اللغة والثقافة العربية
اللغة والثقافة العربية
قال تعالى: [ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْتَكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(٣)](الحجرات)
فالتعارف بين الشعوب والقبائل أمر فطري وطبيعة خلق الله الناس عليها في المجتمع الإنساني كما ذكرت الآية الكريمة.
طرق التواصل والتعارف بين الشعوب
العلوم، والفنون، واللغة، والترجمة، والتجارة.
فلكل شعب سمات تميزه عن غيره من الشعوب كاللغة والثقافة والعادات والتقاليد
أهمية اللغة ومكانتها
إن اللغة وسيلة للتعبير عن الذات، فهي وسيلة للتفاهم، فهي مكون أساسي للهوية الشخصية، فلا استغناء للإِنسانِ عنها، سواء، فهو في حاجة للتواصل مع الآخرين وسد حاجاته، للإيفاء بمتطلبات حياته المادية والمعنوية.
فاللغة العربيّة تحتوي على ثروة ضخمة مِنَ المعاني والمفردات، جعلَتْها مِنْ أوسع اللغاتِ وأَثْراها بينَ لُغات العالم، ويكفي أنها وَسِعَتْ كلامَ اللهِ تَعالى وشرعَهُ، واختارها الله تعالى للقرآن الكريم، فقال عزوجل: “وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقُ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ”(الأحقاف 12)، وقد شَهِدَ لَها علماءُ مِنْ غَيْرِ أَبْنائِها، فقالوا: “اللغة العربيَّةُ أَغْنى لغات العالم” (فريتاج)، “واللُّغَةُ العربية تفوق جميعَ اللّغات جمالاً ونظما، ويعجز اللسان عن وصف جمالها” [كارلو نلينو].
فارتباط اللغة العربية بالقرآن أعطاها اهتماما وعناية فائقة، فهي الطريقة الموصلة لعلوم القرآن كالتفسير والأحكام، وهي الوسيلة لدراسة علوم السنة الشريفة، لذلك زاد الإِقْبال على دراسة علوم اللغة العربيَّةِ والتعمق فيها، خاصةً وأنَّ طلب علومِها مِنْ أَجْلِ فَهُمِ القُرآنِ الكريم وَسُنَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم، يكون عملا صالحًا، وفيهِ تَوَابٌ عظيم.
كَما أَنَّ حِفْظ الله تعالى للقرآن الكريم هو بمثابة حفظ للغة العربية، قال تَعَالَى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لحافظون ) (الحجر)، وهذا زادَ مِنْ مكانة اللغة، وزادَ مِنَ الطّمأنينة على بقائها واستمرارها.
خصائص اللغة العربية
1 – الفصاحة والبلاغة السهولة واليسر والوضوح والصّورُ الفنية البديعة ومثالها الإبداع في قوله تعالى: “اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ” . شهادة الوليد بن المغيرة عن بلاغة القرآن: إِنَّ لَهُ لحَلاوَة ….
2 الاشتقاق. ما يزيد عن خمس وعشرين ألف مادةٍ هي مواد اللغة العربية، وتتوالد (تشتقُ) منها صيغ جديدة، حتى إن المفردات العربية تصل إلى أَكْثَرِ مِنْ سِتَّةِ ملايينَ كلمة، مع الحفاظ على أَصْلِها وترابطها، وهذه الخاصية وهبها اللهُ لَهَا لِضمانِ بقائها، ولقُدرتها على النُّمو ومواجهة المستجدات والتطورَاتِ. ومثالها اشتقاق مجموعةً مِنَ الكلماتِ مِنَ مَادَةِ: (كَتَبَ) كاتب – كتاب – مكتبة.
ففي اللغاتِ الأُخْرى لا يوجد صلةً بينَ كلماتِ الأسرة الواحدة. فلو كتبت بلغة أُخْرى معاني بعض كلماتٍ اشْتُقَّتْ مِنْ مادةِ (كَتَبَ)، سوف تلاحظ Book – writer – library
3 – الاشتراك. المشترك هوَ أَنْ يكونَ للّفْظِ أكثرُ مِنْ كلمةُ “العَيْنُ” تُطْلقُ على: العينِ النَّاظِرة، عينِ . فكلمة عين تطلق على عين الماء، الحَسَدِ، الجاسوس.
مَعان أُخْرى: أهل الدار – رئيس الجيش – كبير القوم – الشيء النفيس.
4- الاتساع والترادفُ هوَ أَنْ يَكونَ للمعنى الواحدِ أكثرَ مِنْ لفظ يدلُّ عَلَيْهِ. الأسد يطلقُ عَليْهِ: ليثُ، وغضنفر، وهزبر. أمثلة أُخرى: حيدرة – حطام – أليس – صارم – همام – هصور – باسل – درغام
علاقة اللغة بالثقافة
اللغةُ ترجمان الثقافة ومحتواها القادر على حمايتها وحفظها مِنَ الضياع، فهي السبيل الذي تصل الثّقافـةُ عن طريقه إلى النّاسِ وتُؤثرُ فيهِم، ويسهُل انتشار الثقافة كلما كانت لغة ثقافتها قوية، ولأجل هذا اهتمت الدول على تعليم لغاتها للآخريـنِ، لتنتشر قيمها وثقافتها ومبادئها.
لقد أظهرت اللغة جوانب الجمال والإبداع في الثقافة العربيّةِ الإِسْلاميَّةِ، ونقلتها إلى أجيال بعد أجيال، وهذا يعطيها قوة ودقة.
إن الثقافة عامل من عوامل ثراء اللغة، فاللغة تزدهر بازدهار الثقافةُ، فتتسع معانيها ودلالاتها، ويزداد مفرداتها، فعند ظهورِ معارف جديدة في أي مجال كالعلوم، تقومُ اللغـة بشـرح مضامينها بتعابير مناسبة وجديدة، وعِنْدَمـا نــزل القــرآن الكريم باللغة العربية اتسع انتشارها، وازدادت حيويتها ونشاطها حتى أصبحــث لغـة العلم لقرون طويلة، وقد كان بعض علماء الغرب يحرصون على تعلمها ليدرسوا، ويترجموا تُراثها للغات أُخرى، فترجم “كوبرنيكوس” مؤلفات ابن الهيثـم فـي علـمِ الفلك.
فالعلاقة بين اللغة والثقافة تكاملية علاقة تكامل، يستحيل قطـع العلاقـة بينهما.
أسباب عزوف الشباب عن اللغة العربية
1- الغزو الثقافي الغربي.
2- التطور التكنولوجي.
3- انحسار دور الأسرة.
4- سوق العمل.
الثقافة مسؤولية
تعددت تعريفات الثقافةِ، وتَنَوَّعَتْ ما بين العموم والخصوص تبعا للغرض من التعريف، فمن حيث المعنى العام: جاءَ التعريف شاملًا لكل العلوم والمعارف والفنون التي يُطلبُ الحَذْقَ فيها، أَمَا مِنْ حَيْثُ المعنى الخاص فهو متعلّق بموضوع الثقافة، مثل ثقافة البيئة أو ثقافة الحوار، فجاءَ التّعريفُ خاصا بالموضوع شاملا للعلوم والمعارف والفنون المتعلقة به، كما أن لكل مجتمع ولكلّ أُمَّةٍ ثقافةً خاصةً تميّزُهُما عَنْ غيرِهِمـا مِنَ النَّاسِ.
قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق” فهذا الحديث وغيره يُظهر الطابع الثقافي الأخْلاقِي للفرد والمجتمع، ويبين أسلوب الحياة لديهم، وقد تمكن التجـار العرب المسلمون نشر الإسلام بسلوكهم وأخلاقهم في البلاد التي وصلوا.
فالثقافة عنوان المجتمع، ومكونًا أساسيا لهويته، والثقافة مسؤولية الجميع، فهي عنوان لسلوكهم وتفكيرهم فوجب عليهم تقديم أفضل صورة عندهم.
إنَّ ترسيخ ثقافة المجتمع وتنميتها بكل مكوناتها واجب ديني يقوي علاقة الإنسان بربـه وبالآخرين؛ لما ترتكز عليه من مبادئ وقيم إسلامية أصيلة، كما أنه يحصن المجتمـع أمــام الأفكار الهدامة، والدعوات القائمة على الأنانية والمصالح الشخصية الضيقة.
خصائص الثقافة العربية الإسلامية
تجتمع الثقافات الغربية مع الثقافة العربية الإسلامية في كثير مِنَ الخصائص، كالمرونة والاكتساب والتراكمية، وقابلية الانتقال والتطور، ومع ذلك فإنَّ لها ما يميزها عن غيرها مِنَ الثَّقافاتِ.
خصائصِ الثقافة العربية الإسلامية
1- ترتكز الثقافة على العقيدة: فَالثّقافة العربية الإسلامية لديها إجابات واضحةٌ حوْلَ الحياة والكون والإِنْسانِ، فالله خلق الإِنْسان وكرَّمَهُ قال تعالى: [ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ ](70) (الإسراء). والحياةُ: لَها هدف وهُوَ عبادةُ اللهِ، وإعمارُ الأَرضِ، والحفاظ عليها، وتحقيق الحياةِ الطَّيِّبة، قال تعالى : إِنِّي جَاعِلُ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ (البقرة 30). والكَوْنُ: أيضًا مخلوق، وقد سخَّره الله للإِنْسانِ، قال تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتُ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (النحل)، فهو نعمة عظيمة تستحق الشكر لله عزوجل، بالاعتدال وعدم الإسراف وحماية حقوق الأجيال القادمة.
2- ثقافة تلبي حاجات الإنسان: فتعطى الإنسان المعارف والعلوم والخبرات التي تُربّي شخصيّةً متزنة ومعتدلة، قادرة على التفكير السليم والتمييز بيـن الخـيـر والـشـر، فتحـت عـلـى الـخـيـر، وتنفـرُ مِنَ الشَّرِّ وتحذِّرُ مِنْهُ.
3- تقــوم الثقافة عـلـى قيما ومبادئ كالتعايش والتعاون والإخلاص والتسامح.
*العموم والشمول فهي صالحة لكل زمان ومكان.
* سلامتها من التناقض.
* الوضوح والسهولة.
* موافقتها للفطرة والعقل السليم.
* الثبات والخلود.
* تجمع بين مطالب الروح والمجتمع.
الإمارات العربية وحماية اللغةِ والثقافة العربية
عملت دولة على تقوية اللغة والثقافة العربية، لتعبر عن القيم الأصيلة لمجتمع الإماراتي.
فأطلقت الإمارات عدة مبادرات توعية غايتها الحفاظ على اللغة والثقافة العربية، ورفعا مكانتها فـي المجتمع.
مبادرات دولة الإمارات لحماية اللغة والثقافة العربية
1-“ميثاق اللغة العربيّة” ليكونَ مَرْجعًا لجميع السياسات والقوانين المتعلقة بحمايتها، وتركيـــز استخدامها في الحياة العامة، مثل استخدام اللغة العربيّة في التّعامُلاتِ الحكومية الداخلية والخارجية، وفي الخدمات الحكومية المقدمة للجمهور، وإعطاء الأولوية لهـا فـــي البرامج الإعلامية، وفي القنواتِ المحلّيّة، إضافةً إلى توفير المعلومات التي يحتاجها الجمهورُ باللغة العربية إلى جانب اللغات الأخرى.
2- إعلان عام 2016 عامًا للقراءة.
3- نشر المحتوى العربي من خلال مبادرة إلكترونية على شبكة “الإنترنت”.
4- التوجيه لتعفيل مسابقات مدرسية في كل المدارس، الهدف منها اكتشاف وتشجيع المبدعين والمتميزين في اللغة العربيّةِ مِنَ الطّلبة ورعايتهم.
5- إنشاء كليات للترجمة لوجود مترجمين أكفاء.
مواد ميثاقُ اللّغة العربيّةِ
المادة الأولى
لغة الدولة الرسمية هي اللغة العربية وذلك وفق دستور الدولة.
المادة الثانية
لغة الحكومة الرسمية هي اللغة العربية وبناء على هذا تكون كافة المراسلات والوثائق وكل ما يصدر من الحكومة باللغة العربية.
المادة الثالثة
لغة التخاطب الرسمية بين الجهات الحكومية والجهات الأخرى هي اللغة العربية.
المادة الرابعة
اللغة الأساسية في الخدمات التي تقدمها الحكومة هي اللغة العربية، وإتاحة غيرها من اللغات لمن عجز عن اللغة الأم.
المادة الخامسة
العنصر الأساسي في التعليم في الإمارات، هو اللغة العربية، وعلى الجميع ( وزارة التربية ومعلمين ومدارس خاصة ) بذل قصارى جهدهم في تطوير دراسة اللغة العربية.
المادة السادسة
الاهتمام بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بالعربية من خلال الأساليب المناسبة، والاهتمام بمراكز تعليم الكبار.
المادة السابعة
اللغة العربية شرط أساسي في جامعات دولة الإمارات.
المادة الثامنة
النهوض باللغة العربية من خلال إغنائها بالمصطلحات العلمية والأبحاث التي تجعل اللغة العربية في المقدمة.
المادة التاسعة
ترجمة الأعمال العلمية والأدبية العالمية المفيدة إلى اللغة العربية.
المادة العاشرة
توجيه القطاع الاقتصادي لاستخدام اللغة العربية، عن طريق توجيهات الحكومة.