أحكام الإسلام

الأيمان والنذور

الأيمان والنذور

يقولُ الله تعالى: “لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَنِكُمْ” “وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَدَتُمُ الْأَيْمَنَ”(89) (المائدة).

ويقولُ أيضًا سبحانه وتعالى: “وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَدْرٍ فإنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّلِمِينَ مِنْ أنصار”

( البقرة).

فرحمة الله بنا بعدم مؤاخذتنا ببعض الأيمان، وعلم الله الواسع والنذر شكل من التطوع.

إنَّ العلاقة بين النذر واليمين، كلاهما عمل مستقبلي يتعهد الفرد بالقيام به في أيام لاحقة.

انعقاد اليمين

اليمين لا تنعقد إلا بالله سبحانه وتعالى أو بصفة من صفاته العلية:

فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أدرك عمر بن الخطاب، وهو يسير في ركب، وهو يحلف بأبيه، فقال سول الله له ألا إِنَّ اللَّهَ يَنهاكُمْ أَن تَحْلِفُوا بِآبائِكُمْ مَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفِ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمتُ) ( رواه البخاري )

فالمسلم لا يحلف إلا بالله تعظيما لله تعالى، ولا يجوز له أن يحلف بغير الله تعالى ولا تنعقد يمينه.

ولا تنعقد اليمين لمن يحلف بغير الله تعالى فالحلف بغير الله باطل لا يترتب عليه حكم  شرعي والله تعالى وحده أحق بالطاعة والعبادة .

كراهية كثرة الأيمان

نهى ديننا الإسلام عنْ كثرة الحَلِفِ في كل ضروب التعامل بين الناس، خاصةً في البيع والشراء، قالَ اللهُ تعالى: “وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ “ [سورة البقرة: 224]، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: “إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ, فَإِنَّهُ يُنَفِّقُ, ثُمَّ يَمْحَقُ”. (صحيح مسلم)

اقرأ أيضاً  فرائض الصلاة وسننها ومكروهاتها

أنواع اليمين

1- أَيْمانٌ لا نؤاخِذُ بها:

اللغو في اليمين هو: أنْ يحلف المسلمُ عَلى ما يكون في اعتقاده أنه صحيح، ثمَّ يظهرُ لَهُ خلافُ، أَوْ هُوَ الذي لا يستحضر معه الحالف نية اليمين، قال صلى الله عليه وسلم: «ه ُوَ كَلَامُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ، كَلَّا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ». (رواه أبو داود)

2- أَيْمانٌ نُؤَاخِذُ عليْها: وَتُسمّى بـ (المنعقدة).

منَ الأَيْمَانِ ما يؤاخذُ عليها المسلم: أي يترتب على عدم الوفاء بها كفارة، ومنها: الحَلِفُ على معصية وذنب  كقطيعة الرحم، قال صلى الله عليه وسلم ( مَنْ حَلَفَ فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ، أَوْ فِيمَا لَا يَصْلُحُ, فَبِرُّهُ أَنْ لَا يُتِمَّ عَلَى ذَلِكَ). (رواه ابن ماجه) إذا حلف الإنسانُ على شيء مباح، ووجد خيرا منه، ترك الأول ونفذ الثاني، فيجوزُ له ذلك شريطة الكفارة عن اليمين، قال صلى الله عليه وسلم: ( وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينِ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا).( صحيح البخاري)

3- يمينٌ نُعاقب عليها: ويُسمى هذا اليمين بالغموس أي: كأنه يغمس صاحبه في النار بسبب الحلف الكاذب، ولعظمها فلا كفارة لها إلا بالتوبة، قال الإمام مالك -رحمه الله:

« فَأَمَّا الَّذِي يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ, وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ آثِمٌ( يعلم أنه كاذب)’ وَيَحْلِفُ عَلَى الْكَذِبِ( بالكذب)، وَهُوَ يَعْلَمُ؛ لِيُرْضِيَ بِهِ أحَدًا( أو يظهر صدقه وهو يعلم كذبه)’ أَوْ لِيَعْتَذِرَ بِهِ إِلَى مُعْتَذَرٍ إِلَيْهِ، أَوْ لِيَقْطَعَ بِهِ مَالًا( يأخذ ما ليس له بحق)، فَهَذَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِيهِ كَفَّارَةٌ”. موطأ الإمام مالك

أضرار اليمين الكاذبة

1- تمحق أي تزيل البركة من الرزق والعمر:

قال عليه الصلاة والسلام: ( الحَلِفُ مُنفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مُمْحقة لِلْبَرَكَةِ). (صحيح البخاري)

اقرأ أيضاً  اختلاف الفقهاء ( أسبابه وثمراته )

2- الاعتداء على حقوق الناس وأخذ أموالهم بالباطل:

قال: جاء رجل أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا الكَبَائِرُ ؟ قَالَ: «الْإشْرَاك بِاللَّهِ». قَالَ: ثمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ عُقُوقُ الوَالِدَين». قَالَ : ثم مَاذَا؟ قَالَ: «اليَمِينُ الغَمُوسُ». قلتُ: وَما اليمين الغموسُ؟ قال: (الَّذِي يَقْتَطِعُ مَالَ امْرِي مُسْلِمِ, هُوَ فِيهَا كَاذِبٌ). (رواه البخارِيُّ) 

 كفارة اليمين

يقول تعالى: ( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَنِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَدَتُمُ الْأَيْمَنَ فَكَفَّارَتُهُ وَ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مسَكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْماَنَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ وآيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)(المائدة).

إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم نفسه، أو كسوة عشرة مساكين حسب العرف والعادة، أو تحرير رقبة فهو بالخيار بين الثلاثة، فمن لم يجد  فصيام ثلاثة أيام.

ـ الحكمة من تنوع الكفارات:

التوسعة والتيسير على من أراد أن يُكفّر عن يمينه المنعقدة، ودلائل البدء بإطعام المساكين أنَّ الإطعام يعود نفعه للآخرين وأقل كلفة من الإكساء.

النذور:

مفهوم النذر

النذر : هوَ أنْ يُلْزِم نفسه ويتعهد المسلم فعل طاعة لله في المستقبل، من صيام أو صدقة أو صلاةٍ أو بر، تَقربا لله تعالى أو يكون نفعًا للآخرين، قال تعالى في عباده المؤمنينَ:

( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمَا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا)(7) (الإنسانُ).

 أهمية الوفاء بالنذر

1- النذر وعد مع الله سبحانه  وتعالى والله أوصى بالوفاء بالوعود.

2- الوفاء بالنذر تقرب إلى الله تعالى.

3- الوفاء بالنذر مع الله سبحانه وتعالى يؤصّل في احترام الوعود والعهود.

أنواع النذور

1- نذر طاعة: أي أن يكون المنذور طاعةً وتقربا الله تعالى:

اقرأ أيضاً  مقاصد الشريعة الخمسة

قالَ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ». (رواه البخاري)

2- نذر معصية:  أي أن يكون المنذور معصية لله تعالى:

قال صلى الله عليه وسلم : «لَا نَذْرَ وَلَا يَمِينَ فِيمَا لَا تَمْلِكُ، وَلَا فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا قَطِيعَةِ رَحِمٍ».  (رواه النسائي)

3- نذر مطلق: هو الَّذِي لَمْ يُحَدِّدْ فِيهِ نوعُ المنذورِ.

زر الذهاب إلى الأعلى