قيم الإسلام وآدابه

آداب السوق والمرافق العامة

آداب السوق والمرافق العامة

يقول تَعَالَى: ( لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاع لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ )

سمحت الآية الكريمة للنّاسِ بدخول أماكن غير مخصّصة للسكن، كالمساجد والمدارس، والشواطئ، والحدائق والأسواق، فهذا ما يسمى بالمرافق العامة.

وهذه الأماكن لها أهميّةِ في تلبية احتياجات الناس حيث قال الله تعالى فيها متاع لكم.

ودلالة ختم الآية الكريمة بقولِه تَعَالَى: ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ)

دليل على التذكير بمراقبة الله تعالى للإنسان لتظهر الآثار الإيجابية على أقواله وأفعاله في هذه الأماكن.

أهمية الأسواق في الإسلام

  الأسواقُ  في كل الأزمنة والأمكنة عَبْرَ العصورِ، أكثر الأماكنِ الَّتي يلتقي فيها النَّاسُ؛ لما فيها التجارة واكتساب أرزاقهم، ومكانًا ضروريًا  ومهما لتلبية احتياجاتهم، لذلك اهتمامً الإسلام اهتماما خاصاً بالأسواق فكانَ من أولى الأعمال التي قام بها النّبي صلى الله عليه وسلم الأمر ببناء سوق المدينة المنورة.

 كما أن الأسواق مكان لظهور الأخلاق سواء الأخلاق السيئة أو الأخلاق الفاضلة، فتظهر فيها صورةٌ مشرقة للمسلم، وتتمثل معاني القدوة الحسنة، ومن هنا كانَ لا بدَّ أن نذكر آدابِ السّوقِ بجانب القوانين والضّوابط التي تنظمُ الأسواق، فالتّجارةِ والتّعاملِ في الأسواق دور مهم في نشر الإسلام بنشر لأخلاقِ الإسلام وآدابه ومنها: الصدق والوفاء والسماحة، والبعد عن الغشّ، كما حدث في شرق وجنوب شرق آسيا فانتشر الإسلام بأخلاقهم.

آداب السوق

 أولًا: ذكر الله تعالى

قال تعالى: ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًاً) (الجمعة10)

اقرأ أيضاً  الحضارة العربية الإسلامية

 فيجب على المسلم أن ينشغلَ بذكرِ اللهِ في جميع أحواله، فإذا دخل السوق اقتدى بالرسول ودعا بدعاء رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الذي قالَ فيه: ( من دخل السوق فقالَ: لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَه لا شريك له, له الملك وله الحمد, يحيي ويميت, وهو حي لا يموت, بيده الخيرُ, وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ, كَتَبَ اللهُ لهُ ألف ألف حسنة, ومحا عنه ألف ألف سيئة, ورفع له ألف ألف درجةٍ) (رواه الترمذي).

أثر دعاء السوق على سلوكِ المسلم

1.تهذيب الخلق .

2.تحفيز وتشجيع المسلم على الالتزام بآداب السوق.

3.كسب الأجر والثواب.

ثانيا: السماحة في البيع والشراء:

قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «رَحِم اللهُ عَبْدًا سَمْحًا إذا باع سَمْحًا إذا اشترى سَمْحًا إذا اقْتَضَى». (رواه البخاري)، ومعنى السماحةِ أنْ يكونَ هيّنًا ليّنًا في تعامله يختار طيب الكلام.

ثالثًا: عدم التسبب بالأذى:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سُوقِنا ومعه نَبلٌ (سهام) فليمسك على نصالها), أو قال : ( فليقبض بكفِّهِ أنْ يصيب أحدًا من المسلمين منها شيء) (متفق عليه).

فكل ما يؤذي الناس أو ما من شأنه أن يعرضهم للخطر فهو حرام، ويدخل في ذلك كلُّ صور الأذى، كالازدحام، وكالصوت المرتفع، أو اصطحاب بعض الحيوانات التي تسبب الزعر للناس.

رابعا: غض البصر:

يكثر في الأسواق اختلاط النَّاسِ بعضهم ببعض نساءً ورجالًا فيصبحُ غضُّ البصر منَ الضّرورات التي تحفظ وتحترم خصوصية الشخص وإنسانيته، قال تعالى: ( قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَعْضُوا مِنْ أَبْصَرِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَ(30،31) (النور)

اقرأ أيضاً  آداب اللّباس في الإسلام

ممارسات يبغضها الله تعالى في السوق

1. التحايل.

2. الأيمانُ الكاذبة.

3. التقصير في بعض الفرائض.

4. التقليد التجاري والغش، والبيع على بيع أخيه.

5.حبس البضاعة بقصدِ رفع ثمنها ثم بيعها الناس وهذا يسمى الاحتكار.

علاقة المسلم بالمرافق العامة

العلاقة بين المرافق العامة والمسلمِ تقومُ على تحقيق المصلحة العامة والخاصة، فهي مسخَّرة لخدمته، وتيسير حياته، وخدمة الأجيال القادمة، فالمحافظة عليها واجب ديني ووطني ملزمٌ للفرد، وسلوك حضاري يظهرُ الصورة المشرقة لأخلاق المسلم، والمواطن الصالح، فنجد النّبي و يبينُ لنا أنَّ إماطة الأذى عن الطريق احتياجات الحاضر دونَ المساس بقدرة الأجيال منَ الإيمان باللهِ عَزَّوَجَل فكيفَ بإعمار المرافق العامة والحفاظ عليها كما ينبغي!

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما مِنْ مسلم يغرسُ غرسًا، أو يزرعُ زرعًا, فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمةٌ إلا كانَ له به صدقَةٌ) (متفق عليه)، فالحديث يشير إلى أن أي إتلافٍ لها يعد إفسادًا في الأرض, وحرمانًا لخلقِ اللهِ من منافعها، وهو مُحرّمٌ شرعًا، سواء أكان مبرّرَهُ العبثُ، أم الإهمال، أو الغضبُ، لقوله تعالى: ” وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ “ (البقرة205).

آداب المرافق العامة

1- عدم التدخل في خصوصيات الآخرين:

يقول تعالى: ( وَلَا تَجَسَّسُوا (الحجرات (12) .

2- الحرص على عدم إزعاج الآخرين:

يقول تعالى: (وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) (لقمان).

3- الاعتدال والتوسط في استخدام المرافق من غير إسراف:

 يقول تعالى: (وَلَا تُسْرِفُوا  ) (الأنعام (141)

4- المحافظة على نظافة المرافق العامة:

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وتميط الأذى عن الطريق صدقة) (صحيح مسلم)

جوانب رعاية الإسلام للمرافق العامة

اقرأ أيضاً  أدب الحوار

غرس الإسلام في نفس الإنسانِ رقابةً ذاتيّةً في رعاية البيئة والمرافق العامة من جانبين:

الأول: بناؤُها، وإصلاحها، وتجميلها بالتعمير والتشجير.

قال تعالى: ( وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ، حَدَائقَ ذَاتَ بَهْجَة )(النمل60).

الثاني: حمايتها مما يفسدها.

زر الذهاب إلى الأعلى