قيم الإسلام وآدابه

السنن الاجتماعية في القرآن الكريم

السنن الاجتماعية في القرآن الكريم

مفهوم السننِ الاجتماعية في القرآن الكريم:

والمقصودُ بسُنَنِ اللهِ هي: قوانينُ وضعها الله تعالى وضعَها اللَّهُ تَعَالى  لتسهيل وتسيير شؤون الخلْقِ وأمورهم بناءً على أعمالهم وأخضعَهم لها.

العرض من ذكر السنن الاجتماعية في كثير من آيات القرآن والحديث:

     وذلك لأهميتها وتأثيرها الشديد على المجتمع الإنساني.

خطة لمكافحة الإدمان والحفاظ على المجتمع:

1- تجنب رفاق السوء.

2-  سن قوانين صارمة تتضمن أقسى العقوبات لمن يتاجر أو يزرع أو يتعاطى المخدرات.

3- توزيع نشرات خاصة بالتوعية، وإقامة الندوات، لتعريف الشباب بأضرار المخدرات .

أثرُ السُّننِ الاجتماعية:

وضع الله سبحانه وتعالى قوانين وسننا اجتماعيةً لبناء المجتمع، وبينها للناس، وترك لهم حرية اختيار طريقهم، فمَنْ أخذَ بهذهِ السُّنَنِ سارَ في الطَّريقِ الصّحيح، وعاش حياةً طيبةً مطمئنةً، في أسرته ووطنه ومجتمعه، أَمَّا مَنْ خالفَ تلك السنن فقد عرّضَ نفسَهُ لقوله تعالى: (  وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا (124) (طه)، فكثيرُ مِنَ المجتمعات  مع إمكاناتها الكبيرة وتقدمها تعاني من أزمات مستعصيةً، مثل: الإدمان والانتحار والأمراض النفسية والجريمة، والعزوف عنِ الزّواج، والتفكك الأسري، مما يعرضُ بقاء المجتمع للخطر، وذكر القرآن أخبار الأممٍ السابقةٍ، بعضُها بقيت آثارها وأخرى لم يبق لها أثر، ليأخذَ النَّاسُ العبرة منهم في كل زمن.

فوائد السنن الاجتماعية:

تحقيق الإصلاح وإقامة العدل في المجتمع.  

 السنن الاجتماعية في القرآن الكريم:

أولاً: سنة استدامة النعم.                                    ثانياً: الأخذ بالأسباب.

اقرأ أيضاً  أدب الحوار

ثالثًا: سُنَنُ الأخلاق.                                              رابعًا: سُنّة التسخير.

أولا: سنة استدامة النعم:

نِعَمُ الله سبحانه على عباده لا تعد ولا تحصى، وخيراته كثيرة، قال تعالى: ( وَءَاتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) (إبراهيم)، وسنةُ اللهِ تعالى في استدامة النعمة بأنْ يشكر الإنسانُ ربَّه على نِعَمِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَبِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ (أبراهيم 7)، وهذا معناه أنَّ كفر النعمة وجحودها قد يؤدّي إلى زوالها، أو زوال البركة منها، فلا يتمتع بها أصحابها، وتصبحُ نقمةً عليه، والأمثلة كثيرة؛ فالبعض لا يستطيعُ أنْ يأكل إلا نوعًا محدّدًا منَ الطّعام بسبب المرض، مع أنه يملك خيراتٍ كثيرةً، والبعض ابتلي بالبخل فيحرم نفسه وغيرَه من نعم الله تعالى عليه، لكنّ شكرَ اللَّهِ عَزَّوَجَل على نعمِهِ يُديمُها على أصحابها، ويمتعهم بها ويحفظها عليهم.

شكر النعم:

بالقول: حمده تعالى بالقول قول الحمد مقتنعًا بها ومعترفا لله بالفضل.

بالفعل : بالتصدق الإنفاق على المحتاجين.

أسباب زوالِ النّعم:

1- الكفر بالله تعالى، قالَ تَعَالَى: ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَأ ٍ فِي مَسْكَنِهِمْ ءَايَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينِ وَشِمَالِ كُلُوا مِن رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلَدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبُّ غَفُورٌ* فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبِدلْناهُم بِجنَتَيْهِمْ جَنَّتَينِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْ ءٍ مِّن سِدْرٍ قليل ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نجْازِي إِلَّا الْكَفُورَ).

2- منع الزكاة عن الفقراء كما أخبر القرآن في  قصة أصحاب الجنة، قال تعالى: ( فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافتون أَن لا يدخلها اليومَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينَ وَغدوَا عَلَى حَرِّد قَادرين).

والتوجه إلى الله بالدعاء، يكون سببًا آخرَ لاستدامةِ النّعمةِ، فعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله : ( اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك وجميع سخطك). (رواه مسلم)

اقرأ أيضاً  المسؤولية في الإسلام

ثانيا: الأخذ بالأسباب:

المقصود بالأخذ بالأسباب؛ السعي والاجتهاد لتحقيق هدف مشروع قالَ تَعَالَى: ( إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَءَاتيناه مِن كُلِ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبا) (الكهف)، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكانَ معَهُ ناقةٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ أعقِلُها وأتوكل أو أُطلِقُها وأتوكَّلُ، قال صلى الله عليه وسلم: ( اعقلها وتوكل) (رواه الترمذي)، وهذا توجيه من رسول الله للأخذ بالأسباب، ثمَّ التوكَّلُ على اللَّهِ عَزَّوَجَل، لأَنَّ الله تعالى خلق الأسباب والمسببات ، والنبي صلى الله عليه وسلم أخذ بالأسباب، فدعى النّاسَ، وبلّغهم رسالةَ ربِّه حتى انتشر الإسلام، معَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قادرٌ أَنْ ينشر دينَهُ.

الحكمةَ مِنَ الأخذ بالأسبابِ:

حتى لا يتعلم الإنسان التكاسل، وتيسير الأمور، وتسهيل المصاعب.

نموذج عملي للأخذ بالأسباب من السنة النبوية:

الهجرة النبوية علمت المسلمين الأخذ بالأسباب، وحسن التوكل على الله ، وعدم اليأس،

فالنبي صلى الله عليه وسلم، أخذ بكل الوسائل والأسباب المادية، مثل الخروج من بيته، صلى الله عليه وسلم، وذهابه لبيت الصديق أبي بكر، في وقت الظهيرة، ثم اتفاقه مع سيدنا أبي بكر أن يخرجا للهجرة للمدينة، على أن يظلا في الغار ثلاثة أيام، ثم يتابعون بعدها المسيرة للمدينة. 

ثالثًا: سُنَنُ الأخلاق:

الأخلاق الكريمة قواعد تضبط سلوك البشر وتحكمه، وتساعد على نشر الفضائل بين أفراد المجتمع، وتساهم في إصلاح الفرد والمجتمع، وتجنّبُ النّاسَ الكراهية والعداوة وقد جعلَها اللَّهُ عَزَّ وَجَل من أهداف بعثة النبي، فحثَّ عليها وتمسك بها وترتب عليها قرب المؤمنِ مِنْهُ يومَ القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ أحبكم إليَّ وأقربكم مني في الآخرة مجالس أحاسنكم أخلاقاً، وإنَّ أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤُكم أخلاقا)، وقد أجراها اللهُ تَعَالى على خلقه وعباده.

اقرأ أيضاً  الاستعفاف

 فالأخلاق الحميدة نتائجها حميدة، فالصدقُ مثلا خلق كريم يهدي إلى البر، كما أنَّ الكذب خلق ذميم يهدي إلى الفجور، قال تعالى: ( قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ) وقال صلى الله عليه وسلم: ( من دل على خير مثل أجر فاعله). (رواه مسلم)،

رابعًا: سُنّة التسخير:

إنَّ اللهُ عز وجل خلق النّاسَ من نفس واحدة من آدم عليه السلام، وجعلَهم متمايزين ومتفاوتين في كثير من الأمور، في الذكاء، وفي القوة البدنية، وفي الحجم، وفي الرّزق، وفي القدرة على التحمّل وغير ذلك، وهوَ العدلُ عَزَّوَجَل فلا يظلم أحدًا، فربّما زادَ أحدهم في الذكاءِ وجعلَه أقل من آخرَ في الحجم، وزاد آخر في الصّحة وجعله أقل من غيره في الرِّزْقِ، وهكذا، وقد جعل هذا التمايز بينَ النّاسِ سببًا في حاجاتهم إلى بعضهم بعضًا، لكي يخدم بعضُها بعضُهم بعضًا، ويتعاونا فيما بينهم لتوفير حاجاتهم، ويتمكنوا من إعمار الأرض، وتحقيق الازدهار والتقدّم ، قال تعالى: ( وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيَّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32) (الزخرف )، فكما يخدمُ الطّبيب مجتمعه، فإنّ عامل النظافة يخدم مجتمعه، ويكمل ما يقوم به الطبيب، ولو لم يوجد عامل النظافة لعجز الطّبيب عن علاج الأمراض، كذلك العامل يخدم صاحبَ العمل، وصاحب العمل يخدم العامل؛ فيقدّم له المال، ويكون سببًا في كسب رزقه، فالمهم الخدمة التي يقدمها الشخص لمجتمعه وليس نوع العمل، قال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ إذا عَمِلَ أَحدُكُمْ عملًا أَنْ يُتقِنَهُ) (الجامع الصغير)، ولم يحدد أي عمل – ما دامَ حلالًا، كما أن حاجةَ النَّاسِ لبعضهم بعضًا سببٌ في التّواصلِ والتّعارفِ بينَهم، ويجبُ أنْ يكونَ هذا سبيلا للتفاهم والتعايش معا، وليسَ سببًا للصّراعِ الّذي أكثرُ ما يسببه الطمع والجشع.

زر الذهاب إلى الأعلى