلْ في كُلُّ ما تُقَدِّمُهُ للهِ تَعالى، ماديًا أَوْ مَعْنَوِيَّا فهي صَدَقَةٌ، قَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ) ( رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِم ).
مجالات الصدقة:
1- كل عمل نافع للناس :
قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( كُلُّ مَعْرُوفِ صَدَقَةٌ) ( رَوَاهُ التَّرْمِذِي).
2- إنفاق المال:
قال تعالى: ( إِنَّ الْمُصَّدِقِينَ وَالْمُصَدِقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرُ كَرِيمٌ ) ( سورَةُ الحَديدِ: 18).
3- إطعام الطعام:
قال تعالى: ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينَا وَيَتِيمَا وَأَسِيرًا ) ( سورَةُ الإِنْسانِ: 8).
4- الابتسامة:
قالَ رَسولُ اللهِ: ( تَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ) ( رَوَاهُ التَّرْمِذِيُّ)
5- إماطة الأذى:
قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( وَإِمَاطَتُكَ الحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالعَظمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ) ( رَوَاهُ التَّرْمِذِيُّ).
6- إمهال المعسر:
قال تعالى: ( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) (سورَةُ البَقَرَةِ: 280).
7- النفقة على الأهل؛
قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (الرَّجُلُ إِذا أَنْفَقَ النَّفَقَةَ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُها كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً) (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)
8- كُلُّ عَمَلٍ نَافِعِ لِلنَّاسِ.
9- الصَّدَقَةُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ صَدَقَتَانِ.
10-الصدقة تدفع البلاء عن الإنسان
11- الصدقة بركة في العمر والجسد والذريّة
12-الصدقة دليل على تقوى الإنسان
– أَثَرَ الصَّدَقَةِ عَلَى العَلاقَاتِ بَيْنَ النَّاسِ، المودة والألفة والمحبة والترابط .
العَفْو عَنِ المُسيء:
العفو خُلُق إيمانِي حَضَارِي، لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلا صاحب القلب الطيب، لا قدر عليه إِلَّا الْمُؤْمِنُ العاقِلُ الحَلِيمُ الصَّبُورُ الذي ينقي قلبه من الكراهية، فَهُوَ اخْتِبارُ حَقِيقِيُّ لِإِيمَانِ العَبْدِ وَقُوَّةِ إِرَادَتِهِ، لا يقدرُ عليه إلا من يتذكرون المعروف والمودة بينهم وبين غيرهم‘ فَهُوَ طَاعَةُ للهِ أولا، قال تعالى: ( خُذ العفو وأمر بالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجهلِينَ ) ( سورة الأعراف: 19)
ثمرات العفو:
قَالَ تَعَالَى: ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه ) ( سورة الشورى:40)، وَالعَفُو يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ هَيْبَةً وَمَكَانَةً وَمَحَبَّةٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَيْسَ – كَمَا يَظُنُّ البَعْضُ- انْتِقاصا لِلْقَدْرِ أَوْ ضَعْفًا، كَمَا أَنَّ العَفْوَ وَسِيلَةٌ نَاجِحَةٌ لِإِصْلاحِ القُلوبِ، وَلَهُ أَثَرُ فَعَالٌ فِي تَغْيِيرِ النُّفُوسِ، وَهَذَا مَا فَعَلَهُ سَيِّدُنَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتَح مَكَّةَ، فَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا.
التَّواضُعُ مَعَ النَّاسِ:
صور العفو:
صِفَةٌ يُحِبُّها اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي عِبادِهِ،
1- وَمِنْ مَظَاهِرِهِ أَنْ تَرى نَفْسَكَ أَبْسَطَ النَّاسِ وَأَصْغَرَهُمْ، فَلَا تَتَعَالَى على فقيرهِمْ وَلا عَلى ضَعيفهم.
2- فَتَرْفُقُ في القَوْلِ مَعَهُمْ.
3- وَتُحْسِنُ إِلَيْهِمْ.
4- وَتُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ.
5- وَتَسْأَلُ عَنْ حَالِهِمْ.
6- وَتُجَالِسُهُمْ.
6- وَتَأْكُلُ مَعَهُمْ.
أثر التواضع:
1- يرفع مقام الفرد ويزيد من احترام ومحبة المجتمع له.
2-أَثَرُهُ عَلَى الْمُجْتَمَع, يزيد من المحبة والألفة والترابط .
3- رضا الله تعالى والثواب العظيم .